51 متهماً ليس بالعدد الكافي..

Almidan issue (2000) is online

صحيفة الميدان العدد 2000، مارس 2005

الدولة البوليسية

51 متهماً ليس بالعدد الكافي

يوماً بعد يوم يتزايد الوضع الأمني في دارفور سوءاً، وتواصل القوات الحكومية، ومليشيات الجنجويد تعدياتها على انسان دارفور، وفي ذات الوقت، تمضي الحكومة في سياسة الانكار وذر الرماد على العيون، بينما يكذب الواقع وتفضح المشاهدات، ادعاءات الانقاذ بتحسن الوضع في دارفور. الثابت أن انتهاكات حقوق الانسان في دارفور تسير بوتيرة متصاعدة، وان سياسة حرق القرى وتعذيب المواطنين واغتصاب النساء ما زالت مستمرة، وتتم بصورة منظمة. ورغم محاولات الانكار والتكذيب التي تصر عليها الحكومة، فإنها تضطر - أحياناً - للاعتراف ببعض الجرائم، وتحاول الايحاء بأنها "حالات فردية" ويتم معاقبة مرتكبيها، ولا تتورع الحكومة عن تقديم بعض منسوبيها ككبش فداء لايهام العالم الخارجي، بأنها قادرة على استتباب الأمن ومعاقبة الجناة. وهذا كذب وهراء، يفضحه الواقع وتؤكده شهادات شاهدي العيان، الذين تواجدوا في دارفور خلال السنوات والأشهر الماضية.

هناك العشرات من الشهادات على الانتهاكات، وهناك تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة، وحتى تقرير اللجنة السودانية برئاسة السيد/ دفع الله الحاج يوسف، أثبتت بعض الوقائع وجاءت متطابقة في العديد من حيثياتها لما وصلت إليه اللجنة الدولية، وان حاولت لجنة دفع الله التعميم ولجأت للتيسير في بعض ملاحظاتها. وكعادتها تلجأ الحكومة للمراوغة والمماطلة، وإطالة وإضاعة الوقت، فيما يتجه العالم لمعالجة ملف الجرائم ضد الانسانية في دارفور بحزم وشفافية. وسبق أن قلنا رأينا في موضوع المحاكمات، ولن يخجل الشيوعيون من الجهر برأيهم في ضرورة وأهمية محاكمة الجناة، وحتى وان دعا الأمر لمحاكمتهم في لاهاي، وحيث تتوفر المقدرة والقدرات في المحكمة الجنائية الدولية في محاكمة مرتكبي مثل هذه الجرائم، على ان تكون هي البداية فقط، لاستمرار محاكمة مرتكبي الجرائم المرتكبة ضد الانسانية، ويستمر القضاء الوطني بعد إعادة تأهيله لمواصلة ملف المحاكمات، ليشمل كافة الذين ارتكبوا الجرائم وليس الاكتفاء بعدد 51 متهماً الذين وضعت أسماؤهم في خزانة السكرتير العام للامم المتحدة، فمحاكمة ال 51 متهماً ضرورية وهامة، ولكن يتوجب أن تصل العدالة لمحاكمة كل الجناة، وفي هذا تأكيد على عدم اختلال المعايير في المحاكمات. فمحاكمة 51 متهماً فقط، والاكتفاء بهم، لن يعيد الوضع في دارفور لطبيعته قبل بداية الحرب، لذلك لا بد من الوصول لكافة الجناة، حتى لا يفلت مجرم واحد من العدالة.

في الوقت الذي يطالع قراء (الميدان) هذا العدد، تكون اجتماعات لجنة حقوق الانسان بجنيف قد وصلت الى قرار بشأن وضع حقوق الانسان في السودان وبخاصة في دارفور – وتحاول الحكومة اجراء بعض التنازلات -هنا وهناك- لاضعاف القرار، وتواصل عبر المجموعة الافريقية والعربية والاسلامية عمل شئ يجعل نتيجة التصويت تصب لصالح الحكومة، لتخفيف العقوبة، أو الوصول لصيغة فضفاضة حول العقوبة التي يتوجب فرضها على الحكومة. ومهما يكن من أمر فان الواقع يفضح أي ادعاءات بتحسين اوضاع حقوق الانسان في السودان.

وما زالت لجان التحقيق الحكومية في الانتهاكات سواء في شرق السودان "احداث بورتسودان" او غيرها تواصل صمتها ومهما حدث داخلياً من تاخير لاعلان نتائج هذه اللجان فان الانتهاكات تظل حقيقة واضحة للعيان ، يلمسها ويشعر بها اسر واقارب المواطنين المتضررين من هذه الانتهاكات وتوجب كشفها وفضحها واستمرار الضغط الداخلي على ضرورة تقديم مرتكبي هذه الانتهاكات للعدالة . ومهما حدث فإن شعبنا قادر على رصد وتوثيق هذه الانتهاكات وتقديم الجناة للعدالة في الوقت المناسب ، بعد اعادة تأهيل القضاء ليلعب دوره بعد ان خربته الانقاذ ، وعرضت استقلاله ومصداقيته.

المطلوب استمرار الضغط الداخلي من اسر الضحايا وكافة المواطنين الباحثين عن العدالة ومنظمات حقوق الانسان الوطنية استمرار الضغط على الحكومة لاعلان نتائج لجان التحقيق والسير بملفات الانتهاكات خطوات للامام . والمطلوب مواصلة الضغط لاطلاق سراح كافة المعتقلين ومنهم معتقلي مؤتمر البجا الذين نقلوا للخرطوم ، واستطاعت قيادة حزبهم مقابلتهم عبر الضغط الشعبي ليسجلوا اول سابقة في نوعها في حق مقابلة المعتقلين. فلتتصاعد حملة اطلاق سراح معتقلي البجا وغيرهم من المعتقلين حتى لا يبقى ملفة جريمة بورتسودان طي الكتمان.

خلاص يا عدلان
قش ودي البحر

الأخ الكريم عدلان


(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)

صدق الله العظيم

فلتتضافر الجهود ليرتفع الصوت بالمطالبة بالمحاكمات العادلة والفاعلة لكافة الذين ارتكبوا الفظائع بحق شرائح شعبنا في كافة المراحل والفترات.

ويقيني أن المنظمة الدولية وبعد وضعها الأساس القانوني لتقديم الجناة للمحاكمات ستستمر في السعي لجمع المزيد من البيانات عن المتهمين وفتح الباب للإدعاء والاثبات من كافة المتضررين لمصلحة المجمتمع السوداني وصيانة لتاريخـه حتى تسود العدالة ويضمن الجميع عدم تكرار ما حدث في السنوات الماضية ولا يزال يتكرر حتى اللحـظـة.

إنها عدالة السـماء

يمهـل ولا يهـمــل.