إنها ليست مأساة كوستي وحدها..

إنها مأساة بلد كامل.

قلبي
مع

كوستي

ومع كل البلاد التي تعشق قاتليها

مع سبق الاصرار والترصد

محبتي

أذكر تفاصيل مستشفى كوستي منذ طفولتي البعيدة.. عنابر الرجال والنساء والأطفال والدرجة الخاصة "حريم ورجال".. أذكر "الأطرش" البواب وزميله "عمي صباح الخير".. أذكر إبتسامة الطبيب حموده فتح الرحمن بين أشجار النيم العتيقة التي زرعها الإنجليز في زمان بعيد.. أذكر المطبخ غرب المستشفى.. أذكر أني عدت في ذلك النهار البعيد من المدرسة الأميرية.. اعتليت عتبة.. وطليت على سرير جدتي الفارغ في عنبر الباطنية.. الممرضة سعدية.. قالت ببساطة إنها ماتت.. أذكر غيار الختان وقتذاك.. أذكر كل ذلك وغيره.. بيد أني لا أريد لهذه المنطقة أن تطل برأسها الآن.. يا عالية!.

سلام

عبد الحميد البرنس

نعم انها ليست مأساة كوستى وحدها.... ولكن ، الحديث عن التضامن مع كوستى هنا لم ياتى

من منطقة الزكريات والحنين ، فتماما مثل ما نتضامن عادة مع محمد أو على حين تعتقلهم

السلطة بقض النظر عن انهم اصدقائنا ام لا، بقض النظر عن انهم ينتمون الى تنظيماتنا

ام لا نحن نتضامن مع اهل كوستى حينما تجردهم السلطة متعمدة من الاطباء والمستشفى ،

عندما يتم اعتقال احد الناس لن نقل انها ليست مأساة محمد وحده (على سبيل المثال)

الامر الذى يحدث فى كوستى قضية خطيرة ، لقد تم تجريد مئات الالاف من البشر من الاطباء

الذين كانوا يعالجوهم ، وتم فصل هؤلا الاطباء فصلا تعسفيا، هل نقف صامتين امام هذا

الفعل الفاشى بحجة ان الماساة عامة؟ الاتتفق معى ياعزيزى بان فضح مثل هذه الممارسات يصب فى النهر الكبير .

عزيزى البرنس


قد يبدوا لك الامر وكأنه توجه جهوى، لكن فكر مرة اخرى فى الامر، كيف لى ان اسكت عن
ُ
ُثأر الشهداء الذين لم يولدوا بعد، كيف لى ان اسكت عن ممارسات تتم بمعرفتنا لها، لاشئ

خاص هنا ياصديقى لا شئ خاص، لاشى اكثر خصوصية من الوطن




لك الود

عبدالغفار

الجميل عبد الحميد البرنس
نعم إنها مأساة بلد كامل .
بلد من اقصاه الى اقصاه يعاني انسانه المرارة ذاتها وإن اختلفت درجاتها ، لي في كوستي حياة وذكريات ومدرسة اسمها كوستي الشعبية ، لي علاقة بمكتبة دار الفكر واصدقاء حميمين مازالوا هنا في الرسائل وفي الاحاديث اليومية
ولنا جرح اكبر في كل شبر من هذا الوطن .
سنتضامن مع قضية مستشفى كوستي .. ومع كل اطباء بلادنا المفصولين تعسفيا ومع مرضى البلاد وجرحاها ..
وعلى الجميع التضامن من اجل كل المرضى ومن اجل اليتامى والارامل في دارفور وفي كل شبر من هذه البلاد
لك معزتي

سأعود لحوار غدا.. إذ أني متعب الليلة.. محبتي لكما.. غفار وعزت.

يا غفار:

أغفر لي إسرافي في أمري..

ولا تؤاخذني إن أسرفت أحيانا..

وهب لي مساحة من تسامح..

فالوطن.. لغريب مثلي.. غدا.. بالفعل.. تلك المساحة الممتدة من الذكريات اللانهائية والحنين.

أتذكر.. الآن.. النسوة اللائي يمتن في قرى غرب النيل الأبيض من عسر الولادة.. وتلك حال زينب من ودشمام.. كان لزاما أن يربط العنقريب إلى ظهر جرار زراعي.. أن تضع عليه بكل ذلك الألم.. وتنقل إلى كوستي.. كان الوقت خريفا.. والأمطار تخلف على مدى الطريق بحيرات متقطعة واسعة الغور.. الشيطان نفسه لا يمكن أن يتجاوزها في بعض المناطق.. هكذا.. عند أحد الحواجز المائية.. ظلت زينب تنزف حتى الموت.. تلك دموع لا يراها العالم حقا.. في ودشمام.. يا غفار.. توجد غرفة واحدة.. لعلها من أيام الانجليز.. غرفة يدعونها الشفخانة تطل على ميدان مترب موحش.. بالمعيار الكندي هنا.. كانت تلك الشفخانة بمثابة صندوق الإسعافات الأولية.. أتذكر.. أنا.. ابن المفتش الزراعي.. وكنت قد التحقت بالمدرسة الإبتدائية للتو.. أن أبو القاسم محمد إبراهيم.. حضر إلى تلك القرية المنسية في معية الشعار (محافظ النيل الأبيض وقتها).. كان البرنامج المخصص لسعادته في تلك القرية لا يتجاوز ربع الساعة.. لم تكن حتى كافية لإلقاء الخطبة التي خصص لها ناظر المدرسة الناطق بلسان القرية 18.. صفحة.. مع ذلك ذهب أبو القاسم.. وبقيت طويلا كلمات شاعرة القرية: جن عربات الساعة ستة/الماشاف أبو القاسم اتندم في حياته.. كذلك بقيت الشفخانة على حالها.

يا غفار:

ما كنت سأقوله تفصيلا سبقني إليه صديقي الجميل أبنوس.. بيد أن حال كوستي ليست حالا فردية كما أشرت.. فهنالك.. في الأرياف أمثلة لحالات مزمنة.. وأشد بؤسا.. وأن نظرة إلى الوطن بأسره لا بد أن تتضمن تفكيرا ذا نظرة بعيدة المدى!.

فعلا ماساة وطن ياعبدالحميد

كوستى والاصدقاء عرفنا تفاصيلها الدقيقة من اصدقائى وديع بشير, عصام ابوزيد,كمال كولو,والبقية من خريجى وطلبة الهند.
نتضامن مع قضية كوستى والاطباء وكل مناطق السودان المهمشه