إلى الأستاذ محمود.. وإلى كل من يريد أن يعرف.. بالوثائق

العزيز لؤي،
تحية طيبة
وأشكرك لرفع البوست، فقد تمكنت من قراءة مداخلتك ومداخلة الأخ "إبن الأخ" قصي.. وأتمنى أن أجد الفرصة لبسط حقائق المحاكمة بالوثائق، فإن المعلومة الصحيحة ليست عندك كما استنتجت من كلامك يا لؤي..
باختصار شديد.. أطلق سراح الأستاذ محمود وعدد كبير من الجمهوريين بدون قيد أو شرط في يوم 19 ديسمبر 1984.. وكان هذا الاعتقال قد دام 19 شهرا، قضاها الأستاذ في منزل من منازل جهاز الأمن، يُعرف بمنزل بونا ملوال [لأنه كان يسكنه في السابق].. وقد كان معتقلا مع الأستاذ في نفس المنزل الدكتور خليل عثمان، عليه رحمة الله.. وقد حكى عند ذكرياته مع الأستاذ.. أما بقية الجمهوريين فقد كانوا معتقلين في كوبر.. اعتقال الأستاذ محمود والجمهوريين بدأ قبل فرض قوانين سبتمبر 1983، وهذا ما لا يعرفه الكثيرون.. فقد بدأ اعتقالهم قبل سبتمبر بحوالي ثلاثة أشهر أو يزيد.. وكان السبب المباشر هو كتاب أخرجه الأخوان الجمهوريون إسمه "الهوس الديني يثير الفتنة ليصل إلى السلطة".. وقد احتوى الكتاب على نقد شديد لجهاز الأمن ولعمر محمد الطيب بصورة خاصة بصفته رئيس جهاز الأمن.. وكما نعرف فقد كان عمر محمد الطيب أيضا النائب الأول لرئيس الجمهورية.. المهم، استمر الاعتقال بدون محاكمة أو حتى تحقيق قضائي، وإنما كان اعتقالا تحفظيا للأستاذ محمود والجمهوريين.. إذا أردت قراءة الكتاب لمعرفة ملابسات السبب وراء الاعتقال فيمكنك النقر على هذه الوصلة لقراءة الكتاب بالمهلة فهو وثيقة كبيرة.
http://www.alfikra.org/books/bk270.htm
وقد تم إطلاق سراح الجمهوريين والأستاذ محمود يوم 19 ديسمبر 1984 كما قلت بدون قيد ولا شرط، بل أن آلة الطباعة الرونيو التي يطبعون بها الكتب التي يوزعونها قد أرجعت إليهم، في إشارة لأن النظام لا يمانع في مواصلة نشاطهم.. ولكن الأستاذ محمود يعرف أن النظام يعرف أنه لن يسكت على قوانين سبتمبر.. وقال بالحرف "أننا لم نخرج لنستريح"، وبالفعل قام الجمهوريون بكتابة منشور هذا أو الطوفان يوم 25 ديسمبر 1984 ويمكنك قراءة نص المنشور من هذه الوصلة:
http://www.alfikra.org/jan18/jan18_50.htm
بدأت حملات اعتقال الجمهوريين وهم يوزعون المنشور وقد وجهت لبعضهم تهمة إخلال السلام العام بينما أفرج البوليس عن البعض الآخر حينما لم يجد فى المنشور ما يستدعى الإعتقال .. وقد اعتقل في امدرمان 2 من الجمهوريين هما تاج الدين عبد الرازق وخالد بابكر حمزة، وبالتحقيق معهما تم اعتقال محمد سالم بعشر والأستاذ عبد اللطيف عمر حسب الله.. وعقدت جلسة أولى برئاسة حسن إبراهيم المهلاوي "محكمة طوارئ رقم 4" في يوم الأربعاء 2 يناير 1985 وكانت في دار الفنانين بالموردة بأمدرمان.. وقد سار الجمهوريون والجمهوريات يتقدمهم الأستاذ محمود في مسيرة سلمية راجلة من مدينة المهدية حيث منزل الأستاذ إلى دار المحكمة.. وكل هذا موثق بالصور وقد جاء أيضا في الصحف وقتها.. وعند بداية المحكمة فوجئ الناس بأن القاضي قد أجّل المحكمة ليوم الإثنين 7 يناير.. وقد اتضح فيما بعد السبب في ذلك.. فقد تم اعتقال الأستاذ من منزله يوم السبت 5 يناير بأمر من وزير الدولة للشئون الجنائية، واسمه محمد آدم عيسى، وكذلك أمر المدعيين فى المدن الثلاث باعتقال الجمهوريين .. والمحكمة كلها مسجلة في شريط فيديو لدي نسخة منه وقد شاهده الكثيرون ويعرفون به تماما.. ويمكنك أن تقرأ وتسمع وترى جزء من ذلك الشريط في هذه الوصلة
http://www.alfikra.org/jan18/jan18_01.htm
كما يمكنك أن ترى نموذج لصور المسيرة والتواجد خارج المحكمة في هذه الوصلة:
http://www.alfikra.org/biography/index.htm
من الاستماع إلى كلمة الأستاذ في المحكمة يوم 7 يناير يتضح خطه في عدم التعاون مع المحكمة.. وقد رفعت الجلسة إلى اليوم الثاني وأعيد الأستاذ إلى الاعتقال في القسم الأوسط ومعه الجمهوريون الأربعة.. وفي اليوم التالي جاء القاضي وتلا الحكم بالاعدام على الأستاذ وعلى الجمهوريين الأربعة.. وكل هذا موثق بالفيديو وموجود في الصحف ولكن الشباب اليوم لا يعرفون هذه التفاصيل..
أرسل الأستاذ والجمهوريون الأربعة بعد هذا مباشرة إلى سجن كوبر.. في هذه الأثناء حاول بعض العقلاء أن يتدخلوا ويوقفوا هذه المهزلة، ولكن في يوم 15 يناير فوجئ الناس بالمكاشفي طه الكباشي يعلن في خطبة طويلة مذاعة من التلفزيون والإذاعة تأييد محكمة الاستئناف العليا برئاسته وعضوية أحمد محجوب حاج نور ومحمد سر الختم ماجد لحكم محكمة المهلاوي ولكنه لم يستند إلى ما جاء في وثيقة الاتهام المبنية على المنشور، وإنما استدعى وقائع جلسة كانت قد عقدتها محكمة الخرطوم الشرعية العليا في 18 نوفمبر عام 1968.. تلك المحكمة لم تستطع أن تنفذ أحكامها على الأستاذ محمود لأن الدستور في تلك الفترة لا يسمح بتجريد مواطن من حقوقه الأساسية في التفكير والتعبير عنها.. وحتى تلك المحكمة كانت عبارة عن تزوير وتحريف لما جاء في كتب الأستاذ محمود، وكل هذا مفصل في كتاب أخرجه الجمهوريون وقتها اسمه "بيننا وبين محكمة الردة" تجده في هذه الوصلة:
http://www.alfikra.org/books/bk016.htm
وأرجو أن تجد الوقت لقراءته..
تلك المحكمة لم تستطع حتى إحضار الأستاذ أمامها وقد عقدت بغيابه.. إذن تلفيق التهمة جاء من المكاشفي.. وقد تم في تلك الخطبة تشويه كبير للفكرة الجمهورية.. بعد يومين من خطبة المكاشفي، يعني يوم الخميس 17 يناير قام الرئيس نميري بإلقاء خطاب مذاع من التلفزيون والإذاعة أيد فيه حكم محكمة الاستئناف.. وتم القبض على جميع الجمهوريين والجمهوريات وأودعوا حراسات أقسام الشرطة في العاصمة.. وتم تنفيذ حكم القتل "الاغتيال" في الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي الجمعة 18 يناير 1985، وتم تغييب جثمانه في مكان ما في الصحراء غرب أمدرمان.. وفي هذه الوصلة ستجد مقابلة مع قائد الطائرة الهليكوبتر الذي أنجز تلك المهمة الظالمة..
http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?t=205
وقد اتضح فيما بعد أن تلك المحكمة كانت مدبرة قبل شهور عديدة من إطلاق سراح الأستاذ محمود والجمهوريين في ديسمبر.. وهناك وثائق نشرت في الصحف تثبت هذا الأمر.. إليك الوثائق في هذا البوست الذي يوضح تفاصيل المؤامرة:


http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?t=197

وقد زال حكم الطاغية سئ الذكر النميري، في أبريل 1985.. وبناء على دعوة تقدم بها أحد المحكوم عليهم مع الأستاذ محمود، وهو الأستاذ عبد اللطيف عمر حسب الله، والأستاذة أسماء بنت الأستاذ محمود، بعد زوال الحكم الديكتاتوري جرت مراجعة الحكم بواسطة محكمة الاستئناف العليا التي أصدرت بدورها حكمها في 18 نوفمبر 1986 بإلغاء ذلك الحكم، الذي أصبح وصمة في جبين القضاء السودان، لا يمكن لها أن تزول.. وصحيح أن الحكم لن يستطيع أن يصلح ما حدث، بمقتل الأستاذ محمود واستشهاده بصورة أذهلت العالم وصعقته، إلا أن الحقيقة ستبقى.. والحق سيظهر.. طال الزمن أم قصر..
أرجو أن يكون هذا الملخص مفيدا لك يا عزيزي وللقراء الكرام.. إن قضية الأستاذ كانت هي قضية الحريات الأساسية، والحقوق الأساسية.. وهي هي نفس قضية الشعب السوداني اليوم.. والحمد لله أن ما طالب به الأستاذ والجمهوريون في ذلك الوقت، نراه يتحقق جزئيا في هذه الأيام بعد توقيع الاتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان.. والطريف أن التوقيع جاء في يوم 9 يناير.. يعني في ثاني يوم لصدور الحكم على الأستاذ محمود ولكن بعد عشرين عاما..!!

ياسر الشريف

هذا ما كتبته للأخ لؤي هنا:
مراسيل شوق..لدكتورياسرالشريف..والجمهوريين ..والجميع

ورأيت أن فتح به بوستا منفصلا حتى يتمكن أكبر عدد من القراء من الاطلاع عليه.. وأنا أهديه بصفة خاصة إلى الذين غابت عنهم الحقائق لأي سبب من الأسباب..

لم أجد ما أرفع به هذا البوست بعد أن غطس في الصفحة سوى أن أدلكم على بوست به قصيدة جديدة للشاعر الدكتور معتصم سيد أحمد القاضي هنا:
http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?t=459

وسأفتح بها بوستا جديدا.. احتفاء بها وبمقدم يوم الذكرى..

ياسر

لدي هدية للجميع في ذكرى استشهاد الاستاذ محمود

لقد نشرت في منبر الفكرة الحر تسجيلا صوتيا لحديث الأستاذ في يوم إطلاق سراحه وسراح الجمهوريين يوم 19 ديسمبر 1984
http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?t=413
وأيضا هناك تسجيل صوتي آخر لحديث للأستاذ اشتهر باسم "حديث الغربة"، من الواضح أنه كان بعد يوم 19، ربما يوم 20 أو 21 ديسمبر، وقد نشرته في المنبر أيضا هنا:
http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?t=408

التسجيل الأول حوالي 6 دقائق، والثاني حوالي 11 دقيقة..

ياسر

فوق

عزيزي دكتور ياسر
تحية طيبة
شاهدت المحكمة المهزلة هذا المساء من شريط كنت قد استلفته من الأخ الاستاذ عبد الله ايرنست (وهو بحالة جيدة) وقد أعادت هذه المشاهدة الى ذاكرتي الكثير من ذلك التاريخ الذي بدأ يتسرب رويدا رويدا ولذا عزمت على اثباته بالصورة والصوت حتى يطلع عليه أكبر عدد من المهتمين .. وها أنذا أجد خيطك التوثيقي هذا خير مكان لذلك .. فترقب مني بعض اسهام في هذا المنحى قريبا بعون الله
عمر

الاخ ياسر لك التحية
في ايام هذه الذكري العطره
اما انافقد كنت حاضرا في جلسة محكمة المهلاوي التي اصدرت ذلك الحكم