البّــــــصـــــارة

البّــــــصـــــارة


01-09-2005, 07:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1105252050&rn=0


Post: #1
Title: البّــــــصـــــارة
Author: عزاز شامي
Date: 01-09-2005, 07:27 AM

امام صخرة الروشة في احدى ايام كانون الباردة .. مرت أمامي بصارة غجرية ملفوفة بألوان دنيوية صارخة …… لم أرها بوضوح من خلال شاشة بصري .. ولكنها عادت ادراجها تبتسم ابتسامة (عادية) و عرضت علي ان تقرأ لي كفي لتنبأني بقادم أيامي …راقت لي الفكرة من باب الفضول … انتزعت يدي بصعوبة من دفئها في معطفي … ومازحتها (يلا احكي لي انو حاكون غنية!) ...
لسبب ما لم يرقها تعليقي!
لا بأس !
فحس الفكاهة نسبي!
احتوت يدي بيديها المعروقة .. بدت لي لوهلة انها يد رجل ، يد مليئة يالعروق والتجاعيد تزين رسغها بوشم سيريالي يشبه نجمة تعانق قمراَ… بدت يدي صغيرة في حضور كفها الرجولية الملامح ..
ابتسمت لي بهدوء لا يناسب صوت الموج من حولنا خاصة انني كنت بالكاد اسمعها ..

-انت يا بنتي طيبة كثييييير !

قالتها باستغراب كأنني لا ابدو كذلك!

- لا! غريبة ... محدش قلي!

اجبتها ضاحكة ...وللمرة الثانية لم ترقها دعابتي ...

كست ملامحها الجدية وأضافت:

- بس انت يا بنتي تعبت ومازال هناك الكثير! لما كل هذا الحزن ؟؟؟

سؤال منطقي جدا ! ولكن للأسف لم أجد لها إجابة حتى الآن !

تململت من البرودة ومن الوقفة غير المريحة .. هممت بسحب يدي منها لانصرف ... سحبتني مرة أخرى وهمست:

- إلي أين؟
سحبت يدي مرة اخرى وهممت بالاستدارة وببساطة رديت:

- اشعر بالبرد ..

لم تطلق سراحي هذه المرة ايضا.. ترى هل امدها بالدفء ؟

لوهلة فكرت بإعطائها معطفي والهرولة لفندقي الغير بعيد من حيث كنا نقف .. ولكنني خفت من قراءتها الخاطئة .. غريبة هذه الغجرية .. قبالتها للتو واحسب لها الف حساب!
سحبتني صوب السياج الحجري المقابل للبحر .. فكرة جنونية أن تجلس هناك في ليل قارس ناهيك عن قوافل الموج الضاربة في اسفل الحائط الحجري .. باختصار كانت مجازفة .. بالإضافة لأني اشعر بالبرد !
طلبت منها برقة مشوبة بانفعال أن تتركني ارحل ! كأني لا املك حق المغادرة !
غريبة هذه الغجرية!
جلسنا سوية على السياج ويدي ماتزال في كفها المعروقة الجافة ..
استقبل ظهري برد المتوسط وأرواح العاشقين الذين انتحروا يوما ما على صخرة الروشة... ونظرت إليها ...
وشعرت فجأة بالدفء!!!
وبدات هي القراءة ..

ايامك ملئية بالشحن .. خط الحياة طويل وخط الحظ طويييل جدا ولكن تتخلله هزائم ..
أنت كريمة ولكنك أيضا فقيرة! يحبك كثيرون ولكنك لم تجدي بعد من تحبين .. هناك من يتمنى لك الخير ....
أمامك سكة سفر! سترين غائبا...
وحكت لي طويلا عن قصص بدأت بي وانتهت بي ..
ولامست وترا عندما وصفت طيبة أمي وحبي المجنون لأبي!
لا يفهمك الآخرون ولكنك كتاب مفتوح يقرأه الطيبون فقط!
ستومتين صغيرة ... ولكن ستنجبين اطفالا اصحاء!!

وسيل لا ينتهي من الإحداث الشائعة والتي يمكن أن يقاسمني فيها 80% من سكان الكرة الأرضية! وهززت كتفي استخفافا .. فأنا لا أؤمن بالعرّافات ولا قراءة المستقبل!

شكرتها وهممت بسحب يدي للمرة الثالثة ..
تركت هي يدي تسقط بجانبي . فأنا لم أكن متأكدة من أنها ستقبل !
غريب أمرنا ... نطلب وعندما نفاجأ بالإجابة لا نقوى على الاستجابة !
شكرتها وبحثت في جيوبي عن فكة لأعطيها (فيزيت) القراءة!
نظرت لي بغضب وقالت:

- عما تبحثين؟

اجبتها باستغراب:

-عن نقود لأعطيك حقك؟

قالت لي :

- بل أنا من سأعطيك لأنك قبلت لي بان أثرثر هذياني معك!

- ما ذا تقصدين؟

- اقصد بانني لست قارئة كف ولا ضاربة رمل!

- من أنت إذا؟

لم تجبني واستدارت لتغادر .. لم اقو على مناداتها

شعرت بأنها تأتي وترحل بطوع أمرها ...

واختفت فجأة كما جاءت!

لم أغادر مكاني .. عدت وجلست على السياج وفي ذهني ألاف الاسئلة عنها وعني ! كأنني لا اعرفني!
لم لا اقرأ مستقبلي من وحي حاضري الآن ؟ اصطفت كل النظريات الفلسفية أمامي لأسقط فيها المحصلة النهائية .. وفشلت! لم افسد متعة الانتظار؟ الغد أجمل عندما يأتي بلا مقدمات بلا تمهيد ..
لا أريد أن استبق الأسوأ -- إذا سلمنا جدلا بأنني لم أرى ذلك الأسوأ بعد!

البرد .. الجوع.. التعب ... الملل تكاتفتوا لينتزعوني من جدلي البيزنطي معي لأعود لدفء سريري واقلب القنوات التلفزيونية بكسل ...
لم اشغل بالي بحديث تلك الغجرية؟ إيماني ومنطقي لا يسمحان لي بان اسقط في هوة التنبؤات.. ولكن.. مازالت (أنا) الداخلية تصر على أن أجد قراءة لمستقبلي تنبع مني!
تجاهلت (أنا) وأصدرت حكما بعدم طرح هذا الموضوع للنقاش لان قراءة مستقبلي من خلال حاضر ليس لي فيه من يد هو ضرب من الغرور اللا مبرر .. وواجهتها بحقيقة غائبة عنها بأن الحاضر اليوم كان مستقبلا يوما ما ولم اصنعه أنا! لم أكن متأكدة من وضوح الطرح ولكنه حكم نهائي لا يقبل الاستئناف!

لملمت اطراف معطفي ودفنت رأسي في قبته ونفخت أنفاسي في يدي المتجمدة وسرت اعد مربعات الرصيف..
هواية أمارسها منذ الصغر عندما يعيني التفكير !

في طريق عودتي .. مررت بمقهى يعج بالمرتادين .. لفتت نظري كومة من الألوان .. ميزت كفها ووشمها المموه كانت هي!!!
تحتسي مشروبا ساخن وتقرأ كف فتاة شقراء!

هزأت من (انا) وسرت أسرع لأتابع نشرة الأخبار!

بنت أبو الشام

Post: #2
Title: Re: البّــــــصـــــارة
Author: أحمد الشايقي
Date: 01-09-2005, 07:48 AM
Parent: #1

Quote: وحكت لي طويلا عن قصص بدأت بي وانتهت بي ..
ولامست وترا عندما وصفت طيبة أمي وحبي المجنون لأبي!
لا يفهمك الآخرون ولكنك كتاب مفتوح يقرأه الطيبون فقط!




عزاز شامي

أول بوســـت موفــق

واصلي وكوني كذلك


تحياتي

Post: #3
Title: Re: البّــــــصـــــارة
Author: محمد سر الختم
Date: 01-09-2005, 03:20 PM
Parent: #1

Quote: شكرتها وهممت بسحب يدي للمرة الثالثة ..
تركت هي يدي تسقط بجانبي . فأنا لم أكن متأكدة من أنها ستقبل !
غريب أمرنا ... نطلب وعندما نفاجأ بالإجابة لا نقوى على الاستجابة !

بوست جميل

Post: #4
Title: Re: البّــــــصـــــارة
Author: ترهاقا
Date: 01-09-2005, 03:42 PM
Parent: #3

مرحبا بك مرة أخرى ككاتبة متميزة وإضافة بإسلوب خاص .وراجين كتير.

Post: #5
Title: Re: البّــــــصـــــارة
Author: Abdel Aati
Date: 01-09-2005, 03:48 PM
Parent: #4

الف مرحب بعزاز هذا القلم النضر الاخضر ..

عادل

Post: #6
Title: Re: البّــــــصـــــارة
Author: ابو جهينة
Date: 01-09-2005, 11:28 PM
Parent: #5

بنت أبو الشام
عزاز

إستمتعت جدا بالقصة و الأسلوب السهل الممتنع و كأنني أقف في ( الصف ) في إنتظار دوري لأقرأ ( كفي و حظي ) ..

تشكري و تسلمي ..
واصلي

Post: #7
Title: Re: البّــــــصـــــارة
Author: المعتمد
Date: 01-09-2005, 11:51 PM
Parent: #1

الاخت عزاز بت ابو الشام.
سلام.
الغد اجمل عندما ياتى دون مقدمات.
وان شاء الله الاسواء دا ما يعرف دربك وكان شفتيه اديه ضهرك وما توقفى حياتك عشانه.
ما تقيفى على البصارة دى بس دايرين حاجات تانية جميلة زيها.
ولك الود
والف باقة ورد

Post: #8
Title: Re: البّــــــصـــــارة
Author: ودقاسم
Date: 01-10-2005, 00:24 AM
Parent: #1

عزاز
هي تقرأ لك كفك ، وأنا أقرأ كتابك المحمول بيمينك هذا ،، ينتظرك المستقبل المشرق في الكتابة والأدب وعالم الصحافة ،، وينتظرك أصدقاء المنبر بلهفة المشتاق للاستمتاع بما تكتبين ،،
لك علينا أن نقرأك ...

Post: #9
Title: شكرا ...
Author: عزاز شامي
Date: 01-11-2005, 02:09 AM
Parent: #8

احمد الشايقي ،
مرورك شجّعني ...

محمد سر الختم...
حضورك الأجمل

ترهاقا قريبي ...
تسلم على الاثنين ..الترحيب والجّية

عادل عبدالعاطي...
أطربني أن تمر من هنا ..

أبو جهينة ...
(أنت رائع ويحبك كثيرون) جملة اراهن بأن تقولها لك أي بصّارة ولا يشاركك فيها كثيرون.. أنت فعلا رائع!

المعتمد ...( الغد اجمل عندما ياتى دون مقدمات) صح! لذا تركت غدي ليأتي بمهل ... فأنا لم افرغ بعد من "اليوم"!
أهديك ألف ألف باقة زهر لتنثرها في حياتك ..

العزيز ود قاسم...
ليت البصّارة أخبرتني يوما بأنني سألتقي بك! لأزاح هذا هم البحث عن الأشخاص الحقيقيين في هذه الدنيا...

أشكركم على المرور

بنت أبو الشام