Post: #1
Title: الشوش ما زال مشوشا.. برغم هللولية البشير وتكبير علي عثمان
Author: Yasir Elsharif
Date: 01-06-2005, 10:11 AM
Quote: علامات استفهام
محمد ابراهيم الشوش
الخطر الأكبر
شعبنا طيب وعريق وصاحب نخوة ومروءة قل نظيرها في العالم. صحيح ان بعض الثمر، قد هزّته العاصفة، وتناثر منه الكثير على الأرض، لكن الشجرة ظلت راسخة عميقة الجذور. كل الذين عرفوا السودان يشيدون بذلك في كل محفل. ولا تصدقوا ما يقوله اعداؤه من خارجه، ومن غرباء الرُوح من مثقفيه، انه شعب طُبع على إخلاف الوعود والعهود، وانما يشيعُون ذلك حتّى يبْتَلع صامتاً، كل ما يقدم اليه من سموم دون محاولة لإسترجاعها وحتى يظل قابعاً في كل مطبٍّ وقع فيه كرهاً، وحتى يفقد كل قدرة على تصحيح مسار سار فيه مُرغماً او لظروف فُرضت عليه وهو خيار مفتوح لكل شعوب العالم.
ولا تصدقوا ان قبيلاً منه يعتمد الغدر والإبادة والتطهير العرقي، فإنما يرمونه بدائهم ويتهمونه بما يبيتون له. ومخططهم لا يتم الا عن طريق الإبادة والتطهير والاقصاء، وكيف يتم تشكيل دولة وإستبدال أهلها بغير الإبادة؟ وهي الطريق الذي سار عليه من يحرضونهم، ضد الهنود الحُمر قديماً والفلسطينيين حديثاً. وهو النهج الذي عبر عنه الرئيس الأمريكي رونالد ريغان بأن الأرض كمن احتلها أو اشتراها، في اشارة قبيحة لإغتصاب الأرض العربية في فلسطين.
والطيبة ــ ككل شيء في هذا العالم المعقد ليست خيراً محضاً. بل قد تكون شراً عظيماً ومكلفاً اذا لم تَتَّشِح برداء الوعي واليقظة، والعين التي يتحول صفاؤها في لحظة الى إحمرار فاقع يثير الرعب في القلوب. والطيبة بغير هذه اليقظة والعين الحمراء، غفلة تؤدى الى التهلكة. ولست اخشى على شعبنا، ولكني اخشى من قادته ألاَّ يدركوا حقيقته، فهو شعب طيب طويل حبال الصبر ولكنه يتمتع بشجاعة فائقة، اذا استثيرت اتقدت ناراً حامية، لا يعرفها من ظلوا يستفزونه ويهددونه بالتدخل الاجنبي، وبإطلاق جيوب من صنائعهم.
والشعب السوداني طيب في عالم موبوء بالخُبث والدمامة، ووسط أقوام جُبِلُوا على حُب التسلُّط والايذاء، ان تمكنوا من ذلك. لا نستثنى جاراً افريقياً، او شقيقاً عربيا،ً أو صديقاً منافقاً اجنبياً. ولسنا نريد من ذلك ان نعادي العالم او نتخلى عن خصائصنا المميزة، او نتعرَّى جسداً وروحاً لنلحق بركب حضارة الغرب، ولكننا نريد ان يظل شعبنا طيباً متمكناً من عقيدته، محافظاً على رجولته وشهامته وان يكون في الوقت ذاته مفتوح العينين على شرور العالم، غير غافل للحظة عما يدبَّر له من مكائد وشُرور.
أقول ذلك في لحظة تفاؤل غمرتني وأنا أتابع مظاهر الفرحة والغبطة التي استقبل بها الشعب، التوقيع الأوَّلي على اتفاقية السلام. لم تغرق الفرحة الغامرة شعبنا في لجة تبتلع كل شيء. كان الفرح الغامر تخامره بعض المحاذير دون تطفىء جذوته. كانت زغاريد الفرح يشوبها الحذر والتوجس. كانت الفرحة تشعُّ في كل عين، ولكنها كانت عيون مفتوحة تتفاءل ولا تغفل عن المخاطر، ترى الزهور ولا تغفل عن الخناجر وراء الظهور، وتفرح لما يُقال ولا تغفل عمّا وراء السطور.
وخرجت صحف اليوم التالي تعكس مظاهر البهجة والفرح وتبث بقدر حظها من استشعار الخطر، جواً من التفاؤل ولكنها جميعاً ــ وبلا استثناء ــ دقت نواقيس الخطر. وذلك ــ بغض النظر عن تقديرها للمخاطر ــ دليل عافية.
وكل ما ذكر من مهددات وألغام مبثوبة أمام السلام هامة، وتستحق اليقظة، أكانت محصورة في أفراد في الشمال يخشون على ضياع امتيازاتهم ومواقعهم، او متطرفين ثائرين على التنصل من الثوابت واعطاء الجنوب اكثر مما يستحق، مما قد يدفعهم الى مخاطرة عسكرية، او تمثلت في شعور المرارة التي تحسها القُوى السياسية بسبب تهميشها وابعادها عن عملية السلام والرفض ــ غير المبرر ــ حتى لأدنى مطالبتها بالدعوة الى مؤتمر دستوري، ربما في ميدان الرياضة ليتسع لعضوية كل القُوى من أحزاب وهيئات ونقابات وشخصيات وطنية، ليبقي على الأقل، على ماء الوجه او يزيل الاحساس بالغُبن ازاء ذلك النصيب المهين الذي خُصص لها. والذي يفرط في حقه، لا يؤتمن ان يفرط في حق بلده. او تمثلت هذه المخاطر في بُؤر الصراع التي قد تنفجر في اي لحظة بفعل قوى اجنبية ودولة جارة وهيئات اغاثة تنخر كالسوس في داخل البلاد. او في النزاعات القبلية في الجنوب، التي ستطل بأعنف مما يتوقع الجميع متى تحركت شياطين التفاصيل عند اختيار عاصمة الجنوب، او ظهرت قوائم التعيينات الجديدة.
هذه المخاطر، الظاهر منها والباطن، مخاطر حقيقية مرت بها كثير من الدول وتجاوزتها، لكن الخطر الحقيقي الأكبر يكمن في مفهوم قرنق وحركته لهذه الاتفاقات. وما اذا كان المقصود منها التوصل الى سلام حقيقي كذلك الذي فجر الفرحة صباح ذكرى الاستقلال؟ أم هو مجرد خطوة لتنفيذ مخطط السودان الجديد الذي يرمي الى اعادة تشكيل السودان عن طريق احلال العنصر الافريقي محل العنصر العربي الاسلامي الغالب؟ الذي يعني كما يقول الزعيم الجنوبي بونا ملوال: حرباً سرمدية لا نهاية لها ولا اي فرصة للنجاح. لأن أهل الشمال قد يكونون في حالة استغماء او غيبوبة ولكن احداً لم يحرر شهادة وفاتهم بعد. ولا أحد يملك عصا سحرية يمكن ان تزيلهم عن الوجود. فقط عندما يتخلى قرنق عن هذا المشروع العنصري ويساهم مع الاخرين في بناء بلد لا تسعى جماعة منه للهيمنة على الاخرين ستخمد فتنة دارفور، وتموت في مهدها فتنة الشرق، ويتوقف تدفق الاسلحة الاسرائيلية وكل الذين يضمرون الشر للسودان.
وسيتَّضح الخطر أو يبدأ في الزوال حين يلقي السيد جون قرنق خطبته الموعودة في التاسع من يناير. ونحن ومحبو قرنق منتظرون. وحتى تتضح الرؤية لنا ولهم، لا داعى للمغالطة والمكابرة والجدل.
المصدر الرأي العام ليوم أمس 5 يناير |
الشوش ما زال مشوشا::
الدليل قوله: وما اذا كان المقصود منها التوصل الى سلام حقيقي كذلك الذي فجر الفرحة صباح ذكرى الاستقلال؟ أم هو مجرد خطوة لتنفيذ مخطط السودان الجديد الذي يرمي الى اعادة تشكيل السودان عن طريق احلال العنصر الافريقي محل العنصر العربي الاسلامي الغالب؟
|
|