الخرطوم ... مئذنةٌ وقلم ... وكباية شاي !!!

الخرطوم ... مئذنةٌ وقلم ... وكباية شاي !!!


01-03-2005, 06:50 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1104731437&rn=3


Post: #1
Title: الخرطوم ... مئذنةٌ وقلم ... وكباية شاي !!!
Author: أسامة معاوية الطيب
Date: 01-03-2005, 06:50 AM
Parent: #0

الخرطوم ... مئذنة وقلم وكباية شاي
كانت الخرطوم ترفع جناحا وتخفض آخرا ...
تطير بنا في سمواتها الفسيحة
الآن تنشغل باستخراج الشوك من رجليها الكسيحتين … دجنها الحزن
يا لعينيها ... وهي توزع الدمع علی الجميع وتقرأ في سرها آية الكرسي بعد أن شمعت لسنين طوال
كانت الخرطوم مدينة جميلة ... خفيفة الظل ...
حتی وهي تغرق الدرب بالفقد سيئ الذكر
كانت ...
ومازالت تحبنا
مساجدها (كانوا يسمونها بيوت الله قبل أن تتصرف فيها الحكومة... فيها وفي بيوت العرقي ... وبيوت الشعر ...)
تسجد وتركع في كامل لياقة أهلها ....
تفتح صدر منابرها لصفاحات تزاوج بين الأحباء ( وحتی اولاد العمومة... للقدح عنها اولوية ) المانفيستو الخاص بها ( كل الناس اتنين اتنين ) ...
وتوسع صدر مجلسها لتقاسم الدمع في العيون الجميلة وهي تودع حبيبا راحل
رحيل الحبيب الآن يفوق الموت وشواهد القبور ومراثي الشعراء الساخنة ...
رحيل الحبيب الآن يحفر بئرا في القلب ونهرا في الذاكرة ...
ومراكب يرهقها التيار .
الحبيب الآن ... آه عليه ... يشكو هجر الخرطوم ...
وكأن حديقة القرشي وشارع النيل وهمسات النيل الحائرة
وتشققات يد الحبيبة برعشات الحبيب المسافر
وتنهيدات الأمهات وهن يكلمن قريبا لتسهيل إجراءات الخدمة الإلزامية
وموت الأب الصامت جراء بهدلة ابنه الوحيد بين أيدي مدن العالم
كأن جبين الناس المصرور في نص السوق العربي
والبسمة المدسوسة بين الحاجب والقلب
كأن تنورة هاجر التي مسح بها ذات يوم وجهه فالتمئت صلعته وغطی الشعر عينيه
وكأن ضحكتها التي كات تخيط فساتين العالم وردة وردة
كأن صبره والصفوف تطول ويدخل البعض في مكان الطوب المرصوص أو بين المعارف
كأن الملايات التي يغازلها نسيم الحيشان فتغرق في الونس تكتب قصائدها لليل وحيد
وكأن اصدقاؤه يتوسطون خمرا باهيا يزرع في حواشيهم الإلفة ... والبدر يحسدهم وهم يضيئون ... وفي رواية أخری يولعون
كأنها كلها
بعض من دمه المسفوك.
مساجد الخرطوم كانت تغسل الحزن بجميل الآذان ووسيم السجود وأنيق الدعاء ... الآن تغرق في صمتها وهي تقفل أبوابها بعد ساعات العمل الرسمية الخمسة.
جامع فاروق ... الجامع الكبير ...
ينامان علی سهر أهل الصفة الجدد ...
ويصحوان علی رهق العيش ...
زمان ولزمان طويل كان الجامع ملاذا للعطشان والجائع والمزنوق ...
الآن ما عاد بيت الله يحتفي بخلق الله
كثرت المساجد بالخرطوم فقلت البركة ...
ليست لنقص في ثقة الناس بالله ...
ولكن نقصا في ثقة الله بالناس ...
مضی يلملم البركة من بيوته وهو يری الخلق تنام علی القهر ولا تصحو ....
عن مساجد الخرطوم يطول البكاء ولات ساعة عين تحتمل الدمع
الشوارع ...
تزرع خواطرها بالحفر ...
ولا تعتبر نفسها مسؤولة عن عثرات البصات العتيقة
البصات التي ....
هذه البصات تعرف كيف تهدم ...
تعرف كيف تسحب خيوط البسمة خيطا خيطا من شفاه الأطفال والرجال
يحيا الأطفال علی البسمة المفقودة
ويموت الرجال علی طريقتهم الباهظة
لعينين مضيا يغسلان الدمع بالدمع كانت البصات تفتح بيتا من عزاء
لقلبين باتا يلهمان النجم طويل السهد كانت البصات ترحل بالحب
كانت البصات حين يباصر الحبيب لمقعدين مستحيلين ويجلس حبيبته بين عينيه ... تتبرع بكمساريها لأعلان (ياخوانا الباص دا ما ماشي بللاهي انزلوا لينا)
والخرطوم تنام عن أحزاننا بحبها الكبير
الخرطوم قلمي
يا لقلمي والمداد من دمي
الخرطوم مئذنتي ... قبل تصرف الحكومة
الخرطوم أجمل كباية شاي عرفتها زمانات القريفة المجنونة
يا لطعم الهبهان ... ينسج طاقيته الحمراء في رأس تكبله العرضة بقفزاتها الجامحة
يا لطعم الهبهان ... وخيوطه تمسح نهرا من كيف وتزرع شتولا من اكتمال ... تناطح العماري الجيد ... وتجتهد وهي تغالط (الانترنت للعماري نمرة واحد)
شايفين العولمة؟؟؟؟
وبيننا حديث وحديث
وذاكرة تتشقق عن حب ولوعة وكثير جدا من دمع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان جزء من هذيان صديقي محمد الطيب الذي تمنی لو أنه مئذنة أو كباية شاي ذات رمل دقاق مضی...

Post: #2
Title: Re: الخرطوم ... مئذنةٌ وقلم ... وكباية شاي !!!
Author: عاطف عبدالله
Date: 01-03-2005, 07:40 AM
Parent: #1

نص معبر .. تأسي المدينة
ذكرني بكتابات صديقي عثمان حامد سليمان في كتابة الخواطر والمساجلات الأمدرمانية وهو يحفر أخدود لخطواط أقدامه في أزقتها وأحيائها وينثر بحروفه ألوان من الذكريات تعيد لمدينة بعض من عافيتها المسلوبة.

Post: #3
Title: Re: الخرطوم ... مئذنةٌ وقلم ... وكباية شاي !!!
Author: أسامة معاوية الطيب
Date: 01-03-2005, 10:29 AM
Parent: #2

استاذ عاطف
ازيك
وسعيد جدا ان تذكرك كتابتي باستاذنا عثمان حامد سليمان الذي التقينا اللقاء الاول على الغداء الجميل عنده ( اذكر محسن خالد وبدري الياس وخالد محمد صالح وخالد الحردلو)
اشكر مرورك جدا وبجيك راجع وياليتك تكتب عن هذه المدينة الجميلة الحزينة التي انهكها الحرب سينهكها السلام
تحياتي عبرك لعثمان حامد سليمان الجميل الذي كلما اتذكره اتذكر جملته الحارقة ( أن الأصدقاء خائنون لانهم يرحلون ويتركوننا )
تحياتي يا استاذ وجاييك