|
|
|
Re: دم الرقيق في الجينات السودانية: حين يروي ا (Re: محمد جمال الدين)
|
الأخ محمد
تحياتي
يبدو لي أن ما تطرحه هنا أو على الأقل ما فهمته من طرحك يتناقض بشكل كبير مع الدراسات الجينية. السلالة الأمومية الميتوكوندريا L ثابتة على مدي 100 ألف عام في هذه المنطقة، وتشكل اليوم أكثر من 70 في المائة من الإناث في السودان، وهي سلالة أفريقية أصلية تمثل الأصل لكل السلالات الأمومية خارج أفريقيا اليوم، وبقية النسبة أي 30 في المائة فتمثل أصول أوراسية، ولكن في معظها نتاج هجرات قديمة جداً، حدثت قبل آلالاف السنين، وليس نتاج تغييرات حديثة بسبب تجارة الرقيق. أما السلالة الأبوية المهيمنة اليوم في السودان فهي السلالة Y-DNA Haplogroup E1b1b، وتمثل حوالي 45 في المائة من الذكور في السودان، وهي أيضا سلالة أفريقية أصلية من المرجح انها نشات في المنطقة بين شمال السودان وجنوب مصر، وهي السلالة المهيمنة في السودان ومصر، تليها السلالة الأبوية Y-DNA Haplogroup J وهي سلالة العرب واليهود وتشكل حوالي 29 في المائة من الذكور في السودان، ولكنها ليست نتاج هجرات عربية حديثة حدثت بعد الإسلام أو قبله بقليل كما يعتقد البعض، وخاصة تلك الموجودة بين الذكور في وادي النيل، بل هي قديمة جدا تعود الى آلاف السنين، وهذا ما أكدته عينات من عهد الدولة القديمة في مصر، ولكن بالطبع توجد نسبة من Y-DNA Haplogroup J في غرب السودان هو نتاج هجرات حديثة.
ماذا أفهم من هذا الارقام ؟
- أن هناك ثبات للسلالة الأمومية في السودان لعشرات آلالاف من السنين، تورثها الأم لأبنتها. - من الناحية الجينية لا يمكن اثبات أن هناك رقيق من الإناث من غرب أفريقيا وشرق أفريقيا أثّر على التكوين الجيني الأمومي في السودان، لأن هذا الرقيق المٌفترض من هذه المناطق سوف يحمل في الغالب بنسبة تصل لمائة بالمائة لنفس السلالة الامومية L المهيمنة في السودان، لأنها النسبة الغالبة أيضاً في تلك المناطق، ولكن بالطبع يمكن اثبات ذلك من المصادر التاريخية، ومن تتبع الحكايات الشعبية، وحتى إذا ثبت ذلك في هذه المصادر فإنه لا يعني من الناحية الجينية أكثر من أن سلالة أمومية أفريقية L استرقت واستعبدت سلالة أموية أفريقية L أخرى، وهذه تراجيديا تاريخية. - أن نسبة السلالة الأمومية المتبقية أي نسبة 30 في المائة، هي ذات أصول اوراسية قديمة جداً تمتد لآلاف السنين، كانت نتيجة هجرات عكسية الى أفريقيا، وأن نسبة قليلة منها هي نتاج هجرات حديثة، وليس نتاج رقيق أبيض. - أن السلالة الأبوية في السودان أيضا ثابتة، وإن بدرجة أقل من السلالة الامومية.
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: دم الرقيق في الجينات السودانية: حين يروي ا (Re: عبد الله حسين)
|
اهلا اخي عبد الله الحسين
شكرًا على المداخلة القيّمة، وما أوردته من معطيات جينية مهم لفهم الاستمرارية السكانية في وادي النيل. وأود هنا توضيح نقطة منهجية أساسية، لأن ما تفضلت به لا يتعارض في الحقيقة مع ما طرحته، بل يقع في مستوى تحليلي مختلف.
ما ناقشته لم يكن ادعاءً بحدوث إحلال سكاني أو تغيير جذري في الخريطة الوراثية للسودان، وإنما توصيفٌ لأنماط تاريخية-اجتماعية للاسترقاق والاندماج داخل بنية المجتمع والدولة، وهي ظواهر لا يمكن للجينات – بطبيعتها – أن تؤكدها أو تنفيها مباشرة.
ثبات السلالة الأمومية L، وهي سلالة أفريقية واسعة الانتشار في السودان وغرب وشرق أفريقيا، لا ينفي وجود استرقاق للنساء من هذه الأقاليم، بل على العكس: يجعل أثر هذا الاسترقاق غير قابل للتمييز جينيًا. فالمرأة المسترقّة من غرب أو شرق أفريقيا تحمل – في الغالب – نفس السلالة الأمومية السائدة محليًا، وبالتالي فإن اندماجها البيولوجي لا يترك “إشارة مختلفة” يمكن رصدها مخبريًا. هنا يصبح التاريخ الاجتماعي والوثائق والسرديات الشفوية هي الأدوات الوحيدة القادرة على تتبع الظاهرة.
الأمر نفسه ينطبق على السلالات الأبوية. هيمنة E1b1b، ووجود J بنِسَب معتبرة، يعكسان استمرارية سكانية طويلة المدى، لكنهما لا ينفيان وجود استقدام عسكري أو إداري أو منزلي لعناصر مسترقّة أو شبه مسترقّة، ولا يحددان مواقع هؤلاء داخل هرم السلطة أو علاقات القوة. فالجينات لا تسجل الوضع القانوني، ولا علاقة السيد بالمملوك، ولا نظام السراري، ولا آليات العتق والاندماج، ولا الفوارق الطبقية التي قد تزول بيولوجيًا وتبقى اجتماعيًا في الذاكرة.
بعبارة مختصرة: الدراسات الجينية تجيب عن سؤال “من بقي بيولوجيًا عبر الزمن”، بينما التاريخ الاجتماعي يجيب عن سؤال “كيف عاش الناس، وتحت أي نظم للسلطة والملكية والقرابة”.
الخلط بين المستويين يؤدي أحيانًا إلى استنتاج غير دقيق، وهو أن ثبات السلالات ينفي وجود نظم استرقاق أو اندماج قسري. هذا استنتاج لا يدعمه علم الجينات نفسه، ولا يقصده الباحثون العاملون فيه.
أظن أن الجمع بين المعطيات الجينية والتاريخية، بدل وضعهما في موضع التعارض، هو الطريق الأدق لفهم تاريخ السودان ووادي النيل فهمًا مركبًا يتجاوز الاختزال البيولوجي أو السرديات التبسيطية.
مع التحيات
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: دم الرقيق في الجينات السودانية: حين يروي ا (Re: محمد جمال الدين)
|
السلام والاحترام للأخ العزيز محمد جمال
التحية لك وأنت تخوض كما تعودنا دائما لتخوض في الموضوعات العصية والصعبة والمهمة في نفس الوقت.
تخوض فيه بكل جدية وعزم لا يني عزمك قلة التعليقات ..فما تطرحه يكفي أن نتابعه بكل اعجاب خاصة احيانا لا نملك فضيلة
التعليق لأن الدهشة والإعجاب تكونان أكبر.
التحية أيضا للأخ عبد الله حسين.
الموضوع والتعليق يستحقان الإشادة خاصة أنهم يضيئان مجالا حديثا مهما ويهمنا نحن المبتلين بحزازات الهوية ..
شخصيا حاولت كم مرة أتابع ولكن الرموز تجعل متابعتي متعسرة.
لك الشكر والتقدير
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
Re: دم الرقيق في الجينات السودانية: حين يروي ا (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
نسيت ان اقول عطفا على ما تفضلت به من حديث كنت أقرأ ورقة ممتازة للدكتورة مونيكا حنا مسئولة الآثار في مصر
حول التاريخ الاجتماعي والاثار البيولوجية والاكتشافات الاركيولوجية ودورها في اثبات التاثير والتداخل الافريقي في الحضارة
الكميتية وفي الإنسان المصري القديم.. فالورقة اعتراف نادر مطروح بشجاعة حول أصالة الإنسان المصري القديم في منطقة حوض النيل
شمالها وجنوبها(السودان) وليس خارجها مثل منطقة آسيا أو حوض البحر المتوسط كما حاول أصحاب المركزية الأوربية الأوائل..وكما وقر
في أذهان كثير من المصريين..
وبناء على آرائها هذه فهي تتعرض لهجوم من القوميين من الشوفينيين (الكيمتيين) ..
إن شاء الله سأعرض وجهة نظرها في بوست منفصل.
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
Re: دم الرقيق في الجينات السودانية: حين يروي ا (Re: هدى ميرغنى)
|
أهلا بالعزيز محمد حسين.. وشكراً لفهمك الحصيف.. هذه النقطة هي الأهم في البوست:
Quote: تكشف اختبارات الحمض النووي (DNA) لدى كثير من السودانيين عن مزيج لافت من الجذور: شرق أفريقية، وغرب أفريقية، وشرق متوسطية/أوراسية، إلى جانب المكوّن النيلي والنوبي والعربي المعروف في الوعي العام. هذه البصمة الجينية لا يمكن تفسيرها فقط بالهجرات القديمة أو المصاهرات الطوعية، بل تصبح أكثر قابلية للفهم حين تُقرأ في سياق تاريخ طويل من تجارة الرقيق ونظام السراري والاندماج القسري في وادي النيل.
|
وبرجع لي هذه النقطة لاحقاً على ضوء حديثك في المرة المقبلة. وهذا النظام (الإستعباد|الرق) موجود منذ أزمان كوش الأولى بطرق مباشرة أو غير مباشرة.. وفي كل أنحاء العالم القديم كله واليونان والرافدين والروم وليس وادي النسل فحسب.. ونعرف أنه مثلاً تم إستعباد بني إسرائيل مرتين على الأقل في زمن الفراعنة وفي زمن نبوخز نصر في الرافدين.
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: دم الرقيق في الجينات السودانية: حين يروي ا (Re: هدى ميرغنى)
|
أهلاً هدى:
Quote: سلام واحترام للجميع ~ لو سمحتوا فهمونى كلمة "رقيق" فى هذا الخيط بحسب فهمى الضعيف انه ممكن الرقيق أن يأتى من مختلف الجينات حسب سؤ طالع الشخص الذى يقع فى القيد |
تماماً وهم ربما أجمل وأرق الناس في التاريخ حيث قدر القيد (فقط القدر واللحظة التاريخية) وفي الجينات حين قدر الجينات (وما أجملها) .. لذا نحن مفترض نحب ونقدر قدر التاريخ!
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: دم الرقيق في الجينات السودانية: حين يروي ا (Re: محمد جمال الدين)
|
المراجع والمصادر حول الرق وتجارته في السودان والقرن الإفريقي وشمال إفريقيا
هذه ليست اول مرة بل، تُعد قضية الرق في السودان والقرن الإفريقي وشمال إفريقيا من أهم الموضوعات التاريخية والاجتماعية التي تناولها باحثون سودانيون وعرب وغربيون على حد سواء. وقد ساهمت هذه الدراسات في توضيح جذور الظاهرة وتحولاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك اندماج الرقيق في المجتمع ونظام السراري. فيما يلي قائمة بأبرز المراجع الأكاديمية والكتب المتخصصة التي يمكن اعتمادها في هذا المجال.
أولًا: أبحاث وكتب سودانية وعربية
1. محمد إبراهيم نقد، علاقات الرق في المجتمع السوداني، دار الثقافة الجديدة، الخرطوم. من أهم الدراسات السودانية التي تحلل بنية العلاقات الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالرق في السودان تاريخيًا. [nli.org.il]
2. بحث: تجارة الرق في السودان في عهد محمد باشا وخلفائه (1805–1879)، مجلة جامعة تشرين. دراسة توثّق مسارات تجارة الرقيق في عهد الحكم التركي–المصري وسياسات السلطة حول التنظيم والتجارة. [search.mandumah.com]
3. الطيب محمد الطيب، القيد والفِكّة: عادات وطقوس الرق في السودان، دار عزة للنشر، الخرطوم. توثيق ميداني للعادات الشعبية المرتبطة بالرق والتحرر منه في الريف والمجتمع المحلي.
4. محمد إبراهيم أبو سليم، مصادر تاريخ السودان (الوثائق التركية والمهدية)، جامعة الخرطوم للنشر. يقدّم وثائق رسمية تعكس واقع الرق واستخدامه في الجيوش والإدارة خلال القرن التاسع عشر.
5. يوسف فضل حسن، الدولة والمجتمع في السودان: من السلطنة الزرقاء إلى التركية المصرية، جامعة الخرطوم، 1980. يتناول التطور التاريخي للبنية الاجتماعية ودور العبودية في تشكيل العلاقات الاقتصادية والسياسية.
ثانيًا: كتب وأبحاث عالمية
6. Richard Gray, A History of the Southern Sudan, 1839–1889, Cambridge University Press. يربط تجارة الرقيق بالاقتصاد العالمي وبالطرق التجارية نحو شرق إفريقيا والمحيط الهندي.
7. Heather J. Sharkey, Living with Slavery in Northern Sudan, University of Pennsylvania Press, 2003. تناقش أنماط العبودية المنزلية وأشكال الدمج الاجتماعي في شمال السودان الحديث.
8. Paul E. Lovejoy, Transformations in Slavery: A History of Slavery in Africa, Cambridge University Press. مرجع كلاسيكي يرسم الإطار العام لتطور الرق في القارة الإفريقية وتبدّل أشكاله عبر العصور.
9. Douglas H. Johnson, “Slavery and Emancipation in the Sudan”, The Journal of African History, 1988. يقدّم مقارنة شاملة بين مناطق السودان المختلفة وأثر العبودية على تكوين الهوية العرقية.
10. Ahmad Alawad Sikainga, Slaves into Workers: Emancipation and Labor in Colonial Sudan, University of Texas Press. يناقش انتقال المسترقين إلى سوق العمل الحديث بعد إلغاء الرق في الحقبة الاستعمارية.
11. Ehud R. Toledano, Slavery and Abolition in the Ottoman Middle East, University of Washington Press. يقارن ممارسات الرق في السودان ومصر والحجاز ضمن بنية الدولة العثمانية.
12. Jan-Georg Deutsch, Emancipation without Abolition in the German East Africa, James Currey Publishers. يقدّم منظورًا مقارنًا مع شرق إفريقيا عن صيغ تحرير الرقيق في ظل الاستعمار الأوروبي.
ثالثًا: مراجع تاريخية عامة وشمال إفريقية
13. William Y. Adams, Nubia: Corridor to Africa, Princeton University Press. يقدّم سياقًا طويل الأمد حول دور النوبة كممر للتجارة البشرية والثقافية عبر النيل.
14. Kevin Shillington (ed.), Encyclopedia of African History, Routledge. يضم مداخل شاملة عن الرق في السودان وشرق إفريقيا وشمال القارة.
15. Elizabeth McMahon, “Slavery and Concubinage in North Africa and the Red Sea Region”, Journal of African Studies, 2016. دراسة مقارنة حول نظام السراري والعبودية في شمال إفريقيا والبحر الأحمر وتأثيرها على السودان.
خلاصة: تشكل هذه المراجع الأساس العلمي لدراسة الرق في السودان ضمن فضائه الإقليمي الأوسع، من القرن الإفريقي إلى شمال إفريقيا. وهي تكشف كيف تجاوزت مؤسسة الرق حدود الاقتصاد لتصبح عنصرًا من مكونات الهوية والعلاقات الاجتماعية والدينية. كما تساعد هذه الأعمال على فهم عملية اندماج الرقيق السابقين والسراري في المجتمع، والتمييزات الاجتماعية الناتجة عن هذا التاريخ الطويل، بما يتيح قراءة أعمق لمفاهيم الحرية والطبقة والقرابة في السودان الحديث والقرن الافريقي وشمال افريقيا.
قمت باعداد هذه القائمة على سبيل المناسبة.. تحياتي
م. جمال.. 23 ديسمبر 2025
| |

|
|
|
|
|
|
|