تناقض الطرح ما بين والي الخرطوم ورئيس الوزراء- دعوات العودة في مواجهة صراحة المغادرة

تناقض الطرح ما بين والي الخرطوم ورئيس الوزراء- دعوات العودة في مواجهة صراحة المغادرة


12-10-2025, 03:29 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1765380561&rn=0


Post: #1
Title: تناقض الطرح ما بين والي الخرطوم ورئيس الوزراء- دعوات العودة في مواجهة صراحة المغادرة
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 12-10-2025, 03:29 PM

03:29 PM December, 10 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر






شهدت الساحة السودانية مؤخراً تضارباً صارخاً في التصريحات الرسمية، يكشف عن هوة واسعة بين الوعود الحكومية وحقائق الواقع المرير في العاصمة الخرطوم
هذا التناقض لم يعد مجرد اختلاف في وجهات النظر، بل بات يمثل صدمة للمواطنين والتجار الذين استجابوا لدعوات العودة، ليجدوا أنفسهم بين مطرقة تعهدات "إعادة التأهيل الشامل" وسندان "دعوة المغادرة غير المباشرة".
تصفية الحلم رصاصة الرحمة على وسط الخرطوم
كانت البداية مع تصريح أحمد عثمان حمزة، والي الخرطوم، الذي وُصف بـ "الصريح" من قبل البعض، لكنه في حقيقته كان بمثابة إطلاق لـ "رصاصة الرحمة" على قلب العاصمة النابض
حيث أقر الوالي بأن وسط الخرطوم "لن يعود الآن ولن تصله الكهرباء والمياه" إلا في المستقبل البعيد، وبموجب خارطة طريق جديدة تضعها "شركة عالمية"
الأكثر إيلاماً هو الشرط القاسي الذي وضعه الوالي لاستئناف الحياة، بإعلانه أن على أي صاحب فندق أو نشاط تجاري يريد العمل أن "يتحمل الكهرباء والمياه والصرف الصحي بنفسه"
هذا الإقرار ليس مجرد تنصل من المسؤولية، بل هو إنهاء فعلي لحقبة السوق العربي والمؤسسات التعليمية الكبرى التي تشكل الهوية المدنية للعاصمة، ويؤكد على نهاية وجود الدولة في أبسط واجباتها الخدمية.
التناقض الصارخ: تعهد الستة أشهر يواجه "لا أمل"
يصبح تصريح الوالي أكثر بشاعة عندما يوضع في ميزان تعهدات رئيس مجلس الوزراء، الذي أعلن في 19 يوليو الماضي التزامه بإعادة تأهيل العاصمة الخرطوم بالكامل خلال ستة أشهر. وقد مضت من هذه المهلة خمسة أشهر
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: أين وصلت الخطة التنفيذية لرئيس الوزراء وحكومته إذا كان والي العاصمة، الأدرى بشؤونها، يعترف بعدم وجود أمل في عودة الخدمات الأساسية، ويطالب المواطن بتحملها كاملةً؟ هذا التضارب الجوهري
يضع الحكومة بأكملها في موقف حرج، ويؤكد أن الخطة التنموية الموعودة لم تكن سوى تصريح بلا سند واقعي
مغالطة النفس واستغلال المواطن
إن جوهر الجرم الذي ارتكبته الحكومة لا يكمن في فشلها الحالي، بل في سلوكها السابق القائم على التضليل والتجهيل. فالوالي نفسه كان يدعو، في يونيو ويوليو الماضيين، المواطنين والمؤسسات للعودة إلى مقارهم ومنازلهم بحجة "تأمين الممتلكات
مع التأكيد على "استمرار الجهود لإعادة الخدمات وتشغيل محطات المياه"
وبعد أن استجاب المواطنون والتجار، وعادوا إلى مناطقهم ليواجهوا الموت بـ "حمى الضنك" ونقص "الدواء والعلاج"، يخرج الوالي الآن ليطلق "دعوات المغادرة بطريقة غير مباشرة" عبر تحميلهم تكاليف الحياة
هذا التحول من "دعوة العودة بوعود كاذبة" إلى "اعتراف الاستحالة المتأخر" يثبت أن الحكومة استخدمت المواطن كـ "طُعم سياسي" لإظهار نفسها أمام العالم كمنتصرة ومُحررة، دون أدنى خطة لتوفير مقومات الحياة
إن هذا ليس تصريحاً "شجاعاً" بل هو "بشاعة تصريح"؛ لأنه كشف كذبة الوعود واستخدم المواطن غطاءً لفشل ذريع، وحوّل العاصمة من مركز للحياة المدنية إلى مربع للموت والمرض
إن مثل هذه المغالطات في الدول التي تحترم مواطنيها تستوجب المحاسبة الصارمة، لا الاكتفاء بالاعتراف المتأخر.