Post: #1
Title: ما تعلمته من تجاوزي عتبة الستين..../ بقلم د. عبد الله قباض
Author: wedzayneb
Date: 12-03-2025, 07:05 PM
07:05 PM December, 03 2025 سودانيز اون لاين wedzayneb-California, USA مكتبتى رابط مختصر
( منقول من صفحة: ملتقى القراي العجمي، لمؤسسها المهندس بدر الدين العتاق )
حِينَ تَجَاوَزْتُ السِّتِّينَ … "صِرْتُ أَبْحَثُ عَنْ امْرَأَةٍ تَسْنِدُ قَلْبِي لَا امْرَأَةٍ تُدْهِشُ عَيْنِي " رفاق الدرب والعُمر… اسمحوا لي اليوم أن أفتح نافذة صغيرة على تجربتي بعد أن تجاوزتُ الستين ربيعاً؛ تلك العتبة التي لا يصلها المرء إلا وقد أثقلته الأحلام، وخفّفت عنه الأوهام، وجعلته يرى العالم بعيون أكثر صفاءً وأعمق صدقاً. نعم… أغلبكم مرّ بما مررتُ به، أو لعلّ التجربة قد مرّت به دون أن ينتبه لها. ولعلي— مثل كثيرين— كنت أظن أن الستين مجرد رقم، فإذا بها محطة روحية، تعيد ترتيب القلب كما تعيد الريحُ الرملَ على صفحة الصحراء. وأصحاب الستين، أو (الْكَوَامِر) كما يحب - صديقنا اللطيف (حاج عطوّة تاج السر) أن يداعبنا - عليهم أن يتوقفوا قليلاً… فقط ليلقوا نظرة على سيارتي، فيأخذوا من تجاعيد معدنها الدرس، ومن هدير محرّكها العِبرة، ومن محطات الطريق التي أنهكتها يقظتهم بعد طول غفلة. تأمّلوا سيارتي؛ فهي مثلي… لم تعد تسابق الريح، لكنها ما تزال تصل إلى حيث تريد، ولو على مهل. لم تعد تعاند الحفر، لكنها تعترف بها وتُمرّرها بحكمة. لم تعد تُغريها السرعة، لكنها تشتاق رحلة هادئة، تجلس فيها الشمس على كتف الطريق، ويجلس القلب على راحة البال. رفاق العمر… الستون ليست إعلان نهاية، بل بداية صادقة، تُعرّفك بما تريد، وبمَن تريد، وبماذا يستحق أن يبقى، وما يجب أن يُترَك… كما يترك العابر أثرَ قدمه على الرمل، ثم يمضي دون أن يلتفت… وكما يترك المسافر حجراً صغيراً في صحراء واسعة تكريماً لمروره . هكذا هي حكايتي… حكاية رجل اكتشف بعد الستين أن العاطفة لا تهرم، بل تنضج؛ وأن القلب لا يشيخ، بل يهدأ؛ وأن الحب لا يرحل، بل يصبح أكثر رقة، وأكثر حاجة للصدق، وأكثر شجاعة في الاعتراف بما يريد. و هأنذا أروي… لا لأنني أبحث عن دهشةٍ، بل لأني أؤمن أن بين ضلوع كل واحدٍ منكم حكاية تشبه حكايتي، تبحث عن كلمة… أو جرأة… أو مجرّد ضوء يسير معها آخر الطريق. حين بلغْتُ الستين، وجدتُ نفسي أراجع خريطة العمر كما يراجع المسافر طريقًا طويلًا أدركه التعب. اكتشفت أن الرجل لا يظل هو الرجل، وأن رغباته لا تبقى ثابتة كما يتخيل الشباب. لقد تغيّر ميزاني الداخلي؛ لم أعد أبحث عن امرأة تُربكني بجمالها، ولا عن دهشة تشبه شرارة تختفي بسرعة. أصبحتُ أبحث عن امرأة تُطفئ حرائق قلبي… لا من تُشعله مجدداً. في هذا العمر، يصبح الأمان أغلى من المتعة، والرفيقة أصدق من الجميلة، والكلمة الدافئة أهم ألف مرة من لعبة الإغراء. إنها حكمة يدفعها الزمن… لا الكتب.
لغة الصمت… الامتحان الحقيقي للمرأة في الستين، صرتُ أقدّس الصمت. أجلس في زاويتي المفضلة، أمسك كوب الشاي، أراقب خطوط يدي وأتذكر الأيام التي لم تعد تعود. لا أريد صوتًا يقاطعني، ولا سؤالًا يتعقبُني، ولا امرأة تظن أن الصمت عقاب أو إشارة هروب. أريد امرأة تفهم أن صمتي هو استراحة قلب، وقد يكون أكثر صدقًا من ألف جملة. أذكر أن رفيقة الدرب ذات يوم وضعت يدها على كتفي دون أن تقول شيئًا… كانت تلك اللمسة أبلغ من حديث طويل، جعلتني أشعر أن ظهري — بكل ما حمله — وجد أخيرًا مسندًا حقيقيًا. أنا لستُ بحاجة لمن تُصلحني… بل لمن تحتضن نسختي الأخيرة. بعد الستين، أنت لست مشروعًا قابلًا للتحسين. أنت خلاصة زمن، وملامح، وتجارب، وأنكسارات. وهناك نساء ما زلن يظنّن أن الرجل قابل لإعادة التشكيل، وأنهن يحملن مهمة الإصلاح. أما أنا، فأريد امرأة تقول لي بصراحة دافئة: «أنت لا تحتاج إلى تعديل… أنت تحتاج إلى حضن.» هذه الكلمة وحدها تنقل الرجل من ضفة التعب إلى ضفة الحياة.
الحضور الثابت… أثمن من الجمال تعلمتُ أن الجمال بلا ثبات… عابر. وأن الحضور المستقر — ولو بلا بهرجة — أعظم هدية يمكن أن يمنحها القدر لرجل في عمري. أريد امرأة تشبه الظلّ… لا تغيب حين أحتاجها، ولا تظهر لتختبر صبري، ولا تطفئ نور العلاقة عند أول خلاف. أريد امرأة، إذا قلت لها: «أحتاجك هذا المساء»، جاءت دون فلسفة… وإذا تأخرتْ، تركَتْ باب الطمأنينة مفتوحًا. ليس لأنني ضعيف… بل لأن العمر لا يحتمل لعبة الاختفاء والظهور. الستون… العمر الذي يصبح فيه القلب بلا درع.. أعترف: مع أنني أبدو قويًا، إلا أن قلبي في هذه السن أصبح أرقّ مما كان. تأثرتُ من كلام كنتُ أضحك عليه في الأربعين، وصرتُ أشعر بجرح الجملة الصغيرة كأنها سكين. لذلك… لا أريد امرأة تحفظ أسراري ثم تستخدمها سلاحًا ضدي. ولا أريد من تسحب الكلمات من فمي لتوظّفها وقت الغضب. أريد امرأة إذا وضعت رأسي على كتفها، شعرت بأنني أضعه على مأوى… لا على احتمال الخطر.
روحٌ تسبق العُمر لا يغريني جمال امرأة ترى في الستين محطة النهاية. يجذبني جمال امرأة ترى في الستين بداية مرحلة النضج العاطفي الأجمل. المرأة التي تُصادق روحي، وتُحادث خبرتي، وتفهم أوجاعي قبل أن أشرحها، هذه هي المرأة التي أريد أن أُكمل معها الطريق. كنتُ ذات يوم أتحدث مع امرأة مثقفة، قالت لي: «أحب الرجال الذين صاروا يعرفون ماذا يريدون.» ضحكت وقلت لها: «نحن في الستين لا نعرف فقط ما نريد… بل ما لم نعد نحتمل.» أريد امرأة تحمل عني تعب الطريق… لا امرأة تزيده. في هذا العمر، يتراكم على ظهر الرجل من الرواسب ما يكفي لثلاثة رجال: – أبناء تركوا البيت. – أصدقاء غابت ملامحهم. – أحلام أُجّلت حتى شاخت. – وقلوب مرّت بنا ولم تمكث. لا أريد امرأة تقف أمامي لتقول: «انهض… تماسك.» لا… أريد امرأة تقول: «تعال… ضع هذه الأحمال هنا. دعني أشاركك حملها.» هذه ليست عاطفة فقط… إنها طبّ نفسي.
بيتٌ تصنعه امرأة واحدة… لا أثاث أكثر ما يدهشني اليوم هو قدرة امرأة واحدة على تحويل البيت إلى وطن. يكفيني: – ضحكة لا تشبه أحدًا. – وردة تضعها بعفوية. – فنجان قهوة تفهم أنها طقسٌ لا مشروب. – وصوتها وهي ترتّب نهارها أمامي. لقد رأيت بيوتًا فخمة بلا روح… ورأيت بيوتًا بسيطة صنعتها امرأة، فصارت أدفأ من القصور.
الحبّ في الستين… رغبة في السكن لا المغامرة لسنا رجالًا يبحثون عن مطاردة، ولا عن غيرة، ولا عن دور الأبطال. لقد أدّينا كل هذه الأدوار… وبعضنا عاد منها مجروحًا. اليوم، نبحث عن قول صادق: «أنا معك… بقلبي أولًا، وبحياتي ثانيًا.» وفي المقابل، نمنحها ما تبقى من العمر — قليلًا كان أو كثيرًا — بكرم من يعرف قيمة الرفيقة.
نصائح للنساء — من قلب التجربة.. - الرجل في الستين يجذبه الثبات العاطفي قبل أي شيء. هرمونات التوتر تتراجع، ويصبح الهدوء أهم من الإغراء. - الصوت الحنون أهم من الجمال الخارجي. كلمة «اشتقت لك» بنبرة صادقة توازن أسبوعًا من التعب. - الاحترام هو العمود الفقري للحب في هذا العمر. دراسة جامعة هارفارد تؤكد أن الرجل يتفاعل مع الاحترام أكثر من العاطفة. والاحترام هو أن تقبلي الستيني كما هو دون أي محاولة لإحداث أي نوع من التغيير فيه. - الوضوح يجذبه أكثر من التلميحات، فهو تعِب من القراءة بين السطور. - المساندة الهادئة أفضل من النصيحة المباشرة، لأن الرجل في هذا العمر لا يريد تصحيحًا… بل احتضانًا.
الخاتمة: أقولها وأنا أعبر الستين بخطى هادئة وواثقة: لقد احترقنا بما يكفي في شبابنا، وخضنا معارك لم نعد نريد العودة إليها. اليوم، لا نطلب امرأة «تشعل» حياتنا…بل نريد امرأة تُنيرها. والفرق بين الإشعال والإضاءة… هو الفرق بين نار تأكل القلب، ونورٍ يحفظه. وأما أنا… فقد بلغتُ ما أردت. فهل يا تُرى نال (كَوَامِرُ) حاج عطوة ما أرادوا؟
د. عبدالله عبّٰاس قبّٰاض 249910068123 الخميس 27/11/2025 م
.
|
Post: #2
Title: Re: ما تعلمته من تجاوزي عتبة الستين..../ بقلم د.
Author: السر عبدالله
Date: 12-04-2025, 03:05 AM
Parent: #1
شكرا على المقال الجميل ... واود ان اضيف التالي : بالنسبة لينا نحن السودانيين فان الذي يبلغ الستين خلاص عمره انتهى وعليه فقط ان لا يعمل ولا يخرج من المنزل وذلك باوامر من اولاده وبناته والذين يخافون عليه حتى من النسيم.. ولكن عند الاوربيين والامريكان فان الامر يختلف فان عمر الستين عندهم بداية الحياة الحقيقة والاستمتاع الحقيقي بالحياة ...قبل سنوات احالني الطبيب الذي يعالجني الى اخصائية القلب لتركيب جهاز ICD في القلب لان عضلات القلب ضعيفة ...وفي مستشفى ميمونايدز في. منهاتن في نيويورك قابلتني الدكتورة الاخصائية ،رايتها متوسطة العمر ولكنها سالتني: كم تبلغ من العمر.؟ فقلت لها. : انا خلاص عجزت وعمري ٦٠ سنة..ولدهشتي قالت لي:. You are just a baby ..الصاوي وسالتني.: علي تعرف كم. عمري انا '' انا عمري ٧٤ عاما ولا زلت اعمل. واجري عمليات القلب المفتوحة.. وسوف اجري لك العملية اليوم. وشرحت لي بالتفصيل تفاصيل العملية وكيفية عمل الجهاز... ....وشعرت بارتياح كبير من قولها وتغيرت نظرتي للحياة....لقد كنت اظن ان عمرها حوالي ٥٠ عاما ...
|
|