تقدّم رواية مطاحن الصبر (دار الأجنحة للطباعة والنشر – القاهرة، 2025) نصًّا سردياً يتجاوز السرد الواقعي إلى بناء شبكة من العلاقات الرمزية والدلالية، حيث يشكّل الحب والصبر والمعاناة وحدات متكررة داخل بنية الرواية تتفاعل فيما بينها لتكوّن خطاباً يعكس جدلية الهوية والانقسام الاجتماعي في السودان الكبير. البنية السردية يعتمد النص على خطٍّ سردي تقليدي قائم على تطور شخصية مارسيلو، لكنه في الوقت نفسه يفتح مسارات سردية موازية عبر الحوارات الداخلية والوصف المكثف للبيئة الاجتماعية. تتكرر ثنائية المحنة/الأمل لتشكّل المحرك العميق للأحداث، بينما يتحقق التوازن البنيوي عبر النهاية التصالحية التي تكسر إرث الانقسام بين الشمال والجنوب. ثنائية الشخصيات مارسيلو: يمثل "الذات الباحثة عن المعنى"؛ تتحدد هويته عبر سلسلة من الاختبارات التي تضعه في مواجهة الفقر والتمييز والانقسام. سامية: تتجسد بوصفها "الآخر المختلف" الذي يتحول من مساحة للتناقض إلى مساحة للمصالحة. الشخصيات الثانوية: تؤدي وظيفة بنيوية كاشفة للطبقات الاجتماعية، حيث تبرز ثنائية المستغِل/المستغَل، والمتحمّل/المتهرّب. بهذا المعنى، لا تعمل الشخصيات بوصفها أفراداً معزولين، بل كوحدات دلالية داخل شبكة النص، تعكس موقعها من ثنائية الانقسام والصبر. اللغة والرمزية اللغة الروائية تجمع بين واقعية وصفية دقيقة تكثف تفاصيل المكان (شوارع الخرطوم وضواحيها) وبين رمزية فلسفية ترفع من مستوى السرد إلى بعد تأويلي. الصبر: يتحول من مفهوم أخلاقي إلى محور بنيوي يتكرر كقيمة وكسيرورة نحو النضج. المعاناة: ليست حدثاً طارئاً بل شرطاً وجودياً، تفرضه البنية الاجتماعية وتعيد إنتاجه اللغة الروائية. الحب: يعمل كآلية لتجاوز الانقسام، بوصفه قوة رمزية توحّد ما فرّقته السياسة والتاريخ. الزمن والمكان الزمن في الرواية ليس مجرد تسلسل خطي، بل زمن "اختباري" تُقاس فيه معاناة الشخصيات بقدرتها على التحمل. أما المكان (الخرطوم وضواحيها) فيتحول من خلفية محايدة إلى "فضاء مولِّد للمعنى" حيث تتجسد تناقضات الفقر والظلم، وفي الوقت نفسه يتخلّق الأمل من داخل الغبار والعناء. الثيمات المركزية الهوية والانقسام: ثنائية الشمال/الجنوب تنعكس في مسار العلاقة بين مارسيلو وسامية. العدالة واللامساواة: تُجسّدها التفاعلات مع المؤسسات والشخصيات الثانوية. الصبر/الأمل: قيمة مركزية تتكرر عبر مستويات السرد، تشكل البنية العميقة للنص.
من منظور بنيوي، تتجلى قوة مطاحن الصبر في قدرتها على تحويل المعاناة الفردية إلى خطاب جماعي، حيث يصبح الصبر بنية دلالية تحمل معنى النضج والتحول، ويتحوّل الحب إلى عنصر بنيوي يعيد توازن الحكاية ويقترح أفقاً للمصالحة. بهذا المعنى، فإن الرواية لا تُقرأ فقط كحكاية شخصية، بل كبنية سردية تستبطن سؤال الهوية السودانية في زمن الانقسام. غلف الرواية https://top4top.io/ * من هو -مديت اشمراب كاتب وروائي جنوب سوداني وصانع محتوى وناشط بوسائل التواصل الاجتماعي من اصداراته: - حروف للــوطن (شعر عامي) - نقوش ألوان في التجريد - شعب واحد أمة واحدة - مطاحن الصبر (رواية)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست