وسوف يتخطفنا بغاث الطير

وسوف يتخطفنا بغاث الطير


09-14-2025, 12:30 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1757849433&rn=0


Post: #1
Title: وسوف يتخطفنا بغاث الطير
Author: ابو جهينة
Date: 09-14-2025, 12:30 PM

بين أجنحة ملائكة الرحمة و قبيلة إبليس تهيم أرواحنا و نحن أحياء عند ربنا نرزق ..
تسكن بين أعطافنا تسابيح العباد و الزهاد و أولياء الله الصالحين .. و تشرئب نحو السماء قبابهم و المآذن و كأنها تتضرع عنا و لنا ..
أننتظر رحمة الخالق تتنزل علينا بالوكالة .. ؟
و تجوس خلال ديارنا وسوسات الشياطين .. و كأنهم يسترقون السمع خلف ظهورنا و من خلف أبوابنا ..
أنتعوذ من إبليس و هو يبصق علنا تحت أسماعنا و أنظارنا في بقايا طعامنا و شرابنا و يشهد مع الشاهدين عقود أنكحتنا و يتمتم مباركا ختان صبياننا و بناتنا و يقبع لصيقا عند كل بسملة و عند كل حوقلة و يقف بين صفوف صلواتنا كتفا بكتف وهو آخر من يطفيء ضوء غرف نومنا ؟
يتخطفنا بغاث الطير في الدنيا ..
تتناثر بقايانا تتناوشها بنات آوى و ضباع البراري ..
تعوي هزال الذئاب على قوافلنا ..
تهوي على بطاحنا بقايا النيازك و الشهب ..
و تضيء الأنجم و المجرات البعيدة أكواخ الدهماء و الغوغاء ..
يغمرنا ضوء باهت من بقايا شعاع قمر أرهقه الكسوف .. و يغادرنا إن إكتمل بدرا ليلة التمام ..
و يتآمر تحت أشعة قمر إكتمل بدره.. شُعْث غُبْر لم تعرف الطهارة طريقا إلى قلوبهم .. يتآمرون للإجهاز على غرسٍ أينع ثمره بعرق الكادحين من الخُلَص الذين إن أقسموا بالله لأبروه و لو على عقال بعير ..
تخطو أشعة خجْلى نحو صباحاتنا المحبَطة بسأمٍ عجنَاه من قمحِ قبحنا الأزلي و خبزنا إدامه على نار غيرتنا في قدر حسَدِنا المتكيء على أثافٍ نخرها ثالوث من سوس الخداع و الأنانية و اللامبالاة و مزجناه بدموع تتوارى التماسيح خجلا من أن تذرف مثله و دلقنا بهار الزيف و المخاتلة على مرقته .
سِفْر من الأحزان و الحسرات غزلنا خيوط بساطه من دم أبطالٍ لو رضعوا من من ثدى أرضٍ غير الأرض و أظلتهم سماء غير السماء و دبَتْ أقدامهم على غير أديم هذه الفانية ، لَسطروا تاريخا لا يحتاج إلى قاموسٍ لترجمة مفرداته و إن كُتبتْ بأعجمية موغلة في القدم كرسوم أهل الكهوف و إنسانها الأول في زمانه الحجري .. و لزلزلوا أركان الدنيا بالأخمصَيْن .. ضوامر الخيل و بطونهم التي صامت طوعا و كرها فأسكتوا جوعها بشِقِ تمرة و جاهروا بالحمد يتردد صداه بين جنبات العتامير و السهول .. و أضمروا الصبر الجميل ..

قبح الله تاريخا لم يدخله مَن قدمناه كبش فداء في محرقة إعتلاج أرواحنا المرهقة في رحلة أن نكون أو لا نكون .. أن نبقى أو لا نبقى ..
قبح الله تاريخا نحاكم فيه مَن طرَزوا سجاد سيرته السمحة .. نحاكمهم بفرمانات الجلادين و أمزجة صعاليك دهاليز الحكم و السنن المشتقة من أضابير مَن لعنتهم أرحام أمهاتهم قبل أن يرمي بهم التاريخ في مزبلته المتخمة.
فليجف نيلنا الأزرق ..
و ليغيض ماء نيلنا الأبيض ..
و لتتبخر مياه كل أنهارنا سحبا تمطر حيث يشاء لها من أركمها فوق بعضها البعض ..
و لنرسل البصر كرتين إن كان ذاك النهر سيجري شمالا دون روافده .. أبتراً بلا ساقين و مستنزفا بلا شرايين ..
فلن يرتد البصر إلينا خاسئا و هو كسيف .. بل سنقف كما نحن الآن عُمْي بُكْم نتخبط طريقا هو أوضح ما يكون .. مبصرين لا نرى أبْعَد من أصابع يدنا تلقمنا اللقمة ..
أو فليرتد تيار الماء على عقبيه ليحاول الرجوع معاندا نواميس الكون إلى منبعه شرقا و منبعه جنوبا ..
أو ليس هذا زمان العجائب ..
فليختلط أجاج البحر مع فرات النيل ليجعله ملحا غير سائغ للشاربين ..

الرجل الصالح الذي قابل سيدنا موسى كليم الله عند الصخرة على البحر بأمر الله و تدبيره سبحانه .. كان من ضمن الدروس التي أعطاها لموسى أن أقام جدارا كان على وشك السقوط و الإنهيار .. و عاتبه موسى لأنه لم يتخذ على إصلاحه أجرا يقتاتان به .. فجاءه جواب الذي أمده الله بالعلم :
بأن الجدار لغلامين يتيمين في المدينة و كان تحته كنز لهما و كان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما و يستخرجا كنزهما رحمة من ربك ..

ألا ترون بأننا من طينة هذين الغلمين ؟
و أننا بالفعل أيتام في هذه الدنيا ( ليس لدينا وجيع ) و نحن في كنف الأهل و العشيرة ؟
ألم يكن آباؤنا صالحين مثل والد هذين الغلامين ؟
فالعبر و العظات يكررها الله في خلقه أنَى شاء و كيفما أراد. فمن يتعظ ؟
ألا ترون أن جدارنا قد مال و أوشك على السقوط ؟ و من ذا الذي سيقيمه بحكمة كحكمة الرجل الصالح ؟
فإن إنتهى زمن الصالحين .. ألا يوجد بيننا حكيم ؟
و يبقى السؤال : هل بلغنا أشدنا ؟ هل بلغنا سن الرشد ؟
و إن لم نكن قد بلغنا سن الرشد فمن سيكون الوصي علينا ؟
من الملزم بتصريف شئوننا حتى ذلك الحين ..؟
الإجابة على هذه التساؤلات أصعب ما يكون في ظل هذه الإرهاصات .. في ظل هذه العتامة و القتامة و الضبابية .. و في ظل تجاذبٍ ، ظل أهلنا يعرفون كل خيوطه المتشابكة و مَن يقف عند نهاية كل خيط و من الذي يشد و متى.. و من الذي يرخي و كيف.. ليبدأ الشد من جديد و هلم شدا و رخْيَا. ثم عن طيب خاطر .. نلملم ما تشابك من خيوط و نفك عنها تشابكها و نسلمها لنفس الأصابع ..
إذن فلننتظر رحمة ربنا كما قال الرجل الصالح لسيدنا موسى ..
و حتى ذلك الحين ..
سنكون بين أجنحة ملائكة الرحمة و قبيلة إبليس تهيم أرواحنا مع الموتى و نحن أحياء عند ربنا نرزق ..
و سيتخطفنا بغاث الطير في الدنيا ..

Post: #2
Title: Re: وسوف يتخطفنا بغاث الطير
Author: مهيرة
Date: 09-14-2025, 01:19 PM
Parent: #1

ياسلام ، أبو جهينة ، على الحروف المموسقة

والعبارات الكاشفة لما نعيشه من ظلمة

عسى الله أن تنير لنا الطريق

ويهدى الله من تولوا أمر البلاد، سبل الرشاد

فنستخرج كنزنا وتخضر أرضنا ويدر ضرع

الأمهات لإنقاذ أطفالنا من الجوع والمسغبة

وحسبنا الله ونعم الوكيل

تحياتى

Post: #3
Title: Re: وسوف يتخطفنا بغاث الطير
Author: ابو جهينة
Date: 09-15-2025, 09:05 PM
Parent: #2

تحياتي اختنا الاستاذة الموقرة مهيرة
حفظكم الله
ولك الامتنان والشكر على مرورك الفخيم
نسأل الله العلي القدير ان ترسو سفينة السودان على بر الامان
اللهم آمين
دمتم

Post: #4
Title: Re: وسوف يتخطفنا بغاث الطير
Author: Ali Alkanzi
Date: 09-16-2025, 08:01 AM
Parent: #3

استاذ ابوجهينه
عندما يرتبط الحرف بالسماء يسقط نحونا كرزاز الخريف
ينعش النفس ويعطي الامل
بان الحياة ستعود بقيمص اكثر زهوا وجمالا
فيه رائحة الارض والتاريخ والأجداد
ولن يكون مثل قميص يوسف بدم كذب
ولا بقميصه المقدود من قبل او دبر
ولكن
نحن ننتظر البشير ليلقي علينا
القميص في وجوهنا
لنرتد بصراء بواقعنا
فنهتدي
استاذ ابو جهينة
انت تكتب بعمق إنساني صوفي
يحمل قارئ نصك حملا للتأمل والتدبر والادراك
وليتنا تأملنا وتدبرنا وادركنا ما بنا
من غل ووجع وفقر ومذلة
ا