سؤال الهوية السودانية- عرقٌ أم ثقافة-سياحة في ورقة الاستاذ محمد جمال

سؤال الهوية السودانية- عرقٌ أم ثقافة-سياحة في ورقة الاستاذ محمد جمال


09-08-2025, 09:51 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1757364711&rn=0


Post: #1
Title: سؤال الهوية السودانية- عرقٌ أم ثقافة-سياحة في ورقة الاستاذ محمد جمال
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 09-08-2025, 09:51 PM

09:51 PM September, 08 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





في إحدى الندوات التي نظمها الأستاذ محمد جمال عبر منصة كلوب هاوس بالنادي السياسي طُرح سؤال الدولة بين المواطنة والهوية في تور حدثي مكثف جمع مضامين فلسفية وسياقات سودانية تعكس صراع النخب
ومحاولاتها المستمرة لإعادة تعريف المجال العام
من خلال هذا الطرح تتبدى الهوية كسؤال مركب لا يمكن اختزاله في بعد عرقي أو ديني بل كفضاء ثقافي أوسع يتقاطع فيه التاريخ واللغة والذاكرة الجماعية مع رهانات السلطة والسياسة ومن هذا المنظور تصبح الهوية بناءً اجتماعياً متغيراً
وليست معطى ثابتاً أو جوهراً مغلقاً
فإذا استعرنا بعض المقولات النظرية مثل أطروحة بندكت أندرسون حول الجماعات المتخيلة يمكننا أن نرى كيف أن الهوية الوطنية لا تولد من فراغ وإنما تُصنع من خلال السرديات المشتركة والمؤسسات والرموز وفي السياق السوداني
تجلت هذه الأزمة بوضوح في انفصال الجنوب وفي صراعات دارفور حيث استُخدمت الهوية كسلاح سياسي في يد النخب لتعميق الانقسام بدلاً من بناء أرضية مواطنة مشتركة
ويضيف أمين معلوف في كتابه “الهويات القاتلة” أن الإنسان يحمل دوماً هويات متعددة تتقاطع في داخله لكن الخطر يبدأ عندما يتم تضخيم عنصر واحد على حساب باقي العناصر ليغدو هوية قاتلة وهذا ينطبق على الحالة السودانية حين يتم
تضخيم الانتماء القبلي أو الديني وتحويله إلى أداة للإقصاء
أما من منظور عبد الله حمودي حول العلاقة بين الشيخ والمريد في المجتمع التقليدي فيمكن أن نفهم كيف تعيد النخب إنتاج أنماط الولاء والانصياع باسم الهوية لتثبيت سلطتها وهو ما يعيدنا إلى سؤال جوهري حول كيفية بناء دولة مواطنة
تتجاوز هذه البُنى التقليدية دون أن تسقط في وهم إلغاء التعدد
إن الهوية في هذا التصور ليست سجناً مغلقاً وإنما فضاء ثقافياً مرناً يتسع للتنوع ويُعاد تشكيله باستمرار عبر التفاعل بين مكونات المجتمع والرهانات التاريخية والسياسية لذلك فإن ربط الهوية بالمواطنة في السياق السوداني يشكل
محاولة لتجاوز الانقسامات وإعادة تعريف الانتماء على أسس مدنية تضع الفرد في مركزها لا باعتباره تابعاً لكيان عرقي أو ديني بل كإنسان يشارك في العقد الاجتماعي على قدم المساواة

وبذلك يتحول سؤال الهوية من معضلة قاتلة إلى فرصة لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس أرحب وأكثر إنصافاً تنفتح على المستقبل بدل أن تظل أسيرة ماضي الانقسامات