Post: #1
Title: الانفصال في حالة السودان: هل هو الحل أم الوهم؟
Author: محمد جمال الدين
Date: 08-30-2025, 10:17 PM
10:17 PM August, 30 2025 سودانيز اون لاين محمد جمال الدين-The Netherlands مكتبتى رابط مختصر
الانفصال في حالة السودان: هل هو الحل أم الوهم؟
نسمع في السنوات الأخيرة أناس كثيرون يقولون بالانفصال حلاً لمشاكل السودان.. ماذا وراء ذلك؟!
لكن قبل الخوض في هذه الفكرة، لا بد من فهم السياق التاريخي والسياسي للانفصال وتقرير المصير. عادة، تُطالب بالانفصال جماعة مستضعَفة عددياً أو اقتصاديا – ترى أن الطرف الأقوى (المركز مثلاً) يستغل ثرواتها ويُضعفها. هذه الحالة مفهومة وشائعة في السودان وفي العديد من البلدان.
لكن الحالة الأكثر غرابة – بل وشذوذاً – هي أن تطالب جماعات تعيش في مركز الدولة نفسها بانفصال الآخرين عنها، باعتبار أن "الآخر" المختلف هو سبب المشكلة، وأن إزالته من الخريطة الجغرافية سيكون حلاً!
هنا يبرز سؤال جوهري: هل التاريخ أو الواقع يدعمان هذه الفكرة؟
التاريخ يُجيب: القوة لا تتنازل عن الجغرافيا! تشير وقائع التاريخ إلى أن الدول أو الجماعات القوية (مادياً أو/و ثقافياً) ذات نزعة توسعية بالضرورة لا تتخلى طواعية عن أراضيها أو نفوذها. ففي العصور القديمة، شهدنا الإمبراطوريات اليونانية والرومانية والعربية، وفي العصر الحديث جاء الاستعمار الأوروبي، ثم الهيمنة الأمريكية عبر قواعدها المنتشرة في العالم. هذه القوى توسعت عبر التفوق المادي، ثم الثقافي، ولم تتراجع إلا تحت ضغوط خارجية أو ثورات داخلية.
أما في الدولة الوطنية الحديثة، فإن الأمر يخضع لقانونين حيال الحفاظ على الجغرافيا والهوية الوطنية:
1- عبر قوة مادية وثقافية تمنع تفكك الدولة أمام الخارج.
2- إدارة التماسك الداخلي: إما بـ:
أ-الهيمنة العسفية لجماعة واحدة تُخضع الباقين (كما حدث في دول كثيرة حولنا وفي العالم).. هذه الطريقة اصبحت غير سارية المفعول في العصر الحديث.. قليلا وتفشل.
ب-إدارة التنوع بإنصاف وحكمة (النموذج الأفضل، لكنه نادر في عالمنا الأفريقي والمشرقي) ولذلك كثير من هذه الدول تتبع الطريقة التاريخية منتهية الصلاحية في "أ" وهي دائرة الفشل.
وفي كلا الحالتين، لا تسمح الدولة بالانفصال إلا إذا عجزت عن تحقيق أحد الشرطين السابقين.
السودان والانفصال: حل أم استسلام للضعف؟ إذا أردنا تطبيق هذا التحليل على السودان، فالسؤال الأهم هو:
هل الانفصال سيعالج جذور الأزمة، أم سيكون مجرد هروب من مواجهتها؟
هل يُعقل أن تكون "القوة" في تمزيق النسيج الوطني، بينما التحدي الحقيقي هو بناء نموذج لإدارة التنوع يحتفظ بالرقعة الجغرافية والقوة البشرية والإقتصادية!.
الأصوات التي تنادي بالانفصال اليوم تطرحه كبديل عن فشل النخب في إقامة دولة عادلة. لكن الانفصال لن يحل مشاكل الفقر أو الحروب أو سوء الحكم، بل قد يُعمقها بتفتيت الموارد وخلق كيانات هشة قابلة للإبتلاع بواسطة الآخرين من الدول المجاورة أو أي كانت ثم يرتد السهم عليك.
التاريخ لا يُسجل أمثلة ناجحة لدول انفصلت ثم ازدهرت في ظل نفس العقليات الفاشلة في المركز والهامش!
البديل: من الوحدة السلبية إلى العقد الاجتماعي الجديد (دولة المواطنة).
أنا لست من أنصار "الوحدة القسرية" التي تُفرض بالحديد والنار، لكني أيضاً لا أرى في الانفصال حلاً سحريا. الحل يكمن في:
الاعتراف بالفشل العام ومن جميع الأطراف فقط بدرجات مختلفة في تأسيس نموذج عادل وراسخ لنظام الحكم.
بناء عقد اجتماعي جديد (دولة المواطنة) يقوم على العدالة وتوزيع السلطة والثروة بعدالة وإدارة الاختلاف بآليات ديمقراطية.
الإنفصال حق منصوص عليه في القوانين الدولية، لكنه كثيراً ما يكون تعبيراً عن اليأس، وليس بديلاً عن الإصلاح. وحتى عندما يحدث التقسيم تحتاج لذات العمل لإصلاح قسمك الجغرافي وقد تفشل بعد كل ذلك الخراب الذي فعلت.. وإنفصال جنوب السودان خير مثال. فبدل أن نحلم بتقسيم السودان إلى دويلات متناحرة، لماذا لا نحلم بسودان جديد يُحول التنوع من نقمة إلى نعمة؟ ونبدأ في التفكير الجدي والعملي في صياغة رؤية جديدة (وثقافتها) للتعايش السلمي المشترك لشعوب السودان في دولة مواطنة قوية نخرج بها إلى عالم اليوم ودنيا الحضارة؟!
بحاول افكر مع البعض المستطيع منا.. وكلي حيرة!
محمد جمال الدين
ابريل 2025 https://www.facebook.com/share/p/15FVB1xgSkx/
|
Post: #3
Title: Re: الانفصال في حالة السودان: هل هو الحل أم ال�
Author: محمد الحسن حمدنالله
Date: 08-30-2025, 10:56 PM
Parent: #1
العزيز محمد جمال الدين التحية والإحترام أتفق معك في أن حل مشكلة السودان يكمن في دولة المواطنة التي تدير هذا التنوع بوصفه نعمة وليس نقمة أما وقد فشل السودانيون في إقامة دولة المواطنة حتي هذه اللحظة وطالما أنهم لا يقبلون الآخر المختلف لا بل يكرهون بعضهم البعض ويرفضون الجلوس إلي بعضهم البعض لحل المشكلة ويقصون بعضهم البعض ويتعاملون مع موضوع الحرب بنفس عقلية هلال مريخ فالإنفصال هنا يحدث كأمر واقع وليس بالضرورة أن يكون برغبة أحد طرفي الحرب أو كلاهما والناظر إلي واقع السودان اليوم يجد أن الإنفصال الوجداني والإجتماعي والسياسي والجغرافي والاقتصادي قد حدث وتبقي فقط الإعلان عنه بغض النظر عن كونه سيحل مشكلة السودان أم لا
|
|