Post: #1
Title: وهكذا .. حتى الكأسات المُرة منه مُركزة.
Author: شاهين شاهين
Date: 08-30-2025, 02:46 PM
03:46 PM August, 30 2025 سودانيز اون لاين شاهين شاهين-Sudan مكتبتى رابط مختصر
إليك يا قُرة العين. د. محمد سليمان شاهين. (الأحد 18 نوفمبر 1934 _ الأحد 29 سبتمبر 2024)
|
Post: #2
Title: Re: وهكذا .. حتى الكأسات المُرة منه مُركزة.
Author: شاهين شاهين
Date: 09-22-2025, 12:34 PM
Parent: #1
1 لو أملك آلة الزمن. تلك الآلة التى يجدها البعض فى الفناء الخلفي لمنازلهم ، يعودون بها إلى ازمنة سحيقة ، او يقفزون إلى مستقبل مدهش. كنت ساختار بدايات مرحلتى الثانوية ، ان ابدأ بتصحيح الأخطاء ، اختيارى للمساق الادبى كان غلطة فادحة ، لم أعرف نتيجتها الا بعد خروجى الاضطرارى الاخير وانا فى الخواتيم. لانه توجه مثل اغتراب اليمن ، ضياع زمن. الفلسفة هراء ، الاجتماع ، التاريخ ، إدارة الأعمال ، قانون (الذى تورطت فيه بالفعل ، للاسف الشديد). كلها بلا معنى ، وكلها لا تسمن فى اسواق عمل خارجية شرسة فى المنافسة. لا اعنى اننى كنت ساختار المساق العلمى ، فهو مسار ليس من ميولى. كنت ساختار مغادرة مقاعد التعليم الرسمى تماماً ، والمداقشة فى سوق الله اكبر ، لو عملت فى ذلك الوقت صبى جزار لكنت الان معلم بكرش وسطوة وبتاع نسوان ، لو عملت منذ ذلك الوقت صبى ميكانيكى ، لكنت الان صاحب ورشة بنت كلـب . التعليم الرسمى ، وبعد ضياع كل تلك السنين ، خلق منى افندى متعنطظ فى الفاضى ، عاشق للكرسى الدوار والمكتب وعليه لاب توب لزوم الاهمية ، وكولا مكة لزوم المقاطعة. بينما اهطل يقضى حياته فى صناعة اسطورته الشخصية بالحصول على امتياز فى كلية الاقتصاد وفى دراساته العليا فيها ، بينما وفى ذات الوقت ، هناك من يسعى على قدميه فى الأسواق بـ سفنجة مربوطة بـ اسلاك يتعلم دروس يومية فى البيع والشراء ، يبيع الماء البارد ، الاكياس ، هتش البنات وسنتياناتهم ولباساتهم الداخلية ، الخ. يعلم نفسه بنفسه ولنفسه. أساطير الراسمالية الوطنية ، لهم حكايات عن جهلهم بالكتابة والقراءة ، لكنهم صنعوا امبراطوريات اقتصادية عملاقة ، وانحنى لهم عشاق تفاهة الدراسات الجامعية وما فوق الجامعية وهم يقدمون لهم فى خضوع الـ CV المشحون ببعض الحقائق والكثير من الاكاذيب ، من أجل نظرة رضا ووظيفة شحمانة. كنت اتمنى يا آلة الزمن العجيبة ، ان لا اكون انا من يقدم عند للآخرين شهادة عليا فى القانون التجارى لو عرضتها للبيع فى سوق الكلاكلة اللفة ، لتبول الناس على راسى الاشيب ، فالتجارة تراكم خبرات وذكاء وفلهوة وعلاقات وبيضة وحجر ، لا سهر ليالى فى مراجع باردة ، تنساها بمجرد الفراغ منها ، وقطرات للعيون المنهكة فى السطور. ان أعود إلى بدايات المراهقة ، بائعاً لأى شىء ، افتح عيني قدر الريال وأراكم دروسى اليومية ، فإما نهضت عملاقاً ، وأما هرستنى تروس الحياة فى حراسات الشرطة وحيشان الاندايات وغرف بيوت الدعارة الطينية ردائية التهوية. يا آلة الزمن ، اين انتِ ؟.
|
Post: #3
Title: Re: وهكذا .. حتى الكأسات المُرة منه مُركزة.
Author: ولياب
Date: 09-22-2025, 01:11 PM
Parent: #2
شاهين يا مبدع سلام شديد ومسكاقنا هي الحياة وسننها تختار شيئا بارادتك ورغبتك وتكتشف بعد مضي الوقت أنه خيارا أو (فقوسا) غير موفق د.شاهين كان رمزا في مهنته ووزارته ، ولا بأس أن تكون في مجال مختلف .
لدينا بعض الشباب في المشروع خبروا مجال الزراعة وأصبحوا رجال أعمال .
|
Post: #4
Title: Re: وهكذا .. حتى الكأسات المُرة منه مُركزة.
Author: شاهين شاهين
Date: 09-28-2025, 10:14 AM
Parent: #3
اتمنى ان تكون بخير وصحة وعافية ، استاذى ولياب. ❤️. تشكراتى على المداخلة.
|
Post: #5
Title: Re: وهكذا .. حتى الكأسات المُرة منه مُركزة.
Author: شاهين شاهين
Date: 10-05-2025, 12:09 PM
Parent: #4
2 لو عادت بى آلة الزمن. كنت ساختار مسارات غير التى كانت ، ودروب غير التى سرت فيها ، ظلمت نفسى بشدة عندما اخترت الاشتباك مع الواقع السياسى لبلدى وانا قاصر. جريمة ارتكبتها فى نفسى بنفسى ، وأرجو ان تعفو عنى نفسى بدية او بدون دية. مالى انا والعك واللت والعجن ، انا مُجرد مواطن بسيط محدود القدرات الذهنية والذكاء. مثل عشرات الملايين من سكان بلدى ، سطور كتبت لكن بماء .. وانا لا عنتر ولا غاندي. مُظاهرات ، وحلقوم ، وإيمان وثوقى بفكرة وشعب وكبسيبة .. كان من المفترض ان اكون مثل الاغلبية الساحقة من ابناء جيلى ، فقط ان تكون انسان كويس ، لا تسرق لا تقتل لا تنتهك عرض ، تطعم أسرتك حلال ، تأمن فى سربك ، مُعافى فى بدنك ، واجداً قوت يومك ، حيزت لك الدنيا بما فيها. عندما كنت اكتب روايات ، كنت احب الشخصيات المكتفية بذاتها ، فى غرفتها الطينية ذات الارض الرملية المرشوشة بالماء ، ودخان المبخرة يتصاعد من بخور بلدى جيد ، سجادة صلاة وسبحة لالوبية وابريق بلاستيكى وقور ، مصحف ضخم ، وعنقريب خشبى ، وكتب تراث فقهى تنام فى الأركان ، وشنطة حديد مُغلقة بطبلة صفراء صغيرة ، تحتوي على أدوات الوداع الاخير للعريس المغادر (كفن ، وحنوط مسكية ، وصابونة حمام فواحة). فى الصبا الأحمق ، كنت اندهش من موقف صحابة اجلاء فى اوقات الفتن الكبرى ، لماذا صمتوا عما يحدث .. حتى علمنى الزمن ان فى الصمت كلام وحزن وجراح ، وان الابتعاد فى حد ذاته وجهة نظر ، والانعزال فلسفة عميقة. كانت تُعجبنى الشخصيات التى تشتبك مع الواقع فى فترة شبابهم بنشاط وهمة وايمان بقدرتها الهرقلية على تغييره نحو الأفضل ، وتدفع فاتورتها كاملة من اعتقال وتعذيب وتشريد من الوظيفة ، وينتهى بها المطاف مهزومة وهى تجلس على كرسى أمام ابواب بيوتهم ، تنظر موجوعة للبشر العابرين فى الشارع ، بشر كل ما جاءهم من يحلم لهم ، كانوا به يستهزئون. هناك من اختار المعافرة حتى آخر نفس فى حياته ، واختار ان يواصل المسير نحو الشمس ، هذا انسان ممتاز للغاية بلا شك .. لكن الحياة فى نهاية المطاف عبارة عن وجهات نظر ، وعبارة عن لعبة رفع الأثقال ، كم هو الوزن الذى تستطيع رفعه دون ان تُصاب فى عمودك الفقرى. كثير من اصدقائى اشاهدهم على القنوات الفضائية يتكلمون ، وعلى وسائل التواصل يكتبون ، بصدق وحرارة .. لكن انا سعيد باختيارى الحالى ، انا الابكم ، اغمدت سيف (دون كيشوت) وبعت الحصان ، لا أملك عصا (موسى) فى يدى ، فقط جك فول وطعمية ساخنة وعيش بلدى وكيس مُخلل من طرف السوق ، وشبر فى المقابر .. ارتدى عراقى ابيض نظيف ومكوى وسفنجة جديدة لبنية وانتظر المكتوب على الجبين.
|
|