Post: #1
Title: علم الاستقلال
Author: Ahmed Abushouk
Date: 08-06-2025, 11:02 PM
11:02 PM August, 06 2025 سودانيز اون لاين Ahmed Abushouk- مكتبتى رابط مختصر
مَنْ صمم علم استقلال السودان؟ الروايات المتداولة أحمد إبراهيم أبوشوك تُعَدّ إحدى مشكلات كتابة تاريخ السودان ضعف التوثيق، والركون في إثبات للأحداث التاريخية إلى الروايات الشفوية، التي لم تكن متواترة في أغلب الأحيان، بل تحتاج إلى تمحيص ونقد تاريخي حتى يتوصَّل الباحث إلى حقيقة ما جرى. ومن أبرز الأمثلة على ذلك قصة تصميم علم استقلال السودان ذي الألوان الثلاثة (الأزرق، والأصفر، والأخضر)، الذي أُجيز في الجلسة البرلمانية رقم (53) المنعقدة يوم السبت الموافق 31 ديسمبر 1955، والتي اتفق فيها أعضاء مجلسي النواب والشيوخ على اختيار العلم ذي الألوان الثلاثة رمزاً لاستقلال السودان. ورغم وضوح المعالم الشكلية والتاريخية لاعتماد العلم، لا تزال الإجابة عن سؤال "من صمّم العلم؟" موضع خلاف، وتتطلب بحثاً وتدقيقاً. ففيما تنسب بعض الروايات التصميم إلى الأستاذة السريرة مكي عبد الله الصوفي، وتشير روايات أخرى إلى الأستاذ صالح سليمان. فما الحقيقة؟ وأين تتقاطع أو تتباين هذه الروايات؟ الرواية الأولى: السريرة مكي الصوفي تذكر الأستاذة السريرة مكي عبد الله الصوفي (1928–2021)، المعلمة والشاعرة والفنانة التشكيلية المولودة بحي الهاشمياب بأم درمان، في أكثر من تسجيل تلفزيوني، بأنها قد صممت علم الاستقلال في ورقة عادية، وقدّمته عبر شقيقها حسن مكي الصوفي إلى الإذاعة السودانية داخل مظروف مغلق، موقعة عليه باسم مستعار هو (س. مكي الصوفي). وقد شرحت في الرسالة نفسها رمزية ألوان العلم الثلاثة: الأزرق يرمز للنيل، والأصفر يرمز للصحراء والرمال، والأخضر يرمز للزراعة. الرابط: [https://bit.ly/4mtxXqthttps://bit.ly/4mtxXqt] الرواية الثانية: صالح سليمان في تعليق على مقال بصحيفة الراكوبة بتاريخ 25 ديسمبر 2013، بعنوان "السريرة الصوفي: المعلمة التي صممت علم السودان"، كتب شخص يُدعى محمد، قائلاً: "علم السودان صممه أستاذ صالح سليمان، رئيس شعبة الفنون بمعهد التربية بخت الرضا، وهو لا يزال حيًا، ويقترب عمره من التسعين عامًا، ويقيم بقرية الوحدة جنوب ود مدني. وقد تسلّم خطاب شكر من وزارة الداخلية في عام 1956، وقد اطلعتُ على الخطاب قبل سنوات. لكنه لا يهتم بالإعلام، شأنه شأن المعلمين الأفاضل في ذلك الزمان. وهو خريج أول دفعة من كلية الفنون بالمعهد الفني. أستغرب كيف يُنسب الأمر لشخص آخر، مع كامل احترامي للوالدة السريرة، والتي قد تكون لها مساهمات، لكن من باب الأمانة التاريخية، ينبغي تصحيح الرواية في مسألة وطنية تهم جميع السودانيين." الرابط: https://bit.ly/47a6DZGhttps://bit.ly/47a6DZG الرواية الثالثة: حسن الهادي رحمة الله يذكر الدكتور الشفيع بشير، أستاذ بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية، أن البروفيسور حسن الهادي رحمة الله هو الذي صمم علم الاستقلال. ويعضد ذلك بقوله إنه كان سكرتيرًا ثقافيًا لطلاب كلية الفنون في العام 1987، وعملوا معرضًا بمناسبة ذكر الاستقلال، زارهم في المعرض البروفيسور حسن الهادي رحمة، وأثناء تجواله داخل المعرض مر على الرسومات (أو الصور) التذكارية رموز الاستقلال، توقف عند بورتري مبارك زروق، الذي رسمه جلال محمدين، وقال لمرافقه، الطالب الشفيع، "بزهو وفخر واضح: هل تعلم أنو مبارك زروق ده قريبي؟ وهو الذي طلب مني تكليف ناس الكلية بعمل تصميم للعلم، فأبلغتهم، ولما كان التكتيك والمباغتة جزء من فكرة الاستقلال من الناحية السياسية، قبل زروق أول اقتراح قدم له مني وتدارسه معي، ثم عرضه كمقترح في البرلمان." الرابط: https://bit.ly/4laNgmPhttps://bit.ly/4laNgmP تقويم الروايتين: منافشة مفتوحة؟ تشير مذكرات خضر حمد، أحد أبرز الشخصيات السياسية في تلك الحقبة، إلى أن تصميم العلم خضع لمنافسة مفتوحة، حيث كتب: "بعد الموافقة على قرار إعلان الاستقلال داخل البرلمان، بدأ العمل لإعداد العلم، وتسابق الفنانون برسوماتهم المختلفة، وكان فيها المناسب. لكن حزب الأمة أصرّ على أن يحوي العلم اللون الأصفر، الذي، كما قالوا، يرمز إلى الصحراء." (مذكرات خضر حمد، ص: 275). تُعزز هذه الشهادة فرضية أن تصميم العلم كان نتاج مسابقة شارك فيها عدد من الفنانين السودانيين، وربما تكون السريرة مكي الصوفي وصالح سليمان من بينهم. لكن رواية عامر بشير فواروي، كاتب مجلس النواب (1953-1958)، في كتابه "الجلاء والاستقلال"، تشير صراحة إلى أن تصميم العلم كان بموجب قرار صادر من مجلس النواب، ثم وافق مجلس الشيوخ عليه، وفي هذا يقول: "عقد مجلس النواب جلته رقم 53 في دورته الثالثة، وذلك في يوم السبت سنة 1955، وفي بداية الجلسة وقف السيد مبارك زروق، زعيم المجلس قائلًا: "سيدي الرئيس: أرجو أن أتقدم بالاقتراح التالي: إنه من رأي هذا المجلس أن يكون علم السودان بالأوصاف التالية: (1) الألوان: أ. أزرق: رمز النيل. ب. أصفر: رمز الصحراء. ج: أخضر رمز الزراعة. (2) الوضع: اللون الأزرق من أعلي؛ واللون الأصفر في الوسط؛ واللون الأخضر في الأسفل. (3) المقاسات: أ. الألوان الثلاثة يكون طولها بالتساوي. ب. مقاس عرض العلم يكون نصف مقاس الطول. وبذا يكون عرض كل من الثلاثة ألوان ثلث مسافة عرض العلم." (فواروي، ص 84). إذًا الأستاذة السريرة ربما تكون قد حاكت العلم بعد اجاز البرلمان مواصفاته بالتفصيل المذكور أعلاه؟ خاتمة مفتوحة: تبقى قضية "من صمم علم استقلال السودان؟" سؤالاً مشروعًا يستحق البحث والتوثيق. وبين رواية السريرة مكي ورواية صالح سليمان وشهادة خضر حمد وتوثيق عامر فوراوي، تتضح الحاجة إلى تحقيق تاريخي موثق يستند إلى مصادر رسمية، أرشيفية وشخصية، لتثبيت الرواية الصحيحة. أفتونا أيها القرّاء الكرام، إن كنتم تعلمون.
|
Post: #2
Title: Re: علم الاستقلال
Author: Omer Abdalla Omer
Date: 08-07-2025, 03:51 PM
Parent: #1
شايف الأزمة يا أب شوك؟ حتى مسألة بسيطة زي دي غير موثقة و غير متفق عليها. و على أي حال سقط ذلك العلم إلى لا رجعة لأنه لم يحقق شئ و هنالك أعلام عدة الأن ترفرف و كل يحارب تحت علمه. عندما تهدأ هذه العاصفة يمكننا الجلوس و الإتفاق على علم يمثل دولة ديموقراطية، فيدرالية, إشتراكية، موحدة طوعيا و يكون العلم ممثلا للجميع. المهم!
|
Post: #3
Title: Re: علم الاستقلال
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 08-07-2025, 05:04 PM
Parent: #2
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تحية طيبة أستاذنا الجليل الدكتور أحمد إبراهيم أبوشوك، نحمد الله كثيرًا على عودتكم الكريمة إلى المنبر، بعد طول غياب أحسسناه في الفكر والرأي والمنهج. نسأل الله لكم دوام العافية، ونسأله أن يُفيض علينا من معين علمكم الغزير وتحقيقكم الدقيق الذي لطالما مثّل نبراسًا في مضمار البحث التاريخي الرصين. لقد قرأنا بتمعّن واستمتاع بالغ مقالتكم القيمة حول السؤال المشروع: "من صمّم علم استقلال السودان؟"، والذي طالما طُرح بين السودانيين بنبرة الاعتزاز أو الحسرة أو الاستفهام، ولم تَخْلُ رواية منه من محبة هذا الوطن. كان طرحكم – كعادتكم – عميقًا، موزونًا، مُنصفًا للروايات المختلفة، معبّرًا عن حاجة مُلحّة طالما غابت عن التناول الجاد: نقد المصادر وتفكيك الروايات لا بوصفها حقائق، بل بوصفها احتمالات تحتاج إلى تمحيص تاريخي. لقد أحسنتم، أستاذنا، حين لم تميلوا لرواية دون أُخرى، بل قربتم المسافة بيننا وبين الرؤية العلمية، وأشرتُم بمهارة إلى أن غياب التوثيق الرسمي أو تعدد الروايات لا يقدح في قيمة المناسبة، بل يكشف عن طبيعة التدوين السوداني الذي لطالما اعتمد على الذاكرة الشفهية في غياب أرشيف مُفعّل. ومن وحي مقالكم، نذكر ثلاث ملاحظات متواضعة: إن تعدد الروايات لا يُضعف القضية، بل يُغنيها، ويجعلنا نُدرك أن علم الاستقلال، كرمز وطني، ربما لم يكن نتيجة عبقرية فرد واحد بل خلاصة وعي جماعي وحراك وطني شارك فيه الفنانون، والسياسيون، والمعلمون، والنساء والرجال في آن. الإشارة إلى السريرة مكي الصوفي ليست مجاملة رمزية للنساء، بل توثيق لدورٍ ظلّ كثيرًا ما يُحجب في السرديات الرسمية. وإن كانت لم تُقرّ صراحةً كمصممة، فإن مجرد تداول اسمها يعيد الاعتبار لحضور المرأة السودانية في لحظات مفصلية. الخلاف لا يفسد الودّ الوطني. فسواء كان المصمم هو السريرة، أو صالح سليمان، أو البروفيسور حسن الهادي، أو حتى نتاج مسابقة كما تشير شهادة خضر حمد، فإن الإجماع على حب العلم والدفاع عنه والحرص على معرفة أصله، هو بحد ذاته علامة عافية وطنية.
*نحييكم على طرح هذا السؤال في هذا التوقيت، ونُقدّر لكم حرصكم على تغليب النزاهة العلمية على العاطفة، وعلى إفساح المجال للنقاش لا باعتباره صراع سرديات، بل ورشة بحثٍ مفتوحة في ذاكرة وطنٍ لا يزال يتشكّل فينا كل يوم. شكرًا لكم مجددًا، ونأمل أن نرى قريبًا كتابًا توثيقيًا منكم يُؤرّخ لمسار الرموز الوطنية – لا سيما العلم والنشيد والدستور – بما يليق بتاريخ السودان وتاريخه اللامرئي. لكم منا كل التقدير والدعاء بدوام الصحة والعطاء، مع خالص التحية والتقدير،
|
|