نادي الخرطوم جنوب- حيث الغناء وظهور المواهب#

نادي الخرطوم جنوب- حيث الغناء وظهور المواهب#


07-23-2025, 07:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1753295612&rn=0


Post: #1
Title: نادي الخرطوم جنوب- حيث الغناء وظهور المواهب#
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 07-23-2025, 07:33 PM

07:33 PM July, 23 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





في قلب العاصمة السودانية، وبين أزقة حي الخرطوم جنوب الشعبي، ينهض نادي الخرطوم جنوب كواحد من أبرز معالم الحياة الثقافية والموسيقية غير الرسمية في المدينة.
لم يكن النادي مجرد مبنى صغير أو ساحة مفتوحة تقام فيها حفلات، بل كان فضاءً اجتماعياً وفنياً رحباً، تنصهر فيه الطبقات والاهتمامات، وتتشكل فيه البدايات الأولى لعدد كبير من الأصوات الغنائية السودانية
التي شقّت طريقها لاحقاً إلى النجومية.

فضاء اجتماعي وفني حرّ
منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، اشتهر نادي الخرطوم جنوب كمنبر لاحتضان الشباب، سواءً كانوا من محبي الطرب أو من الهواة الذين يجدون في المنصة المفتوحة فرصة لاختبار أصواتهم ومواهبهم أمام جمهور حي
نقده مباشر، وتصفيقه أصدق. لم يكن الجمهور في نادي الخرطوم جنوب جمهوراً عادياً، بل جمهوراً ذواقاً، يعرف المقامات والإيقاع، ويستمع للغناء ليس للترفيه فقط، بل للمحاسبة أيضاً.

من هناك خرجوا
خرج من نادي الخرطوم جنوب عدد من الأسماء التي أصبحت لاحقاً رموزاً في الساحة الغنائية السودانية. لم يكن للموهبة وحدها أن تفرض نفسها، بل كانت التجربة التراكمية في مثل هذه الأندية الشعبية هي التي تهذب الصوت وتصقله.
يتحدث كثير من الفنانين عن أول وقوف لهم على منصة "نادي الخرطوم جنوب"، تلك اللحظة المشوبة بالخوف والرهبة، حيث يترقبك الجمهور في صمت، وحين تُجيد، يُرفع اسمك في الحي.

مدرسة شعبية في التذوق
ما يميز هذا النادي ليس فقط احتضانه للمواهب، بل قدرته على خلق مدرسة شعبية في التذوق الفني. الجمهور هناك لم يكن جمهوراً ساذجاً، بل مكوناً من عمال، وموظفين، ومثقفين، وشعراء شعب، شكلوا خليطاً
جعل من النادي مؤسسة شبه تربوية في الموسيقى. كانوا يرددون الأغاني، يناقشون الكلمات، ينتقدون الأداء، ويعيدون قراءة اللحن بإحساس جماعي.

إرث ثقافي لا يُكتب
رغم قلة التوثيق الرسمي لتجربة نادي الخرطوم جنوب، إلا أن إرثه محفوظ في الذاكرة الحية لسكان الحي، وفي روايات الفنانين والموسيقيين الذين مروا به.
هو جزء من السودان الثقافي غير الرسمي، الذي لم تهتم به المؤسسات الرسمية
لكنه ظل حياً في النسيج الاجتماعي، ومنه خرج ما يصعب أن يُعاد في عصر الإنتاج التلفزيوني المصنوع.

اليوم... وإلى أين؟
مع تغير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وبروز وسائل الترفيه الرقمية، تراجعت الأندية الشعبية مثل نادي الخرطوم جنوب.
لكنّ أثرها باقٍ، والنماذج التي خرجت منها تؤكد أن الفن السوداني، في أحد أجمل تجلياته، وُلد من حارات الفقراء، ومن على منصات خشبية بسيطة في الهواء الطلق، حيث الغناء كان "فعل حياة"، لا عرضاً تجارياً.