Post: #1
Title: صُنَّاعُ الأكاذيب الظلام- كيف تُحوِّلُ الأكذوبةُ السياسيةُ الشعوبَ إلى غَنَمٍ؟
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 07-19-2025, 10:41 PM
10:41 PM July, 19 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
عصرُ السّحرة الجُدد لم تَعُدِ الحروبُ تُخاضُ بالدبَّاباتِ وحدَها، بل بصناعةِ الوهمِ. ففي زمنٍ انقلبَ فيه الإعلامُ ساحةً للمعركةِ، صارَ "صُنَّاعُ الظلامِ" — مُروجو الأكذوبةِ — أشدَّ فتكًا من الجيوشِ. يَنسجونَ أكاذيبَهم بخيوطِ الذهبِ، ويُلبِسونَها ثوبَ الحقيقةِ، حتى إذا ما انكشفتْ، كانَتِ الدماءُ قد سالتْ، والعقولُ قد تلوثتْ، والمجتمعاتُ قد تشظَّتْ. أولاً تشريحُ الآلةِ الشيطانيةِ "مصانعُ الأكاذيبِ" الخوارزمياتُ القاتلةُ: تُغذِّي منصاتُ التواصلِ المستخدمَ بما يُثيرُ غضبَهُ لا عقلهُ، فتُحوِّلُ الأكذوبةَ إلى "تريندٍ" خلال ساعاتٍ. جيوشُ الظلِّ - حساباتٌ وهميةٌ تُنشرُ الأكذوبةَ بلغاتٍ متعددةٍ، وكأنها "صرخةُ الشارعِ".
سُلطةُ الشارحينَ مذيعونَ يرتدي كلٌّ منهم قناعَ الخبيرِ، يُلبِسونَ الأكذوبةَ ثوبَ التحليلِ السياسيِّ وكذلك هنالك من يكتبون معنا هنا القتلُ بالصورةِ مَثلهم كَمَثلِ سَحرةِ فرعونَ: يقطعونَ فيديو فيُظهرونَ "مظاهرةً مليونيةً" في شارعٍ خاوٍ، أو يلصقونَ صورةَ كارثةٍ طبيعيةٍ على أنها "جرائمُ الخصومِ". ثانيًا - لماذا ينجحُ السحرُ؟ العامل آلية التضليل التكرار يُحوِّلُ الافتراءَ إلى "بديهةٍ" التوقيت يُطلِقُ الأكذوبةَ في ذروةِ الأزماتِ استغلالُ الهوية يربطُ الكذبةَ بالدينِ أو الوطنِ صناعةُ العدو يخلقُ "شيطانًا" يُبررُ التدميرَ ثالثً-- "وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ".. حينما تصيرُ الأكذوبةُ كفرًا بالوطنِ الآيةُ القرآنيةُ التي استشهدَ بها ليستْ مجردَ تحذيرٍ دينيٍّ، بل دستورٌ أخلاقيٌّ للحُكمِ: *"فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا".. فالأرضُ لا تميدُ بزوالِ الكذَّابينَ.
"وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ".. فهؤلاءِ الذينَ يبيعونَ ضميرَ الأمةِ بمنصبٍ أو مالٍ.
"فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ".. فالحقُّ لا يُدفنُ، والشعوبَ لا تُستعبدُ إلى الأبدِ. إنَّ مُروجَ الأكذوبةِ لا يخونُ شعبهُ فحسب، بل يخونُ مفهومَ الإنسانيةِ ذاتِها.
متى تنقلبُ الأكذوبةُ على صانعها؟ التاريخُ يُعلّمنا أنَّ "بيت الأكاذيبِ" كقصرِ الرملِ -مرحلةُ الانتفاخِ و يَظنُّ الكذابُ أنَّ تكتيكاتِهِ عبقريةٌ (كما ظنَّ هتلرُ ببروباغندا غوبلز). مرحلةُ التشققِ - تبدأُ عندما يُدركُ المواطنُ البسيطُ أنهُ خُدعَ في رغيفِ عيشِهِ. مرحلةُ الانهيارِ- يسقطُ النظامُ ويبقى الكذابونَ يُحاكمونَ بأكاذيبِهم المسجلةِ.
كيف نكسرُ السحرَ؟ ليسَ الحلُّ في منعِ الكذبِ — فهذا مستحيلٌ — بل في صناعةِ "المُلقِّنِ"- تكريسُ "التعليم النقديِّ" من المدرسةِ إلى الجامعةِ. دعمُ الصحافةِ الاستقصائيةِ كسلطةٍ رابعةٍ حقيقيةٍ. مقاطعةُ رعاةِ الأكاذيبِ اقتصاديًّا وقانونيًّا. إحياءُ الضميرِ الجمعيِّ بأنَّ كشفَ كذبةٍ وطنيةٍ ليسَ "خيانةً" بل دفاعًا عن الوطنِ. فيا أيها الشعبُ -لا تَبيعوا عقولَكم لقاءَ "لايكٍ" أو منصبٍ. فالأكذوبةُ قد تُطعمكم اليومَ، لكنها ستأكلُ أبناءَكم غدًا. واذكروا قولَ الحقِّ -"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ" (الأنفال: 21-22).
|
|