هواوي تكسر الطوق: الحوسبة العنقودية سلاح الصين الجديد في مواجهة العقوبات يونيو 2025
في مشهد تكنولوجي تُحكم فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون السيطرة على صناعة الشرائح المتقدمة، أطلقت شركة "هواوي" الصينية مفاجأة من العيار الثقيل: نظام حوسبة عملاق يعتمد على تقنية "الحوسبة العنقودية"، في خطوة تهدف إلى تقليص الفجوة بينها وبين عمالقة التكنولوجيا الغربيين.
من الضعف إلى القوة: استراتيجية ذكية منذ فرض العقوبات الأمريكية على هواوي عام 2019، حرمت الشركة من الوصول إلى معدات وبرمجيات متقدمة، خاصة تلك التي تُستخدم في تصنيع شرائح الحوسبة الحديثة. لكن بدلاً من التراجع، أعادت هواوي تشكيل استراتيجيتها: إذا لم تستطع صنع شريحة خارقة بمفردها، فلمَ لا تجمع مئات الشرائح المحلية معًا في منظومة واحدة؟ هكذا وُلد نظام "CloudMatrix 384"، الذي يستخدم 384 شريحة من نوع Ascend 910C، طوّرتها هواوي محليًا. عبر ربطها في "عناقيد"، تمكنت الشركة من تعزيز الأداء العام للنظام ليصبح منافسًا فعليًا لبعض الأنظمة الغربية، مثل منصة "إنفيديا GB200 NVL72".
ما هي الحوسبة العنقودية؟ الحوسبة العنقودية ببساطة هي ربط عدد كبير من الحواسيب أو الشرائح معًا لتعمل كجهاز واحد. ورغم أن كل شريحة قد تكون أقل تطورًا من منافسيها، إلا أن العمل الجماعي بينها يعوّض الفارق ويعزز الأداء.
تمامًا كما يمكن لفريق متعاون من عدّائين متوسطين نقل حمولة ثقيلة أسرع من عدّاء خارق يعمل وحده، تعتمد هواوي على الكفاءة الجماعية لتعويض الضعف الفردي.
لماذا يُعد هذا تطورًا خطيرًا؟ وفقاً لهواوي، النظام الجديد يوفر أداءً قويًا وكفاءة طاقة عالية، إذ يقلل من استهلاك الكهرباء بنسبة 40% مقارنة بالأنظمة الغربية المماثلة. كما أنه يعتمد بالكامل على تقنيات محلية، ما يعني تجاوزاً جزئياً للعقوبات التي فرضتها واشنطن.
هذا التقدم لا يُهدد فقط هيمنة الغرب التقنية، بل قد يُشجع دولاً أخرى على تبني نموذج "التحايل الذكي" لتجاوز الحصار التكنولوجي.
تحديات لا تزال قائمة رغم كل هذا الزخم، لا تزال هناك عقبات حقيقية أمام نموذج هواوي:
الاستخدامات الاستهلاكية: الهواتف وأجهزة الحاسوب الشخصية ما تزال بحاجة إلى شرائح قوية ومصغرة، وهي نقطة ضعف واضحة في النموذج الحالي.
الحرارة والطاقة: الحوسبة العنقودية تستهلك طاقة كبيرة وتنتج حرارة عالية، مما يتطلب أنظمة تبريد معقدة ومكلفة.
البرمجيات الغربية: لا تزال بعض أدوات تطوير البرمجيات، مثل MATLAB أو PyTorch، خاضعة للرقابة الأمريكية، وقد تُعرقل عمل النظام الصيني.
ماذا يعني هذا للعالم؟ إن ما قامت به هواوي ليس مجرد إنجاز تقني، بل رسالة سياسية واستراتيجية: العقوبات قد تُبطئ الإبداع، لكنها لا تستطيع إيقافه. وبقدر ما يمثل هذا النظام "حلاً محلياً لأزمة عالمية"، إلا أنه أيضاً بداية لنموذج جديد في التفكير التكنولوجي.
في النهاية، قد لا تكون "الحوسبة العنقودية" بديلاً كاملاً للتصنيع المتقدم، لكنها بالتأكيد فتحت نافذة جديدة في جدار الهيمنة الغربية، وربما تكون مقدمة لتحولات أوسع في موازين القوة التكنولوجية.
* المصدر: تقارير "رويترز"، صحيفة "بيبولز ديلي"، ومراكز أبحاث صينية مستقلة
06-23-2025, 11:00 PM
زهير ابو الزهراء زهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11871
الأثر الاقتصادي المتوقع لتقنية "الحوسبة العنقودية" الصينية خلال السنوات القادمة يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
1. تقليص هيمنة الشركات الغربية على سوق الشرائح إذا استمرت هواوي وشركات صينية أخرى مثل SMIC في تطوير أنظمة عنقودية فعالة، فإنها ستقلل اعتماد الدول النامية (وحتى بعض المتقدمة) على شرائح إنفيديا وإنتل وآبل.
قد يشهد السوق تراجعاً تدريجياً في حصة الشركات الأمريكية من الأسواق الآسيوية والأفريقية واللاتينية، خاصة إذا عُرضت البدائل الصينية بأسعار أقل.
2. خلق سوق تكنولوجي بديل خارج النظام الغربي الحوسبة العنقودية تُشكّل أساساً لبنية تحتية رقمية "موازية"، مما يفتح الباب لظهور "اقتصاد شرائح بديل" تقوده الصين.
دول مثل روسيا، إيران، البرازيل، وبعض دول أفريقيا قد تتبنى هذا النهج، مما يخلق تكتلاً تكنولوجياً جديداً يُحرّر هذه الدول من الرقابة الغربية.
3. تخفيض تكاليف مراكز البيانات في الصين ودول صديقة الأنظمة العنقودية، رغم استهلاكها للطاقة، قد تكون أقل تكلفة من شراء شرائح غربية محظورة أو باهظة الثمن.
هذا قد يعزز نمو شركات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والخدمات الرقمية داخل الصين.
4. نمو الوظائف في قطاع البرمجيات والخوارزميات بما أن الحوسبة العنقودية تعتمد على كفاءة الخوارزميات لتحسين الأداء، سيتطلب الأمر مبرمجين وعلماء بيانات ومهندسين متخصصين في تحسين البرمجيات والأداء.
هذا قد يُسرّع تحوّل الصين من مجرد "مصنع العالم" إلى "مختبر العالم" في مجالات الحوسبة والذكاء الاصطناعي.
5. زيادة الإنفاق الحكومي والبحثي في دول أخرى لتقليد النموذج من المتوقع أن تقوم دول أخرى بتقليد النموذج الصيني لتقليل الفجوة التكنولوجية، مما يزيد من الإنفاق على البحوث والجامعات المحلية.
النتيجة: سباق عالمي نحو تطوير تقنيات "بديلة" تتجاوز قيود التصنيع الفائق الدقة.
6. إعادة توزيع سلاسل الإمداد التكنولوجية بسبب العقوبات، الصين أصبحت أكثر اعتماداً على سلاسل توريد محلية ومحايدة. استمرار هذا النهج قد يُعيد تشكيل التجارة العالمية في قطاع التكنولوجيا.
دول شرق آسيا، أفريقيا، وأمريكا اللاتينية قد تصبح عقداً بديلة في سلاسل الإنتاج بعيداً عن أمريكا وأوروبا.
7. تأثير مباشر على أسواق المال والابتكار من المتوقع أن تزداد استثمارات رأس المال المغامر في شركات الذكاء الاصطناعي الصينية.
بورصة شنغهاي قد تجذب اهتماماً عالمياً أكبر من المستثمرين الراغبين في الدخول إلى قطاع شرائح لا يخضع للغرب.
الخلاصة: إذا نجحت الصين في تعميم نموذج الحوسبة العنقودية، فإن السنوات الخمس القادمة قد تشهد انتقالًا تدريجيًا من "الاحتكار التكنولوجي" الغربي إلى "التعددية التقنية"، مما سيغير قواعد اللعبة الاقتصادية على مستوى العالم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة