من أجل إنقاذ الجوعى- لماذا يجب دعم دعوة الأمم المتحدة لنشر قوات مسلحة لحماية المساعدات في السودان

من أجل إنقاذ الجوعى- لماذا يجب دعم دعوة الأمم المتحدة لنشر قوات مسلحة لحماية المساعدات في السودان


06-16-2025, 04:41 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1750088510&rn=0


Post: #1
Title: من أجل إنقاذ الجوعى- لماذا يجب دعم دعوة الأمم المتحدة لنشر قوات مسلحة لحماية المساعدات في السودان
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 06-16-2025, 04:41 PM

04:41 PM June, 16 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





في ظل استمرار الحرب الطاحنة التي تعصف بالسودان منذ أبريل 2023، يبدو أن الكارثة الإنسانية التي تواجهها البلاد تتجه إلى ما هو أسوأ من المجاعة: التجاهل الكامل لمعاناة المدنيين، وإنكار وجود أزمة غذاء
أصلاً من قبل بعض الفصائل المسلحة، التي ترى الحرب كل شيء، وتعتبر الجوع "دعاية ناعمة" أو "ضريبة جانبية" لا تستحق الالتفات.
لكن الجوع لا يكذب , فالملايين من السودانيين النازحين في دارفور وكردفان والخرطوم والنيل الأزرق، يواجهون شبح المجاعة الحقيقية، لا الافتراضية، كما يراها بعض قادة الميدان الذين يرفضون أي مقاربة إنسانية، ويعتبرون شاحنات الغذاء
أهدافًا مشروعة ضمن خطط عسكرية عقيمة.
الهجوم الأخير على قافلة أممية متجهة إلى مدينة الفاشر – كانت الأولى من نوعها منذ أكثر من عام – أودى بحياة خمسة أشخاص، وأحرق آمال آلاف العائلات في الحصول على وجبة واحدة تسد الرمق. مثل هذا المشهد ليس استثناءً، بل هو
القاعدة الجديدة تحويل الجوع إلى سلاح، واستهداف عمال الإغاثة كأعداء محتملين، وإغلاق الطرق أمام المساعدات كوسيلة للضغط السياسي والعسكري.
لهذا، فإن الدعوة التي أطلقها مايكل فخري، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، ليست "ترفًا أمميًا" أو "مناورة دبلوماسية"، بل ضرورة أنسانية و أخلاقية واستراتيجية.
فالدعوة إلى نشر قوات حفظ سلام مسلحة لمرافقة قوافل الإغاثة إلى مناطق النزاع – وعلى رأسها السودان – هي الخيار الأخير المتبقي لحماية حياة الأبرياء، ولضمان وصول الغذاء إلى الجائعين الذين أصبحوا وسط نيران لا يملكون فيها سلاحًا ولا حماية.

يظن البعض أن مثل هذه الدعوات تهدد "السيادة الوطنية" أو تمثل "تدخلاً خارجيًا مرفوضًا". لكن أي سيادة يمكن الحديث عنها والبلاد تعاني من تفكك مؤسسات الدولة، وانهيار سلاسل الإمداد، وتحوّل الغذاء إلى سلعة تفاوضية بيد من يملك البندقية؟!
بل لعلّ أكبر تهديد للسيادة هو ترك المدنيين تحت رحمة جوع بلا نهاية.

الدعوة إلى قوات حفظ سلام مسلحة ليست استبدالًا لدور القوات المحلية، بل تعزيز له، في وقت ثبت فيه عجز الجميع عن تأمين مرور آمن لشاحنات الغذاء.

إذا كانت القوات المسلحة السودانية مشغولة بخطوط القتال، والدعم السريع منهمك في الحصار والاستيلاء على المدن، فمن الذي سيضمن ألا تُستخدم الطائرات المسيّرة لتفجير شاحنة تحمل العدس والدقيق؟ من سيحرس متطوعي الهلال الأحمر
عندما يوزعون الوجبات على أطفال يعانون سوء التغذية في الجنينة أو نيالا أو أم درمان؟ ومن سيقف في وجه لوردات الحرب الذين يعتبرون الجوع تكتيكًا، لا مأساة؟

على المجتمع الدولي، والدول الأفريقية المجاورة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ألا يكتفوا بالإدانات المكرورة. المطلوب دعم فعلي لدعوة الأمم المتحدة، والتصويت بالأغلبية داخل الجمعية العامة، بعيدًا عن شلل مجلس الأمن وحق النقض
لإنشاء مهمة حفظ سلام محدودة، ذات تفويض واضح: حماية الحياة عبر تأمين الغذاء.

التجارب من رواندا إلى هايتي أثبتت أن الحياد الإنساني لا يكفي، وأن الحماية بالسلاح قد تكون الملاذ الأخير حين تصبح الأخلاق الإنسانية هدفًا للرماية. هذه ليست دعوة للحرب، بل دعوة لحماية الضعفاء في قلب الحرب.

ختامًا، من لا يؤمن بوجود حاجة ماسّة للغذاء في السودان عليه أن يتخلى عن السلاح ليجوع أسبوعًا واحدًا فقط وسط نازحين بلا كهرباء ولا مياه ولا دواء – عندها فقط سيدرك لماذا يصبح الرغيف أثمن من الرصاص.