قصائد روحية للشاعر حسبو عبد الله/ مقيم في السعودية و مسقط رأسه: أم دوم، شرق النيل ، السودان

12:22 PM May, 13 2025

سودانيز اون لاين
wedzayneb-California, USA
مكتبتى
رابط مختصر

( 1 )

الوتر الاخير في قيثارة السلالة
-------------------------------------
تماما كما ينهض الحلم
من قيد ظنونه الاولى
و يفتح في دغل الليل نافذة للضوء
للعتق ...
للقادم من اعماق النبض
لا يعرف الاسوار
لا يعرف القيود
يمضي كأن الدروب له
كأن السماء قد مدت لاجله
و كأن السنين التي احرقته
لا تمتد الا لمشواره المجيد

يقول الغريب
انا السليل الذي لم يباركه كاهن
و ما اذن في سمعه فقيه القبيلة
خرزتني الايام على عجل
و رمتني في الدروب التي لا تعرف القوافل
غريب احمل عبء لوني
و اراود غربتي عن خرافة الانتماء
اكتب و اخفي هويتي عن عسس اللغة
اعيش في دفاتري
كاني اخر الناجين من حريق الحروف
لا افصح عن ملامح تبرر وجهتي
و لا ابحث عن يقين يرضي العسس
و لا عن اضرحة تقايض الصلوات بخبز النجاة

فانا و منذ ان نزفت الارض وجعي الاول
و صاغتني التراب ترنيمة للمنافي
احمل في فمي لحنا موغل في الحنين
ازرع الاهات في قفر المواويل
اشد قيدي كوتر في قيثارة السلالة
و انزف لحنا يربك الناي و يوجع المزامير

علمني اذن ايها الكروموسوم الناشز
يا جذر الطلاسم المشتركة بيني و بيني
علمني كيف امد لغتي على امتداد لوني
دون ان يظن البياض انه وثيقة انتصار
او يظن السواد انه نشيد قومي
علمني كيف اجاهر بعرقي
دون ان اقيم مأتما في حنجرتي
و كيف انقذ ملامحي
من دفاتر اللغة المنحازة
و من سجلات
لا تترك في خانة العرق
سوى خيار واحد
للون واحد
علمني ان اخلع راسي
و انظر اليه كغريب
لا ينتمي الي
و لا يطالبني بالعودة الى الجسد
ثم امضي
و خلفي جسد لا ينتظر رأسا
ورأس تعلم اخيرا
كيف يعيش بلا جسد
..............................
من دفاتر الغريب
حسبو عبدالله - جدة 2025

اذن ,
هانذا استمع لندائك القديم
كانه وقع خطى على تراب مجرة نسيها الخلق
وانا اكمل ما بدأت به
بنبض من شغف لا يشبه توق المجرات للضوء
ولا تشهق فيه الاوردة الا بحمى الظهور

ايها الشيخ الجليل
كانك تسائل الغيب
دون ان تفصح
تمشي على حافة جرف قديم
اسمع وشوشاته في محارة منسية
تتهجى قرع الصوت في الحلق المغلق
ثم تلملم صمتها و تترقب
كانها تستنهض التكوين من ذلك السكون

ايها الشيخ
ايها المتكئ على عمر من الحكمة
قل لي، هل رايت في الاعالي
ذلك الطائر الذي يحوم دون جناحين؟
لا يسقط
لا يحلق
فقط يقيم في العلو
كما يقيم الجذر في صخر عتيق
اخبرني اذن
هل يظل الطائر مقيما في قلب العاصفة
دون ان ينكسر؟

يا شيخي الجليل
كل ما حولنا
ينفرط من شدة الثقل
الثقل الذي لا تراه الموازين
بل تعرفه اكتاف الذين لا يصرخون
حدثني اذن
عن جرارنا التي تكسرت قبل ان تلامس النبع
وعن الاصابع التي تعبت من العد
فراحت تخبئ الارقام بين عظامها؟

يا ايها المجبول على فقه اليقين
انا هنا، لا انتظر انقشاعا
ولا افترش الظن كمهبط للاجوبة
انا فقط اتنفس الكلمات التي لا تستانس
انفخها كالزفرة في المدى
وانتظر ان يصير لي جسد من صمت
او من ما نسيت ان تقول يا شيخي الجليل...
-----------------------
حسبو عبدالله - جدة

كانوا يقولون
لا يعود من يعبر النار
و لا يولد النور من رماد المدن المنطفئة
لكننا عدنا
وما زالت الارض تعرف اسماءنا
والنهر لم ينس كفوفنا العطشى
عدنا
وكل جدار يهمس بحكايتنا
وكل ظل يعرف رسمنا
عدنا
وعادت البيوت تقص علينا
ما نسيناه في الغياب
عدنا الى الديار
وعادت العيون المهاجرة
تبحث في البيوت عن وجه مألوف
عن ظل تركناه خلف الابواب
عادت النوافذ تتنفس اوجاعها
تفتح احضانها للذكرى
وتكسر صمتها في حضرة العائدين

جئناك يا وطنا
لازال يحفظ اصوات امواتنا
و هدهدات امهاتنا
يا ترابا يحتضن صرخاتنا الاولى
جئناك
و نحن نحمل من بقايا الرماد
وهج الخطوات المتقدة
نمسح عن ذاكرتنا غبار المنافي
و نزرع ارضك بما تبقى من احلامنا
----------------------------------
الف حمد الله على السلامة
حسبو عبد الله

هذا هو تعليقي عبر وسيط الفيسبوك على القصيدة أعلاه للصديق، و ابن مسقط رأسي: أم دوم،
الصديق، الأستاذ: Hasabo Abdullah, و رده علي:


بليغة، مؤثرة [ محركة و شاحذة للذهن الراكد ]، و تناقش موضوعا فلسفيا ذاتيا تختلف حوله الرؤى و يمتد تأثيره من الخاص للعام الإجتماعي و السياسي، و أعذرني إن قلت أنها نفثات وجدانية عميقة و صادقة لنفس مثالية حيرى تنشد يقينا روحيا يمكن بلوغه و جني ثماره بالإيمان المتماهي مع الفطرة الأولى السليمة التي يتحلى بها المتصوفة و تنعكس في الهالة الروحية غير المرئية بالعين المجردة التي تنبعث من ذواتهم ، تتشبع بها أجسادهم و تلتف حولها و يحسها كل من يلتقيهم و يحتك بهم ، فتؤثر فيهم بشكل إبجابي و تمنحهم شفافية روحية و حضورا إدراكيا يحتاجونه، يرتقي و يسمو بهم لحين من الزمن. و لا يمكن، في تقديري، للتعبير اللغوي المرتبط بالعقل و أحيانا كثيرة بالخطرات النفسية أن يصل بك لتلك الآفاق الروحية الربانية السامية، لأن شحنات الطاقة الروحية الربانية لا و لن يوجد مقابلا لغويا صادقا يعبر عنها.
Tariq Ahmed Alfazari

أدناه هو رد الأستاذ الشاعر Hasabo Abdullah البلاغ على مداخلات الفيسبوكية:

نعم ... هو انبثاق وجداني يلامس تخوم الروح , هو حديث كل نفس الى ذاتها التي لم تعد تأنس بحجج العقل وحده , تلك النفس التي تسعى صوب الحضور الكلي ، صوب الحقيقة التي لا تقاس بالمنطق و لا تحتجز في المعاني , النفس التي لم تعد ترضى بأنصاف اليقين . إنه وعي مشبع بحنين المتصوف، حيث يتجلى الإيمان كليا في التماهي مع الفطرة الأولى، حيث لا وسائط و لا زخارف فالروح، في لحظات تجليها تتجاوز الحروف التي ولدت من ضيق المدركات الى مدى ابعد بكثير من ان تصله اي لغة او تعبير
من هنا تنبع دعوى هذا القول بأن اللقاء الروحي هو طاقة غير مرئية، فيض يلف الجسد ويمتد من الذات إلى الآخر. إنه حضور يتسلل إلى الآخر دون استئذان، يمنحه صفاء مقدسا و شفافية تُستدعى من عمق الروح حين تلامس ذاتها الصافية .
الف شكر استاذي الحبيب طارق فزاري على بديع تحليلك و حسن تعبيرك ...مودتي