في تتويج جديد للأدب المصري، حصد الروائي محمد سمير ندا الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في دورتها الثامنة عشرة عن روايته "صلاة القلق"، الصادرة عن منشورات مسكيلياني. الرواية التي حملت سؤالاً وجودياً بامتياز حول اختطاف الوعي الجماعي، خطّت طريقها إلى قلوب لجنة التحكيم والقُرّاء على حدٍّ سواء، لتفوز بالجائزة الكبرى البالغة 50 ألف دولار، في حفل أقيم في العاصمة الإماراتية أبوظبي عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
رواية الزمن الموازي والوعي المُختطَف في كلمته المُسجّلة التي سبقت إعلان النتيجة، قدّم ندا مفتاحاً تأويلياً لفهم روايته حين قال:
"صلاة القلق هي روايتي الثالثة، تتحدث عن فكرة اختطاف العقول، وتشكيل الوعي الجمعي لمجموعة من البشر بطريقة مغايرة للتاريخ... كأن الزمن الحقيقي قد سُرق منهم، فعاشوا في زمن مواز. هل كان ذلك لمصلحتهم أم ضدها؟ هذا ما تكشف عنه الرواية وشخصياتها."
بهذا الطرح، يبحر الكاتب في ملامسة فكرة الزمن المُشوَّه والتاريخ المُفبرك الذي يُصنع لأفرادٍ وجماعات دون وعيهم، في سردٍ يُقارب الخيال العلمي، ويتقاطع مع الأسئلة السياسية والوجودية الكبرى حول الهوية والذاكرة والواقع.
لجنة التحكيم: "رواية توقظك من سباتك" رئيسة لجنة التحكيم، الأكاديمية والمترجمة المصرية منى بيكر، وصفت الرواية بأنها
"توقظ القارئ على أسئلة وجودية مُلحة، وتُقدّم تجربة حسية آسرة، تمزج بين تعدد الأصوات والسرد الرمزي، بلغة شعرية تجعل من البوح والصمت، ومن الحقيقة والوهم، أطرافاً لحوار سردي عميق".
وما يُميز الرواية، بحسب بيكر، أنها تتجاوز حدود الجغرافيا لتلامس الهمّ الإنساني المشترك، وقد اختارها أعضاء اللجنة بالإجماع، في سابقة لا تتكرر كثيراً.
من بين 124 رواية.. "صلاة القلق" تهمس وتتفوق الرواية الفائزة جاءت ضمن منافسة شرسة ضمّت 124 رواية من 20 دولة عربية. واختيرت ضمن القائمة القصيرة التي ضمّت ست روايات في فبراير الماضي، نالت كل منها 10 آلاف دولار.
فوز "صلاة القلق" يعيد التأكيد على قوّة الحضور المصري في ساحة السرد العربي، ويمنح صوتاً جديداً، مشحوناً بالأسئلة، فرصةً أوسع للقراءة والتحليل والجدل.
محمد سمير ندا.. كاتب القلق المعرفي "صلاة القلق" ليست الرواية الأولى لمحمد سمير ندا، لكنها الأبرز. من خلالها، يكرّس الكاتب أسلوبه الذي يجمع بين الرمزية واللغة الشعرية والبناء المفاهيمي المعقد. ندا، بقلقه الوجودي ورصده لآليات تشويه الوعي، يضع نفسه في صف كُتاب كبار تجرأوا على طرح المسكوت عنه بأساليب فنية مبتكرة.
"صلاة القلق" هي أكثر من مجرد نص أدبي؛ إنها نص يقترح إعادة النظر في التاريخ، في الحاضر، وفي ما نعتقد أنه الحقيقة. فهل نعيش ما نختاره؟ أم أننا نعيش ما اختاره لنا الآخرون دون أن ندري؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي تتركه الرواية معلقاً في وجدان القارئ.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة