Post: #1
Title: الجهل والممارسات العنصرية في السودان- كيزان السودان الي الفناء#
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 04-20-2025, 02:39 PM
02:39 PM April, 20 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
في خضم الأزمات المتعاقبة التي تمر بها بلادنا، ارتسم خطاب مسموم ينبع من حواضن الجهل ويعتمد على ثنائيات مضللة تستند إلى العُنصرية والدين المُسوَّس سياسياً. بدلاً من التفرغ لمعالجة مطالب الناس الحقيقية كالحدّ من الفقر والتخلص من دائرة التهميش واستعادة الخدمات العامة، ينحرف النقاش إلى مهاترات شخصية ومناقشات أيديولوجية عقيمة. والأشد خطورةً أن بعض الجماعات، على رأسها تيار “الكيزان” (حزب المؤتمر الوطني السابق)، تزعم أنها المرجعية الدينية الأعلم والمنقذة، فيما سجّل سجلّها صفحات سوداء من الفساد والقمع وتفكيك مؤسسات الدولة.
لقد بات الدين عند فئة من الفاسدين مجرد وسيلة لتغطية جرائمهم الاقتصادية والسياسية، إذ يستندون في خطابهم إلى القداسة الزائفة، فيقدمون أنفسهم وكأنهم حماة القيم الإسلامية، فيما يمارسون أبشع صور الاستبداد وعمليات النهب. وتحول شعار “التمكين” إلى ستارة تخفي وراءها مصادرة خيرات البلاد وتحويلها إلى جيوب المستبدين، فيما يُروّجون لمفاهيم غريبة مثل “القدرية السياسية” التي تقرّ بأن حكمهم قضاء لا مراجع له، لتُغلق بذلك كل أبواب المحاسبة. وعوضاً عن التفرغ لحل هموم المواطنين اليومية، يُختزل النقاش في معارك وهمية حول الهوية والولاء للدين، فتُهدر طاقات الأمة وتضيع فرص الإصلاح.
كما اعتمد خطاب الكيزان على سياسات تفتيت النسيج الاجتماعي، فباسم “أهل الدين” و”حماة القيم” يبررون التمييز ضد مكونات سودانية أصيلة في مناطق مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق. فقد جرى تصنيف بعض القُبائل والمجموعات على أنهم “أقل تديناً” أو “أقل انتماءً”، مُعادين بذلك الخطاب الاستعماري الذي فرق السودانيين من أجل السيطرة. وتحول الدين إلى سلاح لاستبعاد الآخر بدعوى الاختلاف المذهبي أو العرقي، فلم يعد يجمعنا كما ينبغي أن يكون، بل أصبح ضامنًا لانقسامنا.
عندما يعجز الفاسدون عن تقديم حلول لأزمات الاقتصاد والأمن، يلجأون إلى أساليب مفضوحة؛ إذ يُحوّلون كل نقدٍ إلى حملة شخصية، ويشيرون إلى كل معارض بوصفه “عميلًا” أو “مأجورًا”، فيُقتل أي نقاش عقلاني. وينشغلون بقضايا هامشية كالملبس والغناء بدل مساءلة ممارسات النهب والفساد، فتنتشر سفاهة القطيع ويبقى الشعب حبيس الخطب الجوفاء.
ولا يمكن فهم تدهور الدولة السودانية بمعزل عن السياسات التي وضعها الكيزان لترسيخ الفساد؛ فقد حولوا الإدارات العامة إلى مراقد للزبائنية والولاءات الحزبية، ونهبوا المال العام عبر مشاريع وهمية وصفقات خارج رقابة القانون، وقمعوا الحريات مستخدمين القوة لتكميم أفواه الناقدين تحت دعاوى دينية زائفة.
لا طريق أمام السودان إلا بمواجهة هذا المستنقع المظلم عبر محاسبة بلا هوادة لكل من استغل الدين ذريعة للنهب والقمع، وإعادة بناء الدولة على ركائز المواطنة الحقة لا الولاءات العرقية أو الحزبية. ويتطلب ذلك تحصين الوعي الشعبي بكشف زيف الخطاب الديني المُسيّس وتشجيع النقد الموضوعي، مع تركيز الجهود على هموم الناس الحقيقية في التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية. فالفساد لا ديانة له، وأخطر من يسرقون قوت المواطن باسم الدين هم أولئك الذين ينهبون مستقبل السودان ويهدرون آمال أجياله.
|
|