يا درة النيل يا حاضنة المسيد العتيق - [ ] سلام - [ ] أتذكرين ياحاضنة المسيد العتيق، ذلك اليوم قبل خمسة قرون ونصف ( فى١٤٨٠/ ١٤٨٥ م ) يوم نادى القضاء كوني يا بنت النيل منارة العهد الرشيد ، كوني رمز التحول إلى الدين الجديد. - [ ] وهرع بنوك من مزارعهم، من مساكنهم، من بت قدوم وهليس وبت كنانة وغيرها إلى وسطك، وتشوفوا أعلاه، وشيدوا المسيد الوليد.وكل شي إليه ينسب ؛ درب المسيد ،وبير المسيد ، وخلوة المسيد ، وحولك تحلقوا وأحاطوا بك كالسوار بالمعصم، ذابين عن حياضك أيها المولود الجديد. والفتن تترى، والحوادث جمة، تزحم الفضاء القريب والبعيد. - [ ] أتذكرين يا درة النيل، يا حاضنة المسيد الوحيد، كيف كانت الآيات فيك تكتب فى ألواح، وتمحى وتكتب، والآيات فى الجنان تنقش. والقرآن يقرأ ويجود،والعلم يدرس ،والناس تتوافد وتتدافع. وصرت أيها التليد نجما فى دنياهم يتلألأ، وقمرا فى الليل الحلوك يلمع، وشمسا بالدين الجديد تسطع. - [ ] أتذكرين كيف تخرج من رحمه مشايخ ملأوا الآفاق وشرقوا وغربوا، ومنهم من شيد له مسيدا، ومنهم من عاد إلى دياره البعيدة وجراب علمه مترع . لا تتعجبوا إنه المسيد التليد، إنه رمز ذلك التحول، وظل له ينشر. - [ ] أذكري يا درة النيل، وحاضنة المسيد العتيق، أنه ما فاح عبق العلم والعبادة وملأ الطريق إلا لازمه نشر طيب العمل السديد، وفيه الصغير والكبير، ومجمع عليه، ومطبوع عليه "صنع فى المسيد ". ما الغريب؟ ومولد كل منهم ثمرة زواج عقد فريد ، والناس ملتفة متحلقة حوله ومتزاحمة والكل شهود ، وفى سفره الأبدي حتما إليه يعود، ويصلى عليه، وتختم شهادة الخروج ثم يوسّد قبره والناس كلهم حضور. يا درة النيل، وحاضنة المسيد التليد، قولي لهم إنه بوتقة صهرت فيها القلوب، و ذابت جلاجل النفوس ، ووحدت الجسوم ، وتلاقحت العقول . يأتون إليك اشتاتا ويغدون واحدا، وذهبت معهم قواعد الحساب ولن تعود. الآن يتبين سر خصيصتين لهذا المسيد الفريد العجيب ، فهو مهيأ مجحفل لكل أمر فإذا العسير يسير .والحلقات مشدودة أنواعا ؛ هذه للقرآن يتلى، وتلك فيها يدرس، وفى أخرى يجود. وهناك جماعة للمقابر تحضر ، وغيرها للميت تجهز . وبين هذه وتلك حلقات للعلم تعقد وأخرى لقضايا اجتماعية أو أسرية تنظر وتسوى، ولا أحد يشهر. وفجأة يرفع الآذن، وبعده الناس ركع سجد. ثم بالدعاء تجهر. وهناك تسبيح خفى يكمل ويعلن ، ويرتفع صوت ينادي : "العدد". وهو بعد الله لك يا درة النيل يحفظ. يا درة النيل، لقد قام بناء المسيد فى ربوة عالية شامخا، وعلى الناس يشرف، وفى شتى الدهور من محاسن أحسن المحاسن يجدد ويحبر. وخلاوي التبتل فيه تقدر . والناس فيه شركاء .وأمرهم فيه سواء ، مزينا هاماتهم بوحدتهم ينطق وإن تعددت الجوامع فهو المسيد الأوحد. لا تعجبي أن يستهدفه الصائل الظالم القاتل الظان أنه مهيمن.وتصدى له صناديد لا تقهر، منهم الأسير، ومنهم الجريح ودمه ضرج مكان سجوده ويدعو الجبار المنتقم .ثم توالت أسراب الشهداء وهى تجأر إلى الله بالدعاء وتتم ذاك التسبيح المبطن ، فكانت معركة القصر ، وانت الخاتم يادرة النيل، حاضنة المسيد العتيق.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة