من شدّة يأسي ضحكت!

من شدّة يأسي ضحكت!


03-14-2025, 05:14 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1741925668&rn=0


Post: #1
Title: من شدّة يأسي ضحكت!
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 03-14-2025, 05:14 AM

05:14 AM March, 14 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر






ضحكتُ كما يضحك رجلٌ يدرك أن حياته ليست سوى مزحةٍ ثقيلةٍ ألقاها القدر على وجه الدنيا، لكن لم يصفّق أحدٌ لموهبتي الفذّة في التهريج. لا هي، لا أهلي، لا الأصدقاء، لا حتى القط الشارد الذي يتسكع معي كل ليلةٍ على رصيف العدم. إنهم لا يدركون أن الفشل فنٌ راقٍ، وأن التخبط مدرسةٌ قائمة بذاتها، وأن تكون عبقريًا في العبث يعني أنك انتصرت على قوانين الحياة السخيفة!
من أنا؟ لا أحد يعرف. حتى أنا نفسي في غيبوبةٍ أبديةٍ أبحث عن إجابةٍ مرضية. إنّه سلوك المثقف المنكسر، ذاك الذي يغطس في مجلدات الفلسفة لكنه يطفو في النهاية كفلّينٍ مبللٍ بالخيبة. أرادوا أن يعطوني شيئًا، لكني فقط بحاجة إلى وظيفة، إلى بيت، إلى سقفٍ يقي روحي من البلل، أو على الأقل، إلى بعض الحلوى! لا، لا أعاني مرضًا يحرمُني السكر، لكنّي أعاني بشدةٍ من أناسٍ يحرمونني كل شيءٍ آخر.
وفي النهاية، لم أحصل على شيءٍ سوى لقبٍ جديدٍ في قاموس الشتائم: قالوا عني سكيرٌ، فاسدٌ قديم، مهرّجٌ لا مثيل له في هذه الأرض! آه، لو كانوا يدركون أنني لست سوى فنانٍ موهوبٍ في تمثيل دوري البائس بحرفيةٍ عاليةٍ واحترافٍ مذهل.
ليكن كل ما يحيي ولا يميت!
لا نسمح لأحدٍ أن يعيدنا إلى الخلف، وإن كنّا في خلف الخلف، حتى وإن تحولنا إلى حاشيةٍ في كتاب التاريخ المنسي. هؤلاء الشهداء الذين ضحّوا بحياتهم هم معبرُنا، الشهداء الذين خرجوا في شوارعٍ لا تعرف غير القهر بحثًا عن شيءٍ يشبه الكرامة، سورية التي لا يملكها إلا السودانيون!
وأنا؟ لا أملكُ إلا أن أراهن على نقائكم، على شغفكم بالجمال السوداني الذي لم يمت رغم كل التشويه الذي أُلحق به، على هذا الجمال المفتوح على مصراعيه لبناء دولةٍ جديدةٍ في وفاءٍ تامٍ له. ولكن، أي دولةٍ يا هؤلاء؟ لا أحد! الدولة فكرةٌ مجرّدةٌ بالنسبة لنا، حلمٌ بعيد المنال، سرابٌ نسيرُ إليه بكامل وعينا. أما هؤلاء الأعراب؟ إنهم يعرفون كيف يحققون أمجادهم، ونحن؟ نحن أبناء أصولٍ مغمورة، ظلالٌ في هامش التاريخ، لا قيمة لنا هنا، اضطهادٌ، قمعٌ، تنكيلٌ، وحتى أنا – المثقف وأستاذ الجامعة – لم أسلم. الراقي منهم يناديني بـ "ود الخواجية"، والمنحطّ يقول لي في وجهي "ود العزباء"!
لذلك، لم يتبقَّ لنا سوى خيارين: إمّا أن نؤسس دولتنا، أو أن نغادر هذه الأرض، لنتركها لهم، ليحتفلوا بغيابنا، ليمارسوا وجودهم في فراغنا، ليثبتوا أنهم لم يكونوا بحاجةٍ لنا منذ البداية!
والآن؟
أضحك... أضحك
لأنني عشتُ منذ طفولتي وحتى عامي الخمسين في هذا البغض المستمر، تحت كل ما يمكن أن يسحق الإنسان. حتى البكاء هنا لا يشفي، حتى الندم لا يجدي، وحتى اللعنة التي حلّت بي لن تنتهي... إلا بمغادرتي هذه الدنيا.


يا لِحُزني وحُزنِ أيّامي
قد رَماني الدّهرُ بأسقامي

ساخِرًا أَضحكُ اضطرارًا، فلا
يَرحَمُ الناسُ دمعَ آلامي

كلُّ شيءٍ أضاعَني هائمًا
في مَدى التيهِ دونَ إلمامِ

أينَ بيتٌ يُعيدُ لي وَجْهَتي؟
أينَ زادٌ يُداوي أَوهامي؟

أينَ مِن كانَ يُدركُ الوَجعَ الــ
ـــمزمنَ الدّافقَ بإجرامِ؟

سُخرَتي قد غَدَتْ لَعَنتي، فمَضى
كُلُّ مَن عابَني وأدْماَمي

أيُّ معنى لِعيشتي في الدُّنا
إن أَنا مِتُّ تحتَ إبهامِي؟

ضاحكًا رُغمَ أنَّني في الأسَـــ
ـــــى غَارقٌ بَينَ أَلفِ أيتامِ

ليسَ لي غيرَ أن أُسائلَني
إن مَضيتُ، فَمن يُعيدُ كَلامي؟







Post: #2
Title: Re: من شدّة يأسي ضحكت!
Author: عزالدين عباس الفحل
Date: 03-14-2025, 05:39 AM
Parent: #1


سلااااااااااام ابو الزهور
ي خي انت وقت كنت معي في الامارات ،
كان عمرك 70
والحين 50
ضحكت حتي النواجذ,
,,,,,,,,,,,



Quote:


ضحك... أضحكلأنني عشتُ منذ طفولتي وحتى عامي الخمسين في هذا البغض المستمر،








عزالدين عباس الفحل
ابوظبي


Post: #3
Title: Re: من شدّة يأسي ضحكت!
Author: Biraima M Adam
Date: 03-14-2025, 09:59 AM
Parent: #2

أبو الزوز

Quote: الراقي منهم يناديني بـ "ود الخواجية"، والمنحطّ يقول لي في وجهي "ود العزباء"!
شكراً لمؤساتي في محنتي، ود العزباء .. يقومونى ويقعدونى بها صباح مساء. ما أعجبنى في كلامك أن الذي يقولها هو المنحط!

بريمة