Post: #1
Title: إشكالية التأسيس والشرعنة في السودان: لمن تُقرع الأجراس؟
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 03-08-2025, 01:17 AM
00:17 AM March, 07 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
منذ استقلال السودان عام 1956، ظلت مسألة الشرعية السياسية تمثل معضلة رئيسية في بناء الدولة السودانية. فقد تنقلت البلاد بين أنظمة عسكرية ومدنية، دون أن تتمكن من ترسيخ عقد اجتماعي جامع يضمن استقرار الحكم واستمرارية المؤسسات. واليوم، في ظل النزاعات السياسية والعسكرية المتواصلة، يعود السؤال مجددًا: لمن تُقرع الأجراس في الفضاء السياسي السوداني؟
التأسيس: أزمة لم تُحسم
لم تعرف الدولة السودانية منذ استقلالها استقرارًا طويل الأمد، إذ ظلّت في حالة بحث دائم عن صيغة للحكم توازن بين التعددية السياسية، والتنمية، والاستقرار. كانت هناك محاولات لتأسيس ديمقراطية برلمانية كما في فترتي 1956-1958 و1964-1969، لكنها سرعان ما انهارت تحت وطأة الانقلابات العسكرية والصراعات الداخلية. وحتى الفترات العسكرية، مثل حكومات عبود، نميري، والبشير، لم تستطع تأمين شرعيتها إلا عبر آليات القمع، مما أدى إلى تراكم الغضب الشعبي وانفجار الانتفاضات.
الشرعنة: بين القوة والتوافق
في الفضاء السياسي السوداني، لطالما تداخلت مفاهيم الشرعية بين القبول الشعبي، وشرعية الأمر الواقع التي تفرضها القوة العسكرية، وشرعية المؤسسات القانونية التي تعاني من التلاعب السياسي. بعد ثورة ديسمبر 2018، برزت الحاجة إلى إعادة تأسيس الدولة على أسس مدنية ديمقراطية، لكن الخلافات بين المكونات العسكرية والمدنية، إضافةً إلى التدخلات الخارجية، جعلت الشرعية مسألة خلافية ومحل صراع مستمر.
لمن تُقرع الأجراس؟
في ظل الحرب الحالية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تبرز أسئلة جوهرية حول من يمتلك شرعية الحكم؟ وإلى أي مدى يمكن للقوى السياسية والمدنية إعادة بناء نظام ديمقراطي جديد في ظل هيمنة السلاح؟ وهل يمكن للسودان الخروج من هذه الأزمة بدون حوار وطني حقيقي؟
الحل لا يكمن في الانتصار العسكري لأحد الأطراف، بل في إعادة التفكير في مفهوم الشرعية السياسية بشكل يعكس إرادة الشعب السوداني، بعيدًا عن منطق الغلبة. فالأسئلة التي تُطرح اليوم ليست مجرد جدل نظري، بل قضايا مصيرية ستحدد مستقبل السودان لعقود قادمة.
نحو أي مستقبل؟
ما يحتاجه السودان ليس مجرد انتقال سياسي آخر، بل تأسيس جديد قائم على التوافق الوطني، والمواطنة، واحترام التنوع. ولتحقيق ذلك، لا بد من:
إيقاف النزاع العسكري وفتح المجال لحوار شامل بين كافة الأطراف.
إصلاح المؤسسات السياسية والقانونية بما يضمن استقلالها.
إعادة بناء الاقتصاد السوداني لضمان تنمية مستدامة.
تعزيز الثقافة الديمقراطية ورفض العودة إلى حكم العسكر أو التحالفات الانتهازية.
في النهاية، يُقرع جرس الإنذار للسودانيين كافة: لا يمكن بناء دولة مستقرة دون توافق وطني حقيقي، ولا يمكن تحقيق الاستقرار بدون شرعية مستمدة من إرادة الشعب. فإما أن يُعاد تأسيس السودان على أسس جديدة، أو أن تستمر الأزمة في استنزاف مستقبل الأجيال القادمة.
|
|