يواجه السودان اليوم واحدة من أخطر الأزمات السياسية في تاريخه الحديث، حيث يتصاعد الحديث عن التقسيم كأحد السيناريوهات المحتملة للصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. في ظل الحرب المستمرة، والانقسامات العرقية والجهوية، والأوضاع الإنسانية الكارثية، أصبح السؤال حول مستقبل وحدة السودان مطروحًا بقوة، بين من يرى أن التقسيم أمر واقع لا يمكن تجنبه، ومن يراه خطرًا يهدد بإنهاء وجود الدولة السودانية كما نعرفها.
. جذور قضية التقسيم في السودان الإرث الاستعماري والتقسيم الإداري: منذ الحكم البريطاني، كان السودان مقسمًا إداريًا بين الشمال والجنوب، حيث وُضع الجنوب تحت نظام إداري منفصل، مما رسّخ الانقسامات الجغرافية والثقافية. الحروب الأهلية والانقسامات السياسية: النزاعات المسلحة، خاصة في دارفور، جبال النوبة، والنيل الأزرق، أفرزت كيانات شبه مستقلة تعيش على هامش الدولة المركزية في الخرطوم. انفصال جنوب السودان (2011): شكّل انفصال الجنوب سابقة تاريخية، حيث أصبح التقسيم خيارًا مقبولًا في الخطاب السياسي، بعدما كان يُعتبر خطًا أحمر. هل التقسيم خيار محتمل اليوم؟ العوامل التي تدعم التقسيم: الحرب المستمرة: استمرار القتال بين الجيش والدعم السريع يخلق مناطق نفوذ متباينة، حيث تسيطر القوات المسلحة على الشمال والشرق، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من الغرب والوسط. الأبعاد العرقية والجهوية: يبرز خطاب الهويات الإقليمية بشكل متزايد، حيث باتت بعض المناطق مثل دارفور وكردفان ترى نفسها أقرب إلى الاستقلال الذاتي بسبب التهميش المستمر. الدعم الخارجي والتدخلات الإقليمية: بعض القوى الدولية قد ترى في تقسيم السودان فرصة لضمان مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، خاصة في ظل التنافس على الموارد الطبيعية. العوامل التي تعيق التقسيم: غياب التوافق الوطني: حتى القوى المسلحة غير متفقة على نموذج محدد للتقسيم، مما قد يؤدي إلى حروب داخلية جديدة بدلًا من حلول نهائية. المخاطر الاقتصادية: تقسيم السودان سيؤدي إلى إضعاف الدولة اقتصاديًا، حيث أن معظم الموارد (الزراعة، المعادن، النفط) موزعة بين المناطق المختلفة، مما سيجعل أي دولة جديدة غير قادرة على الاستمرار بمفردها. التجربة الفاشلة لانفصال الجنوب: بعد أكثر من عقد على استقلال جنوب السودان، ما زالت الدولة غارقة في الصراعات الداخلية والأزمات الاقتصادية، مما يجعل التقسيم خيارًا محفوفًا بالمخاطر. السيناريوهات المحتملة لمستقبل السودان التقسيم الفعلي إلى دولتين أو أكثر: حيث تتحول مناطق النفوذ العسكري الحالية إلى حدود سياسية دائمة، مما قد يؤدي إلى ظهور كيانات جديدة مثل دولة في دارفور وكردفان، ودولة في وسط وشمال السودان. الفيدرالية كحل وسط: اعتماد نظام حكم فيدرالي واسع الصلاحيات، بحيث تحصل الأقاليم على حكم ذاتي دون الانفصال الكامل. إعادة بناء الدولة على أسس جديدة: وهو السيناريو الأكثر صعوبة، حيث يتطلب وقف الحرب، وإطلاق عملية سياسية شاملة، وتوافقًا وطنيًا بين القوى السياسية والاجتماعية.
هل السودان على طريق التفكك؟ التقسيم ليس مجرد نظرية سياسية، بل هو خطر حقيقي يلوح في الأفق إذا لم يتم احتواء الأزمة الحالية. استمرار الحرب، وغياب الإرادة السياسية للحل، والتدخلات الخارجية، قد تجعل السودان دولة ممزقة، كما حدث في دول أخرى مثل الصومال ويوغوسلافيا. لكن، في المقابل، لا يزال هناك أمل في تجنب هذا المصير إذا توفرت إرادة وطنية حقيقية، وتم التوصل إلى حلول سياسية عادلة تعالج جذور الأزمة بدلًا من ترحيلها نحو تفكك محتوم. السؤال الأهم الآن: هل يتعلم السودان من دروس الماضي، أم يكرر نفس الأخطاء التي قادته إلى هذا المنعطف الخطير؟
02-27-2025, 04:05 AM
Nasr Nasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11355
تقسيم السودان خطة إسرائيلية قديمة ومصرح بها في كل المحافل والآن تسير بقوة وأي كان من يقيف وراءها علينا نحن السودانيون في كل بقاع الأرض أن تقف ضد التقسيم بكل القوة الممكنة التقسيم ضياع وطن غال ونحبه فلنصحو حتي لا نعض بنان الندم حين نصير لاجئين في دول الآخرين
02-27-2025, 05:31 AM
محمد بدرالدين محمد بدرالدين
تاريخ التسجيل: 01-15-2018
مجموع المشاركات: 2753
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة