اتفاق القاعدة الروسية في السودان: تفريط في الحياد وهزيمة للتحالفات الإقليمية

اتفاق القاعدة الروسية في السودان: تفريط في الحياد وهزيمة للتحالفات الإقليمية


02-13-2025, 11:34 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1739486064&rn=0


Post: #1
Title: اتفاق القاعدة الروسية في السودان: تفريط في الحياد وهزيمة للتحالفات الإقليمية
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 02-13-2025, 11:34 PM

10:34 PM February, 13 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



ا


يعد إعلان السودان وروسيا التوصل إلى تفاهم بشأن إقامة قاعدة بحرية روسية في بورتسودان تطورًا استراتيجيًا يهدد سياسة الحياد الإيجابي التي تبناها السودان منذ استقلاله. هذا الاتفاق يمثل تحوّلًا جذريًا في التموضع الجيوسياسي للبلاد، إذ يقحمها بشكل مباشر في الصراعات الدولية، ويفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الخارجية التي قد تضر بالاستقرار الداخلي والإقليمي.

خطر على سياسة الحياد الإيجابي
لطالما اتبع السودان نهجًا دبلوماسيًا متزنًا، يسعى من خلاله إلى تحقيق مصالحه الوطنية دون الانخراط في تحالفات عسكرية كبرى قد تؤثر على علاقاته مع مختلف القوى الإقليمية والدولية. لكن الموافقة على إنشاء قاعدة بحرية روسية تمثل خروجًا عن هذا النهج، مما قد يؤدي إلى عزلة السودان عن بعض شركائه التقليديين.

إن انحياز السودان إلى طرف في التنافس الدولي المتصاعد بين روسيا والغرب سيجعل البلاد هدفًا للمناورات الدبلوماسية والاقتصادية، وربما العقوبات أو الضغوط من قوى كبرى لا ترى في هذا الاتفاق سوى تهديد لمصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر.

تهديد للتحالفات الإقليمية
لا يمكن النظر إلى هذا الاتفاق بمعزل عن التوازنات الجيوسياسية في الإقليم، حيث تخوض دول عديدة سباقًا لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر والقرن الإفريقي. فبعض القوى الإقليمية، مثل دول الخليج ومصر، قد ترى في الوجود الروسي تهديدًا لاستقرار المنطقة، لا سيما أن البحر الأحمر يُعتبر شريانًا اقتصاديًا واستراتيجيًا حيويًا.

إن دخول روسيا إلى هذه المنطقة عبر السودان لا يخدم مصالح الخرطوم فحسب، بل قد يعرّضها لضغوط دبلوماسية وسياسية من الدول التي تعارض توغل موسكو في القارة الإفريقية. وقد يؤدي ذلك إلى إضعاف التحالفات الإقليمية التي سعى السودان لتطويرها خلال العقود الماضية، مما قد يؤثر على أمنه واستقراره الداخلي.

خرق لالتزامات السودان الإقليمية
السودان عضو في عدة منظمات إقليمية، مثل الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وكلاهما لديه مواقف واضحة من التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء. مثل هذه الاتفاقيات العسكرية قد تتعارض مع المبادئ التي تقوم عليها هذه المنظمات، مما يضع السودان في موقف حرج قد يجعله عرضة لانتقادات أو حتى إجراءات عقابية.

جلب صراعات دولية إلى القارة الإفريقية
إن إقامة قاعدة روسية في بورتسودان ليس مجرد اتفاق ثنائي، بل هو جزء من صراع جيوسياسي أوسع بين روسيا والغرب، حيث تسعى موسكو لتعزيز وجودها العسكري في إفريقيا لمواجهة النفوذ الأمريكي والأوروبي. لكن السودان، الذي يعاني أصلًا من أزمات داخلية وحرب أهلية، قد يجد نفسه في قلب هذا الصراع الدولي، مما يزيد من تعقيد أوضاعه الداخلية ويفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الأجنبية في شؤونه.


بناء قاعدة بحرية روسية في السودان ليس مجرد اتفاق عسكري، بل هو قرار استراتيجي يحمل أبعادًا سياسية وأمنية خطيرة. فهو يمثل تراجعًا عن سياسة الحياد الإيجابي التي كانت تُجنب السودان الانخراط في الصراعات الدولية، كما قد يؤدي إلى توتر علاقاته مع حلفائه الإقليميين. إضافة إلى ذلك، فإن إدخال لاعب دولي جديد إلى منطقة البحر الأحمر قد يزيد من حدة التنافس الإقليمي، مما يجعل السودان ساحة جديدة لصراع القوى الكبرى.

بدلًا من الانخراط في تحالفات قد تُضعف موقفه الاستراتيجي، ينبغي للسودان التركيز على تحقيق الاستقرار الداخلي وتعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف، دون الانحياز إلى قوة عالمية على حساب أخرى.