|
Re: (الزين قيافة) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
كيف فجرت فينا يا الزين في هذه اللحظات كل تلك الذكريات؟ في ذلك الزمن المترع بالبراءة والمضمغ بالطيبة (وربما السذاجة المحببة) وحسن التوقع والظن كان رفيقنا..وكان الزين قيافة. كان الزين قيافة رفيقنا في تلك الرحلة الشائقة الجامحة الممتدة من زمن الصبا والمراهقة المتعطشة والمتوثبة لكل جميل ولكل طارف وتليد في عالمنا الموشى بالأمل والتفاؤل .. كان البلد في زخم ثورته المايوية وكنا وكانت فترة الثانوي بالنسبة لنا. كانت هي الفترة الذهبية لنا نحن ولكل الأنداد من الشباب والصبيان وهم يجمحون في فورة الشباب وأمواجه العاتية التي ترفعهم مرة وتهبط بهم مرات..ولكن رغم ذلك لم تغادرهم البراءة ولا السلوكيات الراقية المهذبة، ولا القيم المنسدلة من الآباء والأمهات، لتحمينا في غدونا ورواحنا بين البيت والمدرسة.. كان زمنا جميل بالحيل..أبواب البيوت مشرعة للجيران والأصدقاء والرفاق وكذلك القلوب.. زمنا كانت فيه النفوس لينة والحياة هينة. لم يكن كسب الرزق معضلة ولا أن تتناول اللقمة في أي بيت تجد نفسك فيه.. فأنت لا تحتاج لمن من يعزمك أو يحلف عليه لتبقى، فساعة الغداء قد أوشكت..لم تكن العزومة (عزومة مراكبية)..فكان يجيء الغداء دون تكلف فكل موائد الحي تتشابه.. فكان أن جلسنا وتغدينا وتمددنا ثم جاءنا الشاي الأحمر يتبختر. فهو شاي سادة معطر بعبق النعناع أو الهيل ويسبقه نفَس الأخت أو الأم التي صنعته بكل هاشة باشة بكل طيبة الكرم الفطري. "مواصلة"
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: (الزين قيافة) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
لم يكن في بيت الزين سوى أخويه ووالده ..فوالديه منفصلان عن بعضهما..وتزوج والد الزين من امرأة أخرى. فجأة سكن في البيت أناس غرباء لم نألفهم بعد ..لأنهم ليسوا مثل الزين ..فقد كانوا أصغر سنا . عرفنا لاحقا أنهم إخوته الصغار من زوجة والدهم.. مرت الأيام سريعا دون أن ندري. وشَغل المنزل أسرة أبيه الجديدة. ودون أن نحس اختفى الزين..ولم نعد نراه.. اندهشنا لغيابه أياما..ثم فهمنا لاحقا. لم يعد البيت يتسع له. فغادر منكسراً لمكان آخر دون أن يخبرنا، لعله آثر ألا يفجعنا بانتقاله إلى مكان آخر.. وهكذا أخذته منا الأيام. والآن حينما تأخذنا الذكرى لذلك الزمن الجميل يطل الزين قيافة بطوله الفارع وسمتِه اللطيف المكلل دائما بابتسامة في طور التشكل، وتظل مشرعة هكذا إلى أن يفتح فمه ليتكلم. وتتوالى في الذهن ذكريات تلك الأيام ببهجتها أنسها وألقها وبراءتها وبراءة ناسها. كنت كلما أتذكر ذلك الزمن الجميل وأيام الشباب والحفلات والشباب الرائع البريء أتذكر الزين قيافة. قبل شهرين تذكرته فجأة دون ميعاد.- ترى أين الزين قيافة؟
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: (الزين قيافة) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
صباح اليوم....
وأنا أتصفح رسائل الأصدقاء الصباحية تظهر أمامي فجأة حروف الاسم
المحبب(الزين ق ي ا ف ة)..
فتأتيني صورته من أعماق الذاكرة لتخرج فجأة من بين طيّات السنين.
لترتسم أمامي صورة غائمة للزين قيافة.
وفي لهفة بدأت في قراءة الرسالة:
أخونا وصديقنا الزين... (الزين قيافة)
تتذكروا؟
(البقاء لله توفي اليوم بأحد مستشفيات القاهرة ...) ****************** عطر الله قبر الزين قيافة.
وجعل الله مثواه الجنة.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: (الزين قيافة) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
سلام د. محمد
Quote: قبل شهرين تذكرته فجأة دون ميعاد.- ترى أين الزين قيافة؟ |
Quote: (البقاء لله توفي اليوم بأحد مستشفيات القاهرة ...) |
الله يتغمده بواسع رحمته الشعور بالحزن عند مغادرة صديق عزيز الدنيا، لاشك مرهق نبكي في البداية ، أونتعايش مع الفاجعة كسُنة من سُنن الحياة وإيماناً بقضاء الله وقدره لكن فجأة تجتاحك مشاعر حزن من حيث لا تدري . وهذا بالطبع مرده عدم القدرة على التنبؤ بالحزن قد لا يفهم من حولك ما تمر به من حزن واسى على هذا الفراق الشعراء وحدهم القادرون على ترجمة هذه المشاعر لما أطالع مثلا قصيدة العقاد في رثاء معاوية محمد نور، أكاد أستشف إحساسه ومشاعره المرهفة عندما فقد صديقه معاوية نور لدرجة أنه حرص ، عندما زار السودان ، على ان يذهب رأسا من محطة القطار الى المقابر وقف عند قبره ، وبعد أن ترحم عليه ، وضع باقة من الزهر على القبر تعبيراً عن محبته الشديدة لتلميذه اللامع الاثير. طالع جمال هذه المرثية التي ألقاه في تأبينه : أجل هذه ذكراه لا يوم عرسه ولا يوم تكريم، ودنياه باقيه فما أقصر الدنيا التي طول الضنى أصائله فيها، وأشقى لياليه وما أضيع الآمال آمال من رأوا مطالعه في مشرق النور عاليه ومن أيقنوا أن الهلال الذي بدا على الأفق أحرى أن يعم نواحيه بكائي عليه من فؤاد مفجع ومن مقلة ما شوهدت قط باكيه بكائي على ذاك الشباب الذي ذوى وأغصانه تختال في الروض ناميه بكائي على ما أثمرت وهي غضة وما وعدتنا، وهي في الغيب ماضيه فضائل منها نخبة أزهرت لنا لماماً وأخرى لم تزل فيه خافيه تبينت فيه الخلد يوم رأيته وما بان لي أن المنية آتيه وما بان لي أني أطالع سيرة خواتيمها من بدئها جد دانيه وأن اسمه الموعود في كل مقول سيسمعه الناعون من فم ناعيه أجل هذه ذكراه يا نفس فاذكري فجيعتنا فيه، وما أنت ناسيه أجل هذه ذكراه يا عين فاذرفي عليه شآبيب المدامع دامية إذا قصرت أيام من نرتجيهم فيا طول حزن النفس والنفس راجيه ويا طول حزن النفس وهي منيبة وهي إلى اليأس من عجز بها، وهي آبيه فيا يوم ذكراه سنلقاك كلما رجعت إلينا والضمائر صاغيه ويا عارفيه لا تضنوا بذكره ففي الذكر رجعى من يد الموت ناجيه أعيروه بالتذكار ما ضن دهره به عيشة في مقبل العمر راضيه وزيدوا النفيس النزر من ثمراته بتكرارها في القلب أولى وثانيه فإن لم تكن في العد كثراً فباركوا معانيها حباً، ووفوا معانيه عليه سلام لا يزال يعيده ويبديه شاد في الديار وشاديه
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: (الزين قيافة) (Re: Amira Hussien)
|
تحياتي الأخ الأديب والصديق العزيز حيدر
Quote: الشعور بالحزن عند مغادرة صديق عزيز الدنيا، لاشك مرهق نبكي في البداية ، أونتعايش مع الفاجعة كسُنة من سُنن الحياة وإيماناً بقضاء الله وقدره لكن فجأة تجتاحك مشاعر حزن من حيث لا تدري . وهذا بالطبع مرده عدم القدرة على التنبؤ بالحزن قد لا يفهم من حولك ما تمر به من حزن واسى على هذا الفراق الشعراء وحدهم القادرون على ترجمة هذه المشاعر لما أطالع مثلا قصيدة العقاد في رثاء معاوية محمد نور، أكاد أستشف إحساسه ومشاعره المرهفة عندما فقد صديقه معاوية نور |
**شكرا على زيارتك وعلى مبادرات اللطيفة دائما..
وشكرا على المشاركة بهذه الأبيات الرائعة...لا عدمناك أخي العزيز.
مودتي
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: (الزين قيافة) (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
شكرا للأخ باسط المكي على مجاملتك المحببة وذوقك السليم(اسماعيل حسن)
والشكر للأخت الرائعة أميرة وعلى الأبيات الجميلة
Quote: عليه سلام لا يزال يعيده ويبديه شاد في الديار وشاديه ابداع |
**لكما الشكر الجزيل
| |
 
|
|
|
|
|
|
|