قراءات

قراءات


12-01-2024, 07:55 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1733036129&rn=0


Post: #1
Title: قراءات
Author: Hani Arabi Mohamed
Date: 12-01-2024, 07:55 AM

06:55 AM December, 01 2024

سودانيز اون لاين
Hani Arabi Mohamed-كوكب الأرض
مكتبتى
رابط مختصر



كل يوم يمر تتجلى حقيقة الدور الذي تلعبه الحركة الإسلامية الإرهابية في السودان، حيث أصبح من الواضح أن موقفها الحقيقي ليس إلا دعماً مباشراً وغير مباشر لقوات الدعم السريع (الجنجويد) التي أذاقت الشعب السوداني الويلات. مهما حاولت هذه الحركة التمويه والالتفاف حول الحقائق، فإنها في نهاية المطاف تنكشف على حقيقتها كحليف للجنجويد ورباطة يتوارون خلف الشعارات الدينية والرمزية الإسلامية التي يستخدمونها كوسيلة لإضفاء الشرعية على ممارساتهم البشعة.
هذه الحقائق لم تعد خافية على أحد، وأصبحت القوى الديمقراطية في السودان مطالبة بتوجيه أنظارها نحو المخاطر الحقيقية التي تهدد مستقبل البلاد. الخطأ الكبير الذي قد تقع فيه هذه القوى هو تصور أن استخدام الجنجويد كأداة مرحلية يمكن أن يخدم مصالحها في الوصول إلى غاياتها، التي قد تبدو لها سامية. لكن هذا التصور مغلوط بشكل جوهري، لأن التحالف التكتيكي مع قوى تحمل أجندات إرهابية وانتهازية سينتهي بهؤلاء إلى أن يجدوا أنفسهم على ذات السرج مع التكفيريين والإرهابيين، شركاء في الفوضى والانحطاط.

روسيا وأفريقيا: توسع نفوذ بأدوات متعددة
الصراع في أفريقيا اليوم يعكس التنافس الشديد بين القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها روسيا وفرنسا. روسيا تسعى بقوة إلى توسيع مناطق نفوذها على حساب النفوذ التقليدي لفرنسا في القارة، مستغلة حالة الانهيار السياسي والأمني في بعض الدول الأفريقية، وتوظف في ذلك تكتيكات متعددة، تبدأ من التحالف مع أنظمة هشة إلى استخدام المرتزقة والمليشيات مثل مجموعة فاغنر.
فرنسا، من جانبها، تعتمد على استراتيجية ثلاثية الأبعاد تهدف إلى المحافظة على ما تبقى من نفوذها. هذه الاستراتيجية تتضمن أولاً التخلص من الكتل السكانية المصادمة في "السودان الفرنسي"، من خلال تهجيرها نحو "السودان الإنجليزي"، ما يعني إعادة تشكيل التركيبة السكانية بشكل يخدم مصالحها الاستعمارية. ثانياً، تعمل فرنسا على تعزيز وجودها في مناطق النفوذ التقليدية التي ما زالت تحت سيطرتها. وأخيراً، تسعى إلى مقاومة التمدد الروسي "الخشني" الذي يعتمد على القوة العسكرية والمرتزقة، والتمدد الصيني "الناعم" الذي يعتمد على الاستثمار الاقتصادي والسياسي.
لكن التكتيك الفرنسي الحالي، رغم أنه يهدف إلى الحفاظ على مواقعها، هو تكتيك مرحلي. فرنسا تستعد لاعتماد استراتيجية جديدة ومختلفة بمجرد اكتمال تنفيذ هذا التكتيك، مما يشير إلى أن صراع النفوذ في أفريقيا ما زال بعيداً عن أن يحسم لصالح أي طرف.

روسيا: شيوعية تحت قناع جديد
لفهم السياسة الروسية الراهنة، لا بد من العودة إلى مراجعات الحزب الشيوعي الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي. يبدو أن هذا الحزب، رغم تراجع هيمنته الظاهرة، ما زال لاعباً أساسياً في المشهد السياسي الروسي، لكن بأساليب جديدة تعتمد على العمل السري والتمويه.
الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يتم تقديمه كرمز للقيصرية الجديدة في روسيا، ليس سوى واجهة لسياسات شيوعية خفية تديرها نخب الحزب الشيوعي الروسي من وراء الستار. هذه السياسات تعتمد على توظيف أدوات السوق الحرة والدبلوماسية العسكرية لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة المدى. روسيا اليوم لا تسعى فقط إلى الحفاظ على نفوذها التقليدي، بل تطمح إلى إعادة تشكيل النظام الدولي بما يتناسب مع رؤيتها الخاصة، التي تقوم على تقويض النفوذ الغربي وتوسيع دائرة النفوذ الروسي في العالم.

ترامب: واجهة لسياسات خفية
في هذا السياق العالمي المعقد، يبرز دور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يمكن وصفه بسفير روسيا في واشنطن. رغم شعاراته التي رفعت راية "أمريكا أولاً"، فإن سياساته في الواقع خدمت أهداف روسيا الاستراتيجية.
على السطح، ركز ترامب على تعزيز الهيمنة البيضاء داخلياً، وفرض الإتاوات على الدول الحليفة، ومحاولة إنهاء الحروب الخارجية التي تكلف الولايات المتحدة كثيراً. هذه السياسات أظهرت ترامب وكأنه زعيم يهتم بالمصلحة القومية الأمريكية فقط، لكنه في الحقيقة كان يعزز مواقع روسيا على الساحة الدولية.
سياسة ترامب القائمة على عقد الصفقات بدلاً من المواجهة المباشرة أفسحت المجال لروسيا لتوسيع نفوذها، خصوصاً في الشرق الأوسط وأفريقيا. والأهم من ذلك، أن نهجه في تهميش الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة مثل الاتحاد الأوروبي أضعف النظام الدولي الذي كانت واشنطن تقوده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مما جعل الساحة أكثر ملاءمة للتحركات الروسية.

أفريقيا: ساحة التنافس الروسي الفرنسي
الصراع في أفريقيا اليوم يعكس بشكل واضح التوتر بين روسيا وفرنسا، وهو جزء من منافسة أوسع بين القوى الكبرى في الساحة الدولية. ما يجعل هذا الصراع مختلفاً عن المنافسات التقليدية هو أن الأدوات المستخدمة أصبحت أكثر تعقيداً وتنوعاً.
روسيا تعتمد على الحركات المسلحة والمرتزقة لتحقيق نفوذها، فيما تحاول فرنسا الحفاظ على نفوذها بطرق أكثر دبلوماسية، لكنها لا تخلو من المراوغات. اللافت أن كلا الطرفين يعتمدان بشكل أو بآخر على استغلال الأوضاع الداخلية للدول الأفريقية، سواء من خلال دعم أنظمة قمعية أو تأجيج صراعات قائمة.
درس للقوى الديمقراطية
في خضم هذا المشهد العالمي والإقليمي، يتعين على القوى الديمقراطية في السودان أن تعي خطورة التحالفات المؤقتة مع أطراف تحمل أجندات مشبوهة. دعم الجنجويد أو التحالف معهم لن يكون إلا مقدمة لكارثة أكبر، ليس فقط على مستوى السودان، بل على مستوى المنطقة بأسرها.
ما يحدث في أفريقيا اليوم هو نموذج لصراعات القوى الكبرى، التي لن تتردد في التضحية بالدول والشعوب لتحقيق مصالحها. القوى الديمقراطية السودانية بحاجة إلى رؤية استراتيجية طويلة الأمد تحمي مصالح الشعب وتجنب البلاد الوقوع في مستنقع التحالفات المشبوهة التي لن تؤدي إلا إلى تعميق الانقسامات والفوضى.
السودان اليوم يواجه تحديات كبرى على المستويين الداخلي والخارجي. الحركة الإسلامية الإرهابية والجنجويد هما وجهان لعملة واحدة تهدف إلى تقويض أي فرصة للتحول الديمقراطي. وفي الوقت ذاته، الصراع الدولي على أفريقيا يهدد بجعل السودان ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى.
القوى الديمقراطية السودانية مطالبة بالوعي بخطورة المرحلة الحالية وتجنب الأخطاء التكتيكية التي قد تضعها على مسار التحالف مع أعداء الشعب. المستقبل لا يصنعه المترددون أو الذين يسعون لحلول مؤقتة، بل أولئك الذين يمتلكون رؤية واضحة وإرادة صلبة لتحقيق العدالة والحرية.

Post: #2
Title: Re: قراءات
Author: Hani Arabi Mohamed
Date: 12-02-2024, 00:27 AM
Parent: #1

السودان بين مطرقة الإرهاب وسندان التدخلات الدولية
في المقال السابق، استعرضنا كيف أصبحت الحركة الإسلامية والجنجويد حلفاء ضد تطلعات الشعب السوداني، وحللنا الصراع بين روسيا وفرنسا في أفريقيا، ودور القوى الدولية في إعادة تشكيل المنطقة. اليوم نواصل تعميق هذا النقاش، مع التركيز على حقائق إضافية تعكس تعقيدات الوضع الراهن في السودان وأفريقيا عموماً.

الجنجويد: سلاح الفوضى
الجنجويد، الذين يقدمون أنفسهم كقوة محلية، ليسوا سوى أداة فوضى بيد جهات متعددة. تاريخهم الطويل في النزاعات يثبت أن ولاءهم الحقيقي ليس للشعب أو للوطن، بل لمن يدفع أكثر ويوفر لهم غطاءً سياسياً وعسكرياً.
في الوقت الحالي، يبدو واضحاً أن الجنجويد تحولوا إلى طرف في لعبة أكبر، حيث يتقاطع دورهم مع مصالح القوى الدولية التي تسعى إلى إعادة تشكيل خريطة النفوذ في أفريقيا. دعمهم المستمر من الحركة الإسلامية الإرهابية يكشف عن عمق العلاقة بين الطرفين، فالإسلاميون يرون في الجنجويد ذراعاً لضمان بقائهم وتأثيرهم، بينما يرى الجنجويد في الإسلاميين شريكاً يوفر الشرعية لوجودهم.
القوى الديمقراطية: الحاجة إلى استراتيجية واضحة
القوى الديمقراطية في السودان تواجه اختباراً صعباً. عليها أن تدرك أن التعامل مع الجنجويد، حتى بشكل تكتيكي، لن يؤدي إلا إلى تقويض مشروعها الديمقراطي. التاريخ مليء بالدروس التي تظهر أن التحالفات مع القوى الانتهازية تنتهي دوماً إلى الإضرار بالطرف الأضعف.
المطلوب اليوم هو رؤية استراتيجية طويلة الأمد تُعلي من قيم العدالة والمواطنة، بعيداً عن المساومات مع القوى التي تمارس العنف والإرهاب. السودان بحاجة إلى مشروع وطني حقيقي، يعتمد على بناء دولة قوية قادرة على حماية مواطنيها، دون اللجوء إلى أدوات الفوضى.

التدخلات الدولية: بين المصالح والأجندات
لا يمكن فصل الأزمة السودانية عن المشهد الدولي، فالسودان أصبح ساحة لصراعات متعددة الأطراف، حيث تتداخل المصالح الروسية، الفرنسية، وحتى الصينية والأمريكية. كل طرف يسعى إلى تعزيز نفوذه بطريقة أو بأخرى، مستغلاً هشاشة الدولة السودانية.

روسيا: استراتيجية طويلة الأمد
روسيا تواصل توسيع نفوذها في أفريقيا باستخدام أدوات متعددة، مثل الدعم العسكري والمرتزقة والاتفاقيات الاقتصادية. هدفها ليس فقط السيطرة على الموارد الطبيعية، بل أيضاً تحقيق مكاسب استراتيجية تمنحها قدرة أكبر على التأثير في النظام الدولي. السودان، بموارده وموقعه الجغرافي، يمثل نقطة جذب رئيسية لهذه الطموحات.

فرنسا: سياسة دفاعية
فرنسا، التي لطالما اعتبرت أفريقيا جزءاً من نفوذها التقليدي، تجد نفسها الآن مضطرة إلى الدفاع عن مواقعها في وجه التمدد الروسي والصيني. السياسة الفرنسية الحالية في أفريقيا تعتمد على تقليل الخسائر بقدر الإمكان، مع الاحتفاظ بقدر من النفوذ يمكنها من العودة بقوة لاحقاً. لكن هذه السياسة الدفاعية قد تفقدها الكثير من نفوذها إذا لم تستطع التكيف مع الديناميات الجديدة في القارة.

الصين: اللاعب الصامت
رغم أن التركيز الأكبر ينصب على التنافس الروسي الفرنسي، فإن الصين تواصل بناء نفوذها في أفريقيا بأسلوب مختلف. تعتمد الصين على استثماراتها الضخمة ومشاريع البنية التحتية كوسيلة لاختراق أسواق جديدة وتأمين موارد طبيعية لدعم اقتصادها. السودان، كغيره من الدول الأفريقية، يجد نفسه في مواجهة هذا التوسع الصيني الذي يبدو ناعماً، لكنه يحمل تأثيراً طويل الأمد.

أفريقيا: القارة الممزقة
الصراعات الدولية التي تدور في أفريقيا تعكس حالة القارة الممزقة بين قوى عالمية تسعى إلى استغلال مواردها وموقعها الاستراتيجي. السودان ليس استثناءً، بل هو أحد الأمثلة الواضحة على هذا الاستغلال.
الصراع بين روسيا وفرنسا في أفريقيا ليس فقط صراعاً على الموارد، بل هو أيضاً جزء من منافسة أوسع لتحديد من سيسيطر على قواعد اللعبة في النظام الدولي الجديد.

الحركة الإسلامية: استراتيجية البقاء
الحركة الإسلامية في السودان، رغم التحديات التي تواجهها، ما زالت تعمل وفق استراتيجية تضمن بقاءها. هذه الاستراتيجية تعتمد على عدة محاور:
تحالفات انتهازية: تتقرب الحركة الإسلامية من الجنجويد كوسيلة لضمان تأثيرها في المشهد السياسي.
الخطاب الديني: تستخدم الدين كوسيلة لحشد المؤيدين وتبرير أفعالها، رغم أن ممارساتها تتناقض مع القيم الإسلامية الحقيقية.
التلاعب بالمجتمع الدولي: تسعى إلى تقديم نفسها كطرف يمكن التفاوض معه، على أمل أن يتم استخدامها كورقة ضغط في صراعات القوى الكبرى.
لكن هذه الاستراتيجية لن تضمن بقاء الحركة على المدى الطويل، فالشعوب دائماً ما تنتفض في وجه الظلم والاستغلال، والسودانيون ليسوا استثناءً.

الطريق إلى المستقبل
السودان اليوم في مفترق طرق. القوى الديمقراطية بحاجة إلى التخلي عن التكتيكات قصيرة الأمد والتركيز على بناء تحالف شعبي قوي يعيد للبلاد استقرارها وسيادتها.
أما على المستوى الدولي، فإن السودان بحاجة إلى سياسة متوازنة تستفيد من التنافس بين القوى الكبرى دون الوقوع في فخ التبعية.
الوضع في السودان هو مرآة للصراعات الكبرى التي تشهدها أفريقيا والعالم. الحل لن يأتي من الخارج، بل من الداخل، عبر إرادة شعبية قادرة على مواجهة التحديات. الحركة الإسلامية والجنجويد يمثلون أكبر عائق أمام تحقيق هذه الإرادة، والقوى الديمقراطية مطالبة اليوم بأخذ زمام المبادرة لوضع حد لهذه الفوضى وبناء مستقبل أفضل للسودان.