[B *تحليل الاتفاق بين القوى المدنية السودانية في جنيف ومستقبله السياق والواقع: انعقاد لقاء جنيف بين قوى سياسية وشخصيات مدنية سودانية يُعتبر خطوة محورية في ظل الحرب المستعرة التي تعصف بالبلاد منذ أبريل 2023. الاتفاق تضمن مبادئ أساسية لحل الأزمة السودانية ركزت على وقف الحرب، تحقيق العدالة الانتقالية، وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية. ومع أن هذه الخطوة تمثل تقدمًا مهمًا، إلا أن التحديات الماثلة أمام تنفيذ هذه المبادئ تثير تساؤلات حول مستقبل الاتفاق ومدى تأثيره الفعلي على الوضع السوداني.
عناصر الاتفاق: وقف إطلاق النار: الاتفاق يشدد على ضرورة وقف النار الفوري كمدخل لإنهاء الأزمة. هذا المطلب يمثل ضرورة إنسانية وسياسية، لكنه يعتمد على قبول الأطراف العسكرية الرئيسية لهذا الشرط.
جيش موحد: الدعوة لتأسيس جيش مهني واحد بعيد عن التأثيرات السياسية تعد خطوة نحو إصلاح قطاع الأمن، لكنها تتطلب إرادة سياسية وتعاوناً من كافة الفصائل المسلحة.
هوية مدنية موحدة: تأكيد الوثيقة على تأسيس دولة مدنية محايدة تعترف بالتنوع السوداني يمثل تطورًا إيجابيًا، لكنه قد يواجه رفضًا من بعض الأطراف التي ترى أن الدين أو العرق يجب أن يكونا جزءًا من الهوية السياسية للدولة.
عملية العدالة الانتقالية: اعتماد آليات لمحاسبة الجرائم المرتكبة منذ 1989 يمثل تحديًا في ظل انعدام الثقة بين القوى السياسية والمجتمعية.
المؤتمر الجامع: الدعوة لعقد مؤتمر مائدة مستديرة بمشاركة جميع القوى السودانية قد يكون خطوة لخلق جبهة وطنية موحدة، لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب تجاوز الانقسامات السياسية والأيديولوجية.
التحديات أمام الاتفاق: انعدام الثقة بين الأطراف: الانقسامات العميقة بين القوى السياسية والعسكرية والمدنية تجعل من الصعب الوصول إلى اتفاق شامل دون ضمانات قوية.
الاستقطاب السياسي: خطاب الكراهية والاستقطاب الذي يعمق الانقسام بين المكونات السودانية قد يعرقل أي تقدم نحو التوافق.
التدخلات الخارجية: الأطراف الدولية والإقليمية المؤثرة قد تسعى لتعزيز مصالحها على حساب المصالح الوطنية السودانية، مما قد يؤدي إلى تعقيد جهود السلام.
غياب آلية ملزمة للتنفيذ: الوثيقة، رغم أهميتها، تبقى غير ملزمة قانونيًا، ما يثير التساؤلات حول كيفية ضمان تنفيذها.
مستقبل الاتفاق: إذا نجحت القوى المدنية في تشكيل جبهة موحدة وعرض الاتفاق على نطاق واسع للنقاش، يمكن أن يصبح أساسًا لعملية سياسية شاملة. النجاح يتطلب: التزام الأطراف بالميثاق السياسي: نبذ خطاب الكراهية والتحريض والابتعاد عن الشخصنة. إشراك جميع القوى: بما في ذلك القوى غير الممثلة في لقاء جنيف لضمان شمولية الاتفاق. دعم دولي وإقليمي: يجب أن يركز المجتمع الدولي على تسهيل العملية بدلاً من فرض أجندات معينة. آليات مراقبة واضحة: لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار والعدالة الانتقالية والإصلاحات. رؤية لمستقبل الحل السياسي: إن الاتفاق على مبادئ جنيف يمثل فرصة حقيقية لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس مدنية وديمقراطية، ولكن تحويل هذه الرؤية إلى واقع يتطلب:
إرادة سياسية شاملة. حوارًا سودانيًا-سودانيًا صادقًا. تقوية المجتمع المدني ليكون ضامنًا للعملية. على القوى السودانية أن تسمو فوق خلافاتها، وتجعل حماية السودان من التقسيم وبناء سلام مستدام أولويتها القصوى. لا يمكن حل الأزمة إلا إذا عمل الجميع كشركاء متساوين في وطن يسع الجميع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة