غزو البلهاء و "سوط العايرة"

07:02 AM November, 06 2024

سودانيز اون لاين
أبوذر بابكر-
مكتبتى
رابط مختصر

تنويه:
المسمى والوصف في العنوان وفي المتن، من لدن امبرتو ايكو.

في كل حين وآن ، ومع مشرق شمس كل يوم جديد وعند غروبها ، تتحقق وتتجسد مقولة الإيطالي الحانق عن حق، امبرتو ايكو، عن وفي شأن من أصبح فضاء الأسافير اللامتناهي، وأرض الوسائط الجديدة المستحدثة، مطية سهلة القياد ومقعدا وثيرا وبراحا شاسعا ينشرون فيه ومنه وعبره ما يعن في أخيلتهم وما يعتمل في دواخلهم من وعن وفي كل شيئ وأي شيء، وهم يحسبون أنهم يكتبون ويتكلمون ويبدعون.

قال امبرتو ايكو:
(إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك «تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً. أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء) .

-نهاية الإقتباس-

ونضيف على قول الإيطالي الحانق، أن الضرر الآن اصبح وأضحى وأمسى كبيرا، مع تفتح وذيوع وانتشار ظاهرة ما يسمونه الآن ب “اللايف” التي يخوض فيها كل من هب ودب وكل من امتلك واحدا من تلك الأجهزة الذكية/الغبية، رجالا ونساء، صغارا وكبار، إلا النذر القليل والقدر اليسير منهم، ممن يمكن سماعهم أو مشاهدتهم أو قراءة ما يكتبون، أي الذين يملكون فعلا أدوات وقدرات وإمكانيات ومواد ما يقدمون من مختلف المواضيع، ليس هذا في السودان وحده فحسب، بل في كل ارجاء وانحاء هذا الكوكب الذي تحتشد فيه البلايا والمحن والكروب في كل حدب وصوب ومن كل نوع وضرب، وفي ذلك العجب العجاب، فغالبية ذلك صار صرعة وإبتلاء إبتلى بها خلق الله من أناس هم بمثل ما وصفهم به امبرتو ايكو، وأكثر، فكل شخص منهم يحسب ويتوهم وربما يؤمن بأنه خطيب زمانه وصنهاجته، وأغلبهم لا يعرفون ولا يقدرون ولا يستطيعون تركيب وصياغة جملة واحدة بشكلها الصحيح لغويا ونحويا وبلاغيا، بلاغيا ؟؟، ناهيك عن خلق وصناعة مادة أو موضوع شامل وكامل، أو إيصال معنى أو فكرة، إن هو ليس سوى ظهور و "شو" وإن هي إلا محض “ونسة” ومجرد انطباعات ذاتية فطيرة لا تتناول هذا أو ذاك الشأن في أصوله ومعانيه ومبتغاه، بل تقدم أراء هؤلاء والسلام، هذا إن اختار ذلك الشخص أن يتحدث أو يكتب بلغة فصيحة، أما إن كان يستخدم دارجية وعامية قومه، فتلك هي ثالثة الأثافي، حيث الركاكة والسطحية وأهل ذلك أجمعين، وفي كل هذا لا لوم عليهم ولا عتاب ولا احتجاج، إنما اللوم كله يقع على من اخترع وابتكر وفكر وابدع هذه الوسائط الجديدة، وما درى بأنها ستكون وبالا على العالمين، وفي أحسن الأحوال لا تخرج عن كونها محض أراء أو إنطباعات شخصية دون الغوص في عمق ما هو متناول أو بذل تحليل منطقي وغني ومتجرد.
حتما وقطعا سيقول قائل (ومالك أنت والناس وما يفعلون، فلتسقط وتترك ما لم يعجبك، وقد يعجب الآخرين، ولا تحجر على الآخرين ما اختارو القيام به)، وهذا قول مقبول وسليم ومسلم به، ولكن المعضلة هنا هي أننا نحمل هم اولئك المتلقين الآخرين، وتهمنا استقامة الأشياء ووجودها على الأقل في حدها الأدنى من الصحة والجمال.
أما ما هو أشد غرابة من ذلك كله، فهو تبرع بعضهم طوعا وإختيارا بنقل بعضا من ذلك الذبد الذي دوما ما يذهب جفاءا، في إصرار عجيب ومثابرة غريبة لدرجة أنهم اصبحوا متخصصين في ذلك الفعل، وقد تناولنا هذه الظاهرة في مرات عديدة من قبل وفي عدة مواقع، ونقول ونؤكد بأن هذا قطعا حقهم الذي لا يحجره أحد عليهم ولا يمنعه ولا يحتج عليه، وهو إختيارهم، يستوي في ذلك ما هو مصور منه وما هو مكتوب، اصبحوا متخصصين في نقله من حيث تم بثه أو نشره إبتداءا، ليقوموا ب “إعادة تدويره” وإغراق أماكن وسوحا أخرى، والأمثلة عديدة، ولا ذنب لتلك الأماكن المنقول إليها ولا جريرة سوى أنها ايضا متاحة لكل من شاء وأراد أن ينشر ويعيد وينقل ويلصق، وبهذا يتضاعف الغزو ويتناسل ويتمدد وينتشر، بل وفي احيان كثيرة ربما يكون ذات الموضوع المنقول، مبذولا ومنشورا في نفس مكان إعادة وضعه، ويبرر بعضهم هذا النقل وهذه "العتالة" ويعلله بأنه مساعدة لوجه الله في بذل المزيد من النشر والذيوع والشيوع والنقاش، وهذا قطعا تبرير مردود بمنطق الحدث والأشياء، لأن تلك المواد التي تمت "عتالتها" بالضرورة تكون مسبقا وسلفا قد قتلت إطلاعا وقراءة وأشبعت مشاهدة ونقاشا، حتى ممن هي مجلوبة ومنقولة لهم في مطافها الأخير هذا، وبذا ينتفي هذا الغرض المبرر به، ولربما يؤمن الناقل بأن تلك المنقولات لن تتبدى وتظهر للناس إذا لم يجلبها هو لهم ويضعها بين ايديهم، لتكون بردا ونقلا ولصقا وسلاما، أو ربما لديه اسباب أخرى لا نعلمها، وهنا يصبح القيام بهذا "الدور الخيري" بمثابة "السوط" في مقولة أهلنا "عايرة وادوها سوط" .
في حين أنه وبالإمكان، إن كان لا محالة فاعلا، أن يطرح ذلك الناقل نفس المادة التي يقوم بنقلها ولصقها، طالما أنها قد اعجبته أو رأى أهميتها، أن يتناولها ويكتبها أو يبثها هو ومن منظوره ورؤيته الخاصة، اي أن يكون هو صانعها أو كاتبها، ولم لا؟، لا أن يكون مجرد حمّال وناقل، وبذلك يفوز بكلتا الحسنيين، الخلق والنشر، ويكفي نفسه ويكفينا كل هذا العناء.

وحيث انه لا مناص ولا حيلة ولا قدرة لدينا في درء هذا الغزو "العاير" رفقة "السوط"، فلا نملك سوى أن نبتهل ونقول

اللهم لا نسألك حجب الفضاء و"سوط العايرة" وغزو البلهاء، ولكن نسألك اللطف فيه.

بين جميع الأماكن وساحات "العيران"

يأتي موقع ومنبر "سودانيزاونلاين" في المرتبة الأولى الممتازة لوقع "السياط"
ليفوز بجائزة "السوط" الأعلى والأكثر جهرا ودويا

بلا منافس أو منازع

إنضمام عضو جديد
لمجموعة "النِقولتية" في سودانيزاونلاين - قسم الفيديو

خير ونقل وبركة

الخميس، 28 نوفمبر 2024

الساعة 6:07 - GMT

(48)

شكرا ابي ذر
على هذه الانتباهه الذكية لهذه الظاهرة ذات التاثير الضخم

اللايفاتية هم الان قادة الراي العام
انظر لحربنا اللعينة هذه
من الذي يروج لها وينظر لها بل يصدر فيها الاوامر
انظر للجمهور الكبير الذي يتابع احاديث انصاف المثقفين
اشخاص اصحاب قدرات متواضعة ينتظر حديثهم الجمهور
يروجون للحرب وينشرون سموم العنصرية البغيضة
لا يحسون بالم الشعب
لا يحسون بالدمار والموت والخراب

هل اللوم عليهم وهم يبحثون عن الشهرة والصيت
ام اللوم على المناخ الثقافي الذي انتج من يستمع لهم

الموضوع يحتاج لبحث ودراسات كثيرة

عوافي يا محمد
كيف الحال

ليتهم كانوا أنصاف مثقفين
لكنا على الأقل تعشمنا في إكتمال النصف اثاني

هم من ينطبق عليهم قول أحمد عبد المعطي حجازي

"هذا الزحام لا أحد"

لكن دعنا نأمل ونتمنى أن تنجلي هذه الآفة مثل غيرها
فكثير مما يشابهها انزوى واختفى وتلاشى مع مرور الوقت
لأنه لم يكن شيئا في الأساس
لكنها عادات الناس وما يتعلق به العوام

وسيذهب الزبد جفاء

أما الأشد وقعا ومرارة، فهو نقل وإعادة تدوير هذه الأشياء، من قبل الناقلين الطيبين
الذين يحسبون أنهم يحسنون فعلا وأنهم يأتون بما ينفع الناس

وأجدد التحية لك

الجمعة، 29 نوفمبر 2024

الساعة 3:34 - GMT

(56)

تزين وجه سودانيزاونلاين