قال صديق أن شقيقه موجود منطقة ما بين ولاية القضارف وسنار وكان انقطع التواصل بينهم وفجاءة أتصل به من بور تسودان طلبا مبلغ من المال يعادل مليار حنية بالقديم اي مليون بالعملة الحالية والسبب هو انه تم أجلاءه بواسطة سماسرة يعملون مع جهات عسكرية الخطير أن السفر جوا بطائرات رسمية من قاعدة شهيرة الي بور سودان يكلف ضعف هذا المبلغ الان ظهر تجار الحرب اللهم أنصر الحق وأهزم الفاسدين أن سميع مجيب
في إحدى الليالي الحزينة، وقف الشاب "عادل" على حدود الأمل والألم، حيث بدأت حكايته بين ولاية القضارف وسنار، تلك البقعة البعيدة من وطنه الممزق. كان يتوق للوصول إلى الأمان، للهروب من صوت الرصاص ورائحة الدمار التي احتلت كل جزء من حياته. لكن الوصول إلى هذا الأمان لم يكن بسيطًا، فقد اصطدم بواقع مرير يفرضه تجار الحروب، الذين يقايضون حياة الناس بأموال باهظة، في مقابل توصيلهم إلى أماكن "آمنة"، حتى وإن كانت في حظائر الموت نفسها.
انقطعت أخبار عادل عن أسرته لفترة طويلة، الأمر الذي جعلهم يعيشون في قلق لا يعرف الهدوء. ثم، في إحدى الليالي، جاء الاتصال المنتظر لكنه كان مختلفاً عن ما توقعوه. صوت عادل جاءهم من بعيد، من بورتسودان، وهو يطلب منهم مبلغًا يعادل مليار جنيه بالعملة القديمة - مليون جنيه سوداني حالياً - ليسدد أجرة طريقه من الجحيم إلى "ملاذ" جديد، عبر سماسرة لا يرحمون.
كان الأمر بمثابة صدمة لأسرته، كيف لهم توفير هذا المبلغ الضخم؟ وكيف لعادل أن يكون فريسة لهؤلاء؟ لم يكن الخيار بيده، فقد كان أحد الذين استغلهم تجار الحروب، أولئك الذين يعملون في ظلال العسكر وسماسرة الأزمات، الذين يوهمون الناس أن الطائرات الرسمية قادرة على إخراجهم إلى بورتسودان، لكنها بأثمان تتضاعف حتى تصبح أغلى من حياتهم نفسها.
روى عادل أنه دفع نصف عمره في جمع ما يكفيه للنجاة، وأن المبلغ الذي طلبه اليوم لم يكن وحده، فقد كانت الساعات تمر على وقع أحلام تمزقها نيران الطائرات والرصاص في كل زقاق وطريق من طرق بلاده.
في طريقه إلى بورتسودان، كان يرى الجرحى والمرعوبين، أولئك الذين لم يكن لهم من ملجأ ولا معين. كل خطوة كانت ثقيلة، كل كلمة كانت محسوبة، فقد كان يعلم أن أي خطأ قد يكلفه حياته، بينما السماسرة يملون عليه أين يسير ومتى يقف، مقابل المال الذي يحلمون بانتزاعه منه حتى آخر قرش. حتى الهواء كان يمر عبرهم بثمن.
وفي ظل كل ذلك، كان تجار الحرب يتغذون على أحلامهم البريئة في حياة كريمة وعودة آمنة إلى منازلهم التي أصبحت كالأطلال. لم يكن عادل الأول، ولن يكون الأخير في هذه السلسلة المدمرة، فقد أصبحت حياة الشباب مجرد فرصة ذهبية لمستغلي الحرب الذين وجدوا في صرخات الضحايا منفعة، وفي جثثهم أرقامًا تحقق لهم أرباحًا.
ترك عادل خلفه كل شيء، وأقسم أن يعود يومًا ويحاسب كل من باع أمنه وسرق منه حلمه. لكنه يعلم أن في هذا الطريق، قد تكون الكلمات وحدها بلا ثمن أمام الجشع والظلم، وأصبح واقعه مجرد قصة أخرى عن شاب خسر كل شيء كي يصل إلى الأمان، في وطن لا يعرف الأمان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة