الهوية الكوشية - بقلم د. عثمان عابدين

الهوية الكوشية - بقلم د. عثمان عابدين


09-02-2024, 04:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1725248542&rn=0


Post: #1
Title: الهوية الكوشية - بقلم د. عثمان عابدين
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 09-02-2024, 04:42 AM

04:42 AM September, 01 2024

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





د. عثمان عابدين عثمان

يشير مصطلح كوش إلى السكان الأصليين الذين يتحدثون ، أو تحدثوا في الماضي ، إحدى اللغات الكوشية ، أو إلى أولئك الذين يسكنون ، أو سكنت في الماضي ، مناطق شمال وشرق أفريقيا ، وادي نهر النيل ، أعالي أو وديان الأخدود الأفريقي العظيم ، أو في منطقة البحيرات الكبرى.

كلود رايلي ، أستاذ اللسانيات الفرنسي الذي اعتبر أن اللغتين الأفرو- آسيويتان ، المصرية القديمة والكوشية ، هما اللغتان اللتان تحدث بهما سكان منطقة النوبة القديمة ، أو بصورة أدق سكان أعالي وادي النيل. بالنسبة ل-رايلي ، اللغات النيلية ، الصحراوية ، النوبية ، المعاصرة ، أصلها اللغة البروتو- كوشية.

سُمِّيَت السُّلالات البشرية (المجموعات السكانية) ، المتقاربة في جيناتها الوراثية ، وفقا لتسلسل الحروف الأبجدية. السلالات الذكورية سُمِّيَت حسب أقدمية ظهورها التاريخي من الحرف ‘A’ إلى الحرف ‘T’ بحيث تكون سلالة ‘A’ هي الأقدم و T’’ الأحدث – الأصغر سناً. أم السلالات المنتمية للأم ، فقد سُميِّت أيضا وفقا للحروف الأبجدية ، لكن على حسب أولوية لحظة اكتشافها من الحرف ‘A’ إلى الحرف ‘Z’.

نشأت السلالتان الأبويتان ‘A’ و ‘B’ في القارة الأم – إفريقيا وبقي أفرادها فيها على مدى التاريخ ليَتركَّز أحفادها بشكل أكبر بين سكان شرق إفريقيا وسكان حوض النيل وبين الخوسيين في الجنوب الغربي الأفريقي. من بين هؤلاء ، عاش جد- جدنا الأكبر في مكان ما في شرق إفريقيا ، غالبا على شواطئ أو مصب أحد الأنهار التي تنبع من فوق هضبة الأخدود الأفريقي العظيم (أنهار أومو ، أواش والنيل الأزرق) ، وذلك منذ حوالي مائتين وستة وثلاثين ألف عام.

أحفاد – أحفاد السلالتين الأبويتين ‘A’ و ‘B’ تناسلوا السلالة ‘E’ التي نشأت في منطقة شمال- شرق إفريقيا. بلغ عمر آخر أسلافنا المشتركين من السلالة ‘E’ ، جد – جدنا الأكبر ، حوالي ثلاثة وخمسين ألف عام وانحدر منه سكان وادي النيل القدماء ، الصوماليون ، وغالبية سكان الهضبة الإثيوبية والصحراء الكبرى من البربر (الأمازيغ).

بصورة مماثلة ، نشأت السلالتان ‘R’ و ‘T’ في شمال – شرق إفريقيا. ففي الوقت الذي مَيَّزت فيه السلالة ‘T’ الناطقون باللغة الكوشية ، هاجر أحفاد السلالة ‘R’ إلى أوروبا منذ حوالي أربعة ألف وستمائة عام لينتشروا بشكل رئيسي في السهول الأوراسية ، ويتجهوا من بعدها جنوبا للقارة الآسيوية ، وغربا لقارة أوروبا.

بالنسبة للسلالات المنحدرة من جانب الأم ، فقد عاشت جدة- جدتنا الكبرى التي تنتمي إلى السلالة ‘L’ في شمال – شرق إفريقيا منذ حوالي مائة وستين ألف عام خلت. أما أخواتها المنتمون للسلالات ‘L6’ إلى L0’’ فلم يُهاجرنَّ خارج القارة الأم مطلقاً ، لكن بداخلها حيث تناقص عددهن تدريجياً مع بعدهِنَّ الجغرافي من مسقط رأسهِنّ ، وذلك في تناسق مع نمط التنوع والبعد الجيني وأقدميته. لذلك ، أعلى نسبة لأفراد هذه السلالةَ ، حوالي ستة وتسعين في المائة، موجود في أفريقيا جنوب الصحراء ، تليها إفريقيا شمال الصحراء ، ثم شبه الجزيرة العربية ، ثم منطقة الشرق الأوسط ، ليصل أدنى مستوى لها في ربوع القارة الأوروبية.

بناءً على هذه السلالات الجينية ، والوصف الذاتي لمفهوم العرق والخصائص اللغوية والثقافية المشتركة ، قام ‘تيشكوف. آت آل. ’(2009م) بدراسة ‘للاحتشاد الجيني المُركَّب’ والتي على ضوئِها قُسَّم سكان العالم لأربع عشرة مجموعة سكانية كبيرة من الأسلاف ، ستة منها توجد في القارة الأفريقية، وهي مجموعات : الأفرو- آسيويون ؛ النيليون- الصحراويون – الكوشيين؛ النيليون – الصحراويون – الشاديين ؛ النيجر – كردفانيين ؛ مجموعة الأقزام ؛ ومجموعة الهازدا. من بين كل هؤلاء واحد وسبعون في المائة (71%) من السكان الناطقين باللغة الأفرو -آسيوية تتمركز مع الكتلة الكوشية. في نفس منحى دراسة تيشكوف. آت آل. لاحظت دراسة أخرى “للاحتشاد التتابعي الجينومي- (2018م)” أن انتشار السلالات الأفريقية يتناسق مع البعد الجغرافي ، وكذلك مع أنماط الهجرة المغادرة لمسقط الرأس والمرتدة إليه بعد حين. فالسلالات الأفرو- آسيوية والجماعات الإثنية- اللغوية النيلية – الصحراوية توجَد بكثافة في في شمال ، وشمال شرق إفريقيا ، حيث مهد إنسانها الأول.

تاريخاً ، تَجذَّر مفهوم السلالة في التراث البيولوجي لعلاقة القرابة والنسب ، لكنه تداخل مع مفهوم العرق من حيث التقليد في الاشتراك في السمات الثقافية والاجتماعية مثل اللغة والعادات والشعائر والعبادات. أما العرق كمصطلح منفصل عن بِنيته الاجتماعية ، فهو يقوم على أسس التشابه في الصفات الجسدية للإنسان ، والتي تمثل معايير للحكم على هويته، لكن من غير الأخذ في الاعتبار قيم وعادات ومفاهيم المجتمع الذي ينتمي إليه . لكل ذلك ، أكترث الإنسان بطبيعة نوعه ، فحاول تحسينها بالتزاوج مع من كان في تقديره أحسن عرقاً وأنبل نسباً.

للأسف ، التصنيفات للشعوب والمجموعات البشرية على أساس وهم تَميُّزها وتَفرُّدها البيولوجي قاد إلى مفاهيم التنميط الثقافي الضيقة ، والتمييز العنصري البغيض ، والذي ما زال العالم يعاني عواقبه المأساوية إلى يومنا هذا. لذلك ، الإلمام بالخطوط العريضة لعلم الإنسان المرتبط بالسلالات الجينية وحفريات اللغة والآثار أصبح ضرورة ملحة ، ليس فقط للمتخصصين في دراسة أصول الشعوب وتصنيف سلالاتها وتتبع هجرتها عبر العصور ، لكن أيضاً ، لمتطلبات المعرفة العامة الضرورية لمراجعة وتغيير الكثير من المفاهيم والمسلمات الخاطئة ، وبالتالي تغيير الإرث الثقافي والكتابي الخاص بالتاريخ.

قد يتكلم أحفاد الكوشيين لغات مختلفة ، وهذا متوقع ، ولكنهم بلا جدال يجتمعون وراثيا في آخر جد مشترك لأبيهم وحبوبة لأمهم. والعلاقة الاشتراك هنا لغوية- جينية تجمع ، ليس فقط ، بين سكان أعالي وأسافل وادي النيل من نوبة وأقباط ومصريين ولكن أيضاً العنصر الكوشي والسامي من سكان هضاب وسهول إثيوبيا والقرن الإفريقي ، وكوشيون البحيرات الأزانيان ، وجزر السيشيل ، وكذلك أمازيغ المغرب العربي ، والسكان الأصليين لجزر الكناري ، في عرق كوشي واحد تحدث قدماه اللغة الكوشية القديمة ، البرتو – كوشية.

حاشية:
تقسيم العرق البشري لكوشي/ سامي منشأه القصة التوراتية التي فيها سَخَط نوح ابنه كوش عندما شاح عن ستر عورة وهو نائما سكران ، فصار هو وذريته عبدا اسودا لأخيه كنعان ونسله.

مراجع:
(Cruciani et al., 2007); (Cruciani et al., 2004); (Trombetta et al., 2015); (Sanchez et al., 2005); (González et al., 2007) ;(Krings et al., 1999); (Tishkoff et al., 2009); (Fadhlaoui-Zid et al., 2013); (Michael, 2007).
؛ (Camoroff, 2009) ;(Herodotus) .