Quote: التسوية الأمريكية تتقدم، ولا عزاء لمسعري الحرب!! كتبه د. أحمد عثمان عمر
11:58 AM July, 26 2024 سودانيز اون لاين د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر مكتبتى رابط مختصر
(١) امتلأت وسائط التواصل الاجتماعي بخبر يؤكد أن إدارة بايدن قد قررت إطلاق مبادرة جديدة لوقف الحرب في السودان، قوامها التوصل لوقف العنف في كامل التراب السوداني وتوصيل المساعدات الإنسانية و وضع آلية فعالة للمراقبة، دون الخوض في المسائل السياسية الأوسع. ما هو متداول مبني على مقال بإصدارة (فورين بوليسي) المرموقة، حيث يشير إلى أن المبادرة تستند على مفاوضات سرية خلف الكواليس ، وإلى أن وزير الخارجية الأمريكية بلينكن بنفسه سوف يرأس المباحثات التي ستتم برعاية سويسر والمملكة العربية السعودية الشهر القادم في سويسرا، وأن المبعوث الأمريكي سوف يقوم بإقناع الطرفين لحضورها، وأن وزارة الخارجية الأمريكية قد وجّهت الدعوة بالفعل للجيش المختطف ومليشيا الجنجويد لحضور هذه المباحثات. والخبر في مجمله محصلة لمجهود من المفاوضات التي تمت خلف الكواليس والتي اشرنا اليها مرارا وتكرارا، والتي كانت إجراءات تمهيدية لما تم تداوله وهو راجح الصحة في مجمله دون تأكد من التفاصيل الواردة بالمقال. وقد يقول قائل لماذا تحركت الادارة الأمريكية على أعلى مستوى الان ، ودخلت بهذه المبادرة ذات الوزن الثقيل سياسياً ؟ والإجابة بالطبع هي أن هذه الإدارة في آخر أشهرها، وأنها بحاجة إلى بعض الفتوحات في السياسة الخارجية لدعم حملتها الإنتخابية للرئاسة ، خصوصا بعد النقد الذي واجهته والحراك الجماهيري ضد موقفها في حرب غزة، بإعتبار أن حرب السودان حرب مأساوية أخرى في هذه المنطقة الملتهبة. (٢) والملاحظ للمبادرة وما يحيط بها من نشاط تفاعلي ونشاطات موازية للقوى السياسية، يستطيع رصد ما يلي: أ. أن المبادرة قدمت الدعوة للجيش المختطف ومليشيا الجنجويد المجرمة ، ولم تقدم الدعوة لحكومة الأمر الواقع سليلة إنقلاب أكتوبر ٢٠٢١م ، في مواصلة لنهج الادارة الأمريكية الرافض للاعتراف بحكومة الانقلاب، والذي يعتبر أن الحرب مجرد صراع بين قوتين مسلحتين تابعتين للدولة.
ب. أن المباحثات ستقتصر على وقف العنف وتوصيل المساعدات الإنسانية ومراقبة ذلك، وهي في جوهرها امتداد لمنبر جدة ، حيث أنها لن تناقش المسائل السياسية الأوسع. وهذا يعني أن الادارة الأمريكية ليس من ضمن اهتماماتها الاعتراف بمحصلة سياسية خارج شراكة الدم ذات الواجهة المدنية المنخرطة في المشروع المنسوب للمجتمع الدولي ، والمعروف بالهبوط الناعم أمريكي الصناعة وغربي الهوى.
ج. سبق المبادرة تصريح لقيادية في الحركة الإسلامية لقناة الجزيرة بأنهم لا مانع لديهم من الجلوس مع المليشيا المجرمة إذا جنحت للسلم، مع رفض بات للجلوس مع القوى المدنية المدعومة من المجتمع الدولي، في تأسيس واضح لهذا النوع من المفاوضات، وواكبها بيان من المؤتمر الوطني المحلول، يتحدث لأول مرة عن السلام ويضع شروط الحركة الإسلامية لذلك ، وهذا يعني استعداد هذه الحركة المجرمة للتسوية مع ربيبتها المليشيا المجرمة والتوصل إلى اتفاق ثنائي لاقتسام السلطة.
د. أن حكومة الأمر الواقع الانقلابية في بورتسودان ، شاركت عبر صحفي إسلامي قيادي سبع مرات في منتدى رسمي في تل أبيب، حيث دعا الصحفي لتجاوز اتفاقيات أبراهام والتعامل مع الحكومة الانقلابية مباشرة لتطبيع كامل مع اسرائيل. وجوهر هذه المطالبة هو محاولة خلق علاقة مباشرة مع اسرائيل وتوهم أنها معبر رئيس للتعامل مع الادارة الأمريكية ، دون المرور عبر حلفائها الاقليميين عرابي المليشيا المجرمة وداعميها. وهذا يعني استعداد الحكومة الانقلابية المجرمة للانخراط في اي نشاط أمريكي مباشر أو عبر ممثل الادارة الأمريكية في المنطقة وحاملة طائراتها السياسية. (٣) مفاد ما تقدم هو أن الجيش المختطف مستعد لقبول المبادرة والانخراط في مباحثات سويسرا، لكنه يتمنع عبر خطاب مسعري الحرب والحديث حول انتصارات وهمية وقرب التخلص من المليشيا المجرمة تدوير للأوهام ، وذلك لتحقيق هدفين لا ثالث لهما: ١- محاولة الحصول على اعتراف بالجيش كحكومة شرعية تثبت شرعية الحركة الإسلامية المختطفة له كطرف في المعادلة السياسية وفرضها بالحرب على الشارع السياسي الرافض لها، ٢- الدفع في اتجاه تسوية للمسائل السياسية الواسعة لتقاسم السلطة مع المليشيا المجرمة واستبعاد المدنيين المدعومين من المجتمع الدولي. والأمران يصطدمان بحائط المشروع الأمريكي ، الذي لا يمكن ان يعترف بمشروعية لحكومة الانقلاب ، ولا يمكن أن يتنازل عن شراكة الدم ويتخلى عن تصوره للخارطة السياسية في السودان ، خصوصا وأن الجيش المختطف ومن خلفه الحركة الإسلامية في حالة هزيمة عسكرية مزمنة. فوق ذلك الادارة الأمريكية تعلم يقيناً ، أن الحرب نشاط اجتماعي غير معزول عن مجتمعه، وأن ايقاف الحرب له تداعيات سياسية بإعتباره مشروعا سياسيا، وأن هذا الإيقاف لابد أن يرتبط بتصور سياسي لطبيعة سلطة ما بعد الحرب وطبيعتها المحسومة بالنسبة لها في شكل شراكة دم. لذلك استبعدت مناقشة المسائل السياسية الواسعة، لتفرض وقفا للعنف وتوصيل المساعدات الإنسانية ومراقبة ذلك، حتى يتسنى لها تركيب حلها السياسي لاحقا بعد تحقيق هدف وقف العنف وتوصيل الاغاثة والإمساك بالوضع من ناحية عسكرية وأمنية ، مع منع اقتسام السلطة بين الطرفين المتحاربين. وقد يبدو ذلك جيدا في عيون البعض لأنه سيوقف الحرب التي يسعى المواطن المغلوب على أمره لوقفها بأي ثمن، ولكن هذا الجانب الايجابي من مشروع المبادرة ، يخفي خلفه شراكة دم كاملة الدسم قادمة لا محالة في حال نجاحها. المطلوب هو قبول ودعم ايقاف الحرب أيا كان وسيلة وقفها طالما أنها لن تمس المسائل السياسية الأوسع وسوف تقتصر على وقف العنف وتوصيل المساعدات الإنسانية ، مع رفض واضح وصريح لأي شراكة دم او اقتسام للسلطة مع الطرفين المجرمين المتحاربين، مع الاصرار على تحميلهما مسئولية الحرب وتداعياتها وعلى محاسبتهما وطردهما معا من المعادلة السياسية.
Quote: ضياء الدين بلال - التفكير الرغبوي لا يصنع سلاماً
Salah Elbashir 17.400 Abonnenten
Abonnieren
84
Teilen
3.124 Aufrufe Premiere am 25.07.2024 علينا أن نفرق بين رغباتنا وحاجاتنا. التفكير الرغبوي يقودنا إلى حلول يصعب تحقيقها في الواقع. التفاوض يعني التنازل عن حق مائة بالمائة والرضوخ إلى ما يمكن تسميتع بالحلول التوافقيه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة