آل السَّرَّاج ودورهم في الحياة السودانية

آل السَّرَّاج ودورهم في الحياة السودانية


06-16-2024, 00:00 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1718492458&rn=0


Post: #1
Title: آل السَّرَّاج ودورهم في الحياة السودانية
Author: بدر الدين العتاق
Date: 06-16-2024, 00:00 AM

00:00 AM June, 15 2024

سودانيز اون لاين
بدر الدين العتاق-مصر
مكتبتى
رابط مختصر



آل السَّرَّاج ودورهم في الحياة السودانية
القاهرة في : ١٥ / ٦ / ٢٠٢٤
كتب / بدر الدين العتَّاق
يتضح مما سبق أنَّ آل السَّرَّاج لم ينغلقوا على أنفسهم طيلة القرون السابقة ( 1846 م تقريباً – 2024 ) منذ مزاوجة الإمام الحسن المجتبى في القرن السابع الميلادي من خولة بنت منظور الفزارية زوجه الحسن المجتبى رضي الله عنه وأرضاه ( ولد بالمدينة في 15 رمضان 3 خ الموافق لسنة 627 م وتوفي بالمدينة ودفن بالبقيع في 28 صفر 50 خ الموافق لسنة 674 م ومدَّة إمامته 10 عشر سنوات وعاش حوالي " 47 سنة " فقط سبعة وأربعون سنة ، / وكان مزواجاً ومطلاقاً – موضع موضوع كلمتنا عاليه - / راجع المصادر التاريخية آخر الكتاب وذات الصلة والانترنت ) إلى يومنا هذا في القرن الواحد والعشرين بالمصاهرة المجتمعية مع كل ألوان الطيف الإنساني القبلي السوداني في حيزَي الزمان والمكان؛ بل تصاهروا وشاركوا واندمجوا وتفاعلوا وتأثَّروا وأثَّروا واغنوا بما عندهم مع كل الكيانات البشرية بلا تمييز ولم يغرهم في ذلك الاثنية أو الصفوية التي هم عليها وانتسابهم وانتماءهم للجناب النبوي الشريف؛ بل العكس تماماً وليس هذا الأمر بمندوحة لأنَّ الجِبِلَّة البشرية وحكم الظروف التاريخية التي أجبرتهم للهجرات المتتالية من جزيرة العرب منذ سنة 145 للإخراج النبوي إلى أصقاع الكوكب وبالتحديد إلى بلاد الأندلس في القرن الثالث الإخراجي ومشاركاتهم في الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية والأدبية وهلم جرا؛ كان لها أثرها المباشر في أن يشكلوا نواة مستمرة في بلاد المهجر الجديد وهي بلاد السودان الحالي كما كانت من قبل في بلاد جزيرة العرب وشمالها على عمق بلاد الرافدين وبلاد الشام ثم في بلاد الأندلس تلك الحضارة الإسلامية العربية التي استمرت زهاء الثمانية قرون بقارة أوروبا الحديثة ( 711 م – 1492 م / أي : 786 سنة ) مروراً حتى الشمال الأفريقي لساحل البحر الأبيض المتوسط من بلاد طرابلس وتونس والمغرب العربي والجزائر إلى عمق بلاد مصر وحدودها الجغرافية الحالية ثم توغلاً لبلاد السودان القديم في القرن التاسع عشر وحتى الآن .
لا أغالي إذا قلت إنَّ هذه الهجرات الممتدة لأسرة آل السَّرَّاج عبر التاريخ الطويل أعادت الكَرَّة في العصر الحديث نحو بلاد الصين الشعبية والإتحاد السوفيتي السابق وأميركا وكل دول العالم من جديد؛ مما يؤكد انتشار هذه الأسرة بكل مكوناتها الجينية لأي مكان في العالم ولا يمكن لأي دارس أو باحث أو مهتم في مجال الأنثروبولوجيا أن يتجاوزها بحال من الأحوال وإلَّا ويقف عندها بلا شك وإلَّا فعليه بمراجعة أبحاثه ودراساته من جديد .
ما يهمني هنا في هذا الموضع هو " قبيلة السَّرَّاج في السودان" على وجه الخصوص؛ بذات الفكرة والقيم المجتمعية والأسباب والتداعيات البيولوجية والتاريخية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية وخلافه التي أدَّت لانصهارهم وذوبانهم في كل المجتمعات الإنسانية مع الاحتفاظ بالتسلسل الجيني إلى الدوحة المحمدية ؛ هي ذاتها بحكم الوقت أدَّت للتعايش السلمي والقبلي والمجتمعي الإنساني في المصاهرة من قبائل السودان المختلفة بطل ديمغرافيته المعروفة بلا تمييز وزادت بطبيعة الحال من النسل والنسب الصحيح مما شكَّلت قبيلة قائمة بذاتها للثلاثة قرون الماضية ويجب الإعتراف بها من حيث هي قبيلة لها خصائصها ومميزاتها الدالة عليها في الجهات الحكومية المعنية والمختصة بالسودان فلها ما لهم وعليها ما عليهم من حقوق والتزامات وواجبات وخلافه حسب ما ينص عليه القانون والدستور والعرف المجتمعي المحلي كما هو الحال الاعتراف لكل المكوِّنات القبلية في السودان .
أسهمت قبيلة السَّرَّاج في السودان إسهاماً كبيراً في كل المجالات الحياتية بلا استثناء بكل التفاصيل الإنسانية الدقيقة وأخص بالذكر مجدداً وكثيراً مجال التربية والتعليم بكل المستويات والمسميات؛ فهذا المجال بالذات هو الذي اشتهرت فيه القبيلة السَّرَّاجية أولاً ثم تلتها بقية المجالات كافة ولا يكاد يخلو بيت من بيوت السودانيين وإلَّا كان فيه من تتلمذ على أيادي سرَّاجية بالأصالة أو بالوكالة ؛ وهذا لا يقدح بطبيعة الحال أن يكون أول إسهامهم في المجال السياسي والجهادي بحكمه سبباً من أسباب دخولهم إلى السودان أوَّل الأمر إبَّان حكم الأتراك لبلاد السودان والمصطلح عليه بــــــــ " التركية السابقة ١٨٢٠ - ١٨٨٥ " لكن بعد نهاية حكم المهدية ) ١٨٨١ - ١٨٩٨ ( وتفرع الأسرة واستقرارها بأم درمان من الأب الروحي المؤسس الشيخ محمد السَّرَّاج الأكبر أول داخل لبلاد السودان؛ اتجهت مباشرةً إلى التربية والتعليم والإدارة وما أشبه ثم تلتها بقية المجالات الحياتية في النشاط المجتمعي الطبيعي كما ذكرت عاليه .
دعني أذكر على سبيل المثال لا الحصر اسهاماتهم في بعض المجالات والنشاطات الحياتية بالسودان ودورهم الطليعي والطبيعي فيه :
١ / الدراسات اللغوية والعربية والإنجليزية ؛ وعلى رأسهم الشيخ الطيِّب بن عبد المجيد السَّرَّاج ؛ الذي ذاع صيته في مجال الأدب والشعر والتدريس والترجمة من داره بأبي روف الواقعة بأم درمان غرب نهر النيل جغرافياً ؛ وبرع في مجال اللغة العربية حتى بلغت سمعته الآفاق في بلاد العرب وأخص بالذكر المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الشقيقة والتي كان عضواً بارزاً في مجمع الملك فؤاد للغة العربية بدرجة وكيل وزارة .
٢ / الدراسات الإسلامية ؛ وعلى رأسهم الشيخ عبد الوهاب بن عبد المجيد السَّرَّاج؛ الذي كان يدرس الفقه الإسلامي على المذاهب الأربعة في معهد مسجد الخرطوم الكبير وتلامذته كثر لا حصر لهم / راجع سيرته الذاتية هنا في هذا الكتاب / .
٣ / الإدارة العامة والحسابات؛ وعلى رأسهم الشيخ حسن بن عبد المجيد السَّرَّاج؛ الذي كان يعمل في وزارة الصحة باش كاتباً ثم في سلك التعليم بعد إنشاءه مدرسة أولية ببيت المال للتعليم سنة 1956 وتطوَّرت هذه المدرسة بحكم الوقت إلى أن صارت جامعة بفضل الله ثم بفضل أبناءه وحفدته فصارت رمزاً من رموز التعليم في السودان وهي مدارس النصر الثانوية ثم كلية النصر التقنية التي أصبحت جامعة النصر فيما بعد 2023 ومقرها بأم درمان .
٤ / التعليم الديني ؛ وعلى رأسهم الشيخ إسماعيل بن عبد المجيد السَّرَّاج؛ الذي كان عالماً بالعلوم الدينية وكان مدرساً بها خبيراً خِرِّيتَاً وكذلك حمل الراية بعده حفيده الثقة الثبت الشيخ الأستاذ / علي هاشم السَّرَّاج؛ الداعية الإسلامي المعروف .
٥ / الإدارة ؛ وعلى رأسهم الشيخ محمد صالح بن عبد المجيد السَّرَّاج؛ الذي اشتغل بالعلوم العامة والتدريس والإدارة وكان موظفاً بمصلحة البريد والبرق مسؤول التلغراف.
٦ / الإدارة والحسابات؛ وعلى رأسهم الشيخ علي بن عبد المجيد السَّرَّاج؛ الملقب بتوفيق؛ الذي كان يعمل في مجال الإدارة والحسابات في القطاع الحكومي.
٧ / المسرح والدراما ؛ وعلى رأسهم الأستاذ القدير / ميسرة السَّرَّاج؛ ويعتبر أول من أسَّس للمسرح في السودان أوائل القرن العشرين وأنشأ " فرقة السودان للتمثيل " ومن أشهر الذين عملوا معه الأستاذ الكبير المرحوم / الفاضل سعيد؛ والدكتور / فرَّاج الطيِّب السَّرَّاج؛ والدكتور / حديد الطيِّب السَّرَّاج؛ والأستاذ المرحوم / خالد أبو الروس؛ والأستاذ الكبير / إسماعيل خورشيد؛ وخلافهم؛ ومن أشهر مقولاته التي حفظها التاريخ كما حدثني بذلك الأستاذ القدير / عبد الله يوسف إبراهيم النور؛ قبل خمس وعشرين سنة " أعطني قرشاً اعطك مسرحاً " والتي كانت شعاراً لبناء معهد القرش الصناعي بالملازمين بأم درمان وتم تنفيذه بالفعل إبَّان حكومة السيد خضر حمد .
٨ / الجيش السوداني؛ وعلى رأسهم سعادة العميد معاش / محمد الفاتح عمر إسماعيل السَّرَّاج؛ الذي خدم في القوات المسلحة السودانية حتى نزوله المعاش برتبة عميد وله إسهاماته العسكرية والأدبية في مجاله.
٩ / الشرطة؛ وعلى رأسهم سعادة العقيد / أمين عثمان السَّرَّاج؛ الذي عمل بشرطة السودان وله دوره المشهود فيه.
١٠ / الآداب والعلوم والثقافة؛ وعلى رأسهم المرحوم الدكتور / فرَّاج الطيِّب السَّرَّاج؛ الذي عمل أستاذاً أول الأمر ثم في الإذاعة السودانية ببرنامجه الأشهر الذي تجاوز عمره الواحد والخمسين سنة " لسان العرب " وما زال يُقدَّم حتى يومنا هذا وعرف بمشاركاته المربدية بدولة العراق سنوياً بالشعر الرصين الجزل .
١١ / الصحافة والإعلام؛ وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور / حديد الطيِّب السَّرَّاج؛ الذي شغل منصب الأمين العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون منتصف الثمانينيات من القرن العشرين؛ ومديراً للتلفزيون القومي وعميداً لقسم الإعلام بجامعة القرآن الكريم وله عدد من المؤلفات في ذات المجال الإعلامي وخارجه.
١٢ / الصحة والتثقيف الصحي ؛ وعلى رأسهم المرحوم الدكتور / شاكر علي السَّرَّاج؛ الذي كان وزيراً لوزارة الصحة في عهد حكومة الإنقاذ الوطني وبرلمانياً معروفاً .
١٣ / التربية والتعليم؛ وعلى رأسهم الأستاذ المربي القدير / محمد الهادي حسن السَّرَّاج؛ الذي عمل في مجال التربية والتعليم لأكثر من خمسين سنة بكل ربوع السودان حتى أحيل للمعاش قبل عشرين سنة تقريباً.
١٤ / العلوم الهندسية والصناعية ؛ وعلى رأسهم المرحوم المهندس / محمد المجتبى حسن السَّرَّاج؛ الذي كان مسؤولاً في الهيئة العامة للكهرباء بالسودان ومديراً لمحطة بُرِّي الحرارية حتى أحيل للصالح العام سنة ١٩٩٣.
١٥ / الطب؛ والطب النفسي؛ وعلى رأسهم المرحوم الدكتور / محمد الجواد حسن السَّرَّاج؛ الذي كان يعمل بوزارة الصحة إبَّان حكم الديمقراطية الأولى ١٩٥3 - ١٩٥٨ وهاجر إلى بريطانيا منذ ذلك الحين وتوفي هناك سنة ٢٠١٤.
١٦ / القانون والقضاء؛ وعلى رأسهم الأستاذ القدير / ضياء الدين محمد صالح السَّرَّاج؛ الذي كان مستشاراً قانونياً ببنك العمال الوطني في السودان .
١٧ / الدراما والموسيقا ؛ وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور / محمود ميسرة السَّرَّاج؛ الذي له إسهاماته المقدرة في مجال التمثيل والدراما في السودان ومصر وما زال مشاركاً حتى الآن.
١٨ / الفنون والغناء؛ وعلى رأسهم الأستاذ الفنان / أمجد نوح محمد صالح السَّرَّاج؛ الذي برع في مجال الفن والغناء ومشاركاً اجتماعياً وفنياً في كل المحافل الخاصَّة والعامَّة .
١٩ / إدارة الأعمال والتسويق ؛ وعلى رأسهم الأستاذة / نادية يحي السَّرَّاج؛ التي تعمل في مجال المال والأعمال بدولة الإمارات العربية المتحدة والسودان .
٢٠ / السياسة الخارجية؛ وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور / رشاد فرَّاج الطيِّب السَّرَّاج؛ الذي كان مسؤولاً رفيعاً بوزارة الخارجية السودانية بمكتب العلاقات العامة وسفيراً لبلاده بعدد من الدول العربية .
أمَّا الأجيال الجديدة فلها من الامتيازات والمهارات في كل المجالات والأنشطة الحياتية سواء كانت متوارثة أو مكتسبة الكثير مما لا يتسع المقام لذكرهم جميعاً ودورهم واضح للعيان خلاف الصالونات الأدبية المنزلية لأكثر من سبعين سنة وحتى اليوم ولم تنقطع إلَّا لأسباب الحرب القائمة اليوم والمشاركات القومية الوطنية داخلياً وخارجياً مما أفرزت تلامذة وأساتذة وقيادات فكرية وعلمية وأدبية في كل المجالات والنشاطات الحياتية .
إنَّ قبيلة السَّرَّاج بهذا المستوى من الانفتاح والتأثير والتأثُّر على المجتمع السوداني نسباً وصهراً وامتداداً بيولوجياً وعِلْمَاً وعملاً والتي يشهد لها الجميع بعدم ولوجها معترك الحروب القبلية أو الأهلية في أي بقعة من بقاع السودان ولم يسجل لها التاريخ أي إدانة أو جريمة مطلقاً بل نالت شرف الفكر والحرف والقلم منذ ثلاثة قرون خلت وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهذا ديدنها إلى الأبد بمشيئة الله تعالى وإن كان يؤخذ عليها قلة المصنَّفات والكتابات والتآليف في ضروب المعارف بعامَّة وإن كانت موجودة فهي ليست مطبوعة أو منشورة على قِلَّة المطبوع والمنشور منها فهو لا يغني عن الكتابة والتصانيف والطباعة والنشر بلا ريب ومن الأفضل معالجة هذا القصور في زمن وجود التكنلوجيا والفتح الرقمي المعاصر .
هذا ! لهو جدير بأن يقف عندها الدارس والمتعمق في دراسة الأنثروبولوجيا السودانية لما لها وما عليها من تخصصات وامتيازات ومشاركات واضحة أغنت البلاد ورفدته بالخبرات التراكمية العلمية والعملية وما زال عطاءهم مستمراً ولن ينقطع بمشيئة الله تعالى وتوفيقه يرى أثرها واضحاً بلا شك .
أنا كتبت هذه الكلمة لأدلل على الوطنية السودانية الحقَّة والانتماء للوطن لقبيلة السَّرَّاج ودورها الطليعي والطبيعي في الحياة والأنشطة المتعددة والتي لا ينكر دورها إلاَّ مكابر أو جاهل فهي تستحق عن جدارة لا عن تكلُّف أو تصنُّع أو مغالاة أو ولاء باطل أن يكتب عنها؛ بل من أوجب الواجبات التوثيق والتحقيق والدراسة لها باعتبارها ظاهرة إجتماعية فعَّالة بلا حدود وأن تكون إحدى القبائل السودانية البارزة مثلها مثل أي قبيلة معروفة لها من الحقوق والحريات الأساسية والواجبات والالتزامات القانونية والدستورية اللازمة ما على غيرها من مثيلات؛ وإن كنت أفضل كلمة " القومية والوطنية " بدلاً عن القبيلة والقبلية لكن بحكم وضع فكرة هذا الكتاب أقول بالقبيلة والله أعلم بالنوايا .