في رحيل الأيوبية بسم الله الرحمن الرحيم حين يصطفينا الحزن وتحاصرنا الفجيعة (لا نقول إلا الحمد لله وإنا لله وإنا إليه راجعون) ابحث الآن عن حرفٍ قاس ... حرف يريحني من دوار الحزن لأكتب عنك أو عني الآن.... حرف يوقظ في روحي بقايا الكلام النائم .... حرف يحيلني إلى مداد وقلم وفرشاة .... فانا أحتاج أن أحكي الآن للآخرين عنك ...أحتاج أن أكتب أكتب عن بهاء الحضرة في لحظات رحيلك الأخير ومن قبل عن مواسم صمتك الرزين و(نقّتك) الأنيقة وطول صبرك الأليف على الألم والمخاوف والتناقض والأحزان والسهر ووجع الذاكرة لا سبيل الي افراغ الذاكرة من مخزون ذكرياتي معك باسم الكتابة عنك ولذا سأكتب عن حزني دون المرور بمحطات تثير في نفسي قضايا العودة الي الأفراح خوف الوصول إلى النهاية ومن ثم حقيقة أنك لست هنا الآن .... أهدتنا بورتسودان فرصة اللقاء ...كنت كما هو الحال دائما .....عائدا لحظتها من حياة كتبت فصولها بين النيل والصحراء وضجيج القلب....أظنه العام بعد الخروج من فصل مرهق وقاس.......الاحساس بانها آخر تطواف القلب كان هو السائد لحظات الالتفات الي وجهها النيلي الملامح ......دلفنا الي بهو الضحك الأليف دون مشقة .....ثم سرنا كغيرنا من الذين لايملكون إلا قلوبهم وبعض إيمان يقيهم شر كل أنواع السقوط .....كان ما بينها وبين النيل والبحر المالح تلك القدرة الفائقة علي العطاء حتي في لحظات الغضب.....كانت تملك سر أن تبقي دائما هناك .....وكأنها تدري أنها البقعة التي يهرب إليها من تحبهم.....تدري أنه لا عاصم لهم من الحزن وارهاق الحياة بفقر ملازم إلا قلبها....حضن دافيء وصدر فاره الرحاب....مزيج من رقة النساء الأمهات وإرهاقهن وحنين النساء الأغنيات ودفئهن ورضاء النساء الرقيّات وبهائهن.... وبقيت هنا وهناك ...حلمها أن يحلم الآخرون بها مركزا لدائرة العودة ......كلارض كثيرة السمرة.والطيبة والعطاء....غالبا ما تنهض من حزنها كصباح العيد ليرتدي الآخرون ضحكتهم ... صوتها كان هو اخر ما اكتسبته جراء مقارعة أحزان الدائرين حولها وآخر ما فقدته في لحظات ما قبل الرحيل ذاكرتي خائرة ...لا تستجيب لقلمي ... وكأن كل ذكرياتي رحلت معك ..ورغم ذلك تترآى لي الآن ومن خلف ضباب الحزن تفاصيل بعض لحظات التقائنا بالمدن الأليفة والموحشة أيضا بدءا ببورتسودان, طوكر, سنكات, كسلا, القضارف, الفاو ,مدني, سنار, كوستي, الابيض, بارا , الرهد, نيالا, الفاشر, زالنجي, جبل مرة, الجنينة, الضعين , هلسنكي, هرقيسا واخيرا الرياض حيث اعتزلت الحياة في مرافقة زوج فوضوي المزاج ...زوج أدمن الغياب والترحال لدرجة أن ترابه ما عادت تصلح لتشكيل أرخص الاحلام دعك من حلم يقيك شر البعد عنه ... كنت الوحيدة التي وثقت بأنه رجل يصلح للعشق والرفقة والمودة والرحمة في دروب أكثر من نصف عمرك ... ولم يتغشاك اليأس قط . تتراءى تفاصيل افراحنا الصغيرة بقدوم البنية آلاء واخوتها وقصص نجاحهم ونجاحنا واحتفالاتنا الصغيرة بشراء متطلبات الحياة ..أحلام تحققت واخرى اسقطناها بفعل خوفك من ظلم الآخرين أو بسبب تكاليفها الباهظة بحساب الموت والحياة أنت الوحيدة التي تدري أنني الحزن الذي يحتاج دمعها ....وتدري أنني أخذت من التوغل فيها ....طعم الهوية وكل تذاكر العودة الى المرافيء التي ما عادت بعد رحيلها تزهر لقيا ولو بعد حين اللهم أغفر وارحمها وتقبلها قبولا حسن فانت أدرى بها مني وأعلم بمقدار فقدي لها فقد كنت بها غنيا جدا بصبرها على الفقر وقلة المال وقلة الحيلة أيضا في مواجهة متطلبات الحياة اليومية تحكمها انسانية مفرطة في التعامل مع الفقر والناس وتميزها القدرة على تحويل الألم الى قوة وتحويل الفوضي إلى مهرجان افراح اللهم انها كانت دليلي في معاركة الحياة وسبر اغوارها وتجاوز منعرجات أحوالها وستري في احتفاظها بي واقفا في عيون الناس والزمان وكنت بها قويا بمقدار ضعفها تجاهي وتجاه ابنائها وتجاه الاخرين من الأهل والأصدقاء..كانت لا تتحدى إلا نفسها ... امرأة من روح وقلب وحسن خلق وخلقة علّمت لغة الود ومنطق الحكمة وطلاقة اللهجة الدنقلاوية وبديع عربية المدن هن النساء الرقيّات ... نساء مهمومات بأمور الغير يقاسمن الآخرين الحزن والفرح والخبز ... خودٌ رائعات حسن وخلق... رشُوفات فم وكلام ... مرحات روح وحديث ... انيقات الملبس والدواخل ... مباهجهن كثرة العطاء دون انتظار مقابل وحسن الخلق ولطافة التعامل, خفيضات الصوت ورقيقات الابتسام من أجل الدخول إلى قلوب خلق الله هن نكهة حياتنا الجميلة أه يا زمنا لا يلد إلا الحسرة والحزن ... محض ذكريات نجترها ونتلوها صباح مساء حتى لا يقتلنا الألم وتصرعنا الفجيعة اللهم إن زوجتي حلت بجوارك وباتت في ذمتك فأنزل عليها رحمات من لدنك وسكينة، واشملها بعطفك ولطفك يا أكرم الأكرمين ويا خير المنزلين. اللهم اغفر لها وارحمها واصفح عنها وباعد بينها وبين عذاب القبر وفتنته ووحشته ووحدته. اللهم ثبتها عند السؤال وبشرها بخير حال وبيض وجهها يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. اللهمَّ اجزهِا عن الإحسان إحسانًا وعن الإساءة عفوًا وغفرانًا. اللهمَّ اغفر لها، وارحمها، اللهمَّ اجعل نبيّنا وحبيبنا محمد -صلّى عليه وسلّم- يشفع لها عندك، وأدخلها الجنَّة بجودك وإحسانك يا كريم. اللهمَّ تولها برحمتك ورضاك، وآتهِا برحمتك الأمن من عذابك حتّى تبعثها إلى جنتك يا أرحم الرَّاحمين. وارفع درجتها واجعلها في عليين. اللهمَّ إنَّ رحمتك وسعت كلَّ شيءٍ فارحمها رحمةً تطمئنُّ بها نفسها، وتقرُّ بها عينها. اللهمَّ اللهمَّ إنَّا نتوسل بك إليك، ونقسم بك عليك أن ترحمها وتدخلها الجنة بفضلك يا أرحم الراحمين
سم الله الرحمن الرحيم والحمد لله من فبل ومن بعد الاخوان الأعزاء عمر ومحمد عبدالله الحسين وحيدر لكم جزيل شكري وتقديري وبارك الله فيكم وجاكم خيرا ولا اراكم الله مكروها في عزيز لكم
والله يا عبد الله ليس اشق وامض وامر من فراق من نحب فراق بلا عودة وبلا وعد باللقاء يذهبون وهم ياخذون بعضا من روحك حياة، وكل روحك موتا ولا يبق غير الحزن ومكابدة التذكر
ليس بالنفس حيلة سوى سؤال الله الخالق ان ينزلها ويقعدها مع من يحب ويصطفي من خلقه
تغمدها الله بواسع رحمته ورضوانه وطيب ثراها بطيب الجنة
أحسن الله عزاءكم
إنا لله وإنا إليه راجعون
Post: #8 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: osama elkhawad Date: 04-12-2024, 06:09 AM Parent: #7
النص جميل وقابل للامتداد بحيث يكون نصا مرآوياً: في مرآة الذات الكاتبة تنعكس سيرة الراحلة الايوبية.
Post: #9 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: osama elkhawad Date: 04-12-2024, 07:42 AM Parent: #8
هذا النص المأساوي الجميل في آن، مشروع كتاب.
Post: #10 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: Yasir Elsharif Date: 04-12-2024, 09:10 AM Parent: #9
لا حول ولا قوة إلا بالله أحسن الله عزاءكم، أخي عبد الله، ومنحكم والأبناء القوة والصبر على الفراق وأنزل الفقيدة منازل المقربين.
إنا لله وإنا إليه راجعون
Post: #16 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: Abdalla Gaafar Date: 04-16-2024, 08:34 AM Parent: #10
أستاذنا ياسر الشريف تقديري وودي علي مشاركتك حزني ومواساتي تحياتي وأسأل الله ان لا يريك مكروها في عزيز لك
Post: #15 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: Abdalla Gaafar Date: 04-16-2024, 08:32 AM Parent: #9
العزيز جدا استاذنا الخواض شكراي وتقديري على المواساة والكلام الطيب هي الكتابة يا مشاء نهرب اليها للتخلص من بعض اوجاع الحزن وحصار الفجيعة المحكم...آمل ان اتمكن من المواصلة في الكتابة عن الأيوبية ما استطعت مستقبلا ودي وتقديري
Quote: .... فانا أحتاج أن أحكي الآن للآخرين عنك ...أحتاج أن أكتب أكتب عن بهاء الحضرة في لحظات رحيلك الأخير ومن قبل عن مواسم صمتك الرزين و(نقّتك) الأنيقة وطول صبرك الأليف على الألم والمخاوف والتناقض والأحزان والسهر ووجع الذاكرة
أخى المحترم عبد الله جعفر ربنا يرحم الفقيدة العزيزة رحمة واسعة ولها جنات الخلود، وينزل عليك يقينا ، صبرا وأمانا
*** لا يمت أحدا تماما فهى أرواحا تغير شكلها ومكانها -درويش
نسال الله لها الرحمة و المغفرة وان يسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا خالص التعازي لك وللاسرة اخي عبد الله جعفر
Post: #20 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: عبدالمنعم الطيب حسن Date: 04-16-2024, 09:07 PM Parent: #19
Post: #21 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: محمود الدقم Date: 04-16-2024, 11:53 PM Parent: #20
سلام اخي جعفر نسال الله للفقيدة الرحمة والمغفرة والرضوان ونسال الله ان يوسع لها في قبرها وان يتجاوز عن سيئاتها ويتقبلها عنده القبول الحسن، ونسال الله ان يوردها حوض الكوثر مع الانبياء والصديقيين والشهداء وحسن اولئك رفقيا، نسال الله باسماءه الحسني، وصفاته العلي، ما علمنا منها وما لم نعلم، ان يدخلها مدخل صدق، وان تري وجه حبيب الاولين والاخرين، وسيد البشر وخير من مشي علي الارض، وشفيع الامة ، سيدي محمد بن عبدالله خاتم الانبياء والرسل، نسال الله ان يرسلها لها في قبرها من يؤنسها في وحشة القبر من ملائكة الرحمن، ودعوات اولياء الله الصالحين، ودعوات زريتها واحبابها بحق لا اله الا الله، اللهم سامح امتك الايوبية واعفو عنها وارضها يا من اذا قلت للشيء كن فيكن، نسال يا الله باسمك الرحمن الرحيم وبعرشك العظيم، وبكرسيك العظيم ان ترضي عنها وتدخلها واسع جناتك يا رحمن الدنيا والاخرة.. اللهم امين وصلي الله علي محمد وعلي محمد وسلم وجبر الله كسركم والهمكم الصبر والسلوان وحسن العزاء اللهم امين
Post: #22 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: Biraima M Adam Date: 04-17-2024, 00:05 AM Parent: #21
إنا لله وإنا إليه راجعون نسأل الله أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته ومغفرته وأن يقرب نزلها ويوسع لها في قبرها ويجعله روضة من رياض الجنة.
أحر التعازل لكم الأخ جعفر ولأسرة الفقيدة الممتدة.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
Post: #23 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: عبدالمنعم الطيب حسن Date: 04-17-2024, 02:11 AM Parent: #22
تعود معرفتي بالدكتور عبدالله جعفر، لسنين مضت عن طريق الاصدقاء الشعراء؛ نصار الحاج النور يوسف، محمد الحسن الشيخ العالم..محمد سكندي وصديقنا احمد.. عزموني ذات امسية في كافي المزرعة ذاك الذي يشرئب متوغلا في وادي حنيفة غربي الرياض.. صاحب الكافي يعرفهم ويعرف مكانتهم الادبية.. عندما رآني لاول مرة سالني ان كنت شاعرا جديدا قلت له لا انا من الغاوون اوا ليس الشعراء يتبعهم الغاوون انا من الغاوون ضحك صاحب المزرعة اللطيف.. وتكررت اللقاءات ترى فيها عشاء فاخر.. .. دعانا الدكتور ذات رمضان، لتناول وجبة الافطار، في بيت هذه السيدة الايوبية.. الكريمة..البيت العامر من ظل استاذنا الدكتور ينقل في الاكل والمشروبات حتى اشفقت عليه.. وما زال يدخل لجلب المزيد واكلنا وقشينا شنبنا، ولم نختنق حتى من شدة انسيابية الطعام وفرادته.. ودبلنا في الابري والحلويات.. واستاذنا الدكتور لا يفتى، ينتقل بين ضيوفه الاكارم كالنحلة، والنخلة قامة وابتسامة واجمل ما يكون.. .. لشدة ما اكرمتنا هذه السيدة الايوبية، شكرا لكل ذلك البهاء من هذه الاسرة الصميمة العظيمة.. اللهم وسع مرقدها، ونور قبرها بقدر انسانيتها وكرمها وفضلها .. والهم اخانا وحبيبنا الدكتور عبدالله جعفر كل الصبر الجميل..
Post: #24 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: محمد حيدر المشرف Date: 04-17-2024, 05:38 AM Parent: #1
رثاء ينضح بالجمال الانساني في مقام حزن كثيف خالص التعازي القلبية ورحم الله الفقيدة رحمة واسعة
Post: #25 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: Abdalla Gaafar Date: 07-02-2024, 11:40 AM Parent: #24
الاخوان والاصدقاء الاعزاء خضر وعبد المنعم ومحمود وبريمة والمشرف جزيل شكري وتقديري لكلماتكم ودعواتكم الصادقة ومواساتي في فقد زوجتي غفر الله لها ورحمها وادخلها الجنة بفضله
وآسف للرد المتأخر فقد توالت علينا الاحزان بوفاة والدتي ايضا اللهم اغفر وارحمها واخلها الجنة بفضلك وادعو الله ان لا يريكم مكروها في عزيز لديكم
Post: #26 Title: Re: في رحيل الأيوبية Author: Abdalla Gaafar Date: 07-02-2024, 11:44 AM Parent: #25
بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} الحرم بت علي ود حمد : لست أرثيك ولكني أداري فيك حزني كأنه حلم ... صباحات الله بدونك يا أمي وصديقتي لقد اكتمل الحزن الجميل فينا بدرا كاملا حين اكتمل بهاء الموت فيك ....وحين بلغ جمال الامومة فيك أقصاه في وقت الرحيل لم نجد للبكاء عليك سبيلا ولا حتى بابا نطرقه .. فحالة اللا بكاء التي تحتلني الآن تماما تربكني جدا ... هذا الصمت الكئيب المخيم على الدواخل .... هزمني الجفاف في لحظات احتياجي لهطولٍ يغسل الدواخل من بقايا الحريق ويخفي لون الرماد .... فربما لم يأت خريف بكائي عليك بعد رغم تلبد سمائي بثقال الغيوم .... أرهاق نفسي ولا سبيل الى البكاء ....كأنها متلازمة أنهيدونيا أو ربما هي حالة ما بعد الصدمة أو ربما هو الشعور بالتهديد من أيام قادمات أو ربما هو الشلل يصيب العقل والقلب جراء تتابع الصدمات وربما هي محاولتي الخائبة في الاختباء من حدث فقدك أو انها حالة انفصال ذهني مؤقت خوف الانتباه لرحيلك ... سأهرب من الكتابة عن حزني عليك .. ساهرب من الحروف والاوراق ..خوف الدخول إلى محراب الحزن المحرّم واللغة الضالة ولكني سأكتب عنك ما استطعت لأنك كل ذكرياتي ما ظهر منها وما بطن ...ما سقط منها وما بقي... ونصف حياتي وطمأنيتي وامني وجلّ أقوالي أمام الله.. نعم سأهرب من الكتابة عن الحزن رغم هذا الشعور الحارق بغربة الروح والجسد والشعور القاسي بالوحدة ... و كأنما كانت حياتي هي ردة الفعل الموازي لحياتك ... سأكتب عنك رغم صعوبة الكتابة عن التاريخ ... حين يتجسد التاريخ في اأجساد وأرواح المكرمين من خلق الله هي الحرم بت ودعلي ود حمد ... هي حرم الدائرين حولها من الأبناء والأحفاد وأولي القربي والأصدقاء وأبناء السبيل والمساكين .. وهي امتداد طبيعي لشلال النور الواصل ما بين الصلاّح من الأجداد والآباء وما بين البقعة المقدسة وساكنيها إمراة لا يجدي الحزن عليها لأنها هي من قاتلته عمرا طويلا وانتصرت عليه حين بنت متاريس عواطفها عازلا بينه وبين من تحبهم ..لم يهزمها الا في لحظات فقد الأحبة كغيرها من النساء الأمهات ..يهابها الحزن لأنها تستطيع تحويله إلى أغان رثاء تغنيها بفرح حين تحاصرها الذكريات ... أكرمتني دون الآخرين من الأبناء والبنات بصداقتها وأكرمني الله بملازمتها لي عمرا من الطفولة وحتى الشيخوخة .. ما كان لديها وقت للحزن بعد وفاة الزوج.. جمعتنا (ابناء وبنات) كحزمة أمنيات وسارت بنا عبر دهاليز الحياة وتقلبات أحوالها ...ما عرفنا لصبرها حدود ولا لسعيها من أجلنا كلل... توكلت على الله وبفضله عبرت بنا إلى أحلامها وآمالها ومن بعد إلى أحلامنا وآمالنا .. أمي وصديقتي ورفيقة العمر ... لا اراها إلا وهي من خلفي سندا من العواطف والدعوات والمال والحضور المطئمن في لحظات السقوط او الانحناء أمام صعوبات الحياة كانت بهجة الطيبين من أهلها وقبلة الصلاح من أعمامها وعماتها وأقربائها ..لوحة لا تعبرها ذاكرة ولا يمحوها نسيان... دفء الضحك وصفاء الونسة ... والله ما رأيت امرأة تحب اهلها ويحبها أهلها دون فرز كحب الحرم بت علي لإهلها وحب أهلها لها.. انها جلسة ما بعد صلاة العشاء أقمار تزين بالضوء والدفء ساحة بيتنا الطيني شيخنا الحسن ودحمد واخيه صديق واخته التومة بت حمد ..كانت كأنها حبل الوصل الرابط بينهم نقاء الضحكات وحديث الذكريات ولم تكون النميمة جزء من تلك الاحاديث ..هم أعمامها وعمتها ... كانوا يحبونها وكانت مركز دائرة تواصلهم ..لقمة طيبة وقلوب شاكرة.. هي مركز دائرة أهلها جميعا إلفة صادقة وود صدوق وتاريخ من أسفار التواصل ومشاوير الإنتماء أحبتهم بالفطرة فاحبوها بإلفة بالغة .. ولم تكن شعرة معاوية .. بل هو حبل من الود الفطري المتين.. يتساوى في ذلك الأقربون وأقرباء الأقربون وكل من جاورهم أو صادقهم لم يكن البيت المفتوح بابه نحو خلوة الحمتياب بيتنا ولكن كان قلب الحرم بت علي ... ميراث الأم والأب والجد وكرم الله على من اصطفى من عباده ... حين كانت الخلوة ملاذاً لأبناء السبيل وضيوف الرحمن . وكانت هي ملاذ عمها شيخ الحسن حين يجن الليل فيكرمها عمها الحسن ود حمد بدق بابها مابعد منتصف الليل لاطعام ضيوف خلوة الحمتياب وهي من ورثت عن والدتها مسئولية الأطعام والابتسام وصلة الرحم والكرم والصبر والشعر وحب الآخر والتضرع لله بالدعاء للاخرين هي جزء من تاريخ تلك البقعة المباركة ..افراحها واحزانها ...أرضها وسماءها ... شعرها ونثرها... كانت ككثير من النساء البقعة المباركة تقرأ ولا تكتب ..تقرض الشعر في مواسم أحزانها ومواسم أفراح الأبناء والأحفاد عبورأ أنيقا من ترانيم الهدهدة إلى اغاني السيرة ومراثي الفقد ...تجيد صناعة الأكل وصناعة حياة الآخرين وتجيد أيضا دوزنة حياة الأحباء حين يشرخ ودهم صوت أشتر أبداً ما تعودت البحث عنها فبعض التفاتة كانت تكفي لاراها خلفي ... ذاك احساس بالامان الكامل..... و ها قد بلغ الرحيل المسعى وسقط مني نصفي قسرا تحت وطأة الفقد والفراق و فرض الرحيل سطوته وتحدى الحزن احساسي بالزمان والمكان والناس والأشياء حرم من ضياء اطاره البهاء ...ما دلّني على عظمة فقدها الا مصيبة الموت تأكل منسأتي المصنوعة من صدق دعوات أمومتها الباذخة .... منسأتي التي كنت أتكأ عليها واهش بها على الآمال والأحلام ودفء أمسيات اللقاء بها كي أحس بالأمن والأمان اللهم أسألك بعزّك الذي لا يرام وبملكك الذي لا يضام أن تنزل على أمّي نورًا من نورك، اللهم نوّر قبرها برحمتك، ووسّع لها مدخلها وآنس لها وحشتها، اللهم أسألك برحمتك أن ترحم شيبتها وتراعي غربتها ووحدتها، اللهم لا تترك لها ذنبًا إلا غفرته ولا أجرًا إلا لها كتبته، اللهم وأدخلها الفردوس الأعلى من الجنّة. اللهم أنت الكريم وأنت جزيل العطايا، اللهم وأنت واهب النعم، أسألك يا رب أن ترحم أمّي، اللهم فإنّها أمتك بنت عبدك ناصيتها بيدك ماضٍ فيها حكمك، عدلٌ فيها قضاؤك، اللهم إنّها بحاجة إلى رحمتك وأنت الغنيّ عن عذابها وأنت أرحم الرّاحمين فارحمها، وارزقها لذّة النّظر لوجهك الكريم اللهم وأدخلها جنّتك وأدخلها في عبادك الصّالحين اللهمّ برحمتك أستغيث يا حيّ يا قيّوم، يا أرحم الرّاحمين، يا أكرم الأكرمين، اللهمّ إنّ أمّي انتقلت وارتحلت من هذه الدّنيا، وصارت في ذمّتك وحبل جوارك، فاجعلها ممّن ينعمون برحمتك يا رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة، اللهمّ كما رحمتها فوق الارض ارحمها تحت الأرض ويوم العرض عليك يا حنّان يا منّان، اللهمّ تغمّدها برحمتك وانقلها من ضيق اللّحود إلى النّعيم في جنّات الخلود، اللهمّ إنّك على كلّ شيءٍ قدير، ، وصلّ اللهمّ على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين