ما بين «أهلا رمضان»» و«وداعا رمضان» كأنها طرفة عين وانتباهتها، مرّ الشهر سراعا، تفلت من بين أيدينا، لم نشعر بحلاوته، حسب وصف الدكتور ناجح إبراهيم في “الوطن”، بمرور أيامه بهذه السرعة، لم يمهلنا الشهر الكريم باحتضانه، مرّ كأن لم يكن بيننا.. إنه بين شهور العام مثل يوسف بين إخوته من أولاد يعقوب، ويكرر معنا الذي فعله يوسف مع إخوته، يمسح جراحاتنا، يطعم جائعينا، يغني فقراءنا، يشيع التكافل والتراحم بينا.. آه.. كيف ترحل/ والحنايا مثقلات/والمطايا تترجل/ كيف ترحل/ هل عتقنا؟/ أم بقينا في المعاصى نتكبل/أيها الشهر تمهل/ خذ فؤادي حيث سرت/ فحنيني يتنقل.. هكذا عبَّر الشاعر عن فراق رمضان ونحن نردد معه ذلك عبر مشاعرنا.. كنا نبكي خلف الشيخ المبدع محمد عمران رحمه الله، حينما كان ينشد في إذاعة القرآن الكريم «يا عين جودي بالدموع وودعي شهر الصيام تشوقا وحنانا.. لا أوحش الله منك قلوبنا وبيوتنا.. لا أوحش الرحمن منك ركوعنا وسجودنا وخشوعنا».. كان المسحراتي يبكينا في شبابنا وهو يدق على طبلته في آخر رمضان قائلا: «لا أوحش الله منك يا شهر الصيام، لا أوحش الله منك يا شهر القيام، لا أوحش الله منك يا شهر رمضان».. كانت أصوات المسحراتية رائعة جميلة، وكان ينادي على كل أسرة باسمها والأطفال يتجمعون حوله في الصيف خاصة.. يا شهر رمضان تمهل قليلا فالقلوب ظمأى، تمهل قليلا لنتوب أكثر وأكثر، تمهل قليلا لتضيء قلوبنا بنورك، تمهل قليلا لتملأ الدنيا بالقرآن والصيام والقيام، تمهل قليلا فلم يشبع منك العابدون والصالحون، تمهل قليلا ولا ترحل ومعك الفرحة والسعادة، فقد أسعدت الجميع مسلمين ومسيحيين، أسعدت التجار والباعة، أسعدت المعتمرين وشركات الطيران، الجميع سعدوا بك عبادة ومالا وقربا من الله وتوبة إليه وأنسا بالله، وتآلفا في القلوب، ودعاء للمكروبين من أهل غزة، فقد ضجت المساجد بالدعاء لأهل غزة المكروبين، لم يملكوا سوى الدعاء وهو والله كبير عند الله.
منقول من جريدة مصرية
04-10-2024, 10:48 AM
حيدر حسن ميرغني حيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 28867
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة