Post: #1
Title: في ظل الحرب السودانية- ما مصير مكتباتنا الورقية؟بقلم محجوب محمد آدم إسماعيل
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 03-25-2024, 11:04 PM
11:04 PM March, 25 2024 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
كم كان حزني عميقًا، ومراسلي من الخرطوم ينبئني بما حلَّ بداري من النهب في أحداث السودان، وأنهم ما تركوا لي شيئًا يذكر… فسألته بعفوية: وما حال مكتبتي؟! قال بامتعاض: ليس بها من بأس، غير أن بعض الكتب مبعثرة في الغرفة، فتنفست الصعداء حامدًا، فجاءني صوته مستفزًّا: ومن يحتاج إلى كتاب! لم أشأ أن أبيّن له أني لطول ما عاشرت كتبي، وأدمنت الجلوس بينها، قارئًا أو مقلبًا لصفحاتها؛ أراها أقيم ما في داري من مقتنيات جمعتها منذ طفولتي كتابًا كتابًا، وأعرف أحوالها، ونوع غلاف كل كتاب، وأكاد أذكر ما وضعت من خطوط في بعضها تحت نصوص وعبارات كنت أراها جديرة بمراجعتي لاحقًا، أو مفيدة في بحث أكتبه، أو محاضرة ألقيها.
بعض كتبي، أو قل أكثرها، اشتريتها مما كان يفرش على الأرض في وسط الخرطوم بغير قيمتها، أو مكتبات الكتاب المستعمل في مدينة الرياض، أو من باعة كتب الأرصفة في وسط القاهرة، ولا سيما أمام دار الأوبرا القديمة أو سور الأزبكية، وأظل الساعات الطوال أقلب في معروضات الكتب على تأفّف الباعة، وما أكثر ما أجد في هذه المعروضات من الكتب القديمة أو الحديثة كتبًا نادرة، ومفيدة لي جدًّا؛ وأوشكت بالخبرة أن أميز من يغلي لي السعر حسبما يبدو له من ملابسي أو أسلوبي في السؤال عن كتب بعينها، فإن لم أجد ما يغريني بشرائه انتقلت إلى المكتبات شاريًا، أو قارئًا في مكتبة الجامعة.
لم تكن مشكلتي منحصرة في غلاء أسعار الكتب في المكتبات مقارنة بكتب الأرصفة، أو بُعد المكتبات عن مكان سكني، وما يلزم الانتقال إليها من زمن ومال، بل إنك قد لا تجد في هذه المكتبات بعض ما تحتاج إليه؛ فتضطر إلى أن تنتقل إلى مكتبات الأرصفة لتجد أمامك سيلًا مما تبحث عنه أو مجموعة من الكتب النادرة؛ ذلك أن غالب مصادر كتب الأرصفة من مكتبات خاصة لبعض العلماء أو المثقفين الذين أنفقوا كثيرًا من المال في تجميع تلك الكتب، وتركوها بسبب موتهم أو فقرهم فتخلص منها الورثة بأقل من سعرها كثيرًا، وقد يكون بعض مصادر هذه المكتبات من طلاب علم استنفدوا حاجاتهم من مراجع مهمة؛ فتخلصوا منها ببيعها.
الكتاب في قيمته العلمية، ويغلو عندي بحسب حاجتي له، ولا أفكر إذا ما اشتريت كتابًا أن أزين به جدارًا في داري، بل إن زينة الجدار عند زوجتي الحبيبة أن يكون خاليًا من الكتب ونحوها. وهي تعرف، كما أعرف، أن لا حاجة لزوارنا مما نمتلكه من الكتب، قد يكتفي بعضهم بتقليبها، وقد يقرأ منها عنوانًا، ثم يسألك عن بعض أخبار السياسة أو السوق، ثم يعود إلى مقعده بعد أن ينفض يديه.
مهارات التحرير العربي آلمني مرة أن وزير التعليم الإقليمي كان يزور محليتنا، فلما عرّفوه بي طلب مني أن أهديه كتابي «في مهارات التحرير العربي»، وأن أكتب له إهداءً مني له، ففعلت سعيدًا، فلما انفض الحفل وجدت كتابي حيث وضعته. من الجانب الآخر ظللت أبحث عن كتاب شرح العكبري لديوان المتنبي لرسالة كنت أعدها، حتى وجدته بحالة جيدة معروضًا على الأرض أمام الجامع الكبير في وسط الخرطوم، فضبطت نفسي حتى لا يشعر البائع مدى اهتمامي به، ونجحت الخطة إذ لم يساومني في سعره كثيرًا، ولو أغلاه لي لكنت اشتريته لحاجتي له. في تلك الأيام كنت قد نقلت بخط يدي «كتاب الصناعتين» لأبي هلال العسكري، ومجموعة ضخمة من النصوص الشعرية مشكَّلة من كتاب «يتيمة الدهر» للثعالبي، بأجزائه الأربعة؛ لما حوته من نصوص لمجموعة من شعراء القرن الرابع للهجرة، ولم أحزن كثيرًا لما بذلته من الوقت والجهد في نسخ كل ذلك؛ لما وافاني صديق بهذه المصنفات فيما بعد.
وقد تيسر لنا اليوم عدد هائل من المراجع الإلكترونية، ويصيبني النهم لكي أضيف مجموعة طيبة من المراجع يومًا بعد يوم إلى ما عندي من المراجع في الحاسب الآلي، ويسرت لنا المكتبة الشاملة، جزى الله القائمين عليها خيرًا، مجموعة بلغت رقمًا ما كنت أحلم أن أجده في مكتباتنا، وكذلك الشأن فيما يتوافر لنا في الشبكة العنكبوتية من مواقع الكتب والرسائل؛ لا من حيث السهولة في الاستفادة من أي كتاب فيها أو نسخ أي نص منها؛ ومع كل ذلك فإن هذه الكتب والأبحاث الإلكترونية لا تقدم لي ما كانت تقدمه النسخ الورقية من المتعة في التصفح، وتقليب الصفحات، وقراءة الفهرست ونقل النص، وحبذا إن وجدت فيما تتصفحه غبارًا؛ فإنك واجد حين تنفض عنه ما ران عليه منه، ما تشعر به من الحنو وأنت تنفض عن طفلك ما علق به من آثار اللعب.
وفي الوقت الذي حظينا فيه بما وفرته شبكات الإنترنت من الكتب والمراجع، ارتفعت تكلفة طباعة الكتب لارتفاع قيمة مواد الطباعة، وضعف العائد من الطباعة بالنسبة للكاتب ودور النشر، وعدم إقبال القراء لشراء الكتب إلا ما كان ضروريًّا في دراسة أو إجراء بحث؛ فاتجه كثير من الكتاب إلى النشر الإلكتروني مجبرين؛ فهل ستصبح المكتبات الورقية عبئًا ينبغي التخلص منها؟ وما مآلات ذلك على المؤلفين، وما يترقبونه مما يمكن أن يدر عليهم ماديًّا؟ وكيف لهم أن يتصرفوا في حقوقهم المالية من ريع مصنفاتهم؟ وغيرها من الأسئلة…
|
Post: #2
Title: Re: في ظل الحرب السودانية- ما مصير مكتباتنا ال
Author: Hani Arabi Mohamed
Date: 03-26-2024, 00:43 AM
Parent: #1
من الواضح أن زهير عثمان حمد يعبر عن حبه العميق للكتب وأهميتها في حياته. يشعر بحزن عميق عندما يسمع عن أحداث النهب التي تعرضت لها داره في السودان وفقدانه للعديد من الكتب. ومع ذلك، يشعر بالارتياح عندما يعلم أن مكتبته نجت من النهب، على الرغم من أن بعض الكتب قد تم تبديدها في الغرفة.
يظهر أن زهير عثمان حمد كان يقضي الكثير من الوقت في مكتبته، وكان يستمتع بقراءة الكتب وتصفح صفحاتها. يعتبر الكتب جزءًا لا يتجزأ من حياته ويحتفظ بمجموعته الثمينة من الكتب منذ طفولته. يشير إلى أنه اشترى العديد من الكتب بأسعار رخيصة من الأسواق المستعملة في الخرطوم والرياض والقاهرة، ويستمتع بالبحث عن الكتب النادرة والمفيدة في تلك المكان.
بالإضافة إلى ذلك، يشير زهير عثمان حمد إلى أنه اكتسب خبرة في تحديد قيمة الكتب واختيار الأماكن التي يمكنه الحصول فيها على كتب نادرة بأسعار معقولة. قد يستخدم ملابسه وأسلوبه في السؤال عن الكتب لتحديد ما إذا كان البائع يحاول رفع السعر عليه أم لا.
مشكلة ارتفاع أسعار الكتب في المكتبات وبُعد المكتبات عن مكان السكن ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه القارئ. فالقارئ قد يجد نفسه في حاجة لكتب أو مراجع غير متوفرة في تلك المكتبات، وبالتالي يضطر إلى البحث عنها في أماكن أخرى مثل كتب الأرصفة. هناك عدة أسباب لوجود تلك الكتب في كتب الأرصفة، فقد يكون بعضها من مكتبات خاصة لعلماء أو مثقفين قاموا بتجميعها وتركوها بعد وفاتهم أو بسبب ظروف مادية، وقد يكون بعضها من طلاب علم استفادوا منها وقرروا بيعها.
الكتاب بالنسبة للقارئ ليس مجرد سلعة يتم شراؤها وزينة للجدران. إنما يحمل قيمة علمية ويكون له فائدة تعليمية أو بحثية. وبالتالي، فإن شراء الكتب يتم وفقًا لاحتياجات القارئ واهتماماته. قد يكتفي البعض بتصفح الكتب أو قراءة جزء منها، وقد يستفسر عن أمور معينة في السياسة أو الاقتصاد ومن ثم يعود إلى مكانه دون شراءها.
من جهة أخرى، قد يشعر البعض بالاهتمام بتقديم الكتب كهدية لشخص معين. فعندما طُلب منك أن تهدي وزير التعليم الإقليمي كتابك "في مهارات التحرير العربي"، فقد قمت بذلك بسعادة. وفي نفس الوقت، بحثت عن كتاب "شرح العكبري لديوان المتنبي" لاستخدامه في رسالة قمت بإعدادها. وعندما وجدته في مكان عام أمام الجامع، استفادت من الرغبة في شرائه وتمكنت من الحصول عليه بسعر مناسب. يتضح من هذا المثال أن البحث عن الكتب واقتنائها قد يتطلب صبرًا ومثابرة.
مع تطور التكنولوجيا، أصبحت المراجع الإلكترونية متاحة بشكل واسع عبر الإنترنت. وعلى الرغم من التوفر الكبير لهذه المراجع، إلا أن الكتب الورقية لا تزال تحمل قيمة خاصة بالنسبة للقارئ. فالتصفح وتحويل الصفحات والقراءة التقليدية توفر تجربة ممتعة قد لا توفرها النسخ الإلكترونية. قدعني ألخّص النقاط الرئيسية فيما تعلق بمشكلة ارتفاع أسعار الكتب في المكتبات وبُعد المكتبات عن مكان السكن:
1. ارتفاع أسعار الكتب: يعاني القراء من ارتفاع أسعار الكتب في المكتبات، مما يجعلها غير ميسرة للكثيرين، خاصةً في ظل زيادة تكاليف المعيشة. قد يكون هذا الأمر عائقًا أمام القارئين الذين يرغبون في اقتناء الكثير من الكتب.
2. بُعد المكتبات عن مكان السكن: قد تكون المكتبات بعيدة عن مكان سكن الأفراد، مما يعيق إمكانية الوصول إليها بسهولة. هذا يعني أن القراء قد يواجهون صعوبة في الوصول إلى المصادر المعرفية والمعلومات المتوفرة في تلك المكتبات.
3. توافر الكتب: قد يجد القراء أن بعض الكتب أو المراجع التي يبحثون عنها غير متوفرة في المكتبات التقليدية. قد تكون بعض الكتب غير متاحة بسبب ندرتها أو عدم توفرها في الأسواق المحلية.
4. الاعتماد على كتب الأرصفة: في بعض الأحيان، يلجأ القراء إلى شراء الكتب من كتب الأرصفة أو المكتبات الصغيرة غير الرسمية. قد يتوفر في تلك الأماكن مجموعة متنوعة من الكتب، ولكن قد يكون من الصعب ضمان جودة الكتب المعروضة أو توافر الكتب المطلوبة.
5. الكتب الإلكترونية: يمكن للقراء الاستفادة من التطور التكنولوجي والوصول إلى مراجع إلكترونية عبر الإنترنت. توفر الكتب الإلكترونية تنوعًا وتوافرًا أكبر من الكتب، وقد تكون أرخص من الكتب الورقية. ومع ذلك، قد يفضل البعض القراءة التقليدية والاستمتاع بتجربة الكتاب الورقي.
لحل هذه المشكلات، هناك بعض الاقتراحات التي يمكن اعتبارها، مثل زيادة دعم المكتبات العامة وتخفيض أسعار الكتب فيها، وتعزيز الوصول إلى المكتبات الرقمية والمراجع الإلكترونية. كما يمكن تشجيع إنشاء مكتبات صغيرة أو نقاط بيع للكتب في المناطق السكنية، ودعم المبادرات التي تعمل
|
Post: #3
Title: Re: في ظل الحرب السودانية- ما مصير مكتباتنا ال
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 03-26-2024, 04:22 AM
Parent: #2
لك كل الامتنان صديقي الناشر هاني
|
Post: #4
Title: Re: في ظل الحرب السودانية- ما مصير مكتباتنا ال
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 03-26-2024, 09:26 PM
Parent: #3
يا صديقي الكريم كل ما ذهبت الية حقيقة إنَّ الكتاب ليس مجرد متاع يُشترى ويُباع، بل هو رفيق الروح ومُنير العقل، يحمل بين دفتيه عوالم من المعرفة والحكمة. ولدي حبًا عميقًا للكتب، فهو بمثابة كنزي الثمين الذي يُثري حياتي ويُعزز فهمي للعالم من حوله. وعلى الرغم من الألم الذي أشعر به جراء أحداث النهب التي مست مكتبتي إلا أن الارتياح الذي غمرني هو بسبب نجاة مكتبتي التي هي جزء اصيل من حياتي هذه الرفيقة الصامتة لقد كانت مكتبتي ملاذًا لي، حيث اقضي الساعات غارقًا في القراءة والتأمل، وقد جمعت بها مجموعات قيمة من الكتب بعناية فائقة، مُستغلاً الأسواق المستعملة في الخرطوم والرياض والقاهرة ليُضيف إلى رصيده من الكتب النادرة والمفيدة , ولي مهارة في تحديد قيمة الكتب واختيار الأماكن التي يمكنه منها الحصول على كتب ذات قيمة بأسعار معقولة، تجربتي الطويلة لكي أحقق أفضل الصفقات ومع ذلك، فإن مشكلة ارتفاع أسعار الكتب وبُعد المكتبات عن مكان السكن تُعد تحديًا يواجه القارئ الشغوف فالكتاب ليس مجرد زينة للجدران، بل هو مصدر للعلم والمعرفة، ويجب أن يُقتنى بناءً على احتياجات القارئ واهتماماته ولذا، يجد القارئ نفسه أحيانًا مضطرًا للبحث عن الكتب في أماكن أخرى ككتب الأرصفة، حيث قد تكون هذه الكتب من مكتبات خاصة أو من طلاب علم باعوها لأسباب مختلفة وفي زمن التكنولوجيا، أصبحت المراجع الإلكترونية متاحة بشكل واسع، ولكن الكتب الورقية تظل لها قيمتها الخاصة، فهي توفر تجربة قراءة فريدة لا تُقارن بالنسخ الإلكترونية. ولحل مشكلات ارتفاع الأسعار وبُعد المكتبات، يمكن النظر في تعزيز دعم المكتبات العامة وتخفيض أسعار الكتب فيها، وتشجيع إنشاء مكتبات صغيرة في المناطق السكنية، ودعم المبادرات التي تعمل على توفير الكتب بأسعار معقولة وتسهيل الوصول إليها. فالكتاب هو جسر يربط بين الأجيال ويُعزز الثقافة والمعرفة، ويجب أن يكون في متناول الجميع واسالك ربي في هذا الشهر الفضيل أن تجعل الكتاب وكل مصادر المعارف متاحة للشباب لك يصنع لنا مستقبلا أفضل
|
|