القوى المترددة أو الموالية للجيش بصدد إعادة النظر في حساباته
الجمعة 2023/11/03 صحيفة العرب تصدر عن
Al Arab Publishing House
تفرض النجاحات الميدانية التي تحققها قوات الدعم السريع على أكثر من جبهة معادلة جديدة في السودان بدأت القوى السودانية تتهيأ لها، وهو ما ينعكس في مواقف بعض الحركات المسلحة والقوى المدنية.
الخرطوم - يتشكل واقع عسكري وسياسي جديد في السودان في ظل الانتصارات الميدانية التي تحققها قوات الدعم السريع والتي تدفع القوى المترددة أو تلك التي أظهرت ميلا لمساندة الجيش في البداية إلى إعادة النظر في حساباتها. ونجحت قوات الدعم السريع خلال الأيام القليلة الماضية في توسيع نطاق توسعها على أكثر من جبهة، وتمكّنت من السيطرة على مقرات للجيش في أقاليم دارفور وكردفان والخرطوم، وهي تستعد حاليا للتوجه إلى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وكشفت مصادر سودانية لـ”العرب” أن موقف الحركات المسلحة متذبذب، فبعضها انحاز إلى قوات الدعم السريع علنا، وبعضها لا زال مترددا في دعمه لها صراحة، وبعض الحركات التي بدت قريبة من الجيش تحاول أن تقفز بعيدا عنه، بعد أن اكتشفت أنها في سلة واحدة مع فلول نظام عمر البشير، ويمكن أن تفقد ما حققته من مكاسب بعد سقوط نظامه، وقد تجد نفسها أمام مشاهد مكررة إذا قدر للفلول تحقيق انتصار عسكري، وهو أمر مستبعد بحكم الواقع الميداني الحالي.
وأكدت المصادر ذاتها أن بعض الحركات المسلحة المنحدرة من إقليم دارفور، والتي وقفت على الحياد منذ اندلاع الحرب، تواجه مأزقا سياسيا إذا تمكنت قوات الدعم السريع من فرض سيطرتها الكاملة على الإقليم بعد انتصاراتها العسكرية، لأنها يمكن أن تتعرض لضغوط أو تخوض مواجهة مع قوات الدعم إذا لم تتمكن من تغيير موقفها.
وتوقّعت المصادر حدوث تغييرات في بينة بعض الحركات المسلحة قد تقود إلى المزيد من الانشقاقات داخلها، بسبب تباين المواقف من الجيش وقوات الدعم السريع، فهناك قيادات تريد الرهان على الثانية بعد تفوقها عسكريا في دارفور، ومع التوصل إلى تسوية سياسية سوف تكون قوات الدعم السريع رقما مهما في السودان، على عكس قيادات الجيش وعلى رأسها الجنرال عبدالفتاح البرهان الذي سيكون مستقبله العسكري والسياسي غامضا.
وبرزت في الفترة الأخيرة مواقف لافتة لبعض الحركات المسلحة لاسيما في إقليم دارفور، على غرار حركة تحرير السودان التي أكد زعيمها وحاكم الإقليم مني أركو مناوي إنه على تواصل مع “الإخوة” في قوات الدعم السريع. وقبلها بأيام كانت حركة تحرير السودان جناح مناوي وحركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم تبرأتا من بيان للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وصف قوات الدعم السريع بـ”الميليشيا المتمردة” ودعا “لمحاسبتها”.
وقالت الحركتان في بيان مشترك إن بيان الحركات التي شاركت في ملتقى جوبا التشاوري لم تتم مناقشته وتطويره بواسطة جميع التنظيمات التي وردت أسماؤها في نهايته. وأكدت الحركتان أن البيان صدر في توقيت غير مناسب ولا يدعم مساعي حل الأزمة الوطنية ووقف نزيف الدماء. وتابعتا “عليه نؤكد أن البيان لا يمثلنا وننتهز الفرصة السانحة لندعو الجميع إلى إعلاء روح العمل المؤسسي تعزيزاً للتحالفات وترقية للممارسة السياسية في هذا الظرف الحرج من تاريخ السودان”.
ويرى متابعون أن هذه المواقف تعكس بداية تحول حيال ما يجري في السودان، وأن الحركات المسلحة تتابع باهتمام شديد الوضع الميداني، الذي ستبني عليه في الأخير توجهاتها خلال الفترة المقبلة.
وتبدو القوى المدنية أقل حذرا حيال ذلك ولا تخفي بعض قياداتها تقاطعا إلى حد كبير مع قوات الدعم السريع، وهو ما ظهر في تصريحات القيادي البارز في تحالف الحرية والتغيير ياسر عرمان، الذي أعرب الأسبوع الجاري عن أمله في أن تنجح قوات الدعم السريع في توظيف ما حققته لأهداف إستراتيجية بعيدة المدى، في إشارة إلى تحييد فلول النظام السابق.
وتلتقي القوى المدنية مع قوات الدعم السريع في الموقف من فلول النظام السابق، ويحمل الطرفان الفلول المسؤولية عن نشوب الحرب الجارية منذ الخامس عشر من أبريل بغية خلط الأوراق والعودة إلى الساحة مجددا. ويرى محللون أن القوى المدنية وإن كانت تحرص على إظهار أنها المعادل الثالث في المشهد السوداني وهي تعمل لتحقيق هذا الهدف عبر تشكيل جبهة موسعة، فإنها في واقع الأمر هي أقرب إلى قوات الدعم السريع.
وقال المحلل السياسي السوداني الشفيع أديب إن المكون العسكري الذي يخوض الحرب الآن بفروعه المختلفة ليس على هوى القوى المدنية التي مازالت لديها هواجس من أن العسكريين في السودان يفتقرون إلى الرغبة في تسليم السلطة إلى المدنيين أو المساهمة في نجاح التحول الديمقراطي، وإن الأحزاب والقوى المدنية على قناعة بضرورة انتظار ما سوف تؤول إليه المفاوضات الجارية في جدة لتحدد موقفها من الحل السياسي.
وأضاف أديب في تصريح خاص لـ”العرب” أن الحرب الدائرة الآن بعيدة عن شعارات التحول الديمقراطي، كما أن القوى المدنية ليس لديها ما تقدمه مع احتدام المعارك العسكرية، ولن يكون لديها تأثير فعال سوى بعد توقف إطلاق النار بشكل نهائي، وتعوّل على أن يكون الحل سلميًا بما لا يجعل الكفة تميل إلى جهة طرف على حساب آخر بما يخدم تطلعاتها السياسية مستقبلا.
وأوضح الشفيع أن التحول الديمقراطي في السودان يواجه صعوبات جمة وقد لا يكون هناك انتقال يتماشى مع هوى القوى المدنية التي تسعى لأن تتواجد على رأس السلطة، بالتالي فإن العلاقة بينها وبين المكونات العسكرية لن تكون في أفضل حالاتها ويتوقف الأمر على مواقف بعض القوى التي تتقارب مع هذا الطرف أو ذاك.
ويرى متابعون للمشهد السوداني أن الميدان يبقى النقطة الفاصلة في تحديد المسار السياسي في السودان، لافتين إلى أن ميزان القوى على الأرض يميل حاليا وبشكل واضح لصالح قوات الدعم السريع، رغم الضغوط الخارجية التي تتعرض لها، من أجل إيقاف تقدمها.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن هجوم وشيك في الفاشر بولاية شمال دارفور في السودان وتدعو الطرفين المتحاربين إلى الوقف الفوري عن شن هجمات أخرى. وأضاف بلينكن في بيان أصدرته وزارة الخارجية “تدعو الولايات المتحدة الطرفين المتحاربين إلى الوقف الفوري عن شن هجمات أخرى في الفاشر والمناطق المحيطة بها للوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي في ما يتعلق بالمدنيين”.
وتحدثت معطيات عن نية قوات الدعم السريع السيطرة على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ويرى المراقبون أن الضغط الأميركي يعود إلى إدراك واشنطن بأن السيطرة على الفاشر سيعني تعزيز مكاسب قوات الدعم السريع وبالتالي سيكون لدى الأخيرة القدرة عمليا على فرض شروطها للسلام.
وأعلن نائب قائد قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو في مقطع فيديو، الأربعاء، التحرك للسيطرة على جميع ولايات السودان وجميع مواقع الجيش في البلاد، جاء ذلك بعد السيطرة على الفرقة 21 بمدينة زالنجي عاصمة ولاية غرب دارفور. ودعا دقلو قائد الجيش السوداني للاستسلام قائلا له “لم يتبقَّ لك شيء… لا يوجد جيش يقاتل. أنتم الآن تدافعون في القيادة العامة من داخل البيدروم ويومياً نحن متقدمون وسنتسلمها منكم".
وأعلنت قوات الدعم السريع الثلاثاء السيطرة على الفرقة 21، مقر قيادة الجيش في مدينة زالنجي بعد أن نجحت في السيطرة على الفرقة 16 بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور ثاني أكبر المدن السودانية بعد الخرطوم، ومركز قيادة الجيش في الأقاليم الغربية. ودعا دقلو البرهان إلى "رفع يده" عن القوات المسلحة؛ كما دعا من وصفهم بعناصر النظام السابق داخل الجيش إلى الاستسلام.
«الدعم السريع» تعلن التحرك للسيطرة على ولايات السودان
قلق أميركي من هجوم واسع النطاق في الفاشر بدارفور
الشرق الأوسط
ودمدني السودان: محمد أمين ياسين واشنطن: علي بردى نُشر: 18:35-2 نوفمبر 2023 م ـ 18 ربيع الثاني 1445 هـ
أعلن نائب قائد «قوات الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو، تحرك قواته للسيطرة على جميع ولايات السودان وجميع مواقع الجيش في البلاد، في مقطع فيديو، نشره الأربعاء على منصة «إكس»، في حين عبّرت واشنطن عن قلقها حيال تقارير تحدثت عن «هجوم وشيك واسع النطاق» من «قوات الدعم السريع» على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
ونشرت «قوات الدعم السريع» مقطعاً مصوراً عبر منصة «إكس» من داخل «الفرقة 21» في مدينة زالنجي، وسط دارفور، تحدث فيه دقلو، معلناً تحركاً للاستيلاء على جميع ولايات السودان، داعياً قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، للاستسلام.
دقلو للبرهان: لم يتبقَّ لك شيء
وهاجم دقلو البرهان قائلاً: «لم يتبقَّ لك شيء... لا يوجد جيش يقاتل. أنتم الآن تدافعون في القيادة العامة من داخل البيدروم، ويومياً نحن متقدمون وسنتسلمها منكم».
وأعلنت «الدعم السريع»، يوم الثلاثاء، الاستيلاء على «الفرقة 21»، مقر قيادة الجيش في مدينة زالنجي، عاصمة ولاية وسط دارفور، بعد أيام قليلة من سيطرتها على مقر «الفرقة 16» في مدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور، وهي ثانية كبرى المدن السودانية ومركز قيادة الجيش في الولايات الغربية. وشنت «قوات الدعم السريع» هجوماً على «الفرقة 15 مشاة»، وهي مقر قيادة الجيش في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، بأعداد كبيرة من القوات، كما اشتبكت مع قوة من الجيش في محلية كرينك في شرق الجنينة، وانتشرت في المحلية التي تعدّ بوابة الولاية من الناحية الشرقية.
بلينكن يُحذر من هجوم وشيك
وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من هجوم وشيك لـ«قوات الدعم السريع» في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يمكن أن يعرِّض المدنيين ومئات الآلاف من النازحين لـ«خطر شديد»، مطالباً بـ«وقف فوري» لإطلاق النار في المنطقة.
وأفاد كبير الدبلوماسيين الأميركيين، في بيان، بأن بلاده «تشعر بقلق بالغ» حيال التقارير التي تتحدث عن «هجوم وشيك واسع النطاق» من «قوات الدعم السريع» على الفاشر، في شمال دارفور، مضيفاً أن «من شأن ذلك أن يُعرِّض المدنيين، وبينهم مئات الآلاف من النازحين، الذين فرَّ الكثير منهم أخيراً إلى الفاشر من مناطق أخرى، لخطر شديد». وأشار بلينكن إلى «تقارير موثوقة» عن أن «قوات الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية «فشلت في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع سقوط ضحايا من المدنيين في الأحياء السكنية في الفاشر».
وقال بلينكن إن الولايات المتحدة «تدعو الأطراف المتحاربة إلى الوقف الفوري لمزيد من الهجمات في الفاشر وما حولها، للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، فيما يتعلق بالمدنيين، كما تم تأكيدها في إعلان جدة لالتزام حماية المدنيين السودانيين الصادر في 11 مايو (أيار) الماضي»، مكرراً نداء المحافظ نمر عبد الرحمن الأطراف المتحاربة للسماح للمدنيين بالانتقال إلى مناطق أكثر أماناً.
«لا يوجد حل عسكري مقبول لهذا الصراع. يجب أن يكون التركيز على حماية المدنيين، وتوفير المساعدة الإنسانية، والتفاوض لإنهاء الصراع».
أنتوني بلينكن
ولاحظ بلينكن أن «تزايد القتال في الفاشر يأتي في أعقاب الهجمات الأخيرة التي شنتها (قوات الدعم السريع) في نيالا وزالنجي وأماكن أخرى في دارفور». وأضاف: «نحن نُدين الانتهاكات المبلغ عنها من (قوات الدعم السريع) والقوات المتحالفة معها فيما يتعلق بهجومها على نيالا، بما في ذلك مقتل المدنيين والاعتقالات التعسفية واحتجاز الطواقم الطبية ونهب المرافق الصحية». ودعا القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» إلى «الاستفادة من محادثات جدة المستأنفة أخيراً لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والاتفاق على وقف إطلاق النار وغيرها من تدابير بناء الثقة»، مكرراً أنه «لا يوجد حل عسكري مقبول لهذا الصراع. يجب أن يكون التركيز على حماية المدنيين، وتوفير المساعدة الإنسانية، والتفاوض لإنهاء الصراع».
تجدد الاشتباكات في الخرطوم
وتجددت المعارك بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، الخميس، في محيط القيادة العامة للجيش بشرق الخرطوم، وعند سلاح المهندسين جنوبي أم درمان، وفق ما أفاد شهود وسكان. وهما آخر موقعين للجيش في العاصمة السودانية، إلى جانب سلاح الإشارة وقاعدة وادي سيدنا الجوية. وأفاد شهود تحدثوا إلى «وكالة أنباء العالم العربي» بسماع أصوات انفجارات قوية في محيط قيادة الجيش، وتصاعُد سحب الدخان بكثافة من المكان. وقال سكان إن اشتباكات عنيفة دارت بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في محيط سلاح المهندسين، جنوبي أم درمان. وقال سكان إن الهدوء الحذر عاد إلى مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، بعد مناوشات وقعت بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، صباح الخميس، في الأحياء الغربية من المدينة، مشيرين إلى تحليق مكثف للطائرات الحربية فوق الأبيض. ويتخوف سكان مدينة الأبيض من تجدد الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، لا سيما بعد تصاعد وتيرة المعارك بين الطرفين في إقليم دارفور المجاور لولايات كردفان.
الجيش يقلل من إنجازات «الدعم السريع»
من جهته، قلل الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، في وقت متأخر من (الأربعاء)، من شأن إعلان «الدعم السريع» السيطرة على الحاميات والفرق التابعة للجيش في دارفور، وشدد على أن القوات المسلحة «ماضية بقوة وعزم في الاضطلاع بواجبها المهني المقدس».
وقال في تسجيل صوتي نشرته الصفحة الرسمية للقوات المسلحة على «فيسبوك»، إن محاولات «قوات الدعم السريع» الهجوم على الحاميات والفرق «لن تُجدي شيئاً ولن تستفيد منها»، وأكد أن القوات المسلحة «ستحافظ على البلاد وستسلمها لمواطنيها قريباً خالية من المرتزقة». وأضاف الناطق الرسمي باسم الجيش أن القوات المسلحة مستمرة في العمليات العسكرية داخل العاصمة وخارجها، وأن فرق العمل الخاص في الخرطوم وأم درمان تواصل القيام «بعملياتها ومهامها الناجحة وتكبِّد العدو الكثير من الخسائر».
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة