السودان: مئة عام من العزلة

08:04 AM October, 08 2023 سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-
مكتبتى
رابط مختصر

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

شكرا للرواية الأسطورة التي فجرت في دواخلنا الكثير من الأخيلة والاندياحات وأن نرى أنفسنا فيها كبشر متشابهون في أنانيتهم وعنفهم وفي لهوهم

وفي نكاتهم واحتكاكاتهم ومشاكساتهم وفي لهوهم البريء وغير البريء....

قيمة العمل الروائي الجيد هو أن نرى أنفسنا في ثنايه..كبشر ...بشر مسالمون أحيانا ومتعطشون للدماء..بريئون أحيانا

وخبيثون أحيانا أخرى.

** ...والسودان أيضا؟ ....نعم

*** والسودانيون كذلك؟.... نعم ....

فنحن أولاً وأخيرا بشر...لا نتفرد إلا بقدر ما تسمح به إنسانيتنا وظروفنا.......والجينات أحيانا...وليس دائما.

وجدت أن عنوان الرواية الشهيرة لجبريل جارسيا ماركيز يصلح لأن يكون عنوانا لهذا الموضوع..

فالسودان هو السودان( والسودانيون كذلك) في كثير من جوانب حياته/ حياتهم لم يتغيروا كثيرا ليس منذ مائة عام بل منذ مئات الأعوام..

التغيير الذي أقصده هو في التحديث وفي داء القبلية و في عدم الاندماج الاجتماعي وطبعا الثقافي..

من خلال شغفي بالتاريخ والذي كان دافعه معرفة بلدي وناسي و نفسي...وجدت نفسي أغوص( متأخرا جدا) في كل ما يمت بتاريخ

بلادي وكل تاريخ وثقافة المنطقة المجاورة( أليس كلنا بشر متشابهون ؟...رغم العناد وقلة العقل؟..

كانت فترة تاريخ الفونج هي تقريبا أكثر فترات التاريخ القديم ( ماقبل المهدية) مثيرة للتساؤل أولا لغموضها و الأهم لكونها هي المفتاح لمعرفة وفهم تاريخ السودان كبلد وشخصية السودانيين كمواطنين .

.لذلك اندلق عدد كبير من البحاث والمهتمين بالتاريخ من السودانيين ومن الأجانب في محاولة فك طلاسم تلك الفترة

لفهمها و لفهم ما قبلها.. فتاريخ الشعوب يتسلسل ولا ينقطع ...

بناء على قراءاتي المتواضعة حول فترة الفونج تكون لدي تصور للسودان في تلك الفترة من حيث الحياة الاجتماعية و الثقافية بالذات و
الجانب المهم وهو:

- (علاقات السكان بقبائلهم مع بعضهم)

- "علاقات السودان مع جواره العربي والأفريقي)...

من خلال هذا الأساس سأحاول استقراء ما تغيَّر في السودان والسودانيين.

أولا ليتراجع إخوتي الذين يفسرون كل ما يكتب أو يقال بميزان القبلية /المناطقية الضيّق..

كل هذه الربوع ننتمي لها وتنتمي لنا رغم التباين الفسيفسائي الجميل الذي لم نستطع أن نغتنم منه مكاسب..بل اغتنمنا منه المعارك والتحارب وسوء الظن المتبادل.

كل هذا الوطن لي ولك...لذلك فلتتسع دائرة الرؤية اتساع البصر والبصيرة ...

كمقدمة : إنني أؤمن إيمانا قاطعا بأن في دم كل منا جينات بقدر ما هي مشتركة فهي متعددة...تعدد القبائل التي سكنت السودان والتي هاجرت و عبرت والتي فارقته وذهبت.

كل واحدة من هؤلاء تركت بصمتها في دمائنا..بمقدار يختلف... لذلك لن نخرج خارج دائرة أوردتنا وجيناتنا و تمازجنا التاريخي..

هذه الحرب الأخيرة أثبتت أننا لسنا مختلفون عن باقي البشر...ولسنا حائزون دون باقي البشر للصفات الحميدة التي ننثرها على أنفسنا ونحرم منها الآخرون..

فها قد بان فينا الخبيث والمنافق والدجال كما ظهر فينا النهابون والقتلة والمتاجرون بالأعراض والدين..فنحن لسنا مطن طينة غير طينة باقي البشر.. فلنتواضع قليلا...

أسئلة كثيرة سأقوم بطرحها ومناقشتها من خلال طرحي المتواضع والذي يتركز كما ذكرت آنفاً حول(العزلة/ الانعزال الجغرافي /الثقافي/الاجتماعي والذي كانت نتيجته الحروب

والضغائن والإحن والتي تكللت بالحرب الأخيرة والتي كشفت عن شرخ كبير في جسد الأمة أظهر سوءات الوطن كلها متمثلة في مناطقية وقبلية مميتة وشائهة وقاتلة

فأين كان يختبيء كل ذلك؟

سأبدأ بتقديم بروفايل أو صورة بانورامية للسودان بخلفيته الاجتماعية والثقافية خلال فترة الفونج وإلى قيام الحكم التركي.

الله يستر

فعلا الله يستر يا صالح عبده