|
Re: مثلث المسارا يربك مركزية الخرطوم(يقع بين � (Re: حيدر حسن ميرغني)
|
وفي كتابه "دراسات في تاريخ السودان وأفريقيا وبلاد العرب"، قال المؤرخ السوداني يوسف فضل، "أهم ما ميز الفترة المظلمة التي امتدت لمدة قرنين من الزمان تقريباً تدفق أعراب وبدو الصحراء في مجموعات غفيرة نحو السودان في انتشار واسع بحثاً عن المرعى والكلأ حتى غطوا مساحات واسعة من أرجاء بلاد السودان واستوطنوا فيها". وأضاف "استقرار البلاد في تلك الفترة اضمحل بسبب سيادة ثقافة الغزو والسلب والنهب والتعدي، إذ إن ظاهرة الإغارة على المجتمعات الحضرية كانت واحدة من مناشط البدو التقليدية، ففقد الناس الأمن والنظام. وهدت القصور والحصون والقلاع والكنائس والبيوت". وذكر المؤرخ "سادت الأمية بعد قرون مزدهرة كتب خلالها صفوة السودانيين في الهيروغليفية والإغريقية والقبطية والنوبية التي ابتكروا أبجديتها في القرن العاشر الميلادي".
منظومة سياسية دون الكاتب التشادي سعيد أبكر"ما يحدث في السودان، مرت به تشاد من قبل بين قوكوني وأداي وحسين حبري، وكان والد قوكوني هو السلطان ديردي كشديمي زعيم قبيلة التبو إحدى القبائل العريقة في شمال تشاد، تمرد السلطان على نظام الرئيس التشادي فرنسوا تمبلباي عام 1965 وغادر إلى ليبيا مصطحباً معه ابنه قوكوني الذي أعد وأصبح في ما بعد أشهر معارض عسكري مسلح ورابع رؤساء جمهورية تشاد".
وتابع أبكر "تنازل قوكوني من القيادة للسياسي التشادي العائد من السوربون حسين حبري الذي كان من نفس منطقته ورفيقه في الثورة المسلحة في بدايات السبعينيات، ليعملا بقوة لإسقاط النظام في أنجمينا، ولكن دب الخلاف بين الصديقين وانقسما إلى مجموعتين قوات الشمال يترأسها حبري والقوات الشعبية يرأسها قوكوني، وتربصا ببعضهما عند اغتيال الرئيس تمبلباي وزيادة عدد الحركات المسلحة، وتعقد الوضع وزادت الخلافات على مثل ما نشهده اليوم في السودان".
وعن إسهام القبائل العربية في الحياة السياسية في تشاد باعتبار أنها كانت ضمن المؤسسين للمنظومة السياسية في هذا البلد الأفريقي، أورد أبكر أن "قوة العرب في تشاد بدأت منذ عام 1980 عندما فرض القائد العسكري أصيل أحمد أغبش، وهو يتحدر من منطقة الجدعة، نفسه في عملية المصالحة في لاغوس وأسس قوات البركان (المجلس الثوري الديمقراطي)، وقد جمع القبائل العربية تحت رايته وعاد من لاغوس متقلداً منصب وزير الخارجية".
وأردف "كان ذلك بعد سبع سنوات من احتلال ليبيا قطاع أوزو شمال تشاد عام 1973 في إطار مساعدتها لحسين حبري في الثورة على نظام تمبلباي. وغزا المتمردون بدعم ليبيا (أنجمينا) عام 1979. وسيطروا على بوركو وإنيدي وتيبستي، واستطاع حبري الوصول إلى الحكم عام 1982. واستعاد السيطرة على شمال تشاد، باستثناء قطاع أوزو الذي ظل تحت السيطرة الليبية، حتى انسحبت منه عام 1994". وأضاف "معظم القوات العربية والشخصيات القيادية العربية تصالحت بعد معركة وادي الدوم وتحالفت مع حسين حبري عام 1987 حتى تثبت ذاتها سياسياً". وواصل "في ديسمبر (كانون الأول) 1987 عاد المعارض التشادي هجرو السنوسي، وهو من الرعيل الأول لقيادة الثورة التشادية إلى أنجمينا وتصالح مع حسين حبري ثم عادت في يونيو (حزيران) 1988 أقوى أربعة فصائل تتبع للقبائل العربية من ضمنها المجلس الثوري الديمقراطي".
مركز اضطرابات وفي تداخل هذه القبائل بين الدول الثلاث وتعدد هوياتها وتقلب تحالفاتها السياسية وحالات عدائها، وتأثرها بالحراك السياسي في هذه الدول، تحول المثلث إلى سوق للمرتزقة خلال حرب دارفور والأزمة بين تشاد ودارفور من 2003 إلى 2010.
وعندما اكتشف الذهب هناك خرج النشاط الاقتصادي عن السيطرة وأصبحت المنطقة نقطة تدفق جماعات أخرى، كما تأثر وجود الإثنيات في هذا المثلث بالمحاولتين الانقلابيتين ضد العقيد معمر القذافي في عام 1985، وأثرت عليه الانتفاضات في ليبيا وسقوط القذافي. وفي تشاد كان الحراك العربي قنبلة موقوتة مع القبائل الأخرى من قبائل التبو، خصوصاً فرع التيدا الذي ينشط في المثلث وعلى الحدود بين ليبيا وتشاد والنيجر.
رئيس المركز الثقافي للبحوث والدراسات الأفريقية والعربية بدولة تشاد حقار محمد أحمد، تحدث عن المجموعات العربية في تشاد، فقال "ينقسم عرب تشاد إلى مجموعتين الأولى، قبائل الحساونة التي جاءت إلى منطقة بحيرة تشاد من طريق شمال أفريقيا خلال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وتضم تلك القبائل عرب الأصعالي، وأولاد سرار وأولاد علي، والدقنة وأولاد محارب، وبني وائل، وبني عامر، والعلوان، فيما تضم المجموعة الثانية، قبائل جهينة التي جاءت إلى تشاد من طريق السودان خلال القرنين الـ13 والـ14 الميلاديين، وتضم تلك المجموعة عدداً كبيراً من القبائل، أكبرها أولاد راشد والحيماد، والحريكة، والسلامات والجعاتني وخزام، وبني هلبة".
وأورد الكاتبان في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف، جيروم توبيانا وكلاوديو كراميشي "بعد أحداث الربيع العربي أصبح مثلث (تشاد والسودان وليبيا) مرة أخرى مركزاً إقليمياً للاضطرابات، وأحد أهم تبعاته، ظهور سوق إقليمية للمقاتلين عبر الحدود".
وأضاف الكاتبان "عبرت جماعات المعارضة المسلحة من تشاد ودارفور وميليشيات الجنجويد السودانية بانتظام الحدود في المنطقة، ومنذ عام 2011، تم رصدها في ليبيا، وسعى عديد منها إلى العثور على الذهب عبر الصحراء، وعرضت بعضها خدماتها كمرتزقة، فيما نشط غيرها في عمليات التهريب والإجرام". ونوها إلى أن "الفشل المتكرر لاتفاقات السلام وعمليات إعادة الإدماج وغياب الفرص الاقتصادية والبدائل السياسية في تشاد، وعدم الاستقرار في ليبيا، واستمرار العنف في دارفور من بين عديد من العوامل التي أدت إلى إعطاء طابع دولي لهذه الجماعات، وتنامي استقلاليتها في المنطقة".
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث المسارا يربك مركزية الخرطوم(يقع بين � (Re: حيدر حسن ميرغني)
|
طموح الحكم حصلت الجماعات الإثنية التي تنتمي إلى القبائل العربية خلال تاريخها القديم والحديث، إما على عناصر القوة وضعف الممالك حتى استطاعت الإغارة عليها وهزيمتها، أو حصولها على اعتراف دولي غير مباشر من خارج سلطة دولها، وهو ما عزز لديها الطموح بحكم الدول التي تقع في مناطق رخوة، أو انهار نظامها السياسي.
عزز استقلالية هذه الجماعات قضية الهجرة التي بدأ الاتحاد الأوروبي مكافحتها انطلاقاً من هذه المنطقة منذ عام 2014، فاستخدم الميليشيات التي بدأت نشاطها بتهريب المهاجرين والاتجار بهم ثم تحولت إلى مكافحتها مقابل دعم مالي والحصول على اعتراف سياسي. وكانت هذه الحوافز هي جل ما تبتغيه الميليشيات الإثنية في هذا المثلث.
في عامي 2015 و2016 نشطت إيطاليا في تحفيز القبائل وتشكيل "حرس الحدود" من قبائل عدة وهو ما رآه بعض ممثلي القبائل فرصة للحصول على اعتراف وتمويل دوليين. أطلق الاتحاد الأوروبي "عملية الخرطوم" لمكافحة الهجرة غير الشرعية القادمة من منطقة القرن الأفريقي باعتبار السودان بلداً معبراً في عام 2016، بالتركيز على "توفير بناء القدرات للمؤسسات الحكومية وتنسيق السياسات والقوانين ضد الاتجار والتهريب وضمان حماية الضحايا وزيادة الوعي". نفذ البرنامج من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما فيها وزارات الداخلية في إيطاليا وبريطانيا وفرنسا، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، بتخصيص تمويل بنحو 160 مليون يورو.
وكشف تقرير بعنوان "داخل صفقة الهجرة المعيبة للاتحاد الأوروبي مع السودان" الذي نشرته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، عام 2018، عن وثائق تفيد بأن الاتحاد الأوروبي خصص أموالاً لتدريب شرطة الحدود السودانية وخطط لتوفير معدات التسجيل والمراقبة للسلطات السودانية، بما في ذلك مراكز الاحتجاز في شرق السودان.
وقال التقرير "تم العهد بهذه المهمة إلى قوات (الدعم السريع)، وهذا يعني أن الخرطوم أعادت توجيه بعض الميليشيات العربية في دارفور (الجنجويد)، ونشرها ليس فقط في دارفور وحدها، وإنما في الحدود الصحراوية بما فيها مثلث المسارا، وفي شرق وشمال السودان".
وركز على أنه "بدلاً من الاعتماد على قوات الأمن السودانية النظامية، فإن الاتحاد الأوروبي وضع الميليشيات التي ارتبطت بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب على نطاق واسع، مسؤولة عن مراقبة الحدود". وأضاف أن "عمر البشير كان يرى أن حميدتي ملائماً لهذه المهمة، لكن قائد قوات (الدعم السريع) كان يهدف من خلال ذلك إلى منع تحركات متمردي دارفور والجنجويد المنشقين بين السودان وليبيا وتشاد والوصول إلى السيطرة على هذه المنطقة بواسطة قواته وميليشيات القبائل العربية المتحالفة معه من دول الجوار الأفريقي".
| |
 
|
|
|
|
|
|
|