في ذكرى ميلاد وردي

11:36 AM July, 19 2023

سودانيز اون لاين
Zakaria Fadel-Al-Ain UAE
مكتبتى
رابط مختصر

*في يوم الثلاثاء ١٩ يوليو ١٩٣٢م ..*
*ولد محمد عثمان حسن وردي في قرية صواردة..*
*اليوم يصادف عيد ميلاده الـ ٩١*
...

احد اهم الأسباب التي جعلت السودان جميلا

بالنسبة لي...
وردي لم يكن فنانا عاديا
صوته جميل؟ ... نعم و الف نعم
يملك موهبة لحنية فذة؟ ... بلى ورب الكعبة
ولكنه فوق ذلك كان يملك حسا وطنيا عاليا يندر ان تجده وسط عموم ال celebrities في البلاد

عندما قام حزب الأمة بتسليم السلطة للعسكر في ١٩٥٨
أعتقد الفنان الشاب ( وقتها) وردي بأن هذا هو المسار الوطني الصحيح
فقد كان وقتها ( كمعظم الشباب ) يعتقد ان الثورة المصرية في ١٩٥٢ صححت المسار في مصر
وبالتالي يمكن لحركة ١٩٥٨ في السودان ان تصحح المسار
فكتب و لحن نشيد : هب الشعب طرد جلادو
والذي كان ضمن كلماته: لا سادة و لا رعاع
فقد اعتقد ان هذه الحركة ستقضي على أسماء مثل السيدين و المهمشين

وعندما لم تتحقق رؤيته
لم يتردد في الهجوم على الحركة التي قام بتأييدها

الحبيب زكريا تحياتي ياجميل
يا سلام على الوفاء لهذا العملاق
كان السودان يجرى في عروقة
غني للوطن بالعربية والنوبية

من شدة الحزن عجزت عن التعبير

الحبيب زكريا أيقظت فينا ذكريات جميلة
رغم الكآبة والحزن والمستقبل المجهول للوطن

نتنمى أن تكون تسجيلاته ما زالت محفوظة

شكرا كثير الحبيب زكريا .. واصل

وعندما اغرقت حلفا و تم تهجير سكانها
لم يتردد الفنان الشاب في قيادة المظاهرات رفضا للتهجير و الاغراق
مما اكسبه عدواة شرسة مع النظام
والذي قام بمنع اغانيه من البث عبر وسائل الإعلام
مما أفسد البهجة في نفوس جموع اهل البلاد
وعندما أدرك النظام ذلك لم يجد بدا من رفع الحظر على اغاني وردي

جاء اليوم الموعود لرفع الحظر
فكتب عدد من الناس عن رد فعل اهل السودان عندما أعلنت الإذاعة انها ستبث اغنية لوردي
منهم جعفر عباس الذي كتب عن رد اهل كوستي
حيث دوى سوقها الكبير بالتصفيق عندما بثت مقاهي كوستي عبر المذياع اغنية لوردي
وكتب علم الدين حامد عم رد فعل مماثل للسوق العربي في الخرطوم في نفس اللحظة
وغيرهم...
مما يعكس الشعبية الجارفة التي كان يحظى بها الفنان الشاب وقتها

تحياتي اخونا العزيز علي
أخشى أن يكون تتار هذا العصر قد قاموا بتحطيم مكتبة الإذاعة كما فعلوا بمكتبة محمد عمر بشير
وحتى ان فعلوا
فإن تسجيلاته في القلب

في نفس الفترة كتب الشاعر مرسى صالح سراج ملحمته الرائعة: يقظة شعب
و سكب فيها وردي كل عبقريته اللحنية
ليخرج لنا عملا فنيا متكاملا يحتفى بالسودان و أهله
في كل ربوعه و اطرافه: شماله و جنوبه، غربه و شرقه
ليبصم الجميع أن هذه الموهبة لا يمكن اللحاق بها




كلمات اغنية يقظة شعب
يقظة شعب
الشاعر مرسي صالح سراج
الحان الموسيقار محمد وردي

هام ذاك النهر يستلهم حسنا
فإذا عبر بلادي ما تمنى
طرب النيل لديها و تثنى
فأرو يا تاريخ لأجيالى أنّّا
ثائر إذ هب من غفوته
ينشد العلياء في ثورتة
كاندفاع السيل في قوته
عجبا من له جند على النصر يعين
كلنا نفس ومالا وبنين
نحن في الشدة بأس يتجلى
وعلى الود نضم الشمل أهلا
ليس فى شرعتنا عبد ومولى
قسما سنرد اليوم كيد الكائدين
وحدة تبقى على مر السنين
قلب إفريقيا بوعي نابض
حل منا بالجنوب الناهض
منعة الغاب بليث رابض
قدما هي كانت جنة المستعمرين
ما لهم منها تباروا خائفين
نحن أبناء ملوك في الشمال
توجوا الفونج وزانوا كردفان
أفسح المجد ليهم خير مكان
نسبا نعم أجداد بهم يزهو جبين
خلق يسمو وعزم لا يلين
شرقنا يوم اللقاء كيف دعا
حين داعي البذل بالروح دعا
كيف بالسيف تحدى المدفعا
ودما بذلوها ذرة لا تستكين
للخنا للقيد للعيش المهين
وحين خط المجد في الأرض دروبه
عزم ترهاقا وايمان العروبة
عربا نحن حملناها ونوبه
بدمانا من خلود الغابرين
هو يحدونا إلى عز مبين
همنا في العيش إقدام وجود
وعن الأوطان بالموت نزود
لنرى السودان خفاق البنود
وغدا سوف يعلو ذكرنا في العالمين
فعلوا كان شأن العاملين

الاخ زكريا

تحياتي لك
حفظكم الله والسودان واهله

شكرا على ايراد هذا البوست في ذكرى ميلاد الفنان القامة محمد عثمان وردي
سيظل فنه يرقد في مخيلة كل معجبيه
اكرر الشكر
دمتم

ما عارف يا ابو الزيك...عنوانك صحا فيني بصورة غريبة صوت وردي وهو يقول
(ولما تغيب عن الميعاد)
غاب فعلا عن الميعاد... ولكنه صحا فينا الوجود ورجع لعيونا النهار
مع ان مايو حاربت وردي المحسوب على اليسار ... سجن وتعتيم اعلامي
ومنع اغنياته من وسائل الاعلام.... ما عارف اهل الفتنة الكانوا سبب في عداء نميري لهذا الشامخ
خرج من السجن وطلع في مسرح البلدية بحري وغنا الاغنية الما بتتكرر في الدنيا دي
غناها بعد خمسين بروفة..."قلت ارحل".. كانت مفاجأة لاي اذن واحساس .
١٩ يوليو كان تاريخ ميلاد و برضو تاريخ انقلاب دموي

تحياتي اخونا العزيز ابا جهينة
لا أزعم انني اتحدث بلسان الجميع
ولكن كان وردي شيئا ضخما في الحياة in a good way
فقد جعل لحياتي انا شخصيا طعما مختلفا
و بسببه اتخذ مساري في الحياة هذا المنحى الذي اسلكه الآن

الموسيقي الجميل ابوحميد
لا أدري كيف اصف لك شعوري في عام ١٩٧٥ ( تقريبا)
ذات صباح في ذاك العام
وقد كنت دائما ما اربط خروجي للمدرسة ( الثانوي العام) بانتهاء برنامج ليلى المغربي ( نفحات الصباح)
في ذاك الصباح وانا على وشك الخروج اذا بالمذياع يبث المقدمة الموسيقية لنشيد ( يا حارسنا و فارسنا)
واذا بي اتسمر امام الراديو في قشعريرة تصاعدية احسست بها اني فوق ...فوق المس النجوم
وكم تمنيت وقتها الا تنتهي هذه المقدمة أبدا


غني عن القول...وصلت المدرسة بعد انتهاء الطابور الصباحي و كانت ( علقة) لا تنسى
ولكني كنت سعيدا فقد رجع وردي عبر الإذاعة بعد طول غياب

في خضم الحكم العسكري ١٩٥٨- ١٩٦٤
قدم وردي احد أروع أغانيه الوطنية من كلمات عبد الواحد عبد الله
وهو نشيد : اليوم نرفع راية استقلالنا

وكعادته يقدم لوحة مكتملة لحنا و صوتا

في ١٩٦٤ قامت ثورة أكتوبر
و سطع نجم وردي كالشهاب في خضم احداث الثورة
فقدم:
* يا ثوار اكتوبر يا صناع المجد
وكالعادة روعة اللحن و الصوت و الحماس في الكلمات جعلت النشيد rallying cry لكل من أراد ثورة
بل كان النشيد يطلب في كل الحفلات التي اقامها وردي لطلاب كل جامعات السودان

* أكتوبر الأخضر
هذا النشيد وهو من كلمات محمد المكي ابراهيم وضع وردي في مكانة متقدمة في قمة اهل الفن الذين يعيشون احاسيس الشعب
لحنه غاية في الجمال
الصوت ملائكي الاحساس، بلبلي الإيقاع يأسرك حتى بدون موسيقى عندما يترنم بمطلع النشيد

* حنين ( لو لحظة من وسني)
وهو من كلمات الفيتوري
اما اللحن فقد ( عمل) اكثر من justice للكلمات
ويكفي ان النشيد لا زال صداها يتردد حتى اليوم

* أصبح الصبح
وهو أيضا من كلمات الفيتوري
يكفي ان نقول ان هذا النشيد اصبح هو ال anthem لثورة أكتوبر
ثم يكفي ان نقول شعبيته جعلته إحدى مقررات ( رقيص العروس) وقتها في السودان

* انني اؤمن بالشعب
وهو اكثر نشيد تم ظلمه من اهل الساسة في السودان
النشيد يذكر البسطاء و الشرفاء و الشهداء من اهل البلاد
وكعادة وردي في صياغة الألحان
هذا النشيد يأخذ بتلابيب مشاعرك كلها عندما تسمعه

* نحن رفاق الشهداء
كلمات علي عبد القيوم
رغم ارتباط النشيد باليسار و إيام مايو الأولى
الا انه احتفاء باكتوبر و بقوى الشعب

السلام والإحترام أخى زكريا وكثير التقدير على سيرة الفنان المبدع محمد وردى - صوت الغلابة وصوت النضال

#عاش نضال الشعب السودانى

لك التحية والتقدير الاخت الكريمة هدى
ولقد صدقت في وصف هذا العبقري
فقد كان نصيرا للغلابة و صوتا عاليا في النضال

Quote: "قلت ارحل"

يا سلام يا احمد
ما عارف من قام بتلحين هذه الاغنية العجيبة ، لكن يعلم الله تخلي الشعر يكلَب خاصة المقدمة.
-
عزيونا Zakaria
شكرا على الاحتفاء بسيرة العملاق وردي يرحمه الله
الف رحمة ونور على روحه في عليائها

حيدى

Quote: ما عارف من قام بتلحين هذه الاغنية العجيبة ، لكن يعلم الله تخلي الشعر يكلَب خاصة المقدمة

لحنها وردي في سجن كوبر
في بوست مقدمات وردي قمنا بتحليلها موسيقيا
طبعا دي اجمل اغنية سودانية لحنا وكلمات واداء ولزمات موسيقية
عارف يا حيدر
(اسفاي) لاسماعيل حسن جات مباشرة بعد (ارحل) لحظها السىء.. واسفاي طبعا لقت انتقاد عجيب
خاصة من الشيوعيين لانها حسب قولهم موغلة في(القدرية) والاستسلام للقدر
(ارادة المولى) .... وكثير من النقاد قالوا اسفاي هي نسخة ثانية ل(المستحيل) في القدرية والقدر
والمسير والمخير

ابوالزيك ياخ شكرا انك فتحت لينا طاقة تنفس عنا الكروب والهموم.. وما اكثرها واقساها
لولا جهالة الجنجويد والحرب...لقمنا بتحليل جميع اغنيات وردي.. وكنا حنبدأ باغنية فيها اعظم واطول لازمة
ومعقدة جدا جدا...و صعبة .. والله اذا سمعها شوبان لو بيتهوفن لوقف محتار...
اشتكى منها العازفون في البداية ... حتى وردي قال(انا زاتي ما عارف عملتها كيف !!!)
ودا دلالة انه اعظم مؤلف موسيقي على وجه والارض.. اللازمة دي في (عصافير الخريف)
خاصة في اخر كوبليه
غايب السنيـن الليـله مالـو غـُنا العـصافـير غـلـَّبـو (......)
طرَّاهو زولا ً كان حنين كم رضَّى خاطرو وطـيـَّبو (…..)
سمَّع قـليـبـو كلام حنـيـن هـدهـدْ مـشاعـرو ودوَّبـو ( ....)
والناس سعـيدهـم فى الحياة لا ضـاق فـراق لا جـرَّبو
زكريا فاضل...... يا موسم الشوق الحلو

تحياتي حيدر
كما قال لك اخونا الموسيقي الجميل أحمد
فقد قام العبقري وردي بتلحين: قلت ارحل في سجن كوبر
وبدون أي الآت موسيقية فقد حرمه نظام مايو حتى من العود
( قيل له نحن مسكناك عشان العود ده) عندما طلب منهم السماح له بامتلاك عود داخل السجن
وقد حكى وردي انه كان يقوم بتحفيظ المساجين زملاءه كل لازمة موسيقية يقوم بتأليفها عندما وقعت بين يديه كلمات قلت ارحل في ورق جريدة كانت قد استخدمت في ( لف) أغراض جلبت له في السجن

وعندما خرج هو و بعض زملاءه من السجن سارع بزيارتهم لتسجيل ما حفظوه وهم بالسجن

وخرجت قلت أرحل ( بعد بروفات مكثفة كما ذكر أحمد) لان بعض اللوازم الموسيقية لم تسترجع

عن قصة قلت ارحل و السجن كتب العزيز لؤي شمت عام ٢٠١٧ في صفحته بالفيس بوك مايلي:
___________________________________________

وردي حكاية لا تنتهي ..

✍🏽 بقلم لؤي شمت ✍🏽

بات وردي فـي يوليو 1971 فـي أملٍ وترقّب لسقوطٍ وشيك لنـميـري وتصـحيـح مطلوب لثورة مايو الـتـي كان لـها داعـماً بالأمس القريب ووجد وردي مـحـجوب شريف يشاركه الأمل والتـّرقّب كـحال اليساريّيـن فـي تلك الأثناء وبالفعل فـي نـهار يوم الإثنيـن الـموافق 19 يوليو من العام 1971 بدأ تنفيـذ إنقلاب يوليو والذي سُـمّي من الـمنفّذيـن بالثّورة الـتصـحيـحيّـة وقطع الـتّلفزيون إرساله وكذا الإذاعة ليبدأ بث الـمارشات العسكريّة والإعلان عن بيان مرتقب سيذيعه الرّائد هاشـم العطا

وردي و ١٩ يوليو - هاشم عطا

بعد تلاوة الرّائد هاشـم العطا لبيان 19 يوليو وإعلان حظر الـتّـجوّل بدأت الإذاعة والـتّلفزيون فـي إذاعة برقيّات الـتّأييـد ولـم يتردّد وردي لـحظه فـي دعـمه لـحركة 19 يوليو وفـي اليوم الذي يليـه 20 يوليـو 1971 إنطلقت مسيـرات التـّأييـد والرّايات الـحـمراء تلوّن شوارع الـخرطوم

فـي يوم 21 يوليو 1971 قام الإعلامـي ذو النّون بُشرَى بتقديـم حلقة فـي الإذاعة عبارة عن ندوة استضاف فيـها وردي ومـحجوب شريـف والأُستاذ مـحـمّد الأميـن وعبـرها أعلن مـحـجوب عن تأييـده لـ 19 يوليو وقرأ قصيدته ( ما دوّامة ) وكذا فعل وردي معلناً عن تأييـده لـ 19 يوليو وتقديـمه لعـمل من كلـمات مـحـجوب شريـف كان العـمل بعنوان ( حانتقدّم ) وأعلنا أنّـهـما وقفا من قبـل مع مايو حتّـى أخطأت لذا فاليوم يقولا ( لا ) لـمايو ويقفا مع يوليو وسيقولان ليوليو لا إن أخطأت يوماً وهذا هو نص ( حانتقدّم ) حا نتقدّم حانتقدّم في وش الرّيح ونتقدّم ونـهدم سد ونرفع سد وإشتـراكيّة لآخر حد *** سجِّل سجِّل سجِّل والقسم مكتوب بـحد السّيف وخط اليد بإسم الوقفوا قالوا الـجّد وهدّوا كتف عدوهم هد وداسوا على التّـراب الـهم زمن باب السّجن مفتوح زمن جلاّده ما بيـرحم وكان الزّاد إسم في الـجّيب وعنوان بيت وصرخة دم *** يا أكتوبر الـمـحمول على الأكتاف وثيقة دم نحن بلاك ما بنسْلَم ويوليو بلاك ما بيسْلَم بأمر الشّارع الـمطعون حانتقدّم وحق الزّارع الـمغبون حانتقدّم بأمر العامل الـمـُجهَد حانتقدّم

أطلّ يوم 22 يوليو 1971 وحركة يوليو تنتظر وصول قادتـها من لندن أقلعت الطائرة من لندن للـخرطوم وعلـى متنـها قادة حركة يوليو الـمقدّم بابكر النّور والرّائد فاروق حـمْد الله وإنطلقت مسيـرة عُـمّالية نقابيّة مؤيّدة ليوليـو فـي ظهيـرة ذاك اليـوم إنطلقت تـجوب شوارع الـخرطوم وكان من الـمقرّر أن يـخاطبـها هاشـم العطا إلاّ أن مسيـرة أُخرى مؤيّدة لـمايو إنطلقت كذلك فـي نفس الـتّوقيـت بعد ذلك دوت أصوات الرّصاص لتشاء الأقدار أن تكون عودة مايو للسُّلطة نـهارية مثلـما أتت يوليو فرّ نـميـري من الـحبس وأجبـرت السُّلطات الليبية الطائرة علـى الـهبوط فـي ليبيا وإنـزال قادة يوليو منـها ومن ثـم تسليـمهـما لاحقاً لسلطة مايو وجدت مايو الدّعـم من مصر وليبيا لتُكتب بذلك النّهاية لأقصر نظام يستلـم مقاليـد السُّلطة فـي السّودان وتعود مايو للسُّلطة بدأ اليوم بيوليو وإنتـهـى بعودة مايو

عادت مايـو للسُّلطة وبدأت فوراً فـي إعتقال قادة يوليو وكلّ من قام بتأييـد يوليو وبالطّبع الـمنتـميـن للـحزب الشّيوعـي وقبيلة الإشتـراكييـن واليسارييـن واقتيـد وردي لسـجن كوبـر يرافقه مـحـجوب شريف وذو النون بُشْرَىَ وبدأت مـحاكـمات الشّـجرة الـمعروفة ومباشرةً تـم إعدام قادة وأعضاء حركة يوليو وكذلك إعدام قادة الـحزب الشّيوعـي فأُعدِم هاشـم، بابكر، فاروق، الشفيع، جوزيف وعبد الـخالق وبقـى وردي وزملاء سـجن كوبـر بقوا فـي السّـجن بلا مـحاكمات وخلف الأسوار لـم يتوقّف شلاّل ألـحان وردي ولا سيـل أشعار مـحـجوب فكتب مـحـجوب وغنّـى وردي بدءاً لعبد الـخالق أُغنية ( عريس الـحِمَى ) عريـس الـحِـمَـى الـمـجرتق بالرّصاص الـمـحنّن بالدّماء..

ظلّ وردي فـي سـجن كوبـر مـحاولاً الاستفادة من الـمعتقل خصوصاً وأنّـهـم كانوا مـمنوعيـن من الـحصول علـى الأقلام والأوراق أو الصّـحف اليوميّة ولـم تكن تتوفّر غيـر بعض الكتب والقواميـس وظلّ وردي يطالب بعوده بلا كلل أو ملل دون أن يستـجيبوا له وقد قال : إنّه استفاد جدّاً من مزاملتـه لعظـماء من مفكّريـن وعلـماء كُتّاب وأُدباء شعراء ومطربيـن صـحفيّيـن وإعلاميّيـن وقد كان يـحاول الاستفادة من مقدرته علـى الـحفظ بتقوية لغته الإنـجليزيّة وحفظ 150 كلـمة جديدة فـي اليوم صباحاً 75 كلـمة ومثلـها 75 كلـمة مساءً واستـمرّ فـي الغناء والـتّلـحيـن بلا عود أو قلـم وورقة فغنّـى لـمـحـجوب شريف ( الـحُبّ والثّورة ) والـتـي تقول كلـماتـها مشتاق ليك كتيـر والله وللـجيـران وللـحِلّة كـمان قطر النّضال ولَّـى وغالـي عليّ أتدلّـى مـحطّة مـحطّة بتذكر عيونِك ونـحن فـي الـمنفَـىَ وبتذكّر مناديلِك خيوطـها الـحمراء ما صُدفة وبتذكّر سؤالِك لـي متيـن جرح البلد يشفَـىَ ومتيـن تضـحك سـماء الـخرطوم حبيبتنا ومتيـن تصفَـىَ سؤالِك كان بيعذّبنا ويقرّبنا ويزيد ما بيننا من إلفة وللأغنية حكاية بعد خروج وردي من الـمعتقل نـحكيـها لاحقاً

بعد مضـيّ ثلاثة أشـهر فـي سجن كوبـر وبـحلول أكتـوبـر 1971 أطلّت الذكرَىَ السابعة لثورة أكتـوبـر وهو أوّل أكتـوبـر لوردي وهو معارضاً صريـحاً لـمايـو فاحتفل وردي بترديد أناشيد أكتـوبـر وقام بتلـحيـن أكتـوبريّات جديدة فلـحّن وغنّـَىَ لـمـحـجوب شريف أكتـوبـر ديناميتنا ساعة الصّفر ركيـزة بيتنا ووضع لـحن مطلع نشيد جيـل العطاء لـمـحـمّد الـمكّـي إبـراهيـم مغنّياً مطلعه الذي يقول فيه : من غيـرنا يعطـي لـهذا الشعب معنَـىَ أن يعيش وينتصر من غيـرنا ليقرر التأريخ والقِيَم الـجّديدة والسِّيَر من غيـرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة جيل العطاء الـمستـجيش ضراوةً ومصادمة الـمستميت علـى الـمبادئ مؤمنا الـمشرئب إلـى الـنجوم لينتقـي صدر السّـماء لشعبنا جيلـي أنا وضع مطلع لـحن النشيد وغنّاه ثـمّ أكـمل تلـحينه كاملاً فيـما بعد كان صدى صوت وردي وغناء تلك الأناشيد وإلقاء مـحـجوب لقصائده يسبب الإزعاج للسلطة حتـى من داخل الـمعتقل ثـمّ تـحلّ ذكرى الاستقلال السادسة عشر فـي مطلع يناير 1972 وكذلك يغنّـي وردي فيـها لـمـحـجوب نشيد أهلاً أهلاً بالأعياد ليتـم بعدها ترحيـل مـحـحوب شريف من سجن كوبر لسـجن شالا بالفاشر وبقـى وردي فـي سجن كوبر

فـي الثالث من مارس عام 1972 تـمّ التّوقيـع علـى إتّفاقيّة أديس أبابا والتـي أقرّت الـحكـم الذاتـي الإقليـمـي وأُعلن يوم 3 مارس يوماً للوحدة الوطنيّة وإنطلق الإحتفال بالـمناسبة فـي مدينة جوبا بـحضور جعفر نـميـري وكالعادة تـمّ إرسال مـجـموعة من الـمطربيـن للـحفل فكان من ضمنـهـم أحـمد الـمصطفـى حسن عطيّة وعبد العزيـز مـحـمّد داؤود وغاب الـمعتقل وردي علـى غيـر العادة وقدّم الـمطربون وصلاتـهـم الغنائيّة وفـي بالـهـم زميلـهـم وردي وكان جعفر نـميـري سعيداً بالـمناسبة فكان يطلب من أبـي داؤود أن يـجلس بـجانبه وأن يـحكـي له آخر النكات ويضـحك عالياً بعد كل طرفة يـحكيـها أبو داؤود فرأى أحـمد الـمصطفـى أنّ هذه سانـحة مـمتازة ليفاتـح أبو داؤود نـميـري فـي موضوع وردي فطلب أحـمد الـمصطفـى من أبـي داؤود أن يطلب من نـميـري العفو عن وردي مستغلاً مزاج نـميـري الـمعتـدل يومـها وبالفعل جلس أبو داؤود بـجانب نـميـري وحكـى لنـميـرى طرائف أضـحكتـه وفـجأة قال لـنـميـري : يا ريّس لو سـمحت لـي عندي سؤال بـخصوص زميـلنا مـحـمّد وردي فإكفـهرّ وجه نـميـري وحلّت تكشيـرة مـحل الإبتسامة وسأل بصوت راعد : مـحـمّد وردي مالو ؟؟؟؟ فأجاب أبو داؤود بسـخريّته الـمعهودة : لا بس عاوز أسأل حاتعدموه متيـن وإنفـجر نـميـري ضاحكاً وكانت هذه بـمثابة أوّل إشارة لنـميـري تعلن عن رغبات بإطلاق سراح وردي

بتوقيـع إتّفاقيّة أديس أبابا أحسّ قذّافـي أن نـميـري يتّـجه لأفريقيا بدلاً عن الإعتـماد علـى تـحالفـهـم الثّلاثـي مصر - ليبيا - السودان وأنّه بذلك لا يؤمن إيـماناً كافياً بـمبدأ الوحدة العربية الذي يـحلــم به قذّافـي فتـحرّك نـميـري فـي سلسلة زيارات خلال شـهر أبريـل 1972 للإمارات والسعودية وبعض دول الـخليـج لكن قذّافـي كان قد بدأ العداء ضد نـميـري وأحسّ أنّه إنـخدع من نـميـري فيـما يـختصّ بتوجّه حركة يوليو وإنقلاب نـميـري علـى اليسار مثـلـما يفعل السّادات فـي مصر والذي بدأ قذّافـي فـي معاداته كذلك بعد رحيـل الزعيـم عبد الناصر فكان أن رفض القذافـي دعوة من نـميـري لزيارة الـخرطوم والإحتفال بالعيد الثالث لـمايو فوجّه نـميـري الدعوة للرئيس التشادي فرانسوا تومبلباي وخلال برنامـج الإحتفال فاجأ الرئيس التشادي نـميـري بسؤال عن غياب مـحـمد وردي عن السّاحة فأخبـره نـميـري بأنّ وردي تارك الغناء الذي يـجيده وعامل فيـها سياسـي ومباري الشّيوعييـن لذلك فـهو معتقل لقرابة العام فنصح تومبلباي نـميـري ألاّ يستعدي أمثال وردي وأن يعفو عنه ويطلق سراحه وكانت هذه بـمثابة ثانـي إشارة لنـميـري تعلن عن رغبات بإطلاق سراح وردي

وكانت الإشارة الثالثة الوساطة التـي قام بـها الـمرحوم عـمر الـحاج موسـى والـمرحوم أحـمد عبد الـحليـم وحاولا عبـرها إقناع نـميـري بأنّ وردي غيـر منظّم سياسيّاً وليس عضواً فـي الـحزب الشّيوعـي وأنّه فقط متعاطف مع اليسار وقد أصبح سـجنه لـمدّة عام بعيداً عن جـمهوره وعوده وأغانيه درس كافـي له فإجتـمع نـميـري بنائبه اللواء الباقر وبرئيس جهاز الأمن القومـي عبد الوهاب إبراهيـم وناقشـهـما بـخصوص فكرة إطلاق سراح وردي فإتّفقوا أن يُسأل وردي من مأمور السّـجن إن كانت لديه رغبة يريـد منـهم تـحقيقـها لـه متوقّعيـن أن يطلب وردي إطلاق سراحه وبالفعل سأل مأمور سـجن كوبـر وردي عـمّا يرغب فيه وأجاب وردي فوراً بأنّه يرغب فـي أن يـحضروا له عوده ونقل مأمور السّـجن رغبة وردي للواء الباقر والفريـق عبد الوهاب وكان تعليق اللواء الباقر السّاخر هو وردي دا نـحن لـمّا إعتقلناه إعتقلناه عشان راكب دبّابة ؟؟؟ ما إعتقلناه عشان عوده دا..
مرّ أكثـر من عام ووردي خلف القضبان وبدأ مأمور السّـجن فـي نصح وردي بأنّه فنّان معروف ومـحبوب وأنّ السّياسة قد تسببّت له فـي البعد عن فنّه وجـمهوره وأن يفكّر وردي فـي فنّه ليعود لـجمهوره فـي الوقت الذي جلس وردي فيه يفكّر فـي تركيـزه طيلة الفتـرة الـماضية علـى الأناشيـد الوطنية وكيف كان ذلك علـى حساب الأغانـي العاطفية وفكّر وردي فـي العودة لـتلـحيـن الأغانـي العاطفية فتذكّر صفـحة جريدة يـحتفظ بـها فـي البيت عليـها قصيدة عنوانـها ( قبضت الرّيـح ) لشاعر ( من غيـر ميعاد ) الشّاعر الشّاب الـتّيـجانـي سعيد فطلب وردي من زوجته عند زيارتـها له أن تـحضر له الـجريدة عند زيارتـها القادمة لكن عبـر عسكري نوبـي فـي السّـجن إسـمه صالـح حيث أنّ الـجّرائد مـمنوعة فـي الـمعتقل وبالفعل أحضرت زوجته شبشب ( سفنـجة ) وقامت بلفّـها داخل صفحة الـجّريدة وأدخلتـها لوردي عبـر العسكري النّوبـي صالـح وهكذا وصلت القصيدة ليد وردي داخل السـجن وعزم وردي علـى تلـحيـن ( أرحل ) بلا عود أو ورقة وقلـم وعاد وردي لزمنه كمدرّس لغة عربيّة وتـحفيظه وتلـحينه الأناشيد الـمدرسية للتلاميذ فكان أن إعتـمد علـى زملاء الزنزانة ملقّناً إيّاهـم مقاطع الأغنية علـى أن يقوموا بـحفظـها وهكذا يوماً تلو اليوم الآخر أكـمل وردي اللـحن الأساسـي للأغنية

أطلّ شـهر رمضان وبعد أن جرت العديـد من الوساطات وإعتبارات أنّ وردي عـموماً لـم يشارك مشاركة مباشرة فـي إنقلاب لـم ييشارك فـي إجتـماعات لـم يـحـمل السّلاح لـم يكن يعلـم بالـمـحاولة قبـل وقوعـها ليس له عضويّة رسـميّة فـي حزب سياسـي لـمثل هذه الإعتبارات تـم الـجّلوس مع وردي بغية إلزامه بعدم معارضة النظام وبالإبتعاد عن السياسة ودهاليـزها والـتّركيـز علـى الغناء والـتّلـحيـن وتـحديداً علـى الأغانـي العاطفيّة والإبتعاد عن أناشيـد أكتوبر وأُغنية الـحُب والثّورة الـتـي إعتاد وردي غنائـها فـي الـمعتقل حتـى يـمكن بث أعـماله عبـر الإذاعة بعد أن تـمّ إيقاف بث أغانـي وردي ولـم يوقّع وردي علـى أيّ إقرار رسـمـي أو تعـهّد مكتوب بل جادل جداله الـمعتاد ودافع عن حقوقه الدستورية كـمواطن وفـي نـهاية الـمطاف تـمّ إطلاق سراح وردي أخيـراً بعد قرابة العام ونصف العام قضاها خلف القضبان
بعد عام ونصف العام خلف القضبان خرج وردي أخيـراً من الـمعتقل وعيـد الفطر علـى الأبواب كان متشوّقاً جدّاً للعود وتـجربة الألـحان التـي لـم يعزفـها بعد والتـي لـحّنهـا بلا آلة موسيقيّة كان فـي باله تـجـهيـز ( قُلت أرحل ) كـما تستـحقّ أن تكون بالأوركيستـرا بعد كل ذاك الغياب الطويـل وعلـى الـجانب الآخر كان جـمـهور وردي متشّوقاً جدّاً لصوت وألـحان وجديـد وردي خصوصاً وأنّ أعـمال وردي كانت قد تـمّ إيقاف بثّـها رسـمياً وفـي رمشة عيـن تـمّ الإتفاق مع وردي علـى إحياء ثلاث حفلات واحدة فـي حدائق الـمقرن وواحدة فـي حوش الإذاعة وواحدة فـي كازينو النيل الأزرق وافق وردي عليـها جـميعـها فقد كان أكثر شوقاً لـجـمـهوره والـمايكروفون لكن كل ذاك الشوق وذاك الغياب كان قد جعل وردي يفكّر فـي عودة متـميّزة تعوّض عن كل ذاك الغياب ففكّر وردي أن يغيّر من أسلوبه بعد أن طاف بـخاطره فـي مسيرة 15 عام خلت كان وردي يعتـمد فـي غالب أعـماله علـى الكـمان ليلعب دور الصولو وكعادة أغنيات تلك الفترة فعلـها فـي يا حلو لو بـهـمسة الـمستـحيل أميـر الـحسن حبيب القلب سؤال بعد إيه خاف الطّير الـمـهاجر الـحبيب العائد مرحباً يا شوق وأحياناً كان وردي يعتـمد فـي غالب أعـماله كذلك علـى العود ليلعب دور الصولو أو الـمقدّمة أو البيكلو أو القانون أو الأكورديون كعادة أغنيات تلك الفترة لكن وردي كان يفكّر فـي أسلوب مـختلف يكسر به إحتكار تلك الآلات للعب دور الصولو ويعتـمد علـى لونيّة جديدة مـختلفة يكون الدّور فيـها لآلات لـم تـجد ذاك الـحظ فيـما سبق كالـجيتار أو الفلوت أو الساكسفون وعلـى تغيير النـمط الإيقاعـي السريع الذي كان سائداً وقتـها والذي نـميّز به اليوم الفرق بيـن الأُغنيات القديـمة والأُغنيات الـحديثة لنـمط إيقاعـي أبطأ فـي الأُغنيات الكبيرة تـحديداً..
جـمع وردي أعضاء فرقته الـموسيقية وبدأوا فـي البروفات قبل الـحفلات الثلاث تتصدّر ( قُلت أرحل ) الأُغنيات فغيّر وردي من شكل الإيقاع الـمعتاد وأوكل للأوكورديون تقديـم صولو فـي بداية اللـحن ليقوم الـجيتار بتكرار نفس الصولو بعد الأكورديون كان لـحن قُلت أرحل يدهش العازفيـن وقتـها شكل جديد غيـر معتاد لـحن بديع ومـختلف وكبيـر لا يُصدّق كيف تـمّ تلـحينه وأكـمل وردي البروفات وأطلّ علـى جـمهوره بعد غياب طال فكانت حشود جـماهيرية مذهلة وكانت خير عودة بعد غياب قدّم خلالـها هديته قُلت أرحل قدّمـها فـي الـحفلات الثلاث ثـم زار مدينة الأُبيّض بعد شـهرين فـي نـهاية العام 1972 عند عيد الأضـحـى الـمبارك وقدّم هناك قُلت أرحل كذلك لكن ما بداخل وردي لـم يكن ليستكين فالغياب قد جعل وردي متعطّشاً للتلـحين والغناء ونـجاح قُلت أرحل وأسلوب وردي الـجديد فـي التلـحين كلـها عوامل جعلت وردي نـهـماً لتقديـم الـمزيد وكانت وقتـها جـموع الـمهنئين بإطلاق سراحه وبإطلالته الساحرة ، تتوافد علـى داره فكان أن زاره الشاعر إسـماعيـل حسن بعد قطيعة دامت منذ العام 1962 إلتقيا وجلسا فتصافيا وإقترح الصحفي والناقد الفني سليمان عبد الجليل أن يعود إسـماعيل حسن ووردي للتعامل معا بعـملٍ جديد يكون بـمثابة عربون صُلح قال إسـماعيل حسن لوردي إنّ الـمطرب صلاح بن البادية أعلن عن رغبته فـي تلـحيـن قصيدة كتبـها إسـماعيل لكنّه يتـمنّـى لو أنّ وردي يقوم بتلـحينـها ...

فاتني ان اذكر من ضمن اكتوبريات وردي عقب ثورة أكتوبر
النشيد الذي كتبه و لحنه: الطاهر ابراهيم
واظنه النشيد الوحيد الذي غناه وردي ولم يكن من تلحينه
وهو نشيد: شعبك يا بلادي....أقوى و أكبر
وهو نشيد لحنه خفيف و سهل ممتنع

أيضا كان من ضمن مقرر حفلات وردي في الجامعات

يا ابوحميد
عصافير الخريف بلغت حد الكمال ( و الكمال لله وحده)
فهي ذات كلمات رائعة و لحن أروع و صوت وردي انصفها تماما
والله لو حاولت تختار اغنية لوردي بأنها الأروع ستصاب بالحيرة

هل تختار عصافير الخريف ( الأغنية داخل اغنية)؟!!

ام تختار الحبيب العائد و التي لو وجدت سيناريست مبدع لكانت مسرحية غنائية متكاملة
تضاهي Les miserables و Cats في الروعة

ام تختار مرحبا يا شوق ... المستحيل... خاف من الله...اسفاي... من غير ميعاد...قلت ارحل
و القائمة ستطول

خليل فرح توفى في ٣٠ يونيو و١٩٣٢م ..وردي اتولد بعد وفاة الخليل ب ١٩ يوم
مصادفة غريبة

وهو شبل من ذاك الأسد

دي يا ابوالزيك...
تخيل خليل فرح الهرم السوداني يرحل ويولد هرم اخر وردي
موش في حاجة اسمها مات الملك ... عاش الملك

وردي التحق بمعهد الموسيقى والمسرح عام ١٩٧٠ كان في الدفعة٢
مع زيدان ومحمد ميرغني(شاركه غناء نشيد يا حارسنا وفارسنا )ومن الدفعة عبدالقادر سالم
حمدالريح وشرحبيل احمد وحركة.
وردي وهو في مقاعد الدراسة اظهر قدرات صوتية خارقة .. اوبرالي وتينور بصوته التينور الصادح
في انقلاب عبود ١٧ / نوفمبر/ ٥٨ وردي غنا للانقلاب العسكري وكان يظن ان فيه الخلاص. اسماعين حسن:
فى 17 بعثت ثورو ........ثورتنا السلمية
جيشنا الباسل هب وعلاَّ راية الجمهورية
فى 17 هب الشعب طرد جلادو
فى 17 راح الظلم الله لا عادو
لا سادة لا رعاع لاضماير تتباع

نعم يا أحمد
ولكني ( اعتقد) ان نشيد: هب الشعب طرد جلادو من كلمات وردي نفسه ( والله أعلم)
طبعا وردي ( يقرض) الشعر الغنائي أحيانا
اغنية ( اول غرام...يا ) كتب كلماتها هو نفسه و تمت نسبتها للعازف علي ميرغني
ومعظم اغاني الرطانة هو مؤلفها بنفسه.

قلت ارحل
يا إلهي من عظمة اللحن
استمعت لعدد 4 فيديوهات للاغنية نفسها وما لقيت احلى من الاداء الموسيقي اللي في الفيديو ده
بالله عليكم بلد ولدت عباقرة مثل هؤلاء تقوم فيها حرب تدمر كل شيء

وردي عندما قدم ( اكتوبرياته) في الفترة ١٩٦٤ - ١٩٦٩
لم يبخل على جمهوره باروع اغان عاطفية
فقد كان في ١٩٦٢ قد قدم المستحيل
والتي نال بموجبها أعلى اجر من الإذاعة لتسجيل أغنية

كانت المستحيل فتحا في التأليف الموسيقي
ولما كان معجبو عثمان حسين يتباهون بروعة ألحانه من كلمات بازرعة
فاجأ وردي جمهور المستمعين بلحن الطير المهاجر
عندما ايقن الجميع بأن هذا الشاب و الذي لم يتجاوز عمره الفني وقتها قرابة ال ٨ سنوات ( مالهوش حل) كما يقول الإخوة في شمال الوادي

حبيبنا زكريا يا سلام يا رائع
يكفي وفاءك لهذا العملاق وأنا متابع البوست
رغم صعوبة سودانيز عندنا السعودية
واحياناً انقل بعض المداخلات الى قروبات القرى النوبية
مع حفظ الحقوق كاملاً .. ونالت اعجاب الجميع
=====================

سامحني ربما أغرق البوست بمقال طويل عن بيئة وردي والخليل


قراءة في البيئة التي كونت وردي


اللغة النوبية هي اساس تكوين هؤلاء النفر من المبدعين والرمز الذي تجسد بكل معانيه وأصبح نموذجاً في وجدان أبناء الوطن بإختلاف ألسنتهم وتقاليدهم هو (محمد وردي) ، واذا تابعنا الدراسات التي تمت لسبر أغوار هذه اللغة نجد ان معظم من نقبوا في تاريخها اكدوا انها كانت لغة التراتيل الكنسية وأن معظم اساليب الغناء الممارس اليوم هو انعكاس لتلك المرحلة المزدهرة من ايام التدين المسيحي للنوبة .. وقد ذهب بعض المؤرخين ابعد من ذلك أن ما يعرف بالاندادي او اللغة الدنقلاوية الحالية وهي جزء من النوبية كانت لغة الكورال المردد للانشاد الديني.. ولسهولة وسلاسة هذه اللغة والتنغيم والراحة الحلقية في ترديدها شعراً ونثراً ولحناً هي التي دعت ابنائها ليكونوا في مقدمة المبدعين في هذا المجال : ( خليل ووردي ) فقصيدة ( سرقدن دكاي ) واحدة من المعلقات النوبية التي تمثل نموذج في الشعر والتوصيف وهي خليط من الاندادي والمحسية .. ثم اشعار ( الاخ جلال ) والذي اطلق عليه هيرمان بيل شكسبير النوبة .. واخيراً ابن مشو الشاعر الموهوب محمد فضل صالح الشهير بلقب ( تبق ) وقصيدته جليوسكوري وهي بحوالي 400 بيت من الشعر التوثيقي للتاريخ والمكان والزمان والزراعة والعادات والتقاليد والادوات والمعدات الزراعية والمنزلية والحشرات والطيور وانواع النباتات .. والشاعر الغنائي الرائد نوري سيد علي ..الخ ، ومن هذه البيئة المسالمة والمتأملة لما حولها من الخلق والكون والطبيعة خرج وردي مثقلاً بقيم تراثية ضخمة نذكر منها على سبيل المثال ( خليل ودهب .. ) فالانسان النوبي بطبعة متأمل والتأمل صفة من صفات العمق الايماني الاصيل لأن البعد الديني الموروث في حياتهم منذ ديانة سيدنا ادريس وحتى دخول الاسلام فإن التدين لديهم ليست حركات جسدية وانما هو تدبر وتأمل في الخلق والوجود .. وقد سمحت لهم حياة الاستقرار والكفاية الاقتصادية والتي دائماً ما تلازم المجتمع الزراعي بالبعد عن كل ما هو عنف ودموي من خلال ممارسة انشطة الحياة المختلفة رغم حتمية ما ينجم عن ذلك من الاختلاف والخلاف والنزاع .. وهذا هو الشاعر النوبي حمزة الملك طمبل ينادي بأن يكون الشاعر حتماً متأملاً لما حوله وليس له ان يخرج من هذا الاطار ويقلد الاخرين الذي لا يمتون بصلة الى واقعه .. في سلسلة مقالاته ( الشعر وما ينبغي ان يكون عليه ) عندما ذهب بعيداً ونادى بالشعر السوداني المميز ..( هذا بحث آخر ) وما حمزة الا مثال لاحساسه الطبيعي بهذا المنحى ..
ولأن اللغة النوبية خالية من العنف اللفظي وغلظة التعابير فقد نشأ الفن والادب على قيم التسامح والوصف والجمال .. فلم يروى عنهم أنهم تعاطوا هذا النوع من الشعر الذي يدعو للتحريض على القتال او التهيأة لغارة على الجار القريب او البعيد ، فالدعوة لمثل هذه الممارسات تحتاج الى اساليب معينة تأتي ايقاعاتها صنواً لقعقعة السلاح وصدى سنابك الخيل وإثارة النقع فوق الرؤوس .. مما يولد نوع من الالزام بالتعاطي مع العنف اللفظي وايقاعات الطبول والادوات النحاسية التي تشحذ الهمم نحو كل ما هو عنيف ودموي فربما هي من متطلبات تلك المجتمعات التي تعتمد في حياتها الاقتصادية على الرعي مما يجعل مصلحة القطيع هي العليا ويتحرك البشر تبعاً لمسار القطيع دون أي اعتبار لحدود وفواصل ممتلكات الغير .
لقد أتي خليل فرح ببعض الشعر من هذا القبيل في ابيات محدودة جداً وربما لم يستطيع اجادتها و استرسال فيها لأن هذا النوع من الشعر غريب عن مكوناته :
ابواتك ملوك من ارقو للسكوت
وكان دم الرجال ليهم شراب موقوت
وربما لأن النوبة اجتازوا هذه المراحل منذ زمن بعيد وقد مارسوا الغزوات والحروب لفترات طويلة بين كر وفر مع الممالك التي قامت في مصر العليا حتى وصلوا الى القدس ( أورشليم ) والى تخوم الاشورين في منطقة الشام الحالية .. وتطور المجتمع في مساره الحتمي ووصلوا الى مرحلة القيم السلمية وساعدهم في ذلك تقادم وجودهم في منطقة واحدة وممارسة الزراعة ومعرفة الحدود والجغرافيا والامتدادات .. لأن الحياة الاخرى الرعوية بها الكثير من التماس والعدوانية والعنف .
وهذه هي المقدمات التي كونت الشخصية النوبية ومحمد وردي ليس استثناء بل تجسيد لهذه القيم والشعر والغناء في المنطقة عبارة ( حنين وشوق الى الارض والاصل ) لعامل الاغتراب الذي فرض على ابناء المنطقة بفضل الطبيعة الجبلية القاسية في بعض المناطق .. وتقلص مردود السواقي التي ضاقت بمالكيها .. وحتى من لم يغادروا المنطقة يرددون نفس الغناء والمعاني وكأن بهم حنين الى ماضي مجيد وقيم ربما تختفي مع تسارع الزمن وهذا ما ولد بعض الخوف والوجل في تكوين شخصية هؤلاء وجعل معاني الاغتراب والغربة والحنين في صميم اشعارهم وغنائهم حتى لو لم يفارقوا قراهم ومناطقهم .
وقد تعلق النوبة في اسلوب حياتهم وتعاملهم بمفردات ( النيل والسواقي والنخيل ) وهذا الثلاثي هو الذي شكل الجزء الظاهر من حياتهم فجريان النيل وهدير الامواج في مواسم الرياح الشمالية في الشتاء ( الصلاح ) وخاصة في شهر امشير وصوت إرتداد وارتطام المياه بالشواطيء بجوانب المراكب التي تمخر عباب النيل فكان غناء الرواويس وهم الرواد في وضع اصول الغناء وفنون عزف الطنابير التي لم تصمت طوال هذه القرون لتشكل هذه الالة وجدان النوبة .. واصوات السواقي وانينها وكأنها صوت معاناة وشقاء وحزن وتعب وكأنها تضحي لتجلب السعادة والخير للاخرين تماماً كالانسان النوبي فهو نفسه ساقية فهذه الالة تمثل قمة الايثار والعطاء لانسان المنطقة واذا لاحظنا وتتبعنا الساقية تجد في صوتها الحزن والالم والتعب ولكن عند نهاية هذا الصوت الحزين يتناهى الى سمعك صوت انسكاب المياه ( وششششش ) من القواديس الى الدلو .. فهذا الصوت هو الذي يرمز للخير والنماء وقد شبه الشعراء هذه العملية بالدموع .. فدموع الساقية هي المياه التي تملا الجداول وتسقي الزرع والضرع فبكاء الساقية ليس بكاء انهزام او جبن او شكوى ولكنه تعبير صادق عن التضحية من اجل الاخرين:
وفي غناء وردي ( شربا فوكيي اكون ديقا كي فودي ) وعبارة ( شربا فوق ) والمعنى الأقرب بالعربية ( ذرف الدموع ) تعبير بليغ وهي عملية اكبر قيمة من البكاء بمعناه التقليدي ، ولكن الحالة هنا وهي ذرف الدموع في صمت في خضم اختلاط المشاعر (الفرح والحزن والشوق والحنين والالم والتضحية ) .. وكما قال الشاعر إبن النوبة سليمان عبدالجليل ( السواقي النايحة نص الليل أنين الدنيا ممزوج في بكاها ) وإسماعيل الحسن ليس بعيداً عنهم عندما يقول : (وساقية تصحّي الليل مع الفجراوى.. يبكى الليل ويدلق في جداولو دمع ) .. فالساقية لدى النوبة ليست كائن خشبي بل تعتبر من الاحياء ولا يشعر أحد أنها جامد بلا روح أو نبض ، ولكنها من ذوات الروح والاحساس والشعور فما غناء الأروتي إلا نوع من المخاطبة وتبادل الاحاسيس معها ، هذه هي البيئة التي كونت وردي كما كان قبله الخليل ..

تحياتي اخونا العزيز علي
يا سلام على المقال
رغم كثرة ما كتب عن وردي
الا ان تناول سيرته من حيث الارتباط باللغة النوبية شحيح جدا

كتب الأخ عبد المنعم حمد في الفيس بوك
________________________________

اليكم احبتي اعضاء مجموعه وردي في قلوبنا.سرد هذه الواقعه التي تجسد قيمه الفن الرفيع واحترام الفنان العملاق لفنه ومعجبيه.كان ذلك في عام 1987 في مدني الحفل عام أقيم في فندق امبريال .كان برفقتي اثنيين من الاخوه السعودين حضروا السودان لزيارة لصديق لهم لمدني وتربطني بهم علاقه ومعرفه عند زيارتي لجده.وكان الحفل رائعا والعملاق في الابداع والطرب . قمنا عن الإحساس بالطرق الاصيل وڨام احد الاخوه السعودين بنثر الاوراق الماليه علي وردي فتوقف الغناء وتحدث واستهجن الأسلوب بعبارات قويه تجسد احترمه لافنه .،وقال انا محمد وردي ليس الراقصه.......التي كانت تملأ الساحه الفنيه بالرقص.ونزل من المسرح .فذهبت ليه وشرحت له الأمر وحضرت الاخ وقام بالاعتذار له .هكذا كان العملاق وردي له الرحمه والمغفره.