✍️ تَرانيمُ علي أوتارِ الأحزان النَّبيلَةِ/

+ مثلما مضت سيرةُ الاولين و الآخرين فيالخالدين
من عيارات العدليب/ زيدان ، نادر خدر ، الفرعونوردي، حِمَّيد،
القدال و حامد بريمة فذهبوا جميعاً غير مغاضبين؟ٍ في صمتٍ مخيفٍ
و ها هوالرقيق(الصادق الياس) يمضي كذلك..بذات الرهبة ، مع فارق
وحيدٍ : أن نعشه لم يحظى بما يكفي من رهط المشيعين ليتبعوه زرافاتٍ
و وحداناً إلى حيث مثواه الأخير، عبر أزقة و نفافيح بلاد أشباحٍ بات
تشكو قلة فئرانها و تنام منكفئةً فوق أحزانها!!!

+ يا سلام علييييك يالسلام حيدر حسن مرغني
نقي الدواخل الدواخل يا سليم الذوق ، أبدعت و الله بحكاية
"احتجاج صامت" ، دي تصلح أيقونة نرصع بها صدرهذا الخيت
فعلها قبله رتلٌ من السابقين : تجاني ن جمَّاع و فيتوري وهم كُثْرٌ
[} منذ نحو ما يناهز عقدين و نيفٍ من (زمان الفرقة و التجريح ) ،
خرج المحزون على شبابه ، المدعو/عمر ود الطيب الشهير بالدوش
من عقر فناء دارنا الفانية {دار الغش و أم بناين جالوص و قش,
كما كانت تحلو له تسميتها) و سوف لن يعود إليها أبداً.
[} رحل جثماناً في نعش بسيطٍ جداً، مسجىً على (بِرِش) مفروش
على آلة حدباء محمولاً، في موكبٍ جنائزي متواضع، لگنه مهيبٌ ، لم
يشيعه فيه سوى نفرٌ قليل من سواد الناس و عامتهم من المطحونين ملح
الأرض (الغبش أبان مسوحاً موية).حملوه إلى مثواه الأخير كنعش
غريقٍ يتنازعه رهط رفاق متشاكسون بين ضفتي نهر.
[} و ربما زهقت روحه (سُمبهاراً) و ذهبتْ رُفاته مع الريح غثاءً كغثاء
السيل أو طارت نفسه شعاعاً كهباءٍ منثورٍ تذروه (هوج الرياح)! .بيد أن الذي
بقي و سيظل يبقى منه نوراً ليمشي به في الناس كان أعمق من لواعج (حُزْنٍ قديمٍ)
وألمٍ دفينٍ تطويه طاحونة أنين,و نَفَسٌ ثوريٌ يظل يتردد في أضلع الثكالى وفينفوس
الحيارى ن، و ربما رمَقٌ أخير يظلُّ ممتشقاًأشطان دلو (ساقيةٍ لسة مدورة)،
تماماً كشأن ساقية العم جحا تظل (تغرف منالبحر و تدفق في الشيمة)!

هل فاضت القلوب التي عشقت (الخرطوم) حزناًعلى احتمال خرابها..
فخّرت جاثيةً واختارت الرحيل في صمت.. , وبهدوءٍ يسبق عاصفة الحسم؟!!
..امّ أنها حكمة الله البالغة أن يكون تاريخ الرحيل متزامناً مع كل هذه الأهوال
الهائلة؟قد يعجز يراعنا،، و يجف نطف مدادنا أن يتحدث عن كل هذا الظعن
إلى ديرا اللا-عودة و لسان حالينا كما الخنساء تعي أخاها صخراً:
عينَيَّ جودا و لا تجمُدا
ألا تبكيانِ صخراً النَّدى
طويل النجادِ .. رفيع العِماد
كثيرَ النَّجادِ إذا ما شتى

مرحبنبك و مسهنبك الشفيف
ا لوريف حبيبو ود ياسين بككلِّ ودِّي الذي تعلم
و في المقام الذي يلائم مقاللك ، جتى و إن يكون
سُرادق جئنا ننصيه في العراء هنا لتلقيفروض العزاء
في نفسٍ مطمئةٍ فاضت إلى بارئها راضيةً مرضية.
+ أحست والله أبو حميد كعهدنا بك ، فقد ربطت حكمة ربك
بين جمهرة ممن ذكرنا و غيرهم ، كأرواحٍ مجندةٍ تشابه الكثير
منها فأتلف، فهم قد شكّلوا وجدان الناس بالعطاء،،و صناعة لون
طيف الفرح في النفوس فواحدٌ مثل الصادق الياس)، لو لم ينحت
قريحته عن سوى (الجريف واللوبا) لتكفّلت بعبوره الي عوالم الخلود
والبقاء في الوجدانجيلاًمن بعد جيل إلى يوم يبعثون.كيف لا.وهو يكتب
بكل هذا الصدق والجمال الذي يعلو فوق حواجز الاندهاش:
(كان زمان ندّلي
لما كنا صغار..
من فريع لفريع
نقطع الاثمار
كان بحرنا نعومو
ناس صغار وكبار
فينا طيبة القريه
مافي كان اسرار)..
حينها،،
+ حيث كانت الأسرار تظل ريهنة محبسين:
صدور صناديد الرجال ، و قلوب ربَّاتلعذارى
ولا مجالَ لإفشائها في الصراعات القذرة

عاش (الصادق الياس) في حِقَب
ذاك الزمن الجميل الذي احببناه ،، وعشقناه..
و (الصادق الياس) اظنه وانا اقرأ في سيرته العطرة،،
وتاريخه ناصع البياض كالدبلان يختلف عن اقرانه من
مبدعي بلادي من الشعراء.. فهو الوحيد الذي لم يعش قطُّ
في بيئة غير بيئة الخرطوم،، وتحديداً منطقة (الجريف غرب)
التي لا تبعد عن القصر الرئاسي اكثر من بضع كيلومترات قليلة..
لذلك جاء إنتاجه من الشعر والادب يخصه ولا يشبهه فيه احد..
وفي مشوار (الصادق الياس) محطات متعددة،، ولكن لقاءه
(بدنجوان حي العرب) الأم درماني اراحلأحمد الجابري..
صنع تاريخاً جديداً لكليهماحينما كتب (الصادق الياس)
للجابري بخجل في البدايات
(من طرف الحبيب
جات أغرب رسائل
يحكي عتابو فيها
وقال ناسنو قايل) ..
فذاع صيتها مثل لحمت البرق و هبت نسيم
الدُّعاش الذي يتقدم هطول الأمطار في وديان
أم هبج بطانة أب سن . نواصل حين ميسرة

+ ثم دفع (الصادق الياس)
بعد ذلك للجابري بالنص الخالد(الجريف واللوبا)..
فشقت الأغنية طريقها الي قلوب الناس،، وتربّعت،،
وتحكّرت،، ونالت صكوك مانيفيستو العبورالي
البراحات الفسيحة من ذاكرة الأمة..
+ ثم انطلق بعد ذلك (الصادق الياس)
يشق دربه بثقةٍ وثباتٍ وهو ينثر فنه و إبداعه متنقلاً
هنا و هناك مثل الفراش الحائر يُلثم من كلِّ بستانٍ زهرة،،
و من حنجرة فنانٍ،، الي بستّان حنجرة فنان آخر
حتى فاقت أغنياته ال50 اغنية فهذبهّن،، أادبهّن،،
ورباهّن،، وأحسّن ادبهّن وتربايتهّن ومن بعد ذلك
زوجهّن من كرام الناس والقوم صلاح بن الباديه،،
احمد الجابري،، على ابراهيم اللحو،، الطيب عبدالله،،
عربينا/ الأمين عبدالغفار،، زكي عبدالكريم،البلبل
الراحل / خوجلي عثمان،، سيد خليفه،، عبدالعزيز
محمد داؤد،، صديق عباس،، وغيرهم ممن يضيق
المجال لذكرهم..
+ و للصادق الياس ندين بالحب بقدر ما سكب فينا
من شهده الصافي،، وماءه النميّر.. فقد كانت تعابيره
هي البيان في الحب الأول،، والشهقة الأولى..
(شوف عيني الحبيب..بحشمه لابسه الثوب
وذاد جمالك حشمه يا المحبوب)..
+ ألا رحم الله تعالى المرهف (الصادق الياس)،،
واسكنه الجنه مع الاخيارفقد كان مبدعاً بحق
وملأ وجدان الناس بالجمال.