*ليس مثيراً للدهشة، أن يستمع السودانيين يومياً لأصوات تُغالي في عداوتها لكل ما يتصل بثورة ديسمبر من شعارات ومواكب وأدوات ومظاهر مجتمعية، وأية فضاءات للثورة فكرية كانت، أو سياسية أو ثقافية أو حتى أدبية وفنية!! * ومنذ انتصار الثورة التي بلغت أقصى ذروتها في الحراك الجماهيري في أبريل ٢٠١٩، لم يتحول الفلول وحدهم لخانة عداء الثورة، بل كثير جداً من الذين كانوا يراقبون الثورة من وراء ثقوب في حائط الخوف، وكانت قلوبهم تخفق بداخل صدورهم تتمنى أن لا ينتصر هذا الحراك الجماهيري، ويعود خائباً مدحوراً من محيط القيادة!! * هؤلاء ليس بالضرورة أن يكونوا كيزان بالانتماء التنظيمي والعقدي، لكنهم هم نموذج للعقل المُحنط في توابيت الرجعية التقليدية التي شيّدت متاحفها بإتقان جماعات الهوس الديني والمتطرفين وكثير من كارهي الجديد، خوفاً من استلابهم مزايا غير حقيقية اكتسبوها في أزمنة رعناء لا تجيد مهارة التوزيع العادل لأنصبة التميز والتأهيل المادي والمعنوي!! * وبرعت المنظومة البائدة في الدفاع عن مشروعها الساقط معدوم الصلاحية، عبر استخدام هذه الأبواق الانتهازية التي لا تدخر وداً ولا إعجاباً بهذه الثورة السودانية!! * وبالطبع اكتسب هذا النوع من الدفوعات المضادة للثورة، مقومات التأثير الفاعل في تسميم أجواء المزاج الثوري العام، بحسبان أن وجوده يعني قيام مشروعية له من خارج فرضيات التهمة بالكوزنة!! * ولم تكن لثورة مضادة قابلية للنجاح اذا انحصرت أدوات دفوعاتها في ذات الأيادي والأفواه التي شيّعتها الجماهير إلى مثواها الأخير في طيّات التاريخ!! * وليس خالد الاعيسر وحده من يبرز الآن خصماً عنيداً ضد كل ما يتصل بأهداف الثورة، بل هناك الآلاف من الذين يشابهونه فعلاً وقولاً بالإنابة عن رهط القوم البائدين!! * والذي يجمع الاعيسر بكل أعداء الثورة، هو محور حركة المرور نحو "اليمين" المتطرف والذي يظن أن الثورة هي عملاً يسارياً شيطانياً لا يبتغي غير نحر الدين وممسكات الأمة، أو أنها دعوة للانحلال والفوضى!! * وعندما يُفرط أمثال الاعيسر في تبريرهم لأفعال العسكر للدرجة التي تجعله يرى أن الجيش لم يعد قادراً على مبارزة المليشيات بسبب أن مواكب الثوار هي التي انهكته وأضعفته وبددت طاقته، فكأنه يدعو الجيش للتعافي أولاً من "جرثومة" اسمها الاكتراث للثورة وليس لتمرد المليشيات!! * وبالطبع إن كان الاعيسر وأمثاله من أنصار الثورة وليست أعدائها، لربما تفانوا دون خجل في اقناعنا بأن المليشيات تريد تحرير البلاد من قبضة الفلول وأعداء الديمقراطية!! * فمن محاسن الاستنارة الثورية، أن أنصار الثورة الحقيقيين الذين لا تلوثهم أخلاق الانتهازية الجديدة، إنهم يرفضون الحرب ولا يشجعون أية طرف فيها حتى لو ادعى بأنه يريد تخليصنا من الكيزان مرة واحدة وللأبد!! *هذا هو الفرق الصحيح بين الاعيسر عاشق اليمين التالف، وبين عُشاق الثورة الذين لا يعنيهم إن كان موقفهم الثوري يتماشى مع طموحات اليسار أو يُعبر عن مخاض يمين جديد معتدل!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست