فراشات بيضاء وملونة تطير لخارج زنزانة الاعتقال

فراشات بيضاء وملونة تطير لخارج زنزانة الاعتقال


04-04-2023, 09:35 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1680640506&rn=0


Post: #1
Title: فراشات بيضاء وملونة تطير لخارج زنزانة الاعتقال
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 04-04-2023, 09:35 PM

09:35 PM April, 04 2023

سودانيز اون لاين
محمد حيدر المشرف-دولة قطر
مكتبتى
رابط مختصر



فراشات بيضاء وملونة تطير لخارج زنزانة الاعتقال

لا .. لن أوقع أي إقرار يمنعني من ارتكاب فعل الثورة والهتاف!!

بصقت "حياة" بعبارتها في وجه المحقق القميء صاحب اللحية الزيف.



أكثر ما آلمها البارحة كان الاعتداء الوحشي الذي تعرض له "حسن" من قبل رجال الأمن, وكان ذلك أمام ناظريها, أمام كل التفاصيل الأليفة التي نمت وترعرعت في دواخلها مذ وعت بوجود هذا ال "حسن" في الروح ..



صحافيا ناحلا كان "حسن"..
مشتعلا بالثورة والتفاصيل الجميلة والأنسنة, وكان فقيرا في العالمين. ولسنوات خلت, لم تخلو حياته قط من المطاردة والإعتقال. وكان مدمنا لشيئين, الشعر و "حياة" ..

تزجره "حياة"

- أنت أقرب لأن تكون كارثة حياتية بالنسبة لي من أن تكون حبيبا يا "حسن"

- أنت "حياتي" المفرحة والآتي من الاحلام التي لم تولد بعد.

- متى تعقل يا حبيب المحبين

- صبرا فإن المخاض قريب.

تحسس المحقق القميء (صاحب اللحية الزيف) بنظراته الشبقة منابع نهديها الآيلة للإنكشاف بفعل وضعيتها الجالسة والمأئلة للإنحناء قليلا بعدما بصقت عبارتها تلك في وجهه... تداركت حياة أمر إنحناءها سريعا فاستقامت على سراط كبرياؤها شامخة في وجه تلك النظرات القميئة .. فاعادها ذلك الشموخ لزنزانة الاعتقال!!

تواترت مرائي الأمس على مخيلتها ودونما انقطاع. ينهش قلبها القلق حول ما آل اليه حال "حسن" وأين يكون الآن؟ .. هل ذهبوا به للمستشفى؟.. أم تراه مكوما الآن فوق جراحه الثخينة والدامية في أحد "بيوت االاعتقال" ؟! .. تسلل لدواخلها صوت "حمامة خضراء" تنوح في البعيد فطارت من صدرها اسراب فراشات بيضاء و ملونة خارج زنزانة الاعتقال ..



كانت لحظة اطلاقها أول زغرودة معلنة لموكب البارحة في "السوق العربي" في تمام الواحدة ثورة "كما يحلو لحسن أن يدعو تلك المواقيت" .. كانت تلك اللحظة أقصى ما قد يجلجل بصدرها من فخر وإعتزاز... كان دويٌهما, الزغرودة وتلك اللحظة الزمنية، يطرق في جدران روحها بعنف, فيتماوج صداه صاخبا ومهللا نحو كل الذي تواطئت مع حسن عليه من ثورة ونضال ووطن. كانت لحظةُ تشكلت فيها ملامح الحلم كأوضح ما يكون, ذات تفاصيل الحلم الذي انبثق رويدا رويدا من عمق مكابدات العشق في زمن التتار الوطني الرجيم, حلمٌ لوطن يتمدد ساحة للحب والانتماءات الأليفة والحياة المفرحة .. كثيرا ما يمازحها "حسن" عندما يستبد به العشق: أنت لست مجرد "حياة" .. أنت "حياة" مفرحة!

ترقرق صوت دواخلها أوان تذكر ذلك, بيد أنها بصقت من جديد عبارتها في وجه المحقق القميء (صاحب اللحية الزيف)

"لا .. لن أوقع أي إقرار يمنعني من ارتكاب فعل الهتاف والثورة!!"

عادت لزنزانة الاعتقال، ارتجت دواخلها بنوح حمامة خضراء تموت .. تموت ياااا .. تموت .. صرخت حياة .. طارت من صدرها اسراب فراشاتها البيضاء والملونة لخارج زنزانة الاعتقال .. أسراب فراشات تحف روح شهيد ترتقي للسماء..

محمد المشرف .. ٢٠٢٠