إجابة على السؤال الشهير : " من أين أتى هؤلاء " ؟!

إجابة على السؤال الشهير : " من أين أتى هؤلاء " ؟!


04-01-2023, 07:41 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1680331263&rn=0


Post: #1
Title: إجابة على السؤال الشهير : " من أين أتى هؤلاء " ؟!
Author: الصديق الزبير
Date: 04-01-2023, 07:41 AM

* قصيدة لمُناضِل مجهول ، يجيب فيها عن سؤال الأديب الراحل " الطيب صالح " : من أين أتى هؤلاء ؟!
يقول في الإجابة عن السؤال :

من أين أتى هؤلاء ؟!

أتوا من ظهور الظُلم
من أرحام القساوة والجفاء
من عُمق أجحار الأفاعي
من دروب البؤس
حلُّوا في الخفاء

أتوا من حيث يأتي
كل قُطَّاع الطريق
من كل القلوب البُور
جاءُوا من هباء

أتوا بعد التداعي
يلبسون الدين تاجاً
ويئـِدون الأماني والهناء

يحملون المِعوَل الهدَّام
يستبيحون بلادي
وحليب الطفل
وجُرعات الدواء

يسلِبون النوم
من أجفان أمي
بعد أن ضاقت الدنيا
وهاجر الأبناء

أتوا من كل فج مظلم
لم يذوقوا طعم حُب بلادي
لم يعيشوا عِشقها
وعِزة أهلها الشُرفاء

أتوا كأشعب الأكول
لا يعرفون الصوم
لا يتورَّعون عن النَّهب
وعن سفك الدِماء

أتوا يمتطون صهوة الحِقد
وهمهم حُب الأنا
وأحلام الثراء

أتوا والكل يعرف
كان ذاك اليوم شر
وكانت ليلة غبراء

فعلوا ببلادي
أضعاف ما فعل الأعادي
لا يقر الدين ما فعلوا
وثور وحِـراء

أتجوَّل فى شوارع بلدتي
لا أجد غير البُؤس
وغير نظرة الغرباء
ومدارسي صارت مراتع
للثعابين المُميتة
للعقارب
لكل أسباب الفناء

أتوا يقودهم
إبتسام الثعلَب المَكَّار
والفكرة المجنونة
الحمقاء

جاءوا يرومون الحياة
وطيبها
واشتروا الدنيا
فبِئس شِـراء

أتوا وكان
طليعة حكمهم كَذِباً
فكيف لأُمتي
بمُخادِعين رجاء ؟!

وجَعي ومأساتي
وقِمَّة مِحنَتي
أن البلاد يقودها الدهماء

صاروا يُفرِّقون الناس
هذا معنا
وهذا ضِدنا
هذا أخانا
وهذا شيخنا
فأراهم الله لعنات
وشر جـزاء

جاءوا
تنادوا مُصبِحين
كأصحاب الجنة
هيا إلى التمكين
لا تطعِموا المسكين
نهبوا بإسم الدين
واحتكروا الهواء

لا يعرفون الحُب للأوطان
والتعظيم
كل ولاءهم لمرشد التنظيم
فساء ولاء

توارت الأحلام
والحب الأصيل
وانزوَت الأماني
وغادر الزمن الجميل
وانتحر الوفاء

يا رِفاقي
قد مَللتُ الصمت
مَللتُ التباكي
وقد قرُب الرحيل
فكيف نُفارِق الدنيا
ونمضي جُبناء ؟!

يا صديقي لا تسألني
لا تسألني
فأنا قد مات فنّـِي
وطلَّقتُ الغِناء

وتسأل أيها الراحل
من أين أتوا ؟!
ومن هم ؟!
هم الضلال
يلبس جلباباً
ويطلِق لحية
وينتعِل الحذاء

الوطن الجريح
أيها الكابوس غادِر مُهجَتي
سارِع وودِّع
ما بالك تكتم أنفاسي
وفى أعماق قلبي تتموضَع
فأنا منذ أن غادر الإفرنج
أبكي أتوجَّع

تهطل أمطاري
تجري أنهاري
تمور بحاري
تزهر وِدياني
وأنعامِيَ ترتع

أملِك كل أسباب الغِنى
والأراضي والمُنى
لا تقُل لي من أنا
فأنا السودان
مليون ميل مُربَّع

باعني الساسة
فى سوق النِخاسة
ألهبوا ظهري
وسرقوا حُلمي
وكان سوط النخَّاس أوجَع

وقفوا يتفرَّجون
على جرحي يدمي
وأوصالي تُقطَع
يملأون كؤوسهم من نزفي
وكان الكأس مُترَع

وطَّنوا الأسقام في أعضائـِي
لا يفيد الطب فيها
ولا زراعة الأعضاء تنفع
زرعوا فى أوصالي أورام
لا ينجح الجرَّاح في استئصالها
ولا يساعد مِبضَع

طعنوني في وجودي
حتى انثنى عودي
وكان الخنجر مسموماً
بالكذب والوعودِ
وكان مِقبَض الخنجر
بالتضليل مُزدانٌ مُرصَّع

سَمَّموا بدني
وزادوا حزني
لم تطرف لهم عين
ولم يغض لهم مضجع

كمَّموا فمي
أهدروا دمي
قطعوا كبدي
وباعوا رِئتي
خَسِر البيع
فكيف الروح للأوطان ترجع ؟!

ما طلب أبنائي النجوم
وكل مُرامهم
أن تزدهي الخرطوم
أن يأكل المَحروم
أن يُنصَف المظلوم
أن يسعَد المَهموم
ومُرام الأم
أن تُطعِم الأطفال وتُرضِع

شربوا حليب أطفالي
أكلوا طعام أمي
لَبِسوا كِسوَة أهلي
صادروا فِكري
و داري تتصدَّع ...!