كيف باعت الحركات المسلحة قضية دارفور .. بشرى أحمد علي

02:41 PM April, 25 2022

سودانيز اون لاين
عماد الدرديرى-
مكتبتى
رابط مختصر

لا أحد ينكر أو الأوضاع الأمنية في دارفور في عهد البشير أفضل مما هي عليه الآن ، وليس السبب لأن المخلوع البشير كان ممسكاً بزمام الأزمة أو لأنه كان يسيطر على الإقليم بالفعل ، لكن السبب هو لأن أهل دارفور حققوا بعض الإنتصارات في مجال الإنساني والقانوني ، وقد أعترف العالم بتلك الأزمة وكانت دارفور بمثابة أوكرانيا أفريقيا من حيث درجة الإهتمام والدعم الذي وجدته من الجميع ، فتراجع النظام عن القمع والقتل .
فقد زار دارفور العديد من المسؤولين الأممين وصدرت عدة قرارات من مجلس الأمن لتوطيد السلام ومحاربة سياسة الإفلات من العقاب ، نجح المجتمع الدولي في تحييد آلة حرب البشير بفضل قرارات الامم المتحدة ، فأصبحت معسكرات النزوح آمنة وبها مدارس ومستشفيات ومراكز صحية ، وقد قال المخلوع البشير عن معسكر (كرينك ) وهو يسخر بأن الكهرباء به أفضل من الخرطوم لأنها لا تقطع ، وقد كان لدور بعثة اليوناميد الأثر الكبير في تحقيق السلام وجمع الشتات ..
لكن ما الذي حدث بعد سقوط البشير ؟؟
لماذا تدهورت الأوضاع بهذا الشكل ؟؟
بحكم ان الثورة السودانية كانت ترفع شعارات السلام والحرية لدارفور توقع الكثيرون بأن دارفور سوف تنعم بالحرية والسلام والأمن وتطلق الحروب وحياة النزوح للأبد ، وكان من الممكن أن يحدث ذلك لولا قيام الحركات المسلحة بقتل ذلك الأمل وهو في المهد ، حيث وضعت من مضمن اولياتها إخراج منسوبيها المعتقلين في الخرطوم قبل بحث العدالة بشكلها الجامع الذي يبدأ بمحاسبة المتسببين في العنف ، ثم مضت هذه الحركات بعيداً وهي تنشد السلطة إلى التحالف مع حميدتي في ما يُعرف بإتفاق جوبا ، وهو إتفاق صنعه عسكر البشير ليكون بديلاً للوثيقة الدستورية ومقدمة للإنقلاب الحالي ، لكن الأخطر في ذلك الإتفاق أنه منح غطاءً شرعياً لقوات الدعم السريع في دارفور ومنحها اليد العليا وسمح لها بالتمدد ، ثم مضى قادة الحركات المسلحة في تآمرهم وحققوا حلم البشير بطرد قوات اليوناميد من دارفور وأوقفوا تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ، وقد أنطلت عليهم كذبة القوات المشتركة والتي من المفترض أن تملأ الفراغ الأمني الذي تركه رحيل قوات الأمم المتحدة ، لكن هذه القوات هي التي تمارس سياسة الأرض المحروقة وتستهدف القبائل الأفريقية في هذا الإقليم ..
لذلك تسببت الحركات المسلحة في خلق هذا الوضع المأساوي ، وقادتها الآن يصرخون ولكن لا أحد يسمع لهم ، ولم يسمع لهم حتى شركاؤهم من العسكر في الخرطوم ، وفقدت القضية الإهتمام الدولي ، فلا أحد يهتم بما يحدث هناك.

up