كما الصغار تعتقد القاهرة ان النعيق والصراخ يمكن ان يعيد لها حقا مزعوما يتمثل في أمتالكها لحلايب وشلاتين المنطقة النائية التي يتصارع عليها مصر والسودان منذ خمسينات القرن الماضي. القضية كشفت عن شي مهم للغاية في علاقة الطرفين وهو ان ما يقال عن علاقات أزلية وشعب واحد لم يكن إلا طلاءا باهتا ظل يزين هذه العلاقة دونما وضع اعتبار لما هو داخل البناء وقد كشفت الأزمة الأخيرة أنهيارا تاما لما بالداخل..
» الأصل في حل المشكلات بين الدول وبخاصة المشاكل الحدودية هو التفاوض وليس افتعال الأزمات والذي برز أخيرا ان القاهرة ليست مستعدة لسماع كلمة تفاوض ناهيك عن التعامل معها.
» هذا الموقف المتعنت في عدم إبداء إي مرونة قد تقود إلى حل الأزمة عبر طاولة المفاوضات ، كشف مدى الضعف الذي تعانية الحكومة المصرية بشأن ادعاء حق ملكيتها للمنطقة ، ووفقا لمعنيين بالشأن المصري فإن القاهرة لو كانت تملك وثيقة واحدة حتى وإن كانت مزورة لكانت قبلت بالتفاوض منذ بداية إثارة المشكلة فالقاهرة أثبتت من تلقاء نفسها عن عدم امتلاكها لما يمكن ان تتفاوض على اساسه وبالتالي فهي غير راغبة في مناقشة القضية حتى في الإطار السياسي أو الاخوي وتريد للطرف السوداني القبول بمنطقها دون نقاش.
» مشكلة النظام في مصر أنه لايزال يعيش بعقلية الخمسينات من القرن الماضي ورغم أن مياه كثيرة قد جرت تحت الجسر إلا النظام المصري الحالي لم يتغير قيد أنملة في علاقته مع الدول العربية عموما ومع السودان الدولة الجارة على وجه الخصوص..
» زرت السودان قريبا وقضية حلايب مازالت مشتعلة وكذلك منع السودان للمنتجات المصرية وتابعت أزمة مندوب مصر في مجلس الأمن ، الذي شاهدته في الخرطوم هو ببساطة العداء الصريح لكل ما هو مصري من جيل الشباب الحالي فهؤلاء لا يعرفون ام كلثوم ولا عبدالناصر ولا الخطيب ما يعرفونه فقط هو الاستهانة المصرية بالشعب السوداني وتاريخه وحكومته وغالبا ما تكون ردات فعلهم عنيفة تجاه مصر من خلال وسائط التواصل الاجتماعي التي يبرع الشباب السوداني في التعامل معها ، شاهدت ذلك من خلال ملاحظتي في كثرة استخدامها في الجامعات ووسائل المواصلات العامة وحتى أمام بائعات الشاي المنتشرات في كل بقعة وطاتها قدماي في الخرطوم. الذي أراه ان الحكومة السودانية لن يكون باستطاعتها فعل شي أمام هذا السيل الجارف من المشاعر السالبة ضد مصر التى يبدو أن حكومتها بعيدة كل البعد عن تلك المتغيرات التي حدثت في سودان اليوم،
» ففي الوقت الذي تكال فيه الشتائم لمصر تجد عبارات الترحيب الجارف لكل ما هو خليجي ، فلو عرف هؤلاء الشباب انك سعودي أو قطري أو إماراتي تجد الجميع يتسابق لمساعدتك دون مقابل وإظهار عبارات الترحيب والثناء وهو للمفارقة أمر نفتقده عند زيارتنا لمصر حيث لا ينظرون إلا لما نحمله في جيوبنا أخيرا أقول أن زيارة سامح شكري الخرطوم لن تغير شيئا على أرض الواقع فحلايب لن تحل قضيتها مع عزم السودانيون على استعادتها والمنتحات المصرية لن تعود إلى الخرطوم مع الطفرة الكبيرة في الأنتاج الزراعي الممول خليجيا وسيل موجات العداء تجاه القاهرة لن تتوقف طالما أن هنالك إعلام مصري بهذا الانحطاط ونصيحتي لأهلنا في مصر ومن خلال معايشتي للسودانين سواء في السودان أو في بلادي ومن مجمل ما اكتشفته ان المشكلة بين البلدين ليست في الخرطوم بل في القاهرة التي نامت لأكثر من ستين عاما ثم استيقظت لتجد ان مياه النيل التي كانت تحمل لها مشاعر الحب قد تحولت إلى شي آخر اترك تفسيره لعقلاء المصريين ان كان هناك عقلاء بحق ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست