نحو تسوية ما بين الثوري والسياسي

نحو تسوية ما بين الثوري والسياسي


11-17-2021, 05:35 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1637123758&rn=0


Post: #1
Title: نحو تسوية ما بين الثوري والسياسي
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 11-17-2021, 05:35 AM

04:35 AM November, 17 2021

سودانيز اون لاين
محمد حيدر المشرف-دولة قطر
مكتبتى
رابط مختصر



نحو تسوية ما بين الثوري والسياسي

محمد حيدر المشرف
مداميك ١٧ نوفمبر ٢٠٢١

إرتقت روح 23 شهيد بينهم روح الطفلة ملاذ صاحبة ال 14 عاما, وذلك في خلال 3 اسابيع فقط من انقلاب الجنرال القاتل البرهان. وهكذا يزهق الجنرال الدموي في كل يوم روحا بشرية في مقتبل شبابها قربانا لشهوتي الحكم والاستبداد.

دستوريا وسياسيا تمخض الانقلاب عن استبعاد “قحت” بنسختها التي كانت مشاركة فعليا في العملية السياسية بكافة القابها من هبوط ناعم و 4 طويلة, محاصصة, تكالب, شللية, شراكة الدم, سرقة الثورة والانبطاح الخ المصطلحات التي سادت وتفشت في القاموس السياسي المدني قبل القاموس الانقلابي وعادت هذه المصطلحات اشبه ما تكون بمدخلات التفكير الاساسية حول المسار السياسي الدستوري (المؤود انقلابا).

وللمصطلحات قدرتها على الهيمنة الذهنية وتوجيه اتجاهات التفكير للخلاصات الجاهزة والسهلة لاسيما في غياب العقل النقدي القلِق والنشيط والمضاد للدوغمائية وتصورات الصواب المطلق.

نجح الانقلابيون في استثمار ذلك بالزور والتدليس وانقلبوا على “قحت” في انتهاك واضح للدستور وانتهى الموضوع.

الا ان هناك انقلابا آخر على ذات (قحت) يمضى بالتواز مع الفعل الانقلابي العسكري يتم بمقتضاه تجريم “السياسة” وأبلسة “الحزب السياسي” وشيطنة السياسيين في تماهي غير واعي في اعتقادي مع الدعاية الشمولية السوداء ضد “الحزبية”.

والسؤال هنا هل يحتاج تمجيد الثورة لهذا الهجوم على المكون السياسي؟! ما حجم التناقض الأساسي الحقيقي بين ما هو ثوري وما هو سياسي ؟! ثم ما الأفضل لهذا الوطن في محتوى هذه العلاقة الشائكة بين الثورة والسياسة؟

يعلم الجميع وجود اختلاف نوعي بين ادوات السياسة وأدوات الثورة.. وينسون أن الاختلافات النوعية تقبل علاقات التكامل كما تقبل علاقات التناقض. وان الفيصل في ذلك هو المآلات الختامية لكليهما على مستوى الاهداف مع وجوب الاقرار بتباين الادوات والمسالك.

نحتاج كثيرا لسعة في ماعون تصوراتنا لطبيعة العلاقة بين الادوات السياسية المرنة نوعا ما وبين الاداة الثورية القاطعة والحاسمة بلاءاتها الثلاثة المدوية (لا شراكة, لا تفاوض, لا شرعية).

نحتاج أن نتصالح ذهنيا مع طبيعة السياسة بشرط ان تعمل “السياسة” على تحقيق ذات الاهداف الثورية القصوى بطريقة مختلفة عن الشعار الثوري والهتاف المدوي والقطعيات العنيفة واللاءات الغاضبة.

اتحدث عن مصالحة ذهنية لا تصادر حق السياسيين في التفكير حول الادوات المختلفة عن أدوات الشارع الثوري في عكس عملية الانقلاب وفي الوصول للتحول المدني الديمقراطي الشامل.. (يشتغل السياسي شغلو والثوري يشتغل شغلو)..

وليس من الضرورة ان تؤيد القوى الثورية الاكثر جذرية ولجان المقاومة هذه الادوات السياسية لادارة الصراع .. وليس من الضروري ان تقرها وتباركها. ولكن اتساع الافق السياسي نحو استيعاب هذا الاختلاف في الادوات واستيعاب امكانية ان تمضي الاشياء بالتوازي مع وجود قنوات اتصال وتنسيق وحوار بيني (بين القوى الثورية الاكثر جذرية وبين النادي السياسي التقليدي المنتمي للثورة) يمثل مصلحة وطنية يجب السعي اليها وتحقيقها.

وكل ذلك يكون في مقابل المشهد التناحري المنقسم بصورة عنيفة بين فرقاء النضال نحو التحول المدني الديمقراطي حد التجريم والتخوين والابلسة لكل ما هو سياسي او حزبي يمتلك ادوات مختلفة بتقديرات مختلفة للواقع السوداني داخليا ومقاربات مختلفة للمواقف الدولية حول الانقلاب وقدرة محتملة على تقليل التكلفة البشرية والوطنية للثورة.

ولتعقد ألوية الشرف الثوري كما هي مستحقة تماما على لجان المقاومة باعتبارها رأس الرمح الثوري لا ينازعها شيء في ذلك.. وستفرز في نهاية الامر قياداتها السياسية بمعزل عن القوى السياسية الحزبية وتكون هذه القيادة هي المسؤولة امام قواعدها الثورية عن تحويل وترجمة الحراك الثوري لواقع سياسي على الارض وستبرز كاجسام سياسية وتنظيمية قادرة على التنافس الديمقراطي الحر عند الوصول لمحطة التحول المدني الديمقراطي الكامل٠