تأملات في المحاولة الانقلابية 21/9/21 محمد محمود راجي

تأملات في المحاولة الانقلابية 21/9/21 محمد محمود راجي


09-23-2021, 00:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1632354803&rn=0


Post: #1
Title: تأملات في المحاولة الانقلابية 21/9/21 محمد محمود راجي
Author: Amina Saeed
Date: 09-23-2021, 00:53 AM

11:53 PM September, 23 2021

سودانيز اون لاين
Amina Saeed-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




للسودانيين دراية عميقة وخبرة تاريخية طويلة بالانقلابات العسكرية. وبموجب تلك الدراية فأن أي سوداني راشد، رجل كان أو امرأة، على تمام المعرفة بالخطوات الاجرائية والتأمينية التي يتخذها الانقلابيون لتنفيذ الانقلاب.

فأي انقلاب عسكري، سواء انتهى إلى نجاح أو فشل، ينطلق فجرًا بسبع عمليات يجري تنفذها في تزامن تام، وفي ساعة صفر محددة، وبقائد عسكري مسؤول عن كل عملية.

العمليات السبع هي؛ (1) السيطرة الكاملة على القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة في قلب الخرطوم، (2) السيطرة على القيادات العسكرية الرئيسية في العاصمة وعلى رأسها سلاح المدرعات وسلاح المظلات وسلاح المهندسين وقيادة المنطقة المركزية في الخرطوم وقاعدتي سلاح الطيران بمطار الخرطوم وكرري، (3) اعتقال والتحفظ على كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين، (4) قطع الاتصالات وبصفة خاصة الاتصالات العسكرية ويشمل ذلك السيطرة على سلاح الاشارة والهيئة المسؤولة عن الاتصالات المدنية، (5) السيطرة التامة على الاذاعة والتلفزيون، (6) السيطرة على مطار الخرطوم، (7) إغلاق الجسور الرابطة بين مدن العاصمة الثلاثة، اضافة إلى عمليات اجرائية أخرى اقل أهمية.

المدهش الأول، أن محاولة فجر الثلاثاء 21/9/21، لم تتضمن أيٍ من هذه العمليات الحتمية، التي يستشعرها باعة الحليب والعاملون بالمخابز والعابرون للجسور فجرًا وأي ملتزم بصلاة الفجر بمساجد العاصمة. وفي مجتمع مترابط، مثل المجتمع السوداني، فأن خبر المحاولة الانقلابية يصل إلى جميع سكان العاصمة، قبل أن يبدأ الانقلابيون بث بيانهم الأول، إذا تمكنوا من السيطرة.

المدهش الثاني، أن الخبر الأول عن المحاولة الانقلابية، التي ما انتبه لها مصلو الفجر، كان تصريحًا بثه التلفزيون الرسمي علي لسان الدكتور العميد الطاهر أبو هاجه، المستشار الاعلامي للقائد العام للقوات المسلحة، قال فيه "تم إحباط محاولة للاستيلاء على السلطة"، ثم كتب على صفحته بالفيسبوك "الأوضاع تحت السيطرة". تزامن مع هذا انتشار معلومة أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي بأن ضباط جيش قد وصلوا إلى مقر التلفزيون فجر اليوم، وأعلنوا مسؤول البث بأن هناك انقلاب وطالبوه ببث مارشات عسكرية وعندما رفض غادروا (!) ببساطة كدا.

المدهش الثالث، إنها المحاولة الانقلابية الاولى التي لم يسمع فيها سكان الخرطوم طلقة رصاص واحدة.

اضافة إلى مدهشات أخرى عديدة.

نخلص من كل هذا إلى هناك أسئلة حقيقية ذات علاقة بهذه المحاولة الانقلابية، في حاجة إلى اجابات شافية، وإلا تحولت محاولة 21/9/21، الغامضة، إلى منفذ لصناعة ونشر الشائعات والشائعات المضادة، وهذا ما حدث بالفعل، فقد بدأ مؤيدو نظرية المؤامرة في نشر سيناريوهاتهم عن الانقلاب القادم، وأن الانقلاب المعلن مجرد تمثيلية فطيرة سيئة الاعداد.

وقبل كل هذا لا بد من تقديم المتورطين إلى محاكمة عاجلة ناجزة عادلة، فأي تماطل في محاكمتهم سيفتح الباب نحو مزيد من الشائعات، خاصة وأن كل المحاولات الانقلابية السابقة التي أعلنت عنها القيادة العسكرية، مازالت "مكانك سر" ولم تصدر عنها أي أحكام بالادانة أو البراءة، بمثلما هو حال كل قضايا فلول النظام المدحور المنظورة أمام المحاكم، التي أصبحت مثار سخرية الصغار والكبار ولا تثير انتباه أحد.

من أهم ايجابيات هذه المحاولة الانقلابية المُعلنة، أنها قد أعادت لنا الوعي بحقيقة التهديدات التي تستهدف الفترة الانتقالية، والثورة في أهدافها وشعاراتها. ونبهتنا إلى أن أهم مصادر التهديد هي المؤسسات العسكرية والامنية والعدلية والاعلامية الموروثة من العهد القميء، والتي مازالت على حالها ولم تجر أي محاولة جادة لتنظيمها واعادة بنائها بما يجعلها على رأس المؤسسات الداعمة لدولة السلام والحرية والعدالة، لا واحدة من مهدديها والمتربصين بها.

فلنأخذ من حادثة 21/9/21 الدروس والعبر، حتى لا تضيع دماء الشهداء هدرًا، وحتى لا نعض يومًا اصابع الندم من داخل كوبر وشلا وبيوت الاشباح، ونحن نرى ثورتنا وقد احبطت، وقياداتنا ورموزنا معلقة في المشانق، والفلول والفاسدون وتجار العملة والسماسرة وكتاب الصحف والنطيحة والمتردية يمدون السنتهم سخريةً.